حديث: نهي عثمان عن المتعة والإجماع بينهما وعلي يلتزم سنة النبي

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب من قال: إنّ فسخ الحجّ إلى العمرة للناس جميعًا إلى يوم القيامة لمن لم يسق الهدي، وأنه لم ينسخ

عن مروان بن الحكم، قال: شَهِدْتُ عُثْمَانَ وَعَلِيًّا ﵄، وَعُثْمَانُ يَنْهَى عَن الْمُتْعَةِ وَأَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا، فَلَمَّا رَأَى عَلِيٌّ أَهَلَّ بِهِمَا لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ قَال: مَا كُنْتُ لَأدَعَ سُنَّةَ النَّبِيِّ ﷺ لِقْوْلِ أَحَد.

متفق عليه: رواه البخاريّ في الحج (١٥٦٣) من طريق شعبة، عن الحكم، عن علي بن حسين، عن مروان، به.

عن مروان بن الحكم، قال: شَهِدْتُ عُثْمَانَ وَعَلِيًّا ﵄، وَعُثْمَانُ يَنْهَى عَن الْمُتْعَةِ وَأَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا، فَلَمَّا رَأَى عَلِيٌّ أَهَلَّ بِهِمَا لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ قَال: مَا كُنْتُ لَأدَعَ سُنَّةَ النَّبِيِّ ﷺ لِقْوْلِ أَحَد.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما ندرس ونفهم من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
هذا الحديث رواه البخاري في صحيحه، وهو حديث عظيم الشأن، فيه بيان موقف الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه من مسألة فقهية اختلف فيها الصحابة، وتظهر فيه قوة تمسكه بالسنة النبوية.

أولاً. شرح المفردات:


● مروان بن الحكم: هو من صغار الصحابة، وكان كاتباً للوحي، وولي إمرة المدينة، ثم أصبح خليفة فيما بعد.
● عثمان وعلياً ﵄: أي رضي الله عنهما وأرضاهما. والمراد بهما الخليفتان الراشدان عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما.
● يَنْهَى عَن الْمُتْعَةِ: "المتعة" هنا هي متعة الحج، وهي أن يُحرم الإنسان بالعمرة والحج معاً في أشهر الحج، ويقول: "لبيك بعمرة وحجة". وتسمى "القِران".
● وَأَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا: أي وينهى عن الجمع بين العمرة والحج في إحرام واحد.
● فَلَمَّا رَأَى عَلِيٌّ أَهَلَّ بِهِمَا: أي عندما رأى عليٌ رضي الله عنه أن عثمان قد أَهلَّ (أي نوى وأحرم) بهما -بالعمرة والحج- منفصلتين، ولم يجمع بينهما في إحرام واحد.
● لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ: هذه هي صيغة التلبية لمتمتع القِران، حيث يجمع بين نية العمرة والحج في إحرام واحد.
● لِقَوْلِ أَحَدٍ: أي لقول أي شخص، ولو كان ذا منزلة وجاه كعثمان رضي الله عنه.

ثانياً. شرح الحديث:


يخبر الصحابي مروان بن الحكم رضي الله عنه أنه حضر مجلساً كان فيه الخليفة عثمان بن عفان والإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنهما.
وكان عثمان رضي الله عنه ينهى الناس عن أن يحجوا بطريقة "متعة القِران" (أي الجمع بين العمرة والحج في إحرام واحد)، وكان يرى أن يحرم الإنسان للعمرة والحج بشكل منفصل.
ولكن عندما رأى علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن عثمان نفسه قد أحرم للعمرة منفصلة عن الحج (أي لم يجمع بينهما)، قام علي رضي الله عنه وأعلن نيته للإحرام بـ "متعة القِران" قائلاً: "لبيك بعمرة وحجة"، أي جامعاً بينهما في إحرام واحد.
ثم علل علي رضي الله عنه فعله هذا بقوله: "ما كنت لأدع سنة النبي صلى الله عليه وسلم لقول أحد"، أي أنني لن أترك هدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يحج به، وأعمل بقول شخص آخر، حتى لو كان هذا الشخص هو الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- تقديم سنة النبي صلى الله عليه وسلم على كل قول: هذا هو أعظم درس في هذا الحديث. فالعبرة ليست بشخص القائل، بل بما يوافق الدليل من الكتاب والسنة. فعلي رضي الله عنه لم يقل إن عثمان ليس أهلاً للاتباع، بل هو من العشرة المبشرين بالجنة، ولكن السنة مقدمة على قول أي أحد.
2- الخلاف بين الصحابة لا يفسد للود قضية: هذا الموقف يظهر أدب الخلاف بين الصحابة رضي الله عنهم. فعلي رضي الله عنه خالف عثماناً علناً في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك لم يحدث بينهما تباغض أو تهاجر، بل بقيا أخوين في الله، كل يرى رأيه مع احترام رأي الآخر. وهذا هو الخلاف المحمود.
3- جرأة العالم في إظهار الحق: لم يخف علي رضي الله عنه من منصب الخليفة، بل أظهر السنة علانية ليعلم الناس أن الحق ليس بالرجال، وإنما بالدليل. وهذا من باب النصيحة للأمة.
4- بيان مشروعية متعة الحج (القِران): الحديث دليل على أن الإحرام بالعمرة والحج معاً (القِران) هو سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه أحد أنواع النسك الثلاثة (إفراد، تمتع، قران).
5- اجتهاد الصحابة رضي الله عنهم: يبين الحديث أن الصحابة كانوا مجتهدين، وقد يخطئ المجتهد في بعض المسائل، ولا عيب في ذلك، بل لهم أجر على اجتهادهم. فعثمان رضي الله عنه كان يرى المنع من القِران اجتهاداً منه، وعلي رضي الله عنه كان يرى مشروعيته استناداً إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


● الخلاف سائغ في هذه المسألة: جمهور العلماء على جواز الإحرام بالقران (متعة الحج)، وهو مذهب الإمامين الشافعي وأحمد. بينما ذهب الإمام مالك إلى كراهته، وذهب أبو حنيفة إلى أنه يفسد به الحج! والصحيح هو قول الجمهور لقوة أدلتهم من السنة.
● الفرق بين المتعتين: ينبغي التفريق بين "متعة الحج" (وهي القران) التي هي موضوع حديثنا، وبين "متعة النساء" (وهي الزواج المؤقت) التي قد نهى عنها عمر رضي الله عنه أيضاً، ولكنهما متعتان مختلفتان.
● علي وعثمان من أعلم الصحابة: كلا الرجلين من كبار علماء الصحابة وفضلائهم، وكل منهما قد اجتهد فيما رأى أنه الحق، والكل في الخير.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الحج (١٥٦٣) من طريق شعبة، عن الحكم، عن علي بن حسين، عن مروان، به.
ورواه البخاريّ أيضًا (١٥٦٩)، ومسلم في الحج (١٢٢٣) من طريق شعبة، عن عمرو بن مرة، عن سعيد بن المسيب، قال: اجتمع عليٌّ وعثمان ﵄ بعُسفان، فكان عثمان ينهى عن المتعة أو العمرة. فقال عليٌّ: ما تريدُ إلى أمر فعله رسول الله ﷺ تنهي عنه؟ ! فقال عثمان: دعنا منك! . فقال: إني لا أستطيع أن أدعك، فلما أن رأى عليٌّ ذلك أهلّ بهما جميعًا. واللفظ لمسلم.
ورواه مسلم أيضًا من طريق شعبة، عن قتادة، قال: قال عبد الله بن شقيق: كان عثمان ينهى عن المتعة، وكان عليٌّ يأمر بها، فقال عثمان لعلي كلمة. ثم قال عليٌّ: لقد علمتَ أنا قد تمتعنا مع رسول الله ﷺ؟ فقال: أجلْ، ولكنّا كنّا خائفين».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 219 من أصل 689 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: نهي عثمان عن المتعة والإجماع بينهما وعلي يلتزم سنة النبي

  • 📜 حديث: نهي عثمان عن المتعة والإجماع بينهما وعلي يلتزم سنة النبي

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: نهي عثمان عن المتعة والإجماع بينهما وعلي يلتزم سنة النبي

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: نهي عثمان عن المتعة والإجماع بينهما وعلي يلتزم سنة النبي

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: نهي عثمان عن المتعة والإجماع بينهما وعلي يلتزم سنة النبي

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب