حديث: صاع من بر أو قمح على كل اثنين صغير أو كبير

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما رُوي في نصف صاع من قمح

رُوي عن عبد الله بن ثعلبة -أو ثعلبة بن عبد الله- ابن أبي صعير، عن أبيه، قال: قال رسول الله ﷺ: «صاع من بر، أو قمح على كلّ اثنين صغير أو كبير، حرّ أو عبد، ذكر أو أنثى. أما غنيكم فيزكيه الله، وأما فقيركم فيرد الله تعالى عليه أكثر مما أعطى».

ضعيف: رواه أبو داود (١٦١٩) عن مسدد وسليمان بن داود العتكي، قالا: حدثنا حماد بن زيد، عن النعمان بن راشد، عن الزهري - قال مسدد: عن ثعلبة بن عبد الله بن أبي صعير، عن أبيه.

رُوي عن عبد الله بن ثعلبة -أو ثعلبة بن عبد الله- ابن أبي صعير، عن أبيه، قال: قال رسول الله ﷺ: «صاع من بر، أو قمح على كلّ اثنين صغير أو كبير، حرّ أو عبد، ذكر أو أنثى. أما غنيكم فيزكيه الله، وأما فقيركم فيرد الله تعالى عليه أكثر مما أعطى».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الشريف يتناول فريضة عظيمة من فرائض الإسلام، وهي زكاة الفطر، التي تُخرج في ختام شهر رمضان المبارك. وإليك الشرح الوافي للحديث على النحو التالي:


أولاً. شرح المفردات:


● صاع: مكيال معروف في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يساوي أربعة أمداد، ومقداره بالوزن يقارب (2.5 كيلوغرام) إلى (3 كيلوغرام) تقريبًا من القمح، ويختلف قليلاً باختلاف نوع الطعام.
● بُرّ: نوع من القمح الجيد ذو اللون الأحمر.
● قمح: هو القمح المعروف، وقد يكون المراد به هنا القمح العادي.
● على كل اثنين: قيل إنها تصحيف في الرواية، والصواب المشهور في جميع الروايات: "على كل مسلم"، وهو قول الجمهور. وقد يكون المعنى "عن كل اثنين" أي عن الشخص نفسه ومن يعوله.
● يُزَكِّيهِ الله: أي يطهره وينميه له ويجعله خالصًا مقبولاً.
● يَرُدُّ الله عليه أكثر مما أعطى: أي يعوضه خيرًا في الدنيا والآخرة، ويكافئه بأكثر مما أنفق.


ثانيًا. المعنى الإجمالي للحديث:


يأمر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بإخراج زكاة الفطر، مقدَّرًا بأن يكون صاعًا من طعام يقوت الناس، كالقمح أو الشعير أو التمر أو الزبيب أو الأرز أو ما يعادله في قوت البلد.
وهذه الفريضة واجبة على كل مسلم، صغيرًا كان أو كبيرًا، حرًا أو عبدًا، ذكرًا أو أنثى. ويجب على المسلم أن يخرجها عن نفسه وعمن تلزمه نفقته من الزوجة والأولاد والخادم وغيرهم.
ثم يبين النبي صلى الله عليه وسلم الحكمة من هذه الزكاة والحكمة من إخراجها، فيقول:
● أما غنيكم فيزكيه الله: أي أن الغني الذي يخرجها يطهر الله بها نفسه وماله، ويبارك له فيه، ويقبلها منه تكفيرًا للذنوب والخطايا.
● وأما فقيركم فيرد الله عليه أكثر مما أعطى: أي أن الفقير الذي يخرجها -مع حاجته- يعوضه الله تعالى في الدنيا بالرزق الواسع، وفي الآخرة بالأجر العظيم، وهو أعظم مما أعطى بأضعاف كثيرة.


ثالثًا. الدروس المستفادة والفَوائد:


1- وجوب زكاة الفطر: الحديث دليل على وجوب زكاة الفطر على كل مسلم، وهي طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين في يوم العيد.
2- مقدار زكاة الفطر: يكون صاعًا من قوت البلد الأساسي، وهو ما يعادل aproximadamente 2.5 إلى 3 كيلوغرامات تقريبًا.
3- شمولية الوجوب: تسري الأحكام على الجميع بلا استثناء، مما يدل على مساواة الجميع في التكليف بما يستطيعون.
4- الحكمة من الزكاة: ليست مجرد إخراج مال، بل هي تطهير للنفس وتزكية للمال، خاصة للغني.
5- عظيم فضل الله: حتى الفقير الذي يخرج من قوته القليل، يَعِدُه الله بأعظم العطاء والجزاء، مما يشجعه على المشاركة في الطاعة ولو بالقليل.
6- الترغيب في الإنفاق: البيان النبوي بأن الله يعوض المنفق ويخلف عليه، هو حافز للمسلم للبذل والعطاء دون خوف من الفقر.


رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:


● وقت إخراج زكاة الفطر: يبدأ من غروب شمس آخر يوم من رمضان إلى صلاة عيد الفطر، والأفضل إخراجها قبل الصلاة.
● مصرف زكاة الفطر: تُعطى للفقراء والمساكين، ليدخل الفرحة عليهم في يوم العيد.
● حكم إخراجها نقدًا: الجمهور من أهل العلم (المالكية والشافعية والحنابلة) على أنه يجب إخراجها طعامًا، وهو الأصل. وذهب بعض المعاصرين إلى جواز إخراجها نقدًا إذا كان ذلك أنفع للفقراء، ولكن القول الأول هو الأرجح والأحوط.
● الحديث فيه كلام: اختلف المحدثون في درجة هذا الحديث، فمنهم من صححه كالحاكم ووافقه الذهبي، ومنهم من ضعفه كالألباني. ولكن معناه صحيح ومشهور، وقد جاءت أحاديث أخرى كثيرة تؤكد على زكاة الفطر ومقدارها.

أسأل الله تعالى أن يتقبل منا الصيام والقيام والزكاة، وأن يجعلنا من المتقين المحسنين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (١٦١٩) عن مسدد وسليمان بن داود العتكي، قالا: حدثنا حماد بن زيد، عن النعمان بن راشد، عن الزهري - قال مسدد: عن ثعلبة بن عبد الله بن أبي صعير، عن أبيه.
وقال سليمان بن داود: عن عبد الله بن ثعلبة -أو ثعلبة بن عبد الله بن أبي صعير-، عن أبيه، فذكره.
ورواه الإمام أحمد (٢٣٦٦٤) عن عفان، قال: سألت حماد بن زيد عن صدقة الفطر؟ فحدثني عن نعمان بن راشد، عن الزهري، عن ابن ثعلبة بن أبي صعير، عن أبيه، أن رسول الله ﷺ قال: «أدُّوا صاعًا من قمح، أو صاعًا من بر -وشك حماد- عن كل اثنين» فذكره.
وفيه النعمان بن راشد ضعيف، ضعّفه أكثر أهل العلم، ولكن قال ابن عدي: احتمله الناس، وذكره ابن حبان في الثقات.
قال الأعظمي: إنه لم ينفرد به، بل تابعه بكر بن وائل بن داود، عن الزهري، عن عبد الله بن ثعلبة بن الصعير، عن أبيه، أَن رسول الله ﷺ قام خطيبًا، فأمر بصدقة الفطر صاع من تمر أو صاع من شعير عن كل رأس عن الصغير والكبير والحر والعبد. انتهى.
فاختلف في اللفظ، فإنه لم يذكر فيه: «أو قمح عن كل اثنين» كما أنه لم يذكر «الفقير» في حديثه.
رواه ابن خزيمة في صحيحه (٢٤١٠) عن محمد بن يحيى، حدثنا موسى بن إسماعيل المنقري، حدثنا همام، عن بكر الكوفي -وهو ابن وائل بن داود- فذكره.
ومن هذا الوجه أخرجه أيضًا أبو داود (١٦٢٠) كما رواه أيضًا من وجه آخر عن علي بن الحسن الدرابجردي، حدّثنا عبد الله بن يزيد، حدثنا همام بإسناده. قال أبو داود: وزاد علي (يعني الدراجردي) في حديثه: «أو صاع من بر أو قمح بين اثنين» ثم اتفقا عن الصغير والكبير، والحر
والعبد.
وهذا إسناد حسن، ولكن اختلف الرواة على الزهريّ كما ذكره أبو داود، فمنهم من أرسله، ومنهم من وصله مع اختلاف في اسم شيخ الزهري -ثعلبة بن عبد الله- فمنهم من قلّب، فقال: عبد الله بن ثعلبة، وهذا كله يدل على أن الرواة عن الزهري لم يضبطوا لفظ الحديث كما لم يضبطوا إسناده.
ولذا قال الدارقطني في «علله»: «هذا حديث اختلف في إسناده ومتنه» ثم ذكر تفصيل ذلك.
انظر: «نصب الراية» (٢/ ٤٠٧).
وكذلك قال أيضًا ابن دقيق العيد في «الإمام»: وقد سأل مُهنا الإمامَ أحمد عن حديث ثعلبة بن أبي صعير في صدقة الفطر نصف صاع من بُرٍّ، فقال: ليس بصحيح، إنما هو مرسل يرويه معمر وابن جريج عن الزهريّ مرسلًا. قال مهنا: قلت: من قبل منْ هذا؟ قال: من قبل النعمان بن راشد وليس بالقوي في الحديث، وضعّف حديث ابن أبي صعير. قال: وسألته عن ابن أبي صعير أهو معروف؟ فقال: ومن يعرف ابن أبي صعير؟ ليس هو معروف.
وذكر أحمد وابن المديني ابن أبي صعير فضعّفاه جميعًا. انظر: نصب الراية، وقد أطال في تضعيف هذا الحديث.
وقال البيهقي ﵀: «وقد وردت أخبار عن النبي ﷺ في صاع من بر، ووردت أخبار في نصف صاع ولا يصح شيء من ذلك قد بينت علّة كلّ واحد منها في الخلافيات. وروينا في حديث أبي سعيد الخدريّ، وفي الحديث الثابت عن ابن عمر أن تعديل مدين من بر وهو نصف صاع بصاع من شعير وقع بعد النبيّ ﷺ وبالله التوفيق».
وقال ابن المنذر: «لا نعلم في القمع خبرًا ثابتًا عن النبيّ ﷺ يعتمد عليه، ولم يكن البر بالمدينة ذلك الوقت، إلا الشيء اليسير منه، فلما كثر في زمن الصحابة رأوا أن نصف صاع منه يقوم مقام صاع من شعير وهم الأئمة فغير جائز أن يعدل عن قولهم إلا إلى قول مثلهم».
ثم أسند عن عثمان، وعلي، وأبي هريرة، وجابر، وابن عباس، وابن الزبير، وأمه أسماء بنت أبي بكر بأسانيد صحيحة أنّهم رأوا أنّ في زكاة الفطر نصف صاع من قمح. انتهى.
قال الحافظ في «الفتح» (٣/ ٣٧٤): «بعد هذا النقل من ابن المنذر: «وهذا مصير منه إلى اختبار ما ذهب إليه الحنفية. وقال: لكن حديث أبي سعيد دال على أنه لم يوافق على ذلك وكذلك ابن عمر، فلا إجماع في المسألة خلافًا للطحاويّ, انتهى.
قال الأعظمي: وللحديث شواهد كلّها ضعيفة وأشهرها ما رواه الحسن قال: خطب ابن عباس في آخر رمضان على منبر البصرة، فقال: أخرجوا صدقة صومكم، فكأن الناس لم يعلموا. فقال: مَنْ هاهنا من أهل المدينة؟ فقوموا إلى إخوانكم فعلّموهم، فإنّهم لا يعلمون. فرض رسول الله ﷺ هذه
الصدقة صاعًا من تمر أو شعير أو نصف صاع من قمح على كلّ حرّ أو مملوك، ذكر أو أنثى صغير أو كبير، فلما قدم عليٌّ رضي الله عنه رأى رُخْص السِّعر، قال: قد أوسع الله عليكم، فلو جعلتموه صاعًا من كلّ شيء».
قال حميد: وكان الحسن يري صدقة رمضان على من صام.
رواه أبو داود (١٦٢٢)، والنسائي (٢٥١٠) كلاهما من حديث حميد، عن الحسن، قال: خطب ابن عباس، فذكره. واللّفظ لأبي داود. ومن هذا الوجه رواه أيضًا الإمام أحمد (٣٢٩١).
ولم يذكرا لفظ علي بن أبي طالب في آخر الحديث.
وإسناده ضعيف من أجل الانقطاع؛ لأنّ الحسن وهو البصريّ الإمام لم يسمع من ابن عباس كما جزم بذلك كثير من أهل العلم.
والصّحيح الثابت عن ابن عباس ما رواه ابن سيرين عنه: «صاعًا من بر، أو صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من سلت».
وما رواه أبو رجاء قال: سمعت ابن عباس يخطب على منبركم -يعني منبر البصرة- يقول: صدقة الفطر صاع من طعام. قال النسائيّ: هذا أثبت الثلاثة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 376 من أصل 379 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: صاع من بر أو قمح على كل اثنين صغير أو كبير

  • 📜 حديث: صاع من بر أو قمح على كل اثنين صغير أو كبير

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: صاع من بر أو قمح على كل اثنين صغير أو كبير

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: صاع من بر أو قمح على كل اثنين صغير أو كبير

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: صاع من بر أو قمح على كل اثنين صغير أو كبير

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب