حديث: التجار يحشرون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى وبر وصدق
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب التوقي في التجارة
حسن: رواه البيهقي في شعب الإيمان (٤٥٠٧) عن أبي عبد اللَّه الحافظ، حدثني مكرم بن أحمد ابن مكرم القاضي، حدّثنا أبو العباس أحمد بن سعيد الجمال، حدّثنا عبد اللَّه بن بكر السهمي، حدّثنا حاتم بن أبي صغيرة، عن عمرو بن دينار، عن البراء، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام أحمد في مسنده، والترمذي في سننه، وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجه، وغيرهم، عن الصحابي الجليل البراء بن عازب رضي الله عنه.
أولاً. شرح المفردات:
● أتانا رسول اللَّه ﷺ إلى البقيع: أي جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مقبرة البقيع في المدينة المنورة.
● يا معشر التجار: (المعشر) الجماعة، و(التجار) هم الذين يعملون في بيع وشراء السلع لأجل الربح.
● حتى إذا اشرأبوا: (اشرأبوا) من الاشْرِئْبَاب، وهو رفع الرؤوس ومد الأعناق وتوجيه السمع والانتباه بشدة، انتظاراً لما سيقوله النبي صلى الله عليه وسلم بعد مناداته لهم.
● يُحشرون: يُبعثون ويجمعون من قبورهم إلى أرض المحشر يوم القيامة.
● فُجَّاراً: جمع فاجر، وهو العاصي المائل عن طريق الحق، الذي يتعدى الحدود ويخالف الأوامر.
● إلا من اتقى وبر وصدق: (اتقى) أي خاف الله واجتنب محارمه، (وبر) أي أحسن في معاملاته وأدى الحقوق، (وصدق) في حديثه وتجارته، فلم يكذب أو يغش.
ثانياً. شرح الحديث:
يخبرنا الصحابي البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء إلى مقبرة البقيع -وقد يكون ذلك في مناسبة موعظة أو تشييع جنازة- فنادى بصوت يسمعه الحاضرون: "يا معشر التجار". فلما سمعوا هذا النداء الموجه لهم خصيصاً، انتبهوا وأصغوا باهتمام بالغ، ورفعوا رؤوسهم متلهفين لسماع ما سيقوله لهم النبي الكريم.
فقال لهم صلى الله عليه وسلم مُحذِّراً ومُبيِّناً: "إن التجار يحشرون يوم القيامة فُجَّارا". أي أنهم سيُبعثون ويُحشرون مع الفسقة والعصاة، بسبب ما يقع كثير منهم من مخالفات في تجارتهم.
ثم استثنى صلى الله عليه وسلم من هذا الوعيد العام من تحلى بصفات التقوى والبر والصدق، فقال: "إلا من اتقى وبر وصدق". فهذا الناجي هو التاجر الذي يخاف الله في تجارته، فيجتنب الغش والكذب والربا وأكل أموال الناس بالباطل، ويبر في معاملاته، فيوفي الكيل والميزان، ويصدق في البيع والشراء والوعود.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- خطورة مهنة التجارة: ليست التجارة مذمومة في ذاتها، بل هي من أبواب الرزق الحلال، ولكنها مهنةٌ كثيرةُ المغريات والمزالق، مما يجعل صاحبها عرضة لأن يقع في المعاصي من كذب وغش وحلف كاذب وأكل للحرام، لذا خصها النبي صلى الله عليه وسلم بهذا التحذير.
2- الجزاء يوم القيامة على أساس الأعمال: فحشر التاجر مع الفجار ليس بسبب مهنته، ولكن بسبب ما اقترفته يداه من مخالفات شرعية فيها. فالعبرة بالتقوى والعمل الصالح، لا بالمهنة أو الحرفة.
3- بيان سبيل النجاة للتجار: وهو أن يجمع التاجر بين ثلاثة أمور:
* التقوى: وهي خشية الله ومراقبته في السر والعلن.
* البر: وهو الإحسان والخير، وذلك بإتقان العمل، والوفاء بالعهود، وحسن المعاملة مع الناس.
* الصدق: وهو أساس التعامل، فيصدق في description السلع، وفي وعوده، وفي معاملاته كلها.
4- حرص النبي صلى الله عليه وسلم على هداية الأمة: فقد كان يوجه النصح مباشرة لكل فئة بما يناسبها ويحذرها من المزالق الخاصة بها.
5- أهمية الإنصات للنصح والتوجيه: كما فعل التجار حين اشرأبوا لسماع كلام النبي صلى الله عليه وسلم، فكان ذلك سبباً في نجاتهم بفضل الله ثم بهذا التوجيه.
رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:
- هذا الحديث لا يعني الحط من شأن التجارة أو التجار، فقد كان كثير من الصحابة رضوان الله عليهم تجاراً، مثل أبو بكر الصديق وعثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم، بل هو توجيه لإصلاح هذه المهنة وجعلها قربة إلى الله.
- من أعظم ما يعين التاجر على التقوى والصدق: أن يستحضر مراقبة الله له، ويذكر هذا الوعيد النبوي، ويدعو الله أن يعينه على فعل الخير واجتناب الحرام.
- يدخل في مفهوم "التجار" في عصرنا كل من يعمل في مجال البيع والشراء والتسويق، سواء كان في متجر تقليدي أو عبر الإنترنت، فالحكم والضوابط واحدة.
نسأل الله أن يجعلنا من المتقين الصادقين، وأن يرزقنا الحلال الطيب، ويبعدنا عن الحرام والخداع.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
وإسناده حسن من أجل أبي العباس أحمد بن سعيد الجمال، فإنه حسن الحديث، ترجم له الخطيب في تاريخه (٤/ ١٧٠) وقال: «وكان ثقة حسن الحديث» مات سنة (٢٧٨ هـ).
وحاتم بن أبي صغيرة - أبو صغيرة اسمه مسلم، وهو جده لأمه، وقيل: زوج أمه.
وفي معناه ما روي عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة، عن أبيه، عن جده قال: خرجنا مع رسول اللَّه ﷺ إلى المصلى، فرأى النّاس يبتاعون، فقال: «يا معشر التجارة» فاستجابوا لرسول اللَّه ﷺ، ورفعوا أعناقهم وأبصارهم إليه، فقال: «إن التجار يبعثون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى، وبرّ، وصدق».
رواه الترمذيّ (١٢١٠)، وابن ماجه (٢١٤٦)، والدارمي (٢٥٨٠)، وصحّحه ابن حبان (٤٩١٠)، والحاكم (٢/ ٦) كلهم من حديث عبد اللَّه بن عثمان بن خثيم، عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة بإسناده، فذكره.
قال الترمذيّ: «حسن صحيح». وقال الحاكم: «صحيح الإسناد».
قال الأعظمي: لكن فيه إسماعيل بن عبيد بن رفاعة، لم يرو عنه غير ابن خثيم، كما قال البخاري في التاريخ، ولم يوثّقه أحد، وإنما ذكره ابن حبان في ثقاته (٦/ ٢٨)، ولذا قال فيه الحافظ: «مقبول» أي عند المتابعة، ولم أجد متابعا، ويشهد له ما سبق.
وفي الباب أيضًا ما روي عن أبي سعيد، عن النبي ﷺ قال: «التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء».
رواه الترمذيّ (١٢٠٩)، والدارقطني (٢٨١٣)، والدارمي (٢٨٥١)، والحاكم (٢/ ٦) كلهم من طريق سفيان، عن أبي حمزة، عن الحسن، عن أبي سعيد فذكره.
قال الترمذيّ: «حديث حسن، لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث الثوري، عن أبي حمزة، وأبو حمزة اسمه عبد اللَّه بن جابر، وهو شيخ بصري».
قال الأعظمي: والحسن -وهو البصري- كثير التدليس والإرسال، وقد ذكر علي بن المديني أن أبا سعيد الخدري ممن لم يسمع منه الحسن، ففيه انقطاع.
وفي الباب أيضًا ما روي عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «التاجر الأمين الصدوق المسلم مع الشهداء يوم القيامة».
رواه ابن ماجه (٢١٣٩)، والدارقطني (٢٨١٢)، والحاكم (٢/ ٦) كلهم من حديث كلثوم بن جوشن القشيري، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر فذكره.
قال ابن أبي حاتم (١١٥٦): سألت أبي عن هذا الحديث، فقال: «هذا حديث لا أصل له، وكلثوم ضعيف الحديث».
قال الأعظمي: كلثوم بن جوشن مختلف فيه، فوثّقه البخاري، وقال ابن معين: «لا بأس به». وضعفه أبو داود، فقال: «منكر الحديث». وذكره ابن حبان في الثقات، وأعاده في المجروحين، فقال:
«ممن يروي عن الثقات المقلوبات، وعن الأثبات الموضوعات». فالغالب على حديثه ضعف، وقال عنه الحافظ: «ضعيف».
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 286 من أصل 506 حديثاً له شرح
- 261 يتراجع الخليطان بينهما بالسوية
- 262 لا يبيع أحد شريكه حتى يؤذنه
- 263 من يأخذ الناقة على النصف مما يغنم
- 264 كنت شريكي فنعم الشريك كنت لا تداري ولا تماري
- 265 من اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه
- 266 الحلال بيّن والحرام بيّن وبين ذلك شبهات
- 267 لا يبالي المرء بما أخذ المال أمن الحلال أم من...
- 268 إن الله كره لكم ثلاثا: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة...
- 269 يعبدوه ولا تشركوا به شيئًا
- 270 من غش فليس مني
- 271 معنى: من غشنا فليس منا
- 272 من غشنا فليس منا، ومن رمانا فليس منا
- 273 المسلم أخو المسلم لا يحل له بيع فيه عيب إلا...
- 274 من غشنا فليس منا
- 275 الحلف منفقة للسلعة ممحقة للبركة
- 276 رجل بايع إماما لا يبايعه إلا لدنيا، فإن أعطاه منها...
- 277 البياع الحلاف والفقير المختال والشيخ الزاني والإمام الجائر
- 278 المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب
- 279 ورجل له جار يؤذيه، فيصبر على أذاه، ويحتسبه حتى يكفيه...
- 280 إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا
- 281 إياكم وكثرة الحلف في البيع
- 282 التجار هم الفجار لأنهم يحدثون فيكذبون ويحلفون فيأثمون
- 283 أشيمط زان، وعائل مستكبر، ورجل جعل الله له بضاعة لا...
- 284 باع آخرته بدنياه
- 285 يا معشر التجار إن البيع يحضره اللغو والحلف فشوبوه بالصدقة
- 286 التجار يحشرون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى وبر وصدق
- 287 صفة رسول الله في التوراة
- 288 النهي عن الشراء والبيع في المسجد
- 289 أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك
- 290 السبع الموبقات التي حذر منها النبي
- 291 نهى النبي عن ثمن الكلب وثمن الدم وآكل الربا ومؤكله
- 292 آكل الربا في النهر يرمى بالحجارة كلما أراد الخروج
- 293 آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه
- 294 آكل الربا وموكله
- 295 عاقبة أمر آكل الربا إلى قلة
- 296 آخر آية نزلت على النبي ﷺ آية الربا
- 297 آخر ما نزل من القرآن آية الربا
- 298 الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء
- 299 لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل
- 300 البر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر
- 301 بيعوا الذهب بالفضة والفضة بالذهب كيف شئتم
- 302 بيع النسيئة ربا
- 303 الذهب بالذهب والفضة بالفضة مثلاً بمثل يدا بيد
- 304 نهى رسول الله ﷺ عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة...
- 305 الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما
- 306 التمر بالتمر والحنطة بالحنطة مثلاً بمثل يدا بيد
- 307 الذهب بالذهب وزنا بوزن مثلا بمثل
- 308 لا تبيعوا الدينار بالدينارين ولا الدرهم بالدرهمين
- 309 تحريم التفاضل في بيع الذهب والفضة
- 310 بع الجمع بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جنيبا
معلومات عن حديث: التجار يحشرون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى وبر وصدق
📜 حديث: التجار يحشرون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى وبر وصدق
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: التجار يحشرون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى وبر وصدق
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: التجار يحشرون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى وبر وصدق
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: التجار يحشرون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى وبر وصدق
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








