حديث: الرجل يخرج محرمًا بحج أو عمرة فإذا طاف زعمت أنه قد حل

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب من قال: إنّ فسخ الحجّ إلى العمرة كان خاصًا لأصحاب رسول الله ﷺ -

عن عروة بن الزبير: أنه أتى ابن عباس، فقال: يا ابن عباس! طالما أضللتَ النّاس! قال: وما ذاك يا عُريّة؟ قال: الرّجل يخرج محرمًا بحجٍّ أو عمرة فإذا طاف زعمت أنه قد حلَّ، فقد كان أبو بكر وعمر ينهيان عن ذلك. فقال: أهما -ويحكَ! - آثر عندك أم ما في كتاب الله وما سنّ رسول الله ﷺ في أصحابه وفي أمَّته؟ فقال عروة: هما كانا أعلم بكتاب الله وما سنَّ رسول الله مني ومنك.
قال ابن أبي مليكة: فخصمه عروة.

حسن: رواه الطبراني في «الأوسط» (٢١) عن أحمد بن عبد الوهاب، حدثنا أبي (هو عبد الوهاب بن نجدة الحوطيّ)، حدثنا محمد بن حمير، عن إبراهيم بن أبي عبْلة، عن ابن أبي مليكة الأعمى، عن عروة بن الزبير، فذكره.

عن عروة بن الزبير: أنه أتى ابن عباس، فقال: يا ابن عباس! طالما أضللتَ النّاس! قال: وما ذاك يا عُريّة؟ قال: الرّجل يخرج محرمًا بحجٍّ أو عمرة فإذا طاف زعمت أنه قد حلَّ، فقد كان أبو بكر وعمر ينهيان عن ذلك. فقال: أهما -ويحكَ! - آثر عندك أم ما في كتاب الله وما سنّ رسول الله ﷺ في أصحابه وفي أمَّته؟ فقال عروة: هما كانا أعلم بكتاب الله وما سنَّ رسول الله مني ومنك.
قال ابن أبي مليكة: فخصمه عروة.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم يُظهر لنا منهج التعامل مع النصوص الشرعية ومع الخلاف بين العلماء، وسأشرحه لكم وفق الخطوات المطلوبة:

1. شرح المفردات:


● أضللت الناس: أي أخطأت في توجيههم وأدخلتهم في الحيرة والضلال بزعمه.
● عُريّة: تصغير لاسم "عروة"، وهي طريقة للنداء فيها نوع من التلطف أو التحقير حسب السياق.
● يخرج محرمًا بحج أو عمرة: أي يدخل في الإحرام لأداء فريضة الحج أو العمرة.
● إذا طاف زعمت أنه قد حلَّ: أي إذا طاف بالبيت (طواف القدوم للحج أو الطواف للعمرة) قلت بأنه يحل له كل شيء حتى النساء.
● هما آثر عندك: أي هما (أبو بكر وعمر) أحب إليك وأعظم منزلة.
● خصمه عروة: أي غلبه في الجدال والحجة.

2. شرح الحديث:


جاء عروة بن الزبير -وهو من فقهاء التابعين- إلى ابن عباس رضي الله عنهما، واتهمه بأنه أضل الناس بفتواه التي تخالف ما كان عليه الخليفتان الراشدان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما. وكانت الفتوى المذكورة هي أن المحرم إذا طاف طواف القدوم في الحج أو طواف العمرة، فإنه يحل له كل شيء حتى النساء، بخلاف ما كان يفتي به أبو بكر وعمر من أن التحلل لا يكون إلا بعد التحلل الكامل (بعد رمي الجمرات والحلق وغيرها في الحج، أو بعد الطواف والسعي في العمرة).
فرد عليه ابن عباس رضي الله عنهما ردًا حاسمًا: أيّهما أعظم عندك؟ أهما (أبو بكر وعمر) أم كتاب الله وسنة رسوله ﷺ؟ لأنه يستند في فتواه إلى النص الشرعي، وليس إلى مجرد رأي أو اجتهاد حتى لو صدر عن عظيم مثل أبي بكر أو عمر.
ثم أجابه عروة بأن أبا بكر وعمر كانا أعلم بالكتاب والسنة منهما، فرد ابن عباس بما لم يذكره الراوي بالتفصيل، ولكن السياق يشير إلى أنه أقام الحجة على عروة من الكتاب والسنة.
وفي رواية أخرى للحديث (في صحيح البخاري وغيره) أن ابن عباس احتج بقول الله تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29]، وبأن النبي ﷺ قال للحجاج في حجة الوداع: "من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة، ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعًا"، وهذا يدل على أن التحلل يكون بعد الطواف والسعي والتحلل من الإحرام.
فابن عباس رضي الله عنهما كان يرى أن طواف الإفاضة (أو طواف العمرة) هو من أعمال التحلل، وأنه بمجرد الطواف يحل للمحرم ما كان محظورًا عليه، وهذا رأي اجتهادي استنادًا إلى فهمه للنصوص.

3. الدروس المستفادة منه:


● تقديم النص الشرعي على كل قول: حتى لو صدر عن أعظم الأشخاص، كأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فالنص مقدّم على الاجتهاد.
● أدب الخلاف بين العلماء: نلاحظ أن الحوار تم بين عالمين جليلين دون تجريح أو تهجم حقيقي، بل كان نقاشًا علميًا.
● الاجتهاد واختلاف الفقهاء: المسائل الاجتهادية قد يكون فيها خلاف بين الصحابة والعلماء، وكل مجتهد مأجور.
● قوة الحجة بالدليل: ابن عباس لم يرد بعاطفة، بل بحجة شرعية من الكتاب والسنة.
● عدم الإنكار في مسائل الاجتهاد: عروة أنكر على ابن عباس، ولكن تبين أن لابن عباس دليله، مما يظهر أن المسائل الاجتهادية لا ينكر فيها على المجتهدين.

4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذه المسألة (أحكام الإحرام والتحلل) هي من مسائل الفقه المعروفة، واختلف فيها الصحابة والتابعون.
- مذهب ابن عباس رضي الله عنهما (أن الطواف يحلل كل شيء للمحرم) هو رأي عند بعض العلماء، ولكن المشهور في المذاهب الفقهية أن التحلل يكون على مراحل (تحلل أصغر ثم تحلل أكبر).
- الحديث يدل على مكانة ابن عباس العلمية وفهمه العميق للنصوص، حتى أنه يُعتبر حبر الأمة وترجمان القرآن.
- القصة تظهر أن الاجتهاد قد يخطئ فيه حتى الكبار، ولكن يجب أن يكون الرد بالدليل والحكمة.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يرزقنا اتباع السنة وفهمها، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الطبراني في «الأوسط» (٢١) عن أحمد بن عبد الوهاب، حدثنا أبي (هو عبد الوهاب بن نجدة الحوطيّ)، حدثنا محمد بن حمير، عن إبراهيم بن أبي عبْلة، عن ابن أبي مليكة الأعمى، عن عروة بن الزبير، فذكره.
وإسناده حسن من أجل محمد بن حمير، وهو ابن أنيس السلميّ الحمصيّ فإنه مختلف فيه غير أنه حسن الحديث، وبقية رجاله ثقات.
وقد حسّن إسناده أيضًا الهيثميّ في «المجمع» (٣/ ٣٣٤).
قال الأعظمي: إذا صحّ هذا علم باليقين بأن الإفراد والقران والتمتع بالعمرة إلى الحجّ كلّها جائزة وهو أمر لا خلاف بين الأمّة، وإنما انحصر الخلاف بينهم في الأفضل منها:
١ - فذهب مالك والشافعي إلى أن الإفراد أفضل.
٢ - وذهب الإمام أحمد إلى أن التمتع بالعمرة إلى الحجّ هو الأفضل.
٣ - وذهب أبو حنيفة إلى أنّ القران أفضل.
ولكلّ أدلة مبسوطة في كتب الفقه.
وأمّا ما روي عن الحارث بن بلال بن الحارث، عن أبيه، قال: قلت: يا رسول الله، أرأيت فسخ الحجّ في العمرة لنا خاصة؟ أم للناس عامة؟ فقال رسول الله ﷺ: «بل لنا خاصة» فهو ضعيف.
رواه أبو داود (١٨٠٨)، والنسائيّ (٢٨٠٨)، وابن ماجه (٢٩٨٤) كلّهم من طريق عبد العزيز بن محمد وهو الدّراورديّ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، ومن هذا الوجه أخرجه أيضًا الإمام أحمد (١٥٨٥٣)، والحاكم (٣/ ٥١٧). وإسناده ضعيف كما قال الإمام أحمد: «أنه حديث لا يثبت».
وقد سأله ابنه عبد الله عن هذا الحديث فقال: «لا أقول به، لا يعرف هذا الرجل (يعني الحارث ابن بلال) هذا حديث ليس إسناده بالمعروف، ليس حديث بلال بن الحارث عندي يثبت».
وقال الدّارقطني: «تفرّد به ربيعة بن عبد الرحمن، عن الحارث، عن أبيه، وتفرّد به عبد العزيز الدّراورديّ عنه».
وقال المنذريّ: «والحارث هو ابن بلال بن الحارث شبه المجهول».
وكذلك لا يصح ما رُوي عن سعيد بن المسيب: «أنّ رجلًا من أصحاب النبيّ ﷺ أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فشهد عنده أنه سمع رسول الله ﷺ في مرضه الذي قُبض فيه ينهى عن العمرة قبل الحجّ».
رواه أبو داود (١٧٩٣) عن أحمد بن صالح، ثنا عبد الله بن وهب، أخبرني حيوة، أخبرني أبو عيسى الخراسانيّ، عن عبد الله بن القاسم، عن سعيد بن المسيب، فذكره.
قال ابن القيم في «تهذيب السنن»: «هذا الحديث باطل. ونُقل عن ابن حزم قوله: «هذا حديث في غاية الوهي والسقوط؛ لأنه مرسل عمن لم يسم، وفيه أيضًا ثلاثة مجهولون: أبو عيسى الخراساني، وعبد الله بن القاسم، وأبوه (كذا قال). وقال عبد الحقّ: هذا منقطع ضعيف الإسناد» انتهى.
وقال الخطّابي: «في إسناد هذا الحديث مقال، وقد اعتمر رسول الله ﷺ عمرتين قبل حجّه، والأمر الثابت المعلوم لا يترك بالأمر المظنون، وجواز ذلك إجماع من أهل العلم لم يذكر فيه خلاف».
وكذلك لا يصح ما رُوي عن أبي الشيخ الهُنَّائي قرأ على أبي موسى الأشعريّ، أنّ معاوية بن أبي سفيان قال لأصحاب النبيّ ﷺ: «هل تعلمون أن رسول الله ﷺ نهي عن كذا وكذا، وعن ركوب جلود النمور؟ قالوا: نعم. قال: فتعلمون أنه نهى أن يقرن بين الحج والعمرة؟ فقالوا: أما هذا فلا، فقال: أما إنها معهن ولكنكم نسيتُم».
رواه أبو داود (١٧٩٤) عن موسي بن أبي سلمة، حدّثنا حماد، عن قتادة، عن أبي شيخ الْهُنائيّ
- حيوان بن خلدة ممن قرأ على أبي موسى الأشعريّ من أهل البصرة -أنّ معاوية بن أبي سفيان، فذكره.
قال عبد الحقّ: «لم يسمع أبو شيخ من معاوية هذا الحديث، وإنما سمع منه: «النّهي عن ركوب جلود النّمور» فأما النهي عن القران فسمعه من أبي حسان، عن معاوية. ومرة يقول: عن أخيه حمان، ومرة يقول: جمان، وهم مجهولون».
وقال ابن القطّان: «يرويه عن أبي شيخ رجلان قتادة ومطرف، لا يجعلان بين أبي شيخ ومعاوية أحدًا، ورواه عنه بيهس بن فهدان، فذكر سماعه من معاوية لفظ النهي عن ركوب جلود النمور خاصة».
قال الحافظ ابن القيم: «وقال غيره: أبو شيخ هذا لم نعلم عدالته وحفظه، ولو كان حافظًا لكان حديثه هذا معلوم البطلان، إذ هو خلاف التواتر عن رسول الله ﷺ من فعله وقوله، فإنه أحرم قارنًا رواه عنه ستة عشر نفسًا من أصحابه». وأطال الكلام في ردّه. انظر: «مختصر تهذيب السنن».
وبيّن علّله أيضًا المنذريّ في مختصره، وقال الخطابي: جواز القران بين الحج والعمرة إجماع من الأمة، ولا يجوز أن يتفقوا على جواز شيء منهي عنه».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 228 من أصل 689 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الرجل يخرج محرمًا بحج أو عمرة فإذا طاف زعمت أنه قد حل

  • 📜 حديث: الرجل يخرج محرمًا بحج أو عمرة فإذا طاف زعمت أنه قد حل

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: الرجل يخرج محرمًا بحج أو عمرة فإذا طاف زعمت أنه قد حل

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: الرجل يخرج محرمًا بحج أو عمرة فإذا طاف زعمت أنه قد حل

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: الرجل يخرج محرمًا بحج أو عمرة فإذا طاف زعمت أنه قد حل

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب