حديث: لا تصلح المتعتان إلا لنا خاصة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب من قال: إنّ فسخ الحجّ إلى العمرة كان خاصًا لأصحاب رسول الله ﷺ -

عن أبي ذر، قال: لا تصلح المتعتان إلّا لنا خاصّة -يعني متعة الحجّ ومتعة النّساء-.

صحيح: رواه مسلم في الحجّ (١٢٢٤: ١٦٢) عن قتيبة بن سعيد، حدّثنا جرير، عن فضيل، عن زُبيد، عن إبراهيم التيميّ، عن أبيه، قال: قال أبو ذرّ، فذكره.

عن أبي ذر، قال: لا تصلح المتعتان إلّا لنا خاصّة -يعني متعة الحجّ ومتعة النّساء-.

شرح الحديث:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
أهلاً وسهلاً بك، وأسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه صلى الله عليه وسلم والعمل بها.
هذا الحديث الذي ذكر يحتاج إلى شرح وتوضيح، خاصة وأنه يتعلق بموضوعين مهمين وحساسين، وهما متعة الحج ومتعة النساء. سأشرحه لك جزءاً جزءاً وفق منهج أهل السنة والجماعة.

### أولاً. نص الحديث وروايته
الحديث الذي أشرت إليه رواه الإمام مسلم في صحيحه، والإمام أحمد في مسنده، وغيرهما، عن الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، أنه قال:
"كانت المتعتان (متعة النساء ومتعة الحج) على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم نهى عنهما، فلم أعدُ لهما أبداً". وفي رواية أخرى عنه: "لا تصلح المتعتان إلا لنا خاصة".
قوله: "لنا خاصة" يعني: للصحابة رضوان الله عليهم في ذلك الوقت المحدد الذي أبيحت لهم فيه لحكمة معينة.

### ثانياً. شرح المفردات
1- المتعتان: هما الأمران المذكوران:
* متعة الحج: وهي أن يُحرم الإنسان بالعمرة في أشهر الحج (شوال، ذو القعدة، ذو الحجة) ثم يحل منها، ثم يحرم بالحج في نفس العام. وتسمى "التمتع"، وصاحبها يسمى "متمتعاً".
* متعة النساء: وهي أن يتزوج الرجل المرأة لمدة محددة ينتهي النكاح بانقضائها، بصداق معين، دون حقوق الزواج الدائم من إرث ونفقة وغيرهما. وتسمى "نكاح المتعة".
2- لا تصلح: أي لا تكون حلالاً أو مشروعة.
3- إلا لنا خاصة: أي أن هذا الحكم كان خاصاً بالصحابة في زمن محدد من عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ثم نُسخ ولم يعد حلالاً لأحد بعدهم.

### ثالثاً. الشرح الإجمالي للحديث والموقف الشرعي
هذا الحديث يشير إلى نسخ حكم المتعتين. والنسخ هو رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي متأخر.

# أ- بالنسبة لمتعة الحج (التمتع):


* حكمها: مشروعة ومحللة إلى يوم القيامة، بل هي أحد أنواع النسك الثلاثة (تمتع، إفراد، قران). وهذا هو قول جمهور العلماء من أهل السنة والجماعة.
* التوفيق بين الحديث والحكم الحالي: قول أبي ذر رضي الله عنه "نهى عنها" يحتاج إلى فهم دقيق. المقصود أن بعض الصحابة فهم في بداية الأمر أن التمتع قد نهي عنه، أو أن النهي كان عن شيء متعلق به وليس عن أصل مشروعيته. والصحيح الثابت في صحيح البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه في حجة الوداع أن يحلوا من إحرامهم ويجعلوها عمرة (أي يتمتعوا)، except من ساق الهدي. وهذا تأكيد على مشروعيتها.
* الخلاصة: متعة الحج (التمتع) مشروعة وحلال، والحديث لا يعارض ذلك، بل قد يكون النهي الذي فهمه أبو ذر عن حالة معينة أو قد نسخ ذلك النهي بأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتمتع في حجة الوداع.

# ب- بالنسبة لمتعة النساء:


* حكمها: محرمة بإجماع أهل السنة والجماعة، وهي منسوخة تحريماً مؤبداً.
* التاريخ التشريعي:
1- أبيحت في أول الإسلام في ظروف معينة، كحال الحرب والسفر، لحاجة الناس وتيسيراً عليهم.
2- ثم نُسخت وتحرمت تحريماً مؤبداً. ورد النهي عنها في أحاديث صحيحة متعددة.
3. ورد في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم "أحلها عام أوطاس ثم حرمها".
4. ورد في الصحيحين عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم "نهى عن متعة النساء يوم خيبر، وعن أكل لحوم الحمر الإنسية".
* الخلاصة: قول أبي ذر رضي الله عنه "نهى عنها" يتطابق تماماً مع هذه الأحاديث. فمتعة النساء كانت حلالاً ثم نُسخت وحرمت إلى يوم القيامة. وهي اليوم حرام بإجماع العلماء، ومن يفعلها فهو آثم، والعقد باطل.

### رابعاً. الدروس المستفادة والفقه في الحديث
1- فقه النسخ: الحديث درس مهم في فهم تطور التشريع الإسلامي (الناسخ والمنسوخ)، حيث أن بعض الأحكام كانت مؤقتة لظروف معينة ثم تغيرت. وهذا من رحمة الله تعالى وتيسيره على عباده.
2- حرص الصحابة على الدين: يظهر من قول أبي ذر "فلم أعد لهما أبداً" حرص الصحابة رضوان الله عليهم على التمسك بأمر النبي صلى الله عليه وسلم ونهيه، وترك ما نهى عنه حتى لو كان قد أباحه في وقت سابق.
3- الرد على الشبهات: هذا الحديث واضح في بيان أن متعة النساء منسوخة، وهو رد على من يحاول إباحتها اليوم من بعض الفرق.
4- التثبت في فهم النصوص: لا بد من جمع النصوص الواردة في الموضوع الواحد لفهم الحكم الصحيح، وعدم الأخذ بحديث واحد مع إغفال الآخرين.


خامساً:

معلومات إضافية مفيدة
* الخلاف في متعة النساء ليس خلافاً بين أهل السنة، بل هم مجمعون على تحريمها. الخلاف موجود عند فرقة الشيعة الإمامية حيث يرون أنها حلال إلى يوم القيامة، وهذا قول يخالف الأحاديث الصحيحة الصريحة وإجماع الصحابة وسائر المسلمين.
* الإمام الشافعي رحمه الله
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الحجّ (١٢٢٤: ١٦٢) عن قتيبة بن سعيد، حدّثنا جرير، عن فضيل، عن زُبيد، عن إبراهيم التيميّ، عن أبيه، قال: قال أبو ذرّ، فذكره.
وعن عبد الرحمن بن أبي الشعثاء، قال: «أتيت إبراهيم النخعيّ وإبراهيم التيميّ، فقلت: إنّي أهم أن أجمع العمرة والحجّ العام؟ فقال إبراهيم النخعيّ: لكن أبوك لم يكن ليَهُمَّ بذلك».
قال قتيبة: حدّثنا جرير، عن بيان، عن إبراهيم التيمي، أنه مر بأبي ذرّ بالرّبذة، فذكر ذلك فقال: «إنما كانت لنا خاصة دونكم».
رواه مسلم عن قتيبة بإسناده.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 226 من أصل 689 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا تصلح المتعتان إلا لنا خاصة

  • 📜 حديث: لا تصلح المتعتان إلا لنا خاصة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا تصلح المتعتان إلا لنا خاصة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا تصلح المتعتان إلا لنا خاصة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا تصلح المتعتان إلا لنا خاصة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب