حديث: إِنْ شِئْتُمَا أعطيتُكُما ولا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ ولا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب فيمن لا تحلّ له المسألة

عن عبيد الله بن عدي بن الخيار، أَنَّ رَجُلَيْنِ حَدَّثَاهُ أَنَّهُمَا أَتَيَا رَسُولَ اللهِ ﷺ يَسْأَلانِهِ مِنَ الصَّدَقَةِ فَقَلَّبَ فِيهِمَا الْبَصَرَ، فَرَآهُمَا جَلْدَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنْ شِئْتُمَا أعطيتُكُما ولا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ ولا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ».

صحيح: رواه أبو داود (١٦٣٣)، والنسائيّ (٢٥٩٩) كلاهما من حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبيد الله بن عدي، فذكره.

عن عبيد الله بن عدي بن الخيار، أَنَّ رَجُلَيْنِ حَدَّثَاهُ أَنَّهُمَا أَتَيَا رَسُولَ اللهِ ﷺ يَسْأَلانِهِ مِنَ الصَّدَقَةِ فَقَلَّبَ فِيهِمَا الْبَصَرَ، فَرَآهُمَا جَلْدَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنْ شِئْتُمَا أعطيتُكُما ولا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ ولا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما ندرس من حديث نبينا الكريم.
الحديث الشريف:
عن عبيد الله بن عدي بن الخيار، أن رجلين حدثاه أنهما أتيا رسول الله ﷺ يسألانه من الصدقة، فقلب فيهما البصر، فرآهما جلدين، فقال رسول الله ﷺ: «إِنْ شِئْتُمَا أَعْطَيْتُكُمَا، وَلَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ».
شرح المفردات:
* فقلب فيهما البصر: أي أدام النظر فيهما وتأملهما بدقة ليعرف حالهما.
* جَلْدَيْنِ: الجَلَدُ هو القوة والشدة في البدن. أي رآهما قويي البنية، سليمي الجسم، قادرين على العمل والكسب.
* لا حَظَّ فِيهَا: لا نصيب ولا حصة.
* غَنِيٍّ: وهو من يملك قوته وقوت عياله من مال أو كسب.
* قَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ: وهو القادر البدني الذي يستطيع أن يعمل ويتكسب لقوته وعدم عجزه.
المعنى الإجمالي للحديث:
يخبرنا الصحابي عبيد الله بن عدي أن رجلين أخبراه بأنهما ذهبا إلى النبي ﷺ ليعطيهما من أموال الصدقة (الزكاة المفروضة). فما كان من النبي ﷺ إلا أن نظر إليهما نظرة متأملة فاحصة، فوجدهما أقوياء البدن، قادرين على العمل والكسب. فبيَّن لهما ﷺ حكم الله في هذا المال، أنه محرم على الغني والقوي القادر على الكسب، ثم ترك لهما الخيار في أن يأخذاها مع هذا البيان، فقال: «إِنْ شِئْتُمَا أَعْطَيْتُكُمَا، وَلَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ».
الدروس المستفادة والفَوائد:
1- بيان مصارف الزكاة: الحديث أصل عظيم في بيان من يحق له أخذ الزكاة ومن لا يحق له. فقد حصرها النبي ﷺ في غير الغني وغير القوي المكتسب، مما يدل على أن الزكاة إنما هي لسد حاجة الفقراء والضعفاء والعاجزين.
2- ذم سؤال الناس مع القدرة على الكسب: الحديث يحث على الكرامة والعفة، وينهى عن السؤال والتكفف مع وجود القدرة على العمل والاكتساب. فالسعي في الأرض من أجل الرزق هو الأصل الذي حث عليه الإسلام.
3- حكمة النبي ﷺ وأسلوبه في التعليم: لم يرفض طلبهما مباشرة، بل نظر إليهما وتأمل حالهما، ثم بين لهما الحكم الشرعي تربية وتعليماً، وترك لهما الخيار بعد أن أوضح لهما الحقيقة. وهذا من كمال خلقه وحسن تربيته ﷺ.
4- وجوب النظر والتثبت في أحوال المستفيدين: على ولي أمر الزكاة أو القائم عليها أن يتفحص أحوال من يطلبها، ولا يعطيها لكل من طلبها، بل ينظر في حاله، هل هو من أهل الاستحقاق حقاً أم لا.
5- أن القوة البدنية من أسباب المنع من أخذ الصدقة: إذا كان الإنسان قوياً قادراً على العمل بمهنة أو حرفة تكفيه وتكفي من يعول، فإنه لا يحل له أخذ الزكاة، بل يجب عليه أن يعمل ويكتسب.
6- جواز أخذ الصدقة مع وجود القدرة إذا كان محتاجاً فعلاً: قوله ﷺ: «إِنْ شِئْتُمَا أَعْطَيْتُكُمَا» يدل على أنه إذا كان الإنسان قوياً لكنه لا يجد عملاً، أو لم يكفه عمله، فله أن يأخذ من الزكاة ما يسد حاجته حتى يجد عملاً أو يكفيه عمله.
خاتمة:
هذا الحديث يمثل قاعدة أساسية في نظام التكافل الاجتماعي في الإسلام، فهو يشجع على العمل والاعتماد على النفس، ويحفظ كرامة الإنسان، ويوجه مساعدة المجتمع إلى من هم بأمس الحاجة إليها حقاً، مما يحقق العدالة والاستقرار في المجتمع.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (١٦٣٣)، والنسائيّ (٢٥٩٩) كلاهما من حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبيد الله بن عدي، فذكره. وإسناده صحيح.
ومن هذا الوجه أخرجه أيضًا الإمام أحمد (١٧٩٧٢).
وزاد أبو داود: «كان ذلك في حجّة الوداع، وهو يقسم الصّدقة».
وذكره الحافظ الهيثميّ في «المجمع» (٣/ ٩٢) وهو ليس على شرطه.
قال البغويّ في شرح السنة (١/ ٨١ - ٨٢): فيه دليل على أنّ القوي المكتسب الذي يُغنيه كسبُه لا يحل له الزكاة، ولم يعتبر النبيّ ﷺ ظاهر القوة دون أن يضم إليه الكسب؛ لأنّ الرجل قد يكون ظاهر القوّة غير أنه أخرق لا كسب له، فتحلّ له الزكاة، وإذا رأى الإمام السّائل جَلْدًا قويًّا شكّ في أمره وأنذره، وأخبره بالأمر كما فعل النبيُّ ﷺ، فإن زعم أنه لا كسب له، أو له عيال لا يقوم كسُبه بكفايتهم قبل منه وأعطاه, انتهى.
وقول البغويّ: «أخرق» من خَرِقَ بالشيء يَخْرَقُ جهله ولم يُحسن عمله، كما في اللسان.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 331 من أصل 379 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إِنْ شِئْتُمَا أعطيتُكُما ولا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ ولا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ

  • 📜 حديث: إِنْ شِئْتُمَا أعطيتُكُما ولا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ ولا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: إِنْ شِئْتُمَا أعطيتُكُما ولا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ ولا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: إِنْ شِئْتُمَا أعطيتُكُما ولا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ ولا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: إِنْ شِئْتُمَا أعطيتُكُما ولا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ ولا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب