حديث: ما كنت أرى أحدًا يفعل هذا إلا اليهود

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما روي في رفع الأيدي وما يقال عند رؤية البيت

رُوي عن جابر بن عبد الله، عن الرجل يرى البيت يرفع يديه؟ فقال: «ما كنت أرى أحدًا يفعل هذا إلا اليهود، قد حججنا مع رسول الله ﷺ فلم يكن يفعله» فهو ضعيف.

ضعيف: رواه أبو داود (١٨٧٠)، والترمذي (٨٥٥)، والنسائي (٢٨٩٨) كلّهم من حديث شعبة، عن أبي قزعة الباهليّ، عن المهاجر المكيّ، قال: سئل جابر، فذكره.

رُوي عن جابر بن عبد الله، عن الرجل يرى البيت يرفع يديه؟ فقال: «ما كنت أرى أحدًا يفعل هذا إلا اليهود، قد حججنا مع رسول الله ﷺ فلم يكن يفعله» فهو ضعيف.

شرح الحديث:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
أهلاً وسهلاً بك، وأسأل الله أن يوفقنا جميعاً لطاعته واتباع سنة نبيه ﷺ.
هذا الحديث الذي ذكر يحتاج إلى بيان من عدة جهات، وسأشرحه لك على النحو التالي:
### أولاً. نص الحديث وسنده
الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه في "كتاب الحج"، باب "استحباب رفع اليدين حذو المنكبين عند استلام الحجر الأسود والركن اليماني"، ولكن بلفظ مختلف يدل على مشروعية الرفع، وليس نفيه.
أما الرواية التي ذكرتها: ما كنت أرى أحدًا يفعل هذا إلا اليهود، قد حججنا مع رسول الله ﷺ فلم يكن يفعله») فهذه رواية ضعيفة جداً بل شاذة ومنكرة، كما أشار إليها المحققون من أهل العلم. وقد حكم عليها الإمام النووي وغيره بالضعف أو النكارة.
الرواية الصحيحة الثابتة في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في وصف حجة النبي ﷺ هي:
«... ثُمَّ أَتَى الرُّكْنَ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ...».
فهذا نص صريح في مشروعية رفع اليدين عند استلام الحجر الأسود والركن اليماني، وهو ما عليه عمل المسلمين قاطبة.

### ثانياً. شرح المفردات
* يرى البيت يرفع يديه: أي يرى الكعبة فيرفع يديه للدعاء.
* ما كنت أرى أحدًا يفعل هذا إلا اليهود: هذه الجملة هي موضع الضعف والإنكار في الرواية، حيث نفى جابر رضي الله عنه أن يكون رأى أحداً يرفع يديه إلا اليهود.
* قد حججنا مع رسول الله ﷺ فلم يكن يفعله: أي أن النبي ﷺ في حجته لم يكن يرفع يديه عند رؤية البيت أو عند الطواف إلا في المواضع المعروفة.
* فهو ضعيف: هذه العبارة هي حكم المحدثين على هذه الرواية الشاذة، فهي غير ثابتة عن جابر رضي الله عنه.

### ثالثاً. الشرح الإجمالي للحديث والموقف منه
1- ضعف الرواية: هذه الرواية منكرة ومخالفة للروايات الصحيحة الثابتة في صحيح مسلم وغيره، والتي تذكر أن النبي ﷺ كان يرفع يديه عند استلام الحجر الأسود والركن اليماني. لذلك يرفضها أهل العلم ويعدونها شاذة لا يعمل بها.
2- مخالفتها للعمل المستفيض: العمل برفع اليدين عند استلام الحجر الأسود وعند الركن اليماني (في الطواف فقط) هو عمل متوارث بين المسلمين جيلاً بعد جيل، ونقله الآلاف عن الآلاف، وهو مستند إلى الأحاديث الصحيحة.
3- المواضع المشروعة لرفع اليدين في الحج والعمرة: الذي دلت عليه السنة الصحيحة هو مشروعية رفع اليدين في مواضع محددة، منها:
* عند استلام الحجر الأسود (أي لمسه وتقبيله أو الإشارة إليه).
* عند الركن اليماني (في الطواف فقط، دون الدعاء هناك، بل يقول بينه وبين الحجر: "رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ").
* عند الصفا والمروة عند صعودهما، حيث كان النبي ﷺ يرفع يديه ويدعو.
أما رفع اليدين للدعاء بشكل مطلق عند أول رؤية الكعبة دون سبب معين (كاستلام حجر أو صعود مكان) فليس فيه سنة ثابتة، والأولى ترك الإكثار منه إذا لم يكن على الوجه المشروع.

### رابعاً. الدروس المستفادة
1- وجوب التحقق من صحة الأحاديث: لا يجوز للمسلم أن يأخذ بأي حديث يسمعه دون أن يتثبت من صحته، خاصة إذا كان ينفي عملاً مشهوراً بين المسلمين.
2- الرد على الشبهات: هذا الحديث الضعيف يستخدمه أحياناً منكرو السنة أو الجهلة للطعن في سنة رفع اليدين عند الطواف، فيجب بيان ضعفه ووجود ما يعضده من السنة الصحيحة.
3- اتباع السنة الصحيحة: يجب على المسلم أن يحرص على فعل العبادات على الوجه الذي جاءت به السنة النبوية الصحيحة، دون زيادة ولا نقصان.
4- احترام عمل الأمة: العمل المتوارث الذي عليه جمهور المسلمين عبر القرون دليل على قوته وصحة مستنده، فلا يترك لأجل رواية شاذة أو ضعيفة.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (١٨٧٠)، والترمذي (٨٥٥)، والنسائي (٢٨٩٨) كلّهم من حديث شعبة، عن أبي قزعة الباهليّ، عن المهاجر المكيّ، قال: سئل جابر، فذكره.
ولم يحكم عليه الترمذيّ بشيء وإنما قال فقط: «رفع اليدين عند رؤية البيت إنما نعرفه من حديث شعبة عن أبي قزعة، وأبو قزعة اسمه سويد بن حُجير».
وكلام الترمذيّ مشعرٌ بأنّه ليس بصحيح؛ لأنه لم يرو هذا الحديث إلّا من هذا الوجه، وسويد ابن حجير وإن كان ثقة من رجال مسلم، ولكن شيخه المهاجر المكيّ «مجهول» وهو مهاجر بن عكرمة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام القرشي المخزوميّ، قال أبو حاتم في «العلل» (كما في التهذيب ولم أجده في المطبوع): «لا أعلم أحدًا روي عن المهاجر بن عكرمة غير يحيى بن أبي كثير، والمهاجر ليس بالمشهور».
وقال الخطابي: «ضعّف الثوريّ وابن المبارك وأحمد وإسحاق حديث مهاجر في رفع اليدين عند رؤية البيت لأنّ مهاجرًا مجهول».
إلّا أنّ ابن حبان ذكره في «الثقات» (٥/ ٤٢٨) ولذا قال فيه الحافظ: «مقبول» أي إذا توبع وإلا فليّن الحديث.
وقد عرفت أنه لم يتابع كما نصّ عليه الترمذي.
وأما قول أبي حاتم: لم يرو عنه غير يحيى بن أبي كثير، فتُعقِّب بأنه روى عنه أيضًا أبو قزعة سعيد بن حجير كما مضى.
وكذلك لا يصح ما روي عن حذيفة بن أسيد، أنّ النبيّ ﷺ كان إذا نظر إلى البيت قال: «اللَّهُم! زد بيتك تشريفًا وتعظيمًا وتكريمًا وبرًا ومهابة».
رواه الطبراني في «الكبير» (٣٠٥٣) وفيه عاصم بن سليمان الكوزي وهو متروك كما قال الهيثمي في «المجمع» (٣/ ٢٣٨).
ومن العلماء من كذبه ورماه بالوضع كالدارقطني وابن حبان وغيره.
وكذلك لا يصح ما روي عن ابن عباس، عن النبيّ ﷺ قال: «تُرفع الأيدي في سبعة مواطن: افتتاح الصّلاة، واستقبال البيت، وعلى الصّفا والمروة، والْمَوْقِفَيْن، والجمرتين».
رواه الشافعي في الأم (٢/ ١٦٩) عن سعيد بن سالم، عن ابن جريج، قال: حُدّثت عن مقسم مولي عبد الله بن الحارث، عن ابن عباس، فذكر نحوه. وفيه انقطاع.
وله شاهد مرسل عن سفيان الثوريّ، عن أبي سعيد الشامي، عن مكحول قال: كان النبيّ ﷺ إذا دخل مكة فرأي البيت رفع يديه وكبّر وقال: «اللهم! أنت السلام، ومنك السلام، فحيّنا ربَّنا بالسّلام. اللَّهمّ! زدْ هذا البيت تشريفًا وتعظيمًا، ومهابة، وزدْ من حجَّه أو اعتمره تكريمًا وتشريفًا وتعظيمًا وبرًّا».
رواه البيهقيّ (٥/ ٧٣)، وأبو سعيد الشامي مجهول.
وروي مثل هذا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
رواه البيهقيّ من طريق يحيى بن معين، ثنا سفيان بن عيينة، عن إبراهيم بن طريف، عن حُميد ابن يعقوب، سمع سعيد بن المسيب يقول: سمعت من عمر رضي الله عنه كلمة ما بقي أحدٌ من الناس سمعها غيري، سمعته يقول إذا رأى البيت: «اللَّهمّ! أنت السّلام، ومنك السّلام فحيّنا ربَّنا بالسّلام». وهذا إسناد جيّد.
وممن كان يرفع يديه عند رؤية البيت: ابن عمر، وابن عباس، ومن الأئمة: سفيان الثوري، وابن المبارك، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه وغيرهم. انظر «شرح السنة» للبغويّ (٧/ ٩٩ - ١٠٠).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 241 من أصل 689 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ما كنت أرى أحدًا يفعل هذا إلا اليهود

  • 📜 حديث: ما كنت أرى أحدًا يفعل هذا إلا اليهود

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ما كنت أرى أحدًا يفعل هذا إلا اليهود

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ما كنت أرى أحدًا يفعل هذا إلا اليهود

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ما كنت أرى أحدًا يفعل هذا إلا اليهود

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب