صفة رسول الله في التوراة

حديث: صفة رسول الله في التوراة

عن عطاء بن يسار قال: لقيت عبد اللَّه بن عمرو بن العاص ﵄ قلت: أخبرني عن صفة رسول اللَّه ﷺ في التوراة. قال: «أجل، واللَّه إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا﴾ [سورة الأحزاب: ٤٥] وحِرزا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ، ولا غليظ، ولا سحاب في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو، ويغفر، ولن يقبضه اللَّه حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا لا إله إلا اللَّه، ويفتح بها أعين عمي، وآذان صم، وقلوب غلف.

صحيح: رواه البخاريّ في البيوع (٢١٢٥) عن محمد بن سنان، حدّثنا فليح، حدّثنا هلال، عن عطاء بن يسار قال فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم يرويه الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، يصف لنا كيف ورد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وصفاته في التوراة، الكتاب الذي أنزله الله على موسى عليه السلام.

أولاً. شرح المفردات:

● حِرْزًا: أي حصنًا ووقاءً وحرزًا تحتمي به الأمة من الضلال والهلاك.
● الأُمِّيِّينَ: هم العرب الذين لم يكن لهم كتاب منزل قبل القرآن، فالنبي صلى الله عليه وسلم أمي منهم ولم يتعلم القراءة والكتابة.
● سَخَّابٍ: كثير الصياح والضجيج في الأسواق والمجالس.
● الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ: الدين المنحرف الذي اعوج عن الحق، وهو الشرك والكفر.
● قُلُوبٍ غُلْفٍ: القلوب التي عليها غلاف، أي مغلقة لا يدخلها الإيمان ولا الخير.

ثانيًا. شرح الحديث:

يخبر عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن صفة النبي صلى الله عليه وسلم مذكورة في التوراة، ويؤكد ذلك بقوله "أجل، والله"، ثم يذكر أن هذه الصفة تتوافق مع ما ذكره القرآن في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} [الأحزاب: 45].
ثم يذكر النص الذي في التوراة، وهو خطاب من الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وفيه:
1- "أنت عبدي ورسولي": إثبات لعبوديته الكاملة لله تعالى، ورسالته إلى العالمين.
2- "سميتك المتوكل": أي الذي يتوكل على الله في جميع أموره، ويفوض أمره إليه.
3- "ليس بفظ، ولا غليظ": أي ليس بجافي الطباع، ولا قاسي القلب في تعامله مع الناس.
4- "ولا سخاب في الأسواق": ليس بكثير الصياح والضجيج في المجالس والأسواق، بل كان هادئًا وقورًا.
5- "ولا يدفع بالسيئة السيئة": لا يقابل الإساءة بمثلها، بل كان يصبر ويعفو.
6- "ولكن يعفو ويغفر": هذه من أبرز أخلاقه صلى الله عليه وسلم، كان يعفو عمن أساء إليه ويصفح، ويستغفر للذين يؤذونه.
7- "ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء": أي لن يتوفاه الله تعالى حتى يهدي به الناس من الضلال إلى الحق، ويقيم به الدين المستقيم الذي اعوج الناس عنه.
8- "بأن يقولوا لا إله إلا الله": أي بأن يوحدوا الله ويعبدوه وحده لا شريك له.
9- "ويفتح بها أعين عمي، وآذان صم، وقلوب غلف": أي يفتح بكلمة التوحيد أعينًا عميت عن رؤية الحق، وآذانًا صمت عن سماعه، وقلوبًا غلفًا (مغلقة) عن فهمه والإيمان به.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:

1- إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم: ذكر صفاته في الكتب السماوية السابقة دليل على صدق نبوته، وأن رسالته هي تتمة للرسالات السماوية.
2- عظمة أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم: الحديث يصور أخلاق النبي العظيمة من العفو والصبر والتوكل على الله والرفق بالناس.
3- مهمة النبي صلى الله عليه وسلم: بيان أن مهمته هي هداية الناس من الظلمات إلى النور، وإخراجهم من الشرك إلى التوحيد.
4- التوكل على الله: من أعظم الصفات التي اتصف بها النبي صلى الله عليه وسلم، وهو تفويض الأمر كله لله والاعتماد عليه.
5- الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة: نهج النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة كان باللين والرحمة، لا بالفظاظة والغلظة.
6- العفو والصفح: كان النبي صلى الله عليه وسلم قدوة في العفو عند المقدرة، وهذا من أسباب محبة الناس له ودخولهم في الإسلام.

رابعًا. معلومات إضافية:

- هذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو من الأحاديث الصحيحة.
- فيه إشارة إلى أن الكتب السماوية السابقة كانت تتضمن بشائر بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وصفاته، ولكن حرفها أهلها وكتموها.
- ينبغي للمسلم أن يتخلق بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، ويقتدي به في عفوه وحلمه وتوكله على الله.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في البيوع (٢١٢٥) عن محمد بن سنان، حدّثنا فليح، حدّثنا هلال، عن عطاء بن يسار قال فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 287 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: صفة رسول الله في التوراة

📜 حديث: صفة رسول الله في التوراة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: صفة رسول الله في التوراة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: صفة رسول الله في التوراة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: صفة رسول الله في التوراة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية