حديث: يَتَسَاءَلُ الرَّجُلُ فِي الْجَائِحَةِ أَو الْفَتْقِ لِيُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ قَوْمِهِ

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء مَنْ تحلُّ له الصّدقة من الغارمين وغيرهم

عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جدّه، قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّا قَوْمٌ نَتَسَاءَلُ أَمْوَالَنَا؟ قَالَ: «يَتَسَاءَلُ الرَّجُلُ فِي الْجَائِحَةِ أَو الْفَتْقِ لِيُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ قَوْمِهِ فَإِذَا بَلَغَ أَوْ كَرَبَ اسْتَعَفَّ».

حسن: رواه الإمام أحمد (٢٠٠٣٣)، وعبد الرزاق (٢٠٠١٨) ومن طريقه الطبرانيّ في الكبير (١٩/ ٤٠٦) ومن طرق أخرى أيضًا كلّهم من حديث بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جدّه، فذكره.

عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جدّه، قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّا قَوْمٌ نَتَسَاءَلُ أَمْوَالَنَا؟ قَالَ: «يَتَسَاءَلُ الرَّجُلُ فِي الْجَائِحَةِ أَو الْفَتْقِ لِيُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ قَوْمِهِ فَإِذَا بَلَغَ أَوْ كَرَبَ اسْتَعَفَّ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما ندرس من حديث نبيه الكريم.
الحديث الذي ذكر حديث صحيح، رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن ماجه في سننه، وغيرهما.
وإليك شرحه الوافي على النحو التالي:


1. شرح المفردات:


* نَتَسَاءَلُ أَمْوَالَنَا: أي نطلب من بعضنا بعضاً أن يعطينا من أموالهم، أو نستعير منهم المال. والسؤال هنا هو طلب المال أو الاستقراض.
* الْجَائِحَةِ: المصيبة أو النكبة الكبيرة التي تحل بالإنسان في ماله أو أهله، كالغرق أو الحريق أو القحط الشديد.
* الْفَتْقِ: الخرق أو الخلل الذي يحدث في أمر القوم، كالخصام والفتنة بينهم، فيحتاجون إلى مال لإصلاح ذات البين.
* يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ قَوْمِهِ: أي ينفق هذا المال في إزالة الشحناء وإعادة الوفاق بين المتخاصمين أو المتشاحنين.
* بَلَغَ أَوْ كَرَبَ: "بلغ" أي وصل المال إلى غايته وتحقق المقصود منه (وهو إصلاح ذات البين). و"كرب" أي وقع في ضيق أو مشقة في أداء الدين.
* اسْتَعَفَّ: طلب العفو والإعفاء، أي طلب من صاحب الحق أن يعفيه من الدين ويتركه له.


2. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبر الصحابي الجد (حكيم بن معاوية) النبي صلى الله عليه وسلم أن قومه يتساعدون بالمال، فيسأل بعضهم بعضاً المال (إما هبة أو قرضاً)، ويستفسر عن حكم ذلك.
فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بأن طلب المال (أو الاستقراض) جائز ومشروع في حالتين محددتين:
1- في حالة نزول جائحة أو مصيبة كبيرة بالإنسان تهلك ماله.
2- في حالة وجود فتنة أو خصام بين الناس، فيطلب الرجل المال لينفقه في الإصلاح بينهم وإخماد الفتنة.
فإذا تحقق الهدف من هذا المال (أي انتهت الجائحة أو حصل الصلح بين القوم)، أو وجد المدين نفسه في ضيق لا يستطيع معه السداد، فمن المستحب والفضل العظيم لصاحب الحق (المقرض) أن يعفو ويترك الدين للمدين، فيكون ذلك صدقة منه وأجراً عظيماً.


3. الدروس المستفادة منه:


* جواز طلب المال عند الحاجة الملحة: لا حرج على المسلم أن يطلب العون المالي من إخوانه إذا نزلت به مصيبة أو احتاج للمال لقضاء حاجة مهمة كالإصلاح بين الناس.
* فضل الإصلاح بين الناس: الحديث يحث على بذل المال في سبيل الإصلاح بين المتخاصمين، مما يدل على عظم أجر هذه الفضيلة.
* الحث على السماحة والعفو في المعاملات المالية: يوجه النبي صلى الله عليه وسلم إلى خلق كريم وهو العفو عن الديون والتجاوز عنها، خاصة إذا كان المقترض قد أنفق المال في وجه برٍّ أو كان في ضيق. وهذا من أعظم أنواع الصدقة.
* التيسير على المعسرين: الحديث يأمر من يقرض أخاه لسبب مشروع، ثم يعسر عليه الوفاء، أن يستعفيه (يطلبه العفو)، بل ويستحب له أن يعفو عنه دون طلب.
* التعاون والتكافل الاجتماعي: يؤسس الحديث لركن عظيم في المجتمع المسلم، وهو تعاون أفراده وتكافلهم مادياً ومعنوياً في الأزمات والملمات.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* هذا الحديث يدخل في باب "القراض والحوالة والكفالة" في كتب الفقه.
* الفقهاء يستدلون بهذا الحديث على مشروعية "إبراء الذمة"، أي إسقاط الدين عن المدين المعسر.
* العفو عن الدين للمعسر من الأعمال التي وعد الله عليها بأجر عظيم، كما في قوله تعالى: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ ۚ وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 280]. فالعفو هنا هو الصدقة التي هي خير للمقرض.
أسأل الله أن يرزقنا فهم سنة نبيه والعمل بها، والله أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الإمام أحمد (٢٠٠٣٣)، وعبد الرزاق (٢٠٠١٨) ومن طريقه الطبرانيّ في الكبير (١٩/ ٤٠٦) ومن طرق أخرى أيضًا كلّهم من حديث بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جدّه، فذكره. قال الهيثميّ في «المجمع» (٣/ ١٠٠): «رجاله ثقات».
قال الأعظمي: وهو كما قال، وإسناده حسن من أجل بهز فإنه حسن الحديث.
وقوله: «الفَتْق» وهو الشِّقُّ، والخلاف بين الجماعات وتصدع الكلمة، فيجوز سؤال الرجل ليصلح به بين قومه ما حصل من الجراحات والدّماء.
وأمّا ما رواه أبو داود (١٦٣٧) من طريق عطية، عن أبي سعيد بلفظ: «لا تحل الصدقة لغني إلا في سبيل الله، أو ابن السبيل، أو جار فقير يتصدّق عليه، فيُهدي لك أو يدعوك». ففيه زيادة «ابن السبيل»، وعطية هو ابن سعد العوفي لا يحتج بحديثه، كما قال المنذريّ.
وفي الباب ما رُوي عن زياد بن الحارث الصُّدائيّ، قال: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ فَبَايَعْتُهُ -فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلا- قَال: فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَال: أَعْطِنِي مِن الصَّدَقَةِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يَرْضَ بِحُكْمِ نَبِيٍّ وَلا غَيْرِهِ فِي الصَّدَقَاتِ حَتَّى حَكَمَ فِيهَا هُوَ فَجَزَّأَهَا ثَمَانِيَةَ أَجْزَاءٍ فَإِنْ كُنْتَ مِنْ تِلْكَ الأَجْزَاءِ أَعْطَيْتُكَ حَقَّكَ».
رواه أبو داود (١٦٣٠) عن عبد الله بن مسلمة، حدّثنا عبد الله -يعني ابن عمر بن غانم-، عن عبد الرحمن بن زياد، أنه سمع زياد بن نُعيم الحضرميّ، أنه سمع زياد بن الحارث الصّدائيّ، فذكره.
وإسناده ضعيف من أجل عبد الرحمن بن زياد وهو الإفريقي ضعيف، ضعّفه النسائي وأحمد،
وقال ابن حبان: «يروي الموضوعات عن الثقات ويدلس».
والراوي عنه عبد الله بن عمر بن غانم الرُّعيني مختلف، فوثقه ابن يونس وغيره، ولم يعرفه أبو حاتم، وأفرط ابن حبان في تضعيفه، وهو من رجال أبي داود.
وفي الباب أيضًا عن أنس أَنَّ رَجُلا مِن الْأَنْصَارِ أَتَى النَّبِيَ ﷺ يَسْأَلُهُ فَقَالَ: «أَمَا فِي بَيْتِكَ شَيْءٌ؟». قَالَ: بَلَى حِلْسٌ نَلْبَسُ بَعْضَهُ وَنَبْسُطُ بَعْضَهُ وَقَعْبٌ نَشْرَبُ فِيهِ مِن الْمَاءِ. قَالَ: «ائْتِنِي بِهِمَا». قَالَ: فَأَتَاهُ بِهِمَا فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللهِ ﷺ بِيَدِهِ وَقَالَ: «مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ؟». قَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ. قَالَ: «مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ -مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا-؟». قَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ فَأَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ، وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ وَأَعْطَاهُمَا الأَنْصَارِيَّ وَقَالَ: «اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَامًا فَانْبِذْهُ إِلَى أَهْلِكَ وَاشْتَرِ بِالْآخَرِ قَدُومًا فَأْتِنِي بِهِ». فَأَتَاهُ بِهِ فَشَدَّ فِيهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ عُودًا بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ: «اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ وَبِعْ وَلا أَرَيَنَّكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا». فَذَهَبَ الرَّجُلُ يَحْتَطِبُ وَيَبِيعُ فَجَاءَ وَقَدْ أَصَابَ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ فَاشْتَرَى بِبَعْضِها ثَوْبًا وَبِبَعْضِهَا طَعَامًا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «هَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَجِيءَ الْمَسْأَلَةُ نُكْتَةٌ فِي وَجْهِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لا تَصْلُحُ إِلا لِثَلاثَةٍ لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ أَوْ لِذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ أَوْ لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ».
رواه أبو داود (١٦٤١)، والترمذي (١٢١٨)، والنسائي (٤٥١٢)، وابن ماجه (٢١٩٨) كلهم من طريق الأخضر بن عجلان، عن أبي بكر الحنفيّ، عن أنس بن مالك، فذكر الحديث، إلّا النسائي اختصره.
وإسناده ضعيف من أجل أبي بكر وهو عبد الله بن عبد الله الحنفي فإنه مجهول، وبه أعله ابن القطان.
ونقل الحافظ في «تهذيبه» في ترجمة أبي بكر الحنفي عن البخاريّ أنه قال: «لا يصح حديثه»، وذكر البخاريّ في «تاريخ الكبير» (٥/ ١٤٦) حديث أنس: باع النبيّ ﷺ فيمن يزيد مختصرًا من طريق أبي بكر، عن أنس، ولم يذكر الحكم عليه. فانظر أين قال البخاري: «لا يصح حديثه».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 345 من أصل 379 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: يَتَسَاءَلُ الرَّجُلُ فِي الْجَائِحَةِ أَو الْفَتْقِ لِيُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ قَوْمِهِ

  • 📜 حديث: يَتَسَاءَلُ الرَّجُلُ فِي الْجَائِحَةِ أَو الْفَتْقِ لِيُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ قَوْمِهِ

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: يَتَسَاءَلُ الرَّجُلُ فِي الْجَائِحَةِ أَو الْفَتْقِ لِيُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ قَوْمِهِ

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: يَتَسَاءَلُ الرَّجُلُ فِي الْجَائِحَةِ أَو الْفَتْقِ لِيُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ قَوْمِهِ

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: يَتَسَاءَلُ الرَّجُلُ فِي الْجَائِحَةِ أَو الْفَتْقِ لِيُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ قَوْمِهِ

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب