حديث: تحريم الصدقة على الغني والقوي السليم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب فيمن لا تحلّ له المسألة

عن عبد الله بن عمرو، عن النبيّ ﷺ قال: «لا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَلا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ».

حسن: رواه أبو داود (١٦٣٤)، والترمذي (٦٥٢) كلاهما من حديث سعد بن إبراهيم، عن ريحان بن يزيد، عن عبد الله بن عمرو، فذكره.

عن عبد الله بن عمرو، عن النبيّ ﷺ قال: «لا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَلا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث شريف رواه الإمام أبو داود في سننه، والإمام الترمذي، والإمام النسائي، والإمام ابن ماجه، وغيرهم، وهو حديث صحيح.
شرح المفردات:
* لا تَحِلُّ: أي لا يجوز أخذها ولا يحق له ذلك شرعاً.
* الصَّدَقَةُ: المقصود هنا صدقة التطوع التي يعطيها الناس، وليست الزكاة المفروضة. فأما الزكاة المفروضة فلا تحل للغني بأي حال، أما صدقة التطوع فالأصل أنها مباحة لكن هذا الحديث يخصص ويبين من لا يستحقها.
* لِغَنِيٍّ: الغني هو من لديه ما يكفيه ويقوم بأوده (أي بشؤونه وحاجاته الأساسية) ولا يحتاج إلى سؤال الناس.
* وَلا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ: "ذو المرة" هو الرجل القوي الذي يستطيع الكسب والعمل ببدنه. و"سوي" أي صحيح البدن، قوي الأعضاء، ليس به عجز أو مرض يمنعه من العمل.
المعنى الإجمالي للحديث:
يبيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن صدقة التطوع لا يجوز أن يأخذها شخصان:
1- الغني الذي لديه مال يكفيه.
2- القوي السليم القادر على الكسب والعمل بتجارة أو حرفة أو غيرها.
فالصدقة إنما شرعت لإغاثة المحتاج، وسد خلة الفقير، وإعانة العاجز الذي لا يستطيع كسب قوته. فأما من عنده مال يكفيه، أو من يستطيع أن يكسب بعرق جبينه، فليس من الحكمة ولا من العدل أن يأخذ حق المحتاجين والعاجزين.
الدروس المستفادة منه:
1- الحكمة من تشريع الصدقة: وهي مواساة الفقراء والمحتاجين وعدم تركهم للذل والسؤال، فمنع القوي والغني من أخذها يحقق هذه الحكمة ويوصّل المال إلى مستحقيه الحقيقيين.
2- الحث على الكسب والعفة: الحديث يحث المسلم على الاعتماد على نفسه، والسعي في مناكب الأرض للرزق، والتكريم بعمل يده، وعدم الاتكال على عطايا الناس وهو قادر على الكسب. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لأن يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ، فَيَأْتِيَ بِحُزْمَةِ الْحَطَبِ عَلَى ظَهْرِهِ، فَيَبِيعَهَا، فَيَكُفَّ اللَّهُ بِهَا وَجْهَهُ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ، أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ".
3- تنظيم عملية العطاء: يوجه الحديث المتصدقين إلى أن يحسنوا توجيه صدقاتهم، فيعطوها لمن يستحقها حقاً، فلا يعطوا قوياً قادراً على العمل فيفسد نفسه ويعوّدها على الكسل والاتكالية.
4- النهي عن سؤال الناس مع الغنى والقدرة: إذا كان أخذ الصدقة لا يحل للغني والقوي، فسؤال الناس وطلب المال منهم مع القدرة على الكنز أولى بالتحريم.
معلومات إضافية مفيدة:
* يستثنى من هذا الحكم إذا أخذ الغني الصدقة ليعطيها لغيره من الفقراء المحتاجين، أو إذا أخذها ليقضي بها ديناً على معسر، ونحو ذلك من المصالح العامة.
* الفقهاء يفرقون بين الزكاة المفروضة وصدقة التطوع في بعض أحكامهما. فالأصل في الزكاة أنها لا تحل للغني مطلقاً، أما صدقة التطوع فقد أجاز بعض العلماء للغني أخذها إذا أُهديت إليه دون سؤال، وليس فيها إذلال، بشرط ألا يحرم بها فقيراً محتاجاً، وأن يكون القصد منها التقرب إلى الله ونيل الأجر، كأن يتصدق عليه أبوه أو قريبه طلباً للبر والصلة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (١٦٣٤)، والترمذي (٦٥٢) كلاهما من حديث سعد بن إبراهيم، عن ريحان بن يزيد، عن عبد الله بن عمرو، فذكره. ومن هذا الوجه رواه الحاكم (١/ ٤٠٧).
قال أبو داود: رواه سفيان عن سعد بن إبراهيم كما قال إبراهيم، ورواه شعبة عن سعد قال: «لِذِي مِرَّةٍ قَوِيٍّ». والأحاديثُ الأُخَرُ عن النَّبِيِّ ﷺ بَعْضُهَا «لِذِي مِرَّةٍ قَوِيٍّ»، وَبَعْضُهَا «لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ».
وقال عطاء بن زهير أنَّه لقي عبد الله بن عمرو فقال: «إِنَّ الصَّدَقَةَ لا تَحِلُّ لِقَوِيٍّ وَلا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ».
قال الترمذيّ: «حديث عبد الله بن عمرو حديث حسن، وقد روى شعبة عن سعد بن إبراهيم هذا
الحديث بهذا الإسناد ولم يرفعه، وقد رُوي في غير هذا الحديث عن النبيّ ﷺ: «لا تحلُّ المسألة
لغنيٍّ ولا لذي مِرَّةٍ سويٍّ».
قال الأعظمي: إسناده حسن من أجل ريحان بن يزيد، فقال أبو حاتم -كما في الجرح والتعديل (٣/ ٥١٧) -: «شيخ مجهول«، ونقل ابن أبي حاتم عن ابن معين أنه قال: «ثقة«، وذكره ابن حبان في: الثقات».
فمثله يحسّن حديثه، وقد تابعه على ذلك عطاء بن زهير كما ذكره أبو داود أن عطاء بن زهير لقي عبد الله بن عمرو فسأله ...
ووصله البيهقيّ (٧/ ١٣) من طريقه إلا أنه قال فيه: عن أبيه قال: قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص، أخبرني عن الصدقة، أي مال هي؟ قال: شر مال! إنما هي للعميان والعرجان والكسحان واليتامى وكل منقطع به. فقلت: إن للعاملين عليها حقًا، وللمجاهدين؟ فقال: للعاملين عليها بقدر عمالتهم، وللمجاهدين في سبيل الله قدر حاجتهم، أو قال: حالهم. قال رسول الله ﷺ: «إنّ الصّدقة لا تحل لغني، ولا لذي مرة سوي».
وقوله: «مِرَّة» المرّة -بكسر الميم، وتشديد الراء- القوّة والشدّة.
وقوله: «سَوِيّ» صفة لذي مرة، أي صحيح الأعضاء.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 333 من أصل 379 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: تحريم الصدقة على الغني والقوي السليم

  • 📜 حديث: تحريم الصدقة على الغني والقوي السليم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: تحريم الصدقة على الغني والقوي السليم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: تحريم الصدقة على الغني والقوي السليم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: تحريم الصدقة على الغني والقوي السليم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب