حديث: أنفقي عليهم فإن لك في ذلك أجر ما أنفقت

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب أجر الإنفاق على الزوج والأيتام

عَنْ رَائِطَةَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأُمِّ وَلَدِهِ -وَكَانَتْ امْرَأَةً صَنَاعَ الْيَدِ- قَالَ: فَكَانَتْ تُنْفِقُ عَلَيْهِ وَعَلَى وَلَدِهِ مِنْ صَنْعَتِهَا قَالَتْ: فَقُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: لَقَدْ شَغَلْتَنِي أَنْتَ وَوَلَدُكَ عَنِ الصَّدَقَةِ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَتَصَدَّقَ مَعَكُمْ بِشَيْءٍ! فَقَالَ لَهَا عَبْدُ اللَّهِ: وَاللَّهِ! مَا أُحِبُّ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ أَجْرٌ أَنْ تَفْعَلِي. فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي امْرَأَةٌ ذَاتُ صَنْعَةٍ أَبِيعُ مِنْهَا وَلَيْسَ لِي وَلَا لِوَلَدِي وَلَا لِزَوْجِي نَفَقَةٌ غَيْرَهَا، وَقَدْ شَغَلُونِي عَنِ الصَّدَقَةِ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ فَهَلْ لِي مِنْ أَجْرٍ فِيمَا أَنْفَقْتُ؟ قَالَ: فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَنْفِقِي عَلَيْهِمْ فَإِنَّ لَكِ فِي ذَلِكَ أَجْرَ مَا أَنْفَقْتِ عَلَيْهِمْ».

حسن: رواه الإمام أحمد (١٦٠٨٦) عن يعقوب، حَدَّثَنَا أبيّ، عن ابن إسحاق، قال: حَدَّثَنِي هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن رائطة، فذكرته.

عَنْ رَائِطَةَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأُمِّ وَلَدِهِ -وَكَانَتْ امْرَأَةً صَنَاعَ الْيَدِ- قَالَ: فَكَانَتْ تُنْفِقُ عَلَيْهِ وَعَلَى وَلَدِهِ مِنْ صَنْعَتِهَا قَالَتْ: فَقُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: لَقَدْ شَغَلْتَنِي أَنْتَ وَوَلَدُكَ عَنِ الصَّدَقَةِ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَتَصَدَّقَ مَعَكُمْ بِشَيْءٍ! فَقَالَ لَهَا عَبْدُ اللَّهِ: وَاللَّهِ! مَا أُحِبُّ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ أَجْرٌ أَنْ تَفْعَلِي. فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي امْرَأَةٌ ذَاتُ صَنْعَةٍ أَبِيعُ مِنْهَا وَلَيْسَ لِي وَلَا لِوَلَدِي وَلَا لِزَوْجِي نَفَقَةٌ غَيْرَهَا، وَقَدْ شَغَلُونِي عَنِ الصَّدَقَةِ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ فَهَلْ لِي مِنْ أَجْرٍ فِيمَا أَنْفَقْتُ؟ قَالَ: فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَنْفِقِي عَلَيْهِمْ فَإِنَّ لَكِ فِي ذَلِكَ أَجْرَ مَا أَنْفَقْتِ عَلَيْهِمْ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النافع، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
الحديث:
عن رائطة امرأة عبد الله بن مسعود وأم ولده -وكانت امرأة صناع اليد- قالت: فكانت تنفق عليه وعلى ولده من صنعتها. قالت: فقلت لعبد الله بن مسعود: لقد شغلتني أنت وولدك عن الصدقة، فما أستطيع أن أتصدق معكم بشيء! فقال لها عبد الله: والله! ما أحب إن لم يكن في ذلك أجر أن تفعلي. فأتت رسول الله ﷺ فقالت: يا رسول الله! إني امرأة ذات صنعة أبيع منها وليس لي ولا لولدي ولا لزوجي نفقة غيرها، وقد شغلوني عن الصدقة فما أستطيع أن أتصدق بشيء فهل لي من أجر فيما أنفقت؟ قال: فقال لها رسول الله ﷺ: «أنفقي عليهم فإن لك في ذلك أجر ما أنفقت عليهم».


1. شرح المفردات:


● رَائِطَةَ: اسم امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما، وهي أم ولده، أي أم أولاده.
● صَنَاعَ الْيَدِ: أي ذات حرفة وصنعة تعمل بها بيديها، كالخياطة أو الغزل أو النسج وغيرها.
● تُنْفِقُ عَلَيْهِ: توفر له ولأولادهما necessities of life من مأكل ومشرب وملبس من كسبها.
● شَغَلْتَنِي: منعتموني وشغلتم وقتي ومالي.
● لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ أَجْرٌ: لو لم يكن لك ثواب من الله على هذا النفقة.


2. المعنى الإجمالي للحديث:


تخبرنا أم ولد عبد الله بن مسعود، رائطة -وهي امرأة عاملة- أنها كانت تعمل بيدها في حرفة ما، وكان ريع هذه الحرفة هو المصدر الوحيد للإنفاق على زوجها (عبد الله بن مسعود) وأولادهما، لأنه كان من كبار العلماء والمجاهدين المنشغلين بالعلم والجهاد، فقلَّ ما يكسب من الدنيا.
فشكت إليه أن إنفاقها عليهم قد شغلها عن التصدق على غيرهم من الفقراء والمساكين، وسألته: أيعوضها الله أجرًا على هذا النفقة الواجبة كما يعطيها أجر الصدقة التطوعية؟ فأجابها زوجها العالم بحكمة وورع: "والله! ما أحب أن تفعلي ذلك إن لم يكن فيه أجر"، أي أنه يظن أن فيه أجرًا عظيمًا ولكنه لا يجزم دون علم من النبي ﷺ.
فذهبت إلى رسول الله ﷺ تستفتيه في أمرها، وشرحت له حالها: أنها تعمل ولا تملك إلا هذا المال الذي تنفقه على زوجها وأولادها، فهل ينالها أجر الصدقة؟ فأجابها النبي ﷺ بأن لها أجر الصدقة كاملًا غير منقوص في كل ما تنفقه عليهم.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- سمو الأخلاق وحسن المعاشرة: توضح القصة خلقًا رفيعًا من الزوجة الصالحة، حيث كانت تعمل وتنفق على بيتها وزوجها العالم بكل رضا ونفس مطمئنة، دون تذمر أو تضجر، وإنما كان مجرد سؤال للاستيضاح وطلب للأجر.
2- فضل الإنفاق على الأهل والأولاد: يبين الحديث أن النفقة على الزوج والأولاد ليست مجرد واجبًًا ماديًا، بل هي عبادة عظيمة يثاب عليها المسلم أجرًا عظيمًا، بل قد تكون أفضل من كثير من الصدقات التطوعية لأنها مقدمة على غيرها.
3- أجر المرأة الكاسبة: الحديث دليل على جواز عمل المرأة وكسبها من حرفة شريفة بعمل يديها، وأن مالها لها، وهي تتقرب إلى الله بالإنفاق منه على من تجب نفقتهم عليها.
4- أهمية طلب العلم والفتوى: لم يقف عبد الله بن مسعود عند ظنه، ولم تكتفِ الزوجة بذلك، بل ذهبت إلى أعلم الخلق ﷺ لتبين الحكم الشرعي، وهذا دليل على وجوب الرجوع إلى العلماء في مسائل الدين وعدم الاكتفاء بالآراء الشخصية.
5- بركة العلم والعلماء: كان عبد الله بن مسعود من فقراء الصحابة لأنه كان منشغلًا بالعلم والتعلم والتعليم، فكانت زوجته تعينه على ذلك، فصار إعانتها له إعانة على الخير كله.
6- الترغيب في القيام بالواجبات: كثير من الناس يبحث عن نوافل الخير ويغفل عن الواجبات، وهذا الحديث يذكرنا أن القيام بالواجبات (كالنفقة على العيال) من أعظم القربات وأجلّ الطاعات.


4. معلومات إضافية مفيدة:


● مكانة عبد الله بن مسعود: هو عبد الله بن مسعود بن غافل الهذلي، من السابقين الأولين إلى الإسلام، وهو حبر الأمة وترجمان القرآن، وكان من خاصة أصحاب النبي ﷺ وأعلمهم بالحلال والحرام.
● الحكمة من فقره: لم يكن فقره بسبب تقصير، بل بسبب انشغاله بالعلم والجهاد في سبيل الله، فكانت زوجته رائطة رضي الله عنها سندًا له في حياته.
● الحديث دليل في الباب: يستدل الفقهاء بهذا الحديث على أن النفقة على الزوج والأولاد لها أجر الصدقة، بل هي أفضل لأنها واجبة وتقدم على غيرها. وهو داخل في عموم قوله تعالى: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى} [البقرة: 177].
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الإمام أحمد (١٦٠٨٦) عن يعقوب، حَدَّثَنَا أبيّ، عن ابن إسحاق، قال: حَدَّثَنِي هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن رائطة، فذكرته.
ورواه أيضًا (١٦٠٨٥) من وجه آخر هو والطَّبرانيّ في «الكبير» (٣٤/ ٢٦٣) كلاهما من حديث سليمان بن داود الهاشميّ، ثنا عبد الرحمن بن أبي الزّناد، عن أبيه، عن عروة بن الزُّبير، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، به مختصرًا.
وصحّحه ابن حبَّان (٤٢٤٧) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، بإسناده، مثله. ومحمد بن إسحاق وإن كان مدلِّسًا فقد صرَّح بالتّحديث، كما أنه توبع. وقد أشار إليه الهيثميّ في «المجمع». (٣/ ١٠٨).
ورائطة هي ابنة عبد الله بن معاوية الثقفية، قيل إنها زينب امرأة ابن مسعود نفسها، وأن رائطة لقبها. وقيل: بل هما اثنتان وهي زوجة أخرى لابن مسعود، وقيل: إنها امرأة أخرى وليست امرأة ابن مسعود، ولكن قصتها تشبه قصة زينب، وهذا الرأي الأخير مرجوح؛ لأنه جاء في الحديث أنها امرأة عبد الله.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 269 من أصل 379 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أنفقي عليهم فإن لك في ذلك أجر ما أنفقت

  • 📜 حديث: أنفقي عليهم فإن لك في ذلك أجر ما أنفقت

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أنفقي عليهم فإن لك في ذلك أجر ما أنفقت

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أنفقي عليهم فإن لك في ذلك أجر ما أنفقت

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أنفقي عليهم فإن لك في ذلك أجر ما أنفقت

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب