حديث: نهى رسول الله ﷺ عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة إلا سواء بسواء

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب جريان ربا الفضل والنسيئة في الأصناف الربوية

عن أبي قلابة قال: كنت بالشام في حلقة فيها مسلم بن يسار، فجاء أبو الأشعث، قال: قالوا: أبو الأشعث، أبو الأشعث. فجلس، فقلت له: حدِّث أخانا حديث عبادة بن الصامت. قال: نعم، غزونا غزاة وعلى النّاس معاوية، فغنمنا غنائم كثيرة، فكان فيما غنمنا آنية من فضة، فأمر معاوية رجلا أن يبيعها في أعطيات النّاس، فتسارع النّاس في ذلك، فبلغ عبادة بن الصامت، فقام، فقال: إني سمعت رسول اللَّه ﷺ ينهى عن بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح إلا سواء بسواء، عينا بعين. فمن زاد أو ازداد فقد أربى. فرد النّاس ما أخذوا، فبلغ ذلك معاوية، فقام خطيبا، فقال: ألا ما بال رجال يتحدثون عن رسول اللَّه ﷺ أحاديث قد كنا نشهده ونصحبه، فلم نسمعها منه. فقام عبادة بن الصامت، فأعاد القصة، ثم قال: لنحدثن بما سمعنا من رسول اللَّه ﷺ، وإن كره معاوية -أو قال: وإن رغم-، ما أبالي أن لا أصحبه في جنده ليلة سوداء.

صحيح: رواه مسلم في المساقاة (١٥٨٧: ٨٠) عن عبيد اللَّه بن عمر القواريري، حدّثنا حماد ابن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة فذكره.

عن أبي قلابة قال: كنت بالشام في حلقة فيها مسلم بن يسار، فجاء أبو الأشعث، قال: قالوا: أبو الأشعث، أبو الأشعث. فجلس، فقلت له: حدِّث أخانا حديث عبادة بن الصامت. قال: نعم، غزونا غزاة وعلى النّاس معاوية، فغنمنا غنائم كثيرة، فكان فيما غنمنا آنية من فضة، فأمر معاوية رجلا أن يبيعها في أعطيات النّاس، فتسارع النّاس في ذلك، فبلغ عبادة بن الصامت، فقام، فقال: إني سمعت رسول اللَّه ﷺ ينهى عن بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح إلا سواء بسواء، عينا بعين. فمن زاد أو ازداد فقد أربى. فرد النّاس ما أخذوا، فبلغ ذلك معاوية، فقام خطيبا، فقال: ألا ما بال رجال يتحدثون عن رسول اللَّه ﷺ أحاديث قد كنا نشهده ونصحبه، فلم نسمعها منه. فقام عبادة بن الصامت، فأعاد القصة، ثم قال: لنحدثن بما سمعنا من رسول اللَّه ﷺ، وإن كره معاوية -أو قال: وإن رغم-، ما أبالي أن لا أصحبه في جنده ليلة سوداء.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي تحذر من الربا وتحرمه، وهو من الأحاديث المتعلقة بأمور المعاملات المالية، التي هي من أهم شؤون الحياة.

أولاً. شرح مفردات الحديث:


● غزونا غزاة: خرجنا للقتال في سبيل الله.
● على الناس معاوية: أي كان أميرًا على الجيش.
● آنية من فضة: أواني مصنوعة من الفضة.
● في أعطيات الناس: في عطايا الجنود وأنصبتهم من الغنائم.
● تسارع الناس: بادروا وأسرعوا في الشراء.
● إلا سواء بسواء، عينًا بعين: أي بالتساوي في المقدار، ونقدًا بنقد (حالاً بحال).
● فقد أربى: أي وقع في الربا المحرم.
● وإن رغم: أي وإن غضب وأنف.

ثانيًا. شرح الحديث:


يحدثنا الصحابي الجليل أبو قلابة عن قصة وقعت في الشام، حيث كان في مجلس علم يحضره مسلم بن يسار، فجاءهم الصحابي أبو الأشعث، فطلبوا منه أن يحدثهم بحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه.
فأخبرهم أبو الأشعث أنه كان في غزوة، وأمير الجيش كان معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، وغنموا غنائم كثيرة، وكان من بينها أوانٍ من الفضة. فأمر معاوية رجلاً أن يبيع هذه الأواني الفضية ويوزع ثمنها على الجنود كجزء من أنصبتهم من الغنيمة.
فلما سمع عبادة بن الصامت رضي الله عنه بهذا الأمر، قام وأنكر ذلك، واستدل بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ينهى عن بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة (وهي الأموال الربوية) إلا إذا كان مثلًا بمثل، يدًا بيد (سواءً بسواء، حالاً بحال). فإذا زاد أحد المتبايعين في المقدار، أو أخره في الزمن (أي أجل الدفع)، فقد وقع في الربا.
فأعاد الناس ما كانوا قد أخذوه من تلك الأواني امتثالاً للنهي النبوي.
فلما بلغ معاويةَ رضي الله عنه قولُ عبادةٍ وخطؤه إياه، قام خطيبًا واستنكر أن يروي رجال أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو كان من صحابته ولم يسمعها منه، implying أن فيها نسيانًا أو خطأً.
فما كان من عبادة بن الصامت رضي الله عنه إلا أن قام مؤكدًا ما قاله، ومؤكدًا عزمه على تبليغ ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم كاملًا غير منقوص، حتى لو كره معاوية ذلك وغضب، حتى لو كان الثمن أن لا يكون في جند معاوية الذي يحكم بلاد الشام. وهذا من أعلى درجات الصدع بالحق والغيرة على سنة النبي صلى الله عليه وسلم.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- تحريم ربا الفضل: وهو الربا الذي يحصل في بيع الأموال الربوية ببعضها إذا اختلفت المقادير أو تأخر القبض. والأموال الربوية المذكورة في الحديث (الذهب، الفضة، البر، الشعير، التمر، الملح) هي أصول الأموال في ذلك الزمان، ويقاس عليها في زماننا كل ما يجري فيه الربا من أموال وأطعمة.
2- وجوب التماثل والتقابض في بيع الأموال الربوية: فلا يجوز بيع ذهب بذهب إلا مثلاً بمثل، ولا فضة بفضة إلا مثلاً بمثل، ويشترط التقابض في المجلس قبل التفرق.
3- شجاعة العالم في قول الحق: موقف عبادة بن الصامت رضي الله عنه درس عظيم في وجوب إنكار المنكر والصدع بالحق، حتى أمام الأمراء والحكام، وعدم السكوت عن تبليغ سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كاملة.
4- الرد على من أنكر حديثًا بحجة أنه لم يسمعه: رد عبادة رضي الله عنه على شبهة معاوية (وهو صحابي جليل وقصد الخير) بأن عدم سماع الشخص للحديث لا يعني أنه لم يثبت أو أنه خطأ. فكل صحابي قد سمع ما لم يسمع الآخر، والواجب قبول رواية الثقة.
5- العدالة والإنصاف: معاوية رضي الله عنه لما بلغه قول عبادة وأن الناس قد ردوا ما أخذوه، قبل الحق وتراجع عن رأيه، وهذا من عدالة الصحابة رضي الله عنهم جميعًا.
6- الحذر من الربا: الحديث تحذير شديد من الربا وعاقبته الوخيمة في الدنيا والآخرة.

رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الحديث أصل من أصول باب الربا، وهو متفق عليه، وقد رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما.
- العلة في تحريم ربا الفضل في هذه الأموال هي أنها أموال ثمنية (ذهب، فضة) أو مطعومة (البر، الشعير، التمر، الملح) يجري فيها الربا للعلة التي بينها العلماء.
- قول عبادة: "لَأُحَدِّثَنَّ بِمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَرِهَ مُعَاوِيَةُ" هو نموذج يُحتذى به في أن طاعة الله ورسوله مقدمة على كل شيء، حتى على ولاية الأمر إذا أمر بمعصية.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في المساقاة (١٥٨٧: ٨٠) عن عبيد اللَّه بن عمر القواريري، حدّثنا حماد ابن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 304 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: نهى رسول الله ﷺ عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة إلا سواء بسواء

  • 📜 حديث: نهى رسول الله ﷺ عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة إلا سواء بسواء

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: نهى رسول الله ﷺ عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة إلا سواء بسواء

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: نهى رسول الله ﷺ عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة إلا سواء بسواء

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: نهى رسول الله ﷺ عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة إلا سواء بسواء

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب