حديث: من سأل من غير فقر فكأنما يأكل الجمر

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب فيمن لا تحلّ له المسألة

عن حُبْشي بن جُنادة قال: قال رسول الله ﷺ: «من سأل من غير فَقْر فكأنّما يأكل الجمْر».

صحيح: رواه أحمد (١٧٥٠٨، ١٧٥٠٩)، والطبرانيّ في المعجم الكبير (٣٥٠٦، ٣٥٠٨)، وابن خزيمة في صحيحه (٢٤٤٦)، والبيهقي في شعب الإيمان (٣٢٤١) كلهم من حديث أبي إسحاق السبيعي، قال: حدثنا حُبشي بن جنادة السلولي، قال: فذكر الحديث.

عن حُبْشي بن جُنادة قال: قال رسول الله ﷺ: «من سأل من غير فَقْر فكأنّما يأكل الجمْر».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النبوي الشريف شرحًا وافيًا، مستندًا إلى كلام أهل العلم المعتبرين من أهل السنة والجماعة.

نص الحديث:


عن حُبْشي بن جُنادة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: «مَنْ سَأَلَ مِنْ غَيْرِ فَقْرٍ فَكَأَنَّمَا يَأْكُلُ الْجَمْرَ».


1. شرح المفردات:


* سَأَلَ: طلب من الناس المال أو العطية، أي تسوّل.
* مِنْ غَيْرِ فَقْرٍ: أي دون أن يكون محتاجًا حاجةً حقيقية تبيح له السؤال. والفقر هنا هو الحاجة والعوز وعدم القدرة على الكسب.
* الْجَمْر: هو الفحم المشتعل بالنار، وهو شديد الحرارة.
* يَأْكُلُ الْجَمْر: استعارة تصويرية لشدة العذاب والألم والوبال الذي يلحق بمن يفعل ذلك.


2. المعنى الإجمالي للحديث:


يبيّن النبي ﷺ في هذا الحديث حال من يتسول ويطلب المال من الناس وهو ليس بمحتاج إليه، ولا يجد ضرورة تلجئه إلى هذا السؤال. فمثل هذا الشخص، وإن حصل على المال بسهولة، فإنما هو في الحقيقة يأكل جمرًا من نار؛ لما يلحقه من الإثم والعقاب في الدنيا والآخرة، ولما فيه من إذلال النفس وهوانها، وهو ألم معنوي يعادل الألم الحسي لأكل الجمر المحرق.


3. الدروس المستفادة والفَوائد:


1- تحريم السؤال من غير حاجة: الحديث وعيد شديد لمن يسأل الناس أموالهم وهو غنيٌ عنها أو قادر على الكسب. وهذا الفعل محرم لأنه يتضمن أكلًا للمال بالباطل، وإيذاءً للمتصدقين بخداعهم، وإراقة لماء الوجه.
2- ذمُّ التَّكَفُّفِ والتَّسُوُّل: يحث الإسلام على حفظ الكرامة والعزة، والسؤال من غير ضرورة يناقض هذا المبدأ، إذ يجعل الإنسان ذليلاً مهانًا بين الناس.
3- التشبيه البليغ: شبه النبي ﷺ أكل المال الحرام بهذه الطريقة بأكل الجمر، ليبين أن عاقبته مؤلمة ومُهلكة في الدنيا قبل الآخرة، فكما أن الجمر يحرق الجوف، فإن المال الحرام يحرق بركة العمر والمال والعبادة.
4- الحث على الكسب الحلال: في المقابل، يحث الحديث ضمناً على السعي والكسب الحلال، والاعتماد على النفس، والصبر على المشقة فيه، فهو خير وأطيب من المال الذي يأتي عن طريق السؤال.
5- بيان سوء العاقبة: أن هذا المال الذي جمعه من غير حق سيكون وبالاً عليه يوم القيامة، حيث يحاسبه الله تعالى على كيفيّة كسبه وإنفاقه.
6- ضابط السؤال المباح: يُستثنى من هذا الوعيد من كان سؤاله لحاجة ماسّة أو فقر مدقع، فقد أباح الإسلام السؤال في حال الضرورة القصوى.


4. معلومات إضافية:


* الدرجة: هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وقال الشيخ الألباني -رحمه الله-: "إسناده صحيح".
* مناسبة الحديث: يأتي هذا الحديث في سياق العديد من الأحاديث التي تحذر من سؤال الناس، مثل قوله ﷺ: «مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ» (متفق عليه).
* العلاج النبوي: علمنا النبي ﷺ دعاءً لدفع الحاجة والسؤال: «مَنْ نَزَلَتْ بِهِ فَاقَةٌ فَأَنْزَلَهَا بِالنَّاسِ لَمْ تُسَدَّ فَاقَتُهُ، وَمَنْ نَزَلَتْ بِهِ فَاقَةٌ فَأَنْزَلَهَا بِاللَّهِ فَيُوشِكُ اللَّهُ لَهُ بِرِزْقٍ عَاجِلٍ أَوْ آجِلٍ» (رواه أبو داود والترمذي وحسنه).
* البديل الشرعي: من وجد نفسه في ضيق مادي، فالأولى أن يصبر ويستعفف، ويسعى في الأسباب المشروعة للكسب، ويدعو الله تعالى بالفرج، فإن الله سيغنيه من فضله.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (١٧٥٠٨، ١٧٥٠٩)، والطبرانيّ في المعجم الكبير (٣٥٠٦، ٣٥٠٨)، وابن خزيمة في صحيحه (٢٤٤٦)، والبيهقي في شعب الإيمان (٣٢٤١) كلهم من حديث أبي إسحاق السبيعي، قال: حدثنا حُبشي بن جنادة السلولي، قال: فذكر الحديث.
كذا عند ابن خزيمة، وإسناده صحيح.
وقد رُوي أيضا عن حُبشي بن جنادة السّلوليّ، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ -وَهُوَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ- أَتَاهُ أَعْرَابِيٌّ فَأَخَذَ بِطَرَفِ رِدَائِهِ فَسَأَلَهُ إِيَّاهُ فَأَعْطَاهُ وَذَهَبَ فَعِنْدَ ذَلِكَ حَرُمَت الْمَسْأَلَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لا تَحِلُّ لِغَنِيٍّ ولا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ إِلّا لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ أَوْ غُرْمٍ مُفْظِعٍ، وَمَنْ سَأَلَ النَّاسَ لِيُثْرِيَ بِهِ مَالَهُ كَانَ خُمُوشًا فِي وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَرَضْفًا يَأْكُلُهُ مِنْ جَهَنَّمَ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُقِلَّ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُكْثِرْ».
رواه الترمذيّ (٦٥٣) عن علي بن سعيد الكنديّ، حدّثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن مجالد، عن عامر الشعبيّ، عن حبشي بن جنادة السلوليّ، فذكره.
ورواه أيضًا من وجه آخر عن يحيى بن آدم، عن عبد الرحيم بن سلمان، بإسناده، نحوه.
وقال: هذا حديث غريب من هذا الوجه.
قال الأعظمي: فيه مجالد وهو ابن سعيد بن عمير الهمداني ضعيف، ضعّفه النسائي وابن معين والدارقطني وابن سعد وغيرهم إلّا أنّ البخاريّ قال عنه: «صدوق».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 335 من أصل 379 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من سأل من غير فقر فكأنما يأكل الجمر

  • 📜 حديث: من سأل من غير فقر فكأنما يأكل الجمر

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من سأل من غير فقر فكأنما يأكل الجمر

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من سأل من غير فقر فكأنما يأكل الجمر

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من سأل من غير فقر فكأنما يأكل الجمر

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب