حديث: آكل الربا وموكله

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في الزجر عن أكل الربا وبيعه

عن عبد اللَّه بن مسعود قال: لعن رسول اللَّه ﷺ آكل الربا، وموكله. قال: قلت: وكاتبه، وشاهديه؟ قال: إنا نحدث بما سمعنا.

صحيح: رواه مسلم في المساقاة (١٥٩٧: ١٠٥) من طريق جرير، عن مغيرة قال: سأل شِباكٌ إبراهيمَ، فحدثنا عن علقمة، عن عبد اللَّه قال فذكره.

عن عبد اللَّه بن مسعود قال: لعن رسول اللَّه ﷺ آكل الربا، وموكله. قال: قلت: وكاتبه، وشاهديه؟ قال: إنا نحدث بما سمعنا.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو يحمل تحذيراً شديداً من الربا وعقوبةً عظيمةً لفاعليه. وإليك الشرح المفصل:

نص الحديث:


عن عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه قال: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ آكِلَ الرِّبَا، وَمُوكِلَهُ. قَالَ: قُلْتُ: وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ؟ قَالَ: إِنَّا نُحَدِّثُ بِمَا سَمِعْنَا.


١. شرح المفردات:


● لَعَنَ: اللعن هو الطرد والإبعاد من رحمة الله تعالى. وهو وعيد شديد يدل على كبر الذنب وعظم الجرم.
● آكِلَ الرِّبَا: هو الذي يأخذ المال الزائد عن رأس المال مقابل التأجيل في الدَّيْن، أو هو المتعامل بالربا بأي صورة من صوره.
● مُوكِلَهُ: هو الذي يعطي الربا، أي المقرض الذي يشترط زيادة على ماله.
● كَاتِبَهُ: هو الذي يكتب عقد الربا ويسجله.
● شَاهِدَيْهِ: هما الشاهدان اللذان يشهدان على عقد الربا.


٢. شرح الحديث:


يخبرنا الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي ﷺ قد لعن فاعلي الربا، وهم:
* آكِل الرِّبا: لأنه هو المستفيد النهائي والمتسبب الرئيسي في هذه المعصية، فهو يطلب الربا ويأكله.
* مُوكِلُه: لأنه هو الذي يقدم المال ويشترط الربا، فهو شريك في الإثم وسبب في وقوع هذه الجريمة.
ثم يسأل ابن مسعود النبي ﷺ سؤالاً يفهم منه حرصه على معرفة حكم من يساعدون على إتمام هذه المعصية، وهم الكاتب والشهود، فيقول: (أليسوا أيضاً ملعونين؟).
فأجابه النبي ﷺ بأنه يبلغهم فقط بما سمع من الوحي، ولم يبلغه لعن هؤلاء، فقال: (إِنَّا نُحَدِّثُ بِمَا سَمِعْنَا).
وهذا الجواب من النبي ﷺ يحمل معنيين عظيمين:
1- الأدب مع الوحي: فهو ﷺ لا يزيد على ما أوحي إليه، وهو قدوة في الأمانة في التبليغ.
2- فقه السؤال: فهم ابن مسعود ومن معه من هذا الجواب أن الكاتب والشاهدين ليسوا داخلين في اللعن المذكور، لأن النبي ﷺ لو كان قد لعنهم لذكره. وهذا لا يعني أنهم أبرياء من الإثم، بل هم آثمون لتعاونهم على الإثم والعدوان، ولكنهم لم يبلغوا درجة من يلعنهم النبي ﷺ بالخصوص.
وقد جاءت نصوص أخرى تذم المتعاونين على الإثم بشكل عام، مثل قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2]. فكاتب الربا وشاهداه داخلون في عموم النهي عن التعاون على الإثم، وإثمهم كبير، لكن لعنهم الخاص لم يرد في هذا الحديث.


٣. الدروس المستفادة والعبر:


1- عظم جرم الربا وخطورته: حيث إنه يستوجب اللعن، وهو الطرد من رحمة الله، وهذا أكبر وعيد يمكن أن يصيب العبد.
2- تحريم التعامل بالربا بجميع صوره: سواء كان آكلاً له أو مُوكِلاً، فالكل متوعد باللعنة.
3- تحريم التعاون على المعصية: وإن كان الحديث خصّ اللعن بالطرفين الرئيسيين (آكل الربا وموكله)، إلا أن سؤال ابن مسعود يدل على أن كل من ساهم في إتمام هذه المعصية له إثم وعقاب.
4- الأمانة العلمية وعدم القول على الله بغير علم: يتجلى هذا في قول النبي ﷺ: (إنا نحدث بما سمعنا). فهو لا يزيد ولا ينقص، وهذا منهج يجب على every داعية وطالب علم أن يلتزم به.
5- حرص الصحابة على فهم الدين: حيث كانوا يسألون عن كل صغيرة وكبيرة ليعلموا الحلال من الحرام، ويبتعدوا عن مواطن الشبهات.


٤. معلومات إضافية مفيدة:


● الربا محرم في جميع الشرائع السماوية، وهو من الكبائر العظيمة.
- اتفق العلماء على تحريم الربا وتحريم التعامل به، وأنه من السبع الموبقات (المهلكات).
- المعاصي درجات، فآكل الربا وموكله أشد إثماً ممن ساعدهما، ولكن الجميع آثمون.
- الحديث يدل على أن الأصل في الأعمال أن تكون على الحل حتى يأتي دليل التحريم، ولهذا لم يلعن النبي ﷺ الكاتب والشاهدين لأنه لم يرد في الوحي لعنهم.
نسأل الله أن يعيذنا وإياكم من الربا ومن كل ما يغضبه، وأن يرزقنا الحلال الطيب، ويبعدنا عن الحرام والشبهات.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في المساقاة (١٥٩٧: ١٠٥) من طريق جرير، عن مغيرة قال: سأل شِباكٌ إبراهيمَ، فحدثنا عن علقمة، عن عبد اللَّه قال فذكره. وشِباكٌ -بكسر أوله- الضبي الكوفي الأعمى.
وزاد في السنن: «وكاتبه وشاهديه» من رواية عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن مسعود، عن أبيه.
والتحقيق أن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن مسعود مدلس، وقد عنعن، ولم يصرح بالسماع من أبيه، وجمهور أهل العلم أنه لم يسمع من أبيه إلا أربعة أحاديث، ليس هذا منها.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 294 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: آكل الربا وموكله

  • 📜 حديث: آكل الربا وموكله

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: آكل الربا وموكله

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: آكل الربا وموكله

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: آكل الربا وموكله

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب