من غشنا فليس منا، ومن رمانا فليس منا

حديث: من غشنا فليس منا، ومن رمانا فليس منا

عن عبد اللَّه بن عباس قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «من غشنا فليس منا، ومن رمانا فليس منا».

حسن: رواه الطبراني في الكبير (١١/ ٢٢١) عن علي بن عبد العزيز، ثنا سعيد بن منصور، عن الدراوردي، عن ثور بن زيد، عن عكرمة، عن عبد اللَّه بن عباس فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

عن عبد اللَّه بن عباس قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «من غشنا فليس منا، ومن رمانا فليس منا».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه وغيره، عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، يحمل تحذيراً شديداً من خصلتين ذميمتين.

أولاً. شرح المفردات:

● غشنا: الغش هو إظهار خلاف ما يُبطن، وإخفاء العيب والتدليس على الآخرين. والمراد بـ "غشنا" هنا: غش المسلمين عموماً، أو غش أهل الإسلام وخاصتهم.
● رمانا: الرمي هنا بمعنى الادعاء والافتراء، والمراد به: من اتهم المسلمين أو نبزهم بما ليس فيهم، أو نسب إليهم أقوالاً أو أفعالاً هم براء منها.
● فليس منا: أي فليس على طريقتنا وهدينا، وخارج عن جماعة المسلمين وأخلاقهم، وهو تعبير يُفيد التبرؤ من فاعل هذا الفعل المشين.

ثانياً. شرح الحديث:

يُبين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن هناك صفتين تنفيان عن صاحبهما الانتساب الحقيقي إلى الأمة الإسلامية بمعناها القيمي والأخلاقي، وإن ادعى الانتماء إليها ظاهراً:
1- "من غشنا فليس منا": هذا تحذير صريح من خيانة الأمانة والتدليس على المسلمين، سواء في البيع والشراء، أو في النصيحة، أو في أي معاملة من المعاملات. فالمسلم أخو المسلم، لا يغشه ولا يخدعه، والإيمان يقتضي أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه. فالغشاش مناقض لهذا الأصل العظيم، فكأنه بفعله هذا قد قطع صلته الحقيقية بروح الجماعة الإسلامية وأخوّتها.
2- "ومن رمانا فليس منا": هذا وعيد شديد لمن يتهم المسلمين أو يقذفهم بما هم براء منه، أو ينسب إليهم سوءاً لم يفعلوه. وهذا يشمل الافتراء على الأفراد أو الجماعات بغير حق، أو إشاعة الأكاذيب عنهم. فالمسلم ينصر أخاه ولا يخذله، ويذب عن عرضه ولا يرميه بالباطل. فمن اتصف بهذه الخسة الأخلاقية فإنه يخرج نفسه من زمرة المتخلقين بأخلاق الإسلام.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "فليس منا" ليس معناه الكفر بالضرورة، ولكنه يعني أنه ليس على هدينا وطريقتنا في الأمانة والصدق والبراءة من التهم الباطلة. وهو من أساليب الوعيد في الشرع التي تُبين غاية شناعة هذا الفعل وقبحه.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- تحريم الغش بجميع أنواعه: سواء في التجارة، أو في العمل، أو في النصيحة، أو في العلم، وهو من كبائر الذنوب.
2- تحريم الافتراء والبهتان على المسلمين: والرمي بالباطل من صفات المنافقين، وهو من أعظم أسباب تفكك المجتمعات وهدم الثقة بين أفرادها.
3- الارتباط الوثيق بين الإيمان والأخلاق: فالإيمان الحقيقي يظهر في التعامل مع الناس، والغش والافتراء يناقضان أساس الإيمان.
4- الحث على الأمانة والصدق: والتحذير من الخيانة والكذب، فهما من أسس بناء المجتمع المسلم المتعاون.
5- شدة اهتمام الإسلام بحقوق العباد: فالمجتمع الإسلامي قائم على التآزر والتناصح، وليس على الغش والتدليس والاتهام.

رابعاً. معلومات إضافية:

- يدخل في عموم "الغش" كل من غش المسلمين في أي شيء، ولو كان شيئاً يسيراً.
- يدخل في عموم "الرمي" الافتراء على الشخص في دينه أو خلقه أو عرضه بغير حق.
- هذا الحديث يظهر عظمة الإسلام في بناء مجتمع نظيف، قائم على الثقة المتبادلة والطهارة من الغش والتدليس.
نسأل الله تعالى أن يجنبنا الغش والبهتان، وأن يوفقنا للصدق والأمانة في القول والعمل.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الطبراني في الكبير (١١/ ٢٢١) عن علي بن عبد العزيز، ثنا سعيد بن منصور، عن الدراوردي، عن ثور بن زيد، عن عكرمة، عن عبد اللَّه بن عباس فذكره.
وإسناده حسن من أجل الدراوردي، وهو عبد العزيز بن محمد، مختلف فيه غير أنه حسن الحديث، وحديثه عن عبيد اللَّه العمري منكر، كما قال النسائي، وهذا ليس منه.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 272 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من غشنا فليس منا، ومن رمانا فليس منا

📜 حديث: من غشنا فليس منا، ومن رمانا فليس منا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من غشنا فليس منا، ومن رمانا فليس منا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من غشنا فليس منا، ومن رمانا فليس منا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من غشنا فليس منا، ومن رمانا فليس منا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية