حديث: ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء من الأمر بالابتداء في النّفقة بالنّفس، ثمّ الأهل، ثمّ القرابة، ثمّ الفقراء والمساكين

عن جابر، قال: أَعْتَقَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ عَبْدًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ ﷺ فَقَالَ: «أَلَكَ مَالٌ غَيْرُهُ؟». فَقَالَ: لَا، فَقَالَ: «مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟». فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْعَدَوِيُّ بِثَمَانِ مِائَةِ دِرْهَمٍ، فَجَاءَ بِهَا رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ، فَلِذِي قَرَابَتِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ ذِي قَرَابَتِكَ شَيْءٌ فَهَكَذَا وَهَكَذَا - يَقُولُ: فَبَيْنَ يَدَيْكَ وَعَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ شِمَالِكَ».

متفق عليه: رواه مسلم (٩٩٧) من طريق اللّيث، عن أبي الزُّبير، عن جابر بن عبد الله فذكره.

عن جابر، قال: أَعْتَقَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ عَبْدًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ ﷺ فَقَالَ: «أَلَكَ مَالٌ غَيْرُهُ؟». فَقَالَ: لَا، فَقَالَ: «مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟». فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْعَدَوِيُّ بِثَمَانِ مِائَةِ دِرْهَمٍ، فَجَاءَ بِهَا رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ، فَلِذِي قَرَابَتِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ ذِي قَرَابَتِكَ شَيْءٌ فَهَكَذَا وَهَكَذَا - يَقُولُ: فَبَيْنَ يَدَيْكَ وَعَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ شِمَالِكَ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
أما بعد، فإني أشرح هذا الحديث الشريف شرحًا وافيًا مستندًا إلى كلام أهل العلم من أهل السنة والجماعة، وأسأل الله التوفيق والسداد.

الحديث بلفظه:


عن جابر، قال: أَعْتَقَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ عَبْدًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ ﷺ فَقَالَ: «أَلَكَ مَالٌ غَيْرُهُ؟». فَقَالَ: لَا، فَقَالَ: «مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟». فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْعَدَوِيُّ بِثَمَانِ مِائَةِ دِرْهَمٍ، فَجَاءَ بِهَا رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ، فَلِذِي قَرَابَتِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ ذِي قَرَابَتِكَ شَيْءٌ فَهَكَذَا وَهَكَذَا - يَقُولُ: فَبَيْنَ يَدَيْكَ وَعَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ شِمَالِكَ».


1. شرح المفردات:


● بَنِي عُذْرَةَ: قبيلة عربية معروفة من قبائل قضاعة، وكانت تسكن بالقرب من المدينة المنورة.
● عَنْ دُبُرٍ: أي بعد موته، والمعنى: جعل عتق عبده بعد وفاته (كوصية).
● نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْعَدَوِيُّ: صحابي جليل، من أهل الصدق والخير.
● بِثَمَانِ مِائَةِ دِرْهَمٍ: أي بثمن قدره ثمانمائة درهم، والدرهم هو العملة الفضية المتداولة آنذاك.
● ابْدَأْ بِنَفْسِكَ: أي خصص جزءًا من المال لنفقتك واحتياجاتك الأساسية.
● فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا: أي أنفق على نفسك، فالصدقة هنا تشمل الإنفاق على الذات والأهل، كما هو مذهب جمهور العلماء.
● فَلِأَهْلِكَ: أي زوجتك وأولادك ومن تعول.
● فَلِذِي قَرَابَتِكَ: أي الأقارب وذوي الرحم.
● فَهَكَذَا وَهَكَذَا: إشارة إلى التوسع في الصدقة للجيران والمحتاجين من حوله.


2. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبر الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رجلاً من قبيلة بني عذرة أعتق عبده بعد موته (أي أوصى بعتقه عند وفاته)، فلما بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، سأله: هل لديك مال آخر غير هذا العبد؟ فأجاب الرجل بأنه لا يملك غيره. فتصرف النبي صلى الله عليه وسلم بحكمة بالغة؛ حيث اشترى العبد نفسه من الرجل (ببيعه إلى الصحابي نعيم بن عبد الله العدوي) ثم دفع الثمن للرجل، وأمره بتوزيع المال وفق أولويات الإنفاق الشرعي: البدء بنفسه، ثم بأهله، ثم بأقاربه، ثم بالتوسع في الصدقة على المحتاجين من حوله.


3. الدروس المستفادة منه:


1- الحكمة النبوية في حل المشكلات: لم يبطل النبي صلى الله عليه وسلم عتق الرجل، بل تصرف بطريقة ذكية حفظت للعبد حريته وللمالك حقه في المال.
2- مراعاة الأولويات في الإنفاق: علمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الإنسان يجب أن يبدأ بنفسه وأهله في النفقة قبل التصدق على الآخرين، وهذا من القواعد الأساسية في الاقتصاد الإسلامي.
3- تحريم الإضرار بالنفس أو العائلة في الصدقة: لا يجوز للإنسان أن يتصدق بجميع ماله ويترك نفسه وعياله عالة على الناس، بل يجب أن يوازن بين الصدقة والمسؤوليات.
4- فضل عتق الرقاب: الحديث يشير إلى فضل عتق العبيد وتحريرهم، وهو من أعظم القربات إلى الله تعالى.
5- التعاون والتآزر بين المسلمين: تصرف الصحابي نعيم رضي الله عنه في شراء العبد يدل على روح التعاون والخير في المجتمع الإسلامي.
6- مشروعية البيع والشراء لحل المشكلات الاجتماعية: استخدم النبي صلى الله عليه وسلم آلية السوق (البيع والشراء) لحل قضية اجتماعية ودينية.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، وهو من الأحاديث الصحيحة المتعلقة بالمعاملات والصدقات.
- يستدل به الفقهاء على أن الوصية بالعتق لا تصح إذا كان المعتق عليه دين أو له ورثة يحتاجون المال، وأن الأولى تقديم حقوق النفس والأهل.
- فيه دليل على أن الإنسان لا يجوز له أن يتصدق بجميع ماله إلا إذا كان غنيًا أو ليس عليه التزامات مالية.
- الحديث يظهر رحمة النبي صلى الله عليه وسلم وحنكته في التعامل مع مختلف المواقف، مما يجعله قدوة للمسلمين في القيادة والحكمة.

أسأل الله تعالى أن يفقهنا في ديننا، وأن يجعلنا من المتعلمين العاملين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم (٩٩٧) من طريق اللّيث، عن أبي الزُّبير، عن جابر بن عبد الله فذكره.
وفي رواية عن أيوب، عن أبي الزُّبير: «أَعْتَقَ غُلامًا له عن دُبُرٍ، يقال له: يعقوب». واللّيث ممّن روى عن أبي الزُّبير ما سمعه من جابر.
وتابعه أيوب عن أبي الزُّبير، عن جابر، أنَّ رجلًا من الأنصار -يقال له أبو مذكور- أعتق غلامًا له عن دُبر -يقال له: يعقوب-، وساق الحديث بمعنى حديث اللّيث. رواه مسلم من طريق إسماعيل ابن عليّة، عن أيوب.
ومن هذا الطريق رواه ابن خزيمة (٢٤٤٥، ٢٤٥٢) وساق لفظه وجاء فيه: «إذا كان أحدكم فقيرًا فليبدأ بنفسه، فإن كان فضلًا فعلى عياله، فإن كان فضلًا فعلي قرابته أو ذي رحمه، فإن كان فضلًا فهنا وههنا».
ورواه البخاريّ في الأحكام (٧١٨٦)، وفي مواضع أخرى من أوجه أخرى عن جابر، نحوه مختصرًا.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 259 من أصل 379 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا

  • 📜 حديث: ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب