من أعتق شقيصا من مملوكه فعليه خلاصه في ماله

حديث: من أعتق شقيصا من مملوكه فعليه خلاصه في ماله

عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: «من أعتق شقيصا من مملوكه فعليه خلاصه في ماله، فإن لم يكن له مال قوم المملوك قيمة عدل، ثم استسعي غير مشقوق عليه».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الشركة (٢٤٩٢)، ومسلم في العتق (١٥٠٣) كلاهما من حديث سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح للحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:
الحديث:
«مَنْ أَعْتَقَ شَقِيصًا مِنْ مَمْلُوكِهِ فَعَلَيْهِ خَلَاصُهُ فِي مَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ قُوِّمَ الْمَمْلُوكُ قِيمَةَ عَدْلٍ، ثُمَّ اسْتُسْعِيَ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ».

1. شرح المفردات:

● شَقِيصًا: يعني جزءًا أو نصيبًا. والمقصود هنا أن يعتق الشخص جزءًا من مملوكه، أي أن يكون المملوك مشتركًا بينه وبين غيره، فيعتق نصيبه منه.
● خَلَاصُهُ: يعني تحريره الكامل وإعتاقه تمامًا. أي يصبح حرًا بالكامل.
● قُوِّمَ: أي قُدِّرَت قيمته وقُوِّم ثمنه تقويمًا عادلاً.
● قيمة عَدْل: ثمن عادل يقدره أهل الخبرة والاختصاص.
● اسْتُسْعِيَ: طُلِب منه أن يعمل ويكسب ليدفع قيمة تحريره.
● غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ: أي لا يُكلف فوق طاقته، ولا يُشق عليه في العمل.

2. شرح الحديث:

هذا الحديث يبين حكمًا مهمًا من أحكام العتق (تحرير الرقيق) في الإسلام، وذلك في حالة كان العبد مملوكًا لأكثر من شخص، فأراد أحد الملاك أن يعتق نصيبه منه.
● «مَنْ أَعْتَقَ شَقِيصًا مِنْ مَمْلُوكِهِ»: إذا كان للعبد أكثر من مالك (شريكين أو أكثر)، فأعتق أحدهم نصيبه (حظه أو سهمه) من هذا العبد.
● «فَعَلَيْهِ خَلَاصُهُ فِي مَالِهِ»: يجب على المعتق (الذي أعتق نصيبه) أن يكمل عتق العبد كله من ماله الخاص. أي يدفع قيمة الأنصبة الباقية لشركائه ليحرر العبد تمامًا. وهذا لأن العبد لا يمكن أن يكون حرًا وجزءًا منه مملوكًا لغيره في نفس الوقت؛ فيجب تحريره كليًا.
● «فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ»: إذا لم يكن لدى المعتق مال ليدفع قيمة الأنصبة الباقية لشركائه.
● «قُوِّمَ الْمَمْلُوكُ قِيمَةَ عَدْلٍ»: هنا يُقدَّر ثمن العبد كله تقويمًا عادلاً من قبل خبراء، لينقسم هذا الثمن على عدد الأنصبة.
● «ثُمَّ اسْتُسْعِيَ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ»: يُطلب من العبد أن يعمل ويكسب المال ليدفع قيمة الأنصبة التي لم يعتقها صاحبها (أي أنصبة الشركاء الآخرين). ولكن يشترط ألا يُكلف فوق طاقته، بل يعمل بقدر استطاعته دون مشقة حتى يتمكن من دفع القيمة ويصبح حرًا.

3. الدروس المستفادة منه:

1- حرص الإسلام على التحرير الكامل: لا يرضى الإسلام أن يبقى الإنسان نصف حر ونصف عبد، بل يسعى لتحريره بالكامل.
2- العدل والرحمة: الحديث يجمع بين العدل مع الشركاء (بدفع قيمة أنصبتهم) والرحمة بالعبد (بعدم تكليفه فوق طاقته).
3- التيسير ورفع الحرج: من قواعد الشريعة التيسير وعدم المشقة، كما في قوله: «غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ».
4- الحث على العتق والإحسان: الحديث يحث على عتق الرقاب ويبين الطريقة الشرعية لذلك حتى مع عدم القدرة المالية الكاملة.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث أخرجه الإمام البخاري في صحيحه، وهو من الأحاديث الصحيحة المتعلقة بأحكام العتق.
- الحكمة من وجوب إكمال العتق: أن العبد إذا أعتق جزء منه لا يستفيد من الحرية الكاملة، بل يبقى مرتبطًا بمالكيه الآخرين، فشرع الإسلام هذا الحكم لتحريره بالكامل.
- هذه الصورة تسمى في الفقه "عبدة التدبير" أو "المكاتبة"، حيث يعمل العبد ليدفع قيمته ويصبح حرًا.
- هذا من رحمة الإسلام وعدالته، حيث لم يترك العبد يعاني من ازدواحية الحرية والعبودية، بل شرع طريقة عملية وعادلة لتحريره.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الشركة (٢٤٩٢)، ومسلم في العتق (١٥٠٣) كلاهما من حديث سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة فذكره.
ورواه مسلم في العتق (١٥٠٢) من طرق عن محمد بن جعفر قال: حدّثنا شعبة، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال في المملوك بين الرجلين، فيعتق أحدهما قال: «يضمن». وسيأتي مزيد من التفصيل في كتاب العتق.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 258 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من أعتق شقيصا من مملوكه فعليه خلاصه في ماله

📜 حديث: من أعتق شقيصا من مملوكه فعليه خلاصه في ماله

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من أعتق شقيصا من مملوكه فعليه خلاصه في ماله

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من أعتق شقيصا من مملوكه فعليه خلاصه في ماله

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من أعتق شقيصا من مملوكه فعليه خلاصه في ماله

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية