حديث: لا حرج لا حرج إلا على رجل اقترض عرض مسلم وهو ظالم
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب جواز تقديم بعض أعمال الحجّ على بعض يوم النّحر
فكان يقول: «لا حرج، لا حرج إلّا على رجل اقترض عرض رجل مسلم وهو ظالم. فذلك الذي حرج وهلك».
صحيح: رواه أبو داود (٢٠١٥) ومن طريقه البيهقيّ (٥/ ١٤٦) وصححه ابن خزيمة (٢٧٧٤ (كلّهم من حديث جرير، عن أبي إسحاق (وهو الشيباني)، عن زياد بن علاقة، عن أسامة بن شريك، فذكره.

شرح الحديث:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع الذي رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود والترمذي في سننهما، عن الصحابي الجليل أسامة بن شريك رضي الله عنه:
أولاً. شرح المفردات:
● حاجًّا: أي ذاهبًا لأداء فريضة الحج.
● سعيتُ قبل أن أطوف: السعي هو المشي بين الصفا والمروة، والطواف هو الدوران حول الكعبة. والمقصود أن أحدهم فعل السعي قبل الطواف، مع أن الترتيب المعتاد في المناسك هو الطواف أولاً ثم السعي.
● قدّمت شيئًا أو أخّرت شيئًا: أي فعل أحد المناسك قبل الآخر، أو أخّر أحدها عن وقته المعتاد.
● لا حرج: أي لا إثم ولا لوم عليك، الأمر واسع وسهل.
● اقترض عرض رجل مسلم: الاقتراض هنا بمعنى الاعتداء والانتقاص. والعرض هو الكرامة والشرف والسمعة.
● وهو ظالم: أي وهو يعلم أنه ظالم ومتعدٍّ.
● حرج وهلك: أي ضاق أمره وهلك وخسر في الدنيا والآخرة.
ثانيًا. شرح الحديث:
يخبر الصحابي أسامة بن شريك رضي الله عنه أنه كان في رحلة حج مع النبي صلى الله عليه وسلم، وكان الناس يقبلون عليه يسألونه عن أخطاء وقعوا فيها أثناء أداء مناسك الحج. فمنهم من قال: يا رسول الله، سعيت بين الصفا والمروة قبل أن أطوف حول الكعبة، ومنهم من قدم نسكًا على آخر أو أخره عن وقته الصحيح.
فكان رد النبي صلى الله عليه وسلم على جميع هذه الأسئلة التي تتعلق بأخطاء في الترتيب أو التوقيت في المناسك هو: «لا حرج، لا حرج»، أي لا إثم عليكم ولا مؤاخذة في هذه الأمور، فدين الله تعالى مبني على اليسر ورفع الحرج.
ثم استثنى النبي صلى الله عليه وسلم حالة واحدة فقط هي التي فيها الحرج الحقيقي والهلاك، فقال: «إلّا على رجل اقترض عرض رجل مسلم وهو ظالم. فذلك الذي حرج وهلك».
فجعل النبي صلى الله عليه وسلم الذنب العظيم الذي لا يُغتفر والحرج الحقيقي هو الاعتداء على عرض المسلم وانتهاك حرمته والوقوع في سمعته بالغيبة أو النميمة أو القذف، مع العلم بأن هذا ظلم وباطل.
ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:
1- يسر الشريعة وسماحتها: يظهر الحديث بوضوح كيف أن الإسلام دين يسر ورفع للحرج، خاصة في العبادات الشعائرية مثل الحج، حيث يسامح الله تعالى على الأخطاء غير المتعمدة في الترتيب أو النسك.
2- تقديم حقوق العباد على حقوق الله في المغفرة: من أعظم ما يستفاد من هذا الحديث أن حقوق العباد، خاصة ما يتعلق بالأعراض والدماء، هي من أشد الأمور خطورة. فالله تعالى قد يغفر الذنوب التي بينه وبين العبد إذا تاب منها، لكن الذنوب التي تتعلق بحقوق العباد لا تغفر حتى يرضى صاحبها أو يُؤدى حقه.
3- خطورة الاعتداء على أعراض المسلمين: الحديث تحذير شديد من الغيبة والنميمة والبهتان والقذف وكل ما يمس أعراض المسلمين ويؤذي مشاعرهم. وهذا الذنب هو من الكبائر التي تهدد صاحبها بالهلاك في الدنيا والآخرة.
4- التنبيه على مقاصد الشريعة: الشريعة جاءت لحفظ الضرورات الخمس: الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال. والعرض يدخل في حفظ النسل والنفس. فحفظ العرض مقصد عظيم من مقاصد الشريعة، والاعتداء عليه من أكبر الكبائر.
5- التيسير على الناس وتعليمهم: كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم التيسير على الناس وطمأنتهم وعدم تحميلهم ما لا طاقة لهم به، وهو ما ينبغي للدعاة والمعلمين أن يقتدوا به.
رابعًا. معلومات إضافية:
- هذا الحديث أصل عظيم في باب «رفع الحرج» في الشريعة الإسلامية.
- يستدل به العلماء على أن أخطاء الترتيب في مناسك الحج لا تبطلها، وإنما يجبر ذلك بدم (ذبح شاة) عند الجمهور، أو لا شيء عليه على قول آخر وهو رواية عن الإمام أحمد تُفهم من عموم قوله "لا حرج".
- الحديث يربي في المسلم خلقًا عظيمًا وهو «الورع عن أعراض الناس»، ويجعله يخاف من الله في لسانه فلا يتكلم إلا بخير.
نسأل الله تعالى أن يجنبنا أعراض المسلمين، وأن يتقبل منا الحج والعمرة، وأن يجعلنا من المتسامحين المعفو عنهم. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
قال البيهقيّ: «هذا اللفظ: «سعيت قبل أن أطوف غريب! تفرّد به جرير عن الشيباني، فإن كان محفوظًا فكأنّه سأله عن رجل سعي عقيب طواف القدوم قبل طواف الإفاضة، فقال: لا حرج».
وتعقبه ابن التركمانيّ فقال: «هذه الصورة مشهورة، وهي التي فعلها النبيّ ﷺ فالظاهر أنه لا يسأل عنها، وإنما سأل عن تقديم السعي على طواف الإفاضة، وعموم قول الصحابي: «فما سئل عن شيء قدِّم ولا أخر إلا قال: افعل ولا حرج«يدل على جواز ذلك، وهو مذهب عطاء والأوزاعي واختاره ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار، وظهر بهذا أن الشافعي وأكثر العلماء تركوا العمل بعموم الحديث كما تقدم».
قال الأعظمي: وما قاله ابن التركماني هو المتجه، وهو الذي فهمه أيضًا ابن خزيمة فبوّب بقوله: «إسقاط الحرج عن السّاعي بين الصّفا والمروة قبل الطّواف بالبيت جهلًا، بأن الطّواف بالبيت قبل السّعي» ثم ذكر الحديث. وبه قال أحمد في رواية إنْ كان ناسيًا.
قال الأعظمي: إنّ الله قد علمَ بأن الحج سيكون فيه مشقة فوضع الحرج والضيق عن عباده، كما جاء في حديث أبي سعيد الخدريّ.
ولأسامة بن شريك حديث طويل بإسناد صحيح. رواه الإمام أحمد (١٨٤٥٤) وغيره، وسيأتي في موضعه، وفيه: وسألوه عن أشياء هل علينا حرج في كذا وكذا؟ فقال: «عباد الله، وضع الله الحرج إلا امرأ اقترض امرأ مسلمًا ظلما، فذلك حرْج وهُلْك».
فكان أسامة بن شريك يحدث أحيانًا بجزء من الحديث كما سبق، وكما رواه الطحاويّ في شرحه (٢/ ٢٣٦) من وجه آخر عن أسباط بن محمد، قال: ثنا أبو إسحاق الشّيبانيّ، بإسناده، وفيه: سئل عمن حلق قبل أن يذبح أو ذبح قبل أن يحلق؟ فقال: «لا حرج» فلما أكثروا عليه قال: «يا أيّها النّاس، قد رفع الحرج إلا من اقترض من أخيه شيئًا ظلمًا فذلك الحرج».
فكلُّ شيء من تقديم وتأخير جاء في حديث أسامة بن شريك منصوصًا يحمل على الحقيقة بدون تأويل كذا وكذا.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 486 من أصل 689 حديثاً له شرح
- 461 عبد مجدع أسود يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا
- 462 رمي النبي ﷺ الجمار على ناقة صهباء
- 463 رمي الجمار ذاهبًا وراجعًا.
- 464 يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات ويكبر على إثر كل حصاة
- 465 رميت الجمار كان لك نورا يوم القيامة
- 466 رمل رسول الله ﷺ بالبيت وليس بسنة
- 467 إبراهيم يرمي الشيطان بسبع حصيات عند الجمرات
- 468 أول من أخذ من شعر النبي عند حلق رأسه
- 469 حلق رسول الله ﷺ رأسه في حجة الوداع
- 470 رمي جمرة العقبة ونحر البدن وحلق الرأس في الحج
- 471 أمكنك رسول الله من شحمة أذنه وفي يدك الموسى
- 472 فأخذ شعره، فجاء به إلى أم سليم، فكانت تدوفه في...
- 473 الحلّاق يحلق رسول الله وأصحابه يلتقطون الشعر
- 474 شعر النبي ﷺ مخضوب بالحناء والكتم
- 475 اللهم ارحم المحلِّقين والمقصِّرين
- 476 حلق النبي وطائفة من الصحابة وقصر البعض
- 477 اللهم اغفر للمحلقين والمقصرين
- 478 اللهم اغفر للمحلقين وللمقصِّرين
- 479 دعا النبي للمحلقين ثلاثًا وللمقصرين مرة
- 480 يرحم الله المحلقين والمقصرين
- 481 دعاء النبي للمحلقين والمقصرين في الحج
- 482 على النساء التقصير وليس الحلق
- 483 أعطى النبي شعره لأبي طلحة ليوزعه على الناس
- 484 افعل ولا حرج
- 485 ارم ولا حرج اذبح ولا حرج
- 486 لا حرج لا حرج إلا على رجل اقترض عرض مسلم...
- 487 «لا حرج في تقديم الحلق على الذبح أو الرمي»
- 488 لا أحلّ حتى أنحر
- 489 ابن عمر يوجب الحج والعمرة معًا ويقول: كذلك فعل رسول...
- 490 كنت أطيب رسول الله لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل...
- 491 طيب رسول الله عند الإحرام وعند الحل
- 492 كنت أطيب النبي بعد ما يرمي الجمرة قبل أن يفيض...
- 493 لم يحلل من شيء حرم منه حتى فضي حجه ونحر...
- 494 من سنَّة الحجِّ أن يصلي الإمام الظّهر والعصر والمغرب والعشاء...
- 495 أفضلنا يوم النحر مع النبي ﷺ في الحج.
- 496 الإفاضة يوم النحر ثم الصلاة بمنى
- 497 ركب رسول الله فأفاض إلى البيت فصلّى بمكة الظهر
- 498 أفاض رسول الله ﷺ من آخر يومه حين صلّى الظهر
- 499 لم يرمل النبي ﷺ في السبع الذي أفاض فيه
- 500 إنها مباركة إنها طعام طعم
- 501 انزعوا بني عبد المطلب فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم...
- 502 شرب النبي من زمزم وصب على رأسه
- 503 ماء زمزم لما شرب له
- 504 شرب النبي قائمًا من زمزم
- 505 اسقني ثم قال: اعملوا فإنكم على عمل صالح
- 506 أبردوا الحمى بماء زمزم
- 507 خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم
- 508 من علامات المنافقين أنهم لا يتضلّعون من زمزم
- 509 فضل ماء زمزم
- 510 شرب النبي ﷺ ماءً في الطواف
معلومات عن حديث: لا حرج لا حرج إلا على رجل اقترض عرض مسلم وهو ظالم
📜 حديث: لا حرج لا حرج إلا على رجل اقترض عرض مسلم وهو ظالم
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لا حرج لا حرج إلا على رجل اقترض عرض مسلم وهو ظالم
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لا حرج لا حرج إلا على رجل اقترض عرض مسلم وهو ظالم
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لا حرج لا حرج إلا على رجل اقترض عرض مسلم وهو ظالم
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








