الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء

حديث: الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء

عن مالك بن أوس بن الحدثان النصري: أنه التمس صرفا بمائة دينار. قال: فدعاني طلحة بن عبيد اللَّه، فتراوضنا حتى اصطرف مني، وأخذ الذهب يقلبها في يده، ثم قال: حتى يأتيني خازني من الغابة، وعمر بن الخطاب يسمع، فقال عمر: واللَّه لا تفارقه حتى تأخذ منه، ثم قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء، والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء، والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء، والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء».

متفق عليه: رواه مالك في البيوع (٣٨) عن ابن شهاب، عن مالك بن أوس فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فسأشرح هذا الحديث الشريف شرحًا وافيًا مستعينًا بالله تعالى، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

نص الحديث:

عن مالك بن أوس بن الحدثان النصري: أنه التمس صرفًا بمائة دينار. قال: فدعاني طلحة بن عبيد الله، فتراوضنا حتى اصطرف مني، وأخذ الذهب يقلبها في يده، ثم قال: حتى يأتيني خازني من الغابة، وعمر بن الخطاب يسمع، فقال عمر: والله لا تفارقه حتى تأخذ منه، ثم قال: قال رسول الله ﷺ: «الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء، والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء، والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء، والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء».

1. شرح المفردات:

● التمس صرفًا: طلب أن يبيع أو يستبدل (عملية صرف العملة).
● بمائة دينار: الدينار هو عملة ذهبية، والمقصود أنه أراد صرف مبلغ قدره مائة دينار.
● طلحة بن عبيد الله: أحد العشرة المبشرين بالجنة، صحابي جليل.
● تراوضنا: تفاوضنا وتراضينا على السعر.
● اصطرف مني: أخذ منه الصرف (أي أخذ الذهب وأعطاه بدله الفضة أو العكس).
● يقلبها في يده: يتفحصها ويتأكد من جودتها.
● خازني: خازنه أو أمين صندوقه.
● من الغابة: اسم مكان قرب المدينة المنورة.
● الذهب: المقصود به الدينار الذهبي.
● الورق: المقصود به الدرهم الفضي.
● ربا: محرم شرعًا.
● إلا هاء وهاء: كلمة "هاء" للإشارة، والمعنى: إلا يدًا بيد (أي التقابض في المجلس قبل التفرق).

2. شرح الحديث:

القصة التي ورد فيها الحديث:
يروي مالك بن أوس أنه أراد صرف مائة دينار (عملة ذهبية) إلى دراهم (عملة فضية) أو العكس. فتفاوض مع الصحابي الجليل طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه - على سعر الصرف، وتراضيا على ذلك. فأخذ طلحة الذهب وبدأ يتفحصه، ثم قال: سأنتظر حتى يأتيني خازني من الغابة (ربما ليحضر الفضة أو للتأكد من وجودها). فسمع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ذلك، فغضب وقال: "والله لا تفارقه حتى تأخذ منه" أي يجب أن تأخذ الفضة الآن ولا تؤجل التقابض. ثم استدل عمر بحديث رسول الله ﷺ الذي ينهى عن ربا النسيئة في الصرف.
شرح حديث النبي ﷺ:
قال رسول الله ﷺ:
- «الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء»: أي إذا بادلتَ الذهب بالفضة (أي العملة الذهبية بالعملة الفضية) فإن ذلك يكون ربا محرمًا إلا إذا تم التقابض يدًا بيد في نفس المجلس قبل التفرق.
- ثم ذكر أنواعًا أخرى من الأطعمة التي كانت تستعمل كعملة أو مقياس للقيمة في ذلك الزمن:
- «والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء»: القمح الجيد بالقمح الجيد.
- «والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء».
- «والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء».
المعنى الإجمالي:
يحرم بيع الذهب بالذهب، أو الفضة بالفضة، أو البر بالبر، أو التمر بالتمر، أو الشعير بالشعير إلا بشرطين:
1- التساوي (إذا كان من نفس الجنس): فلا يجوز بيع ذهب بذهب إلا مثلاً بمثل.
2- التقابض في المجلس قبل التفرق: فلا يجوز التأجيل في قبض أحد البدلين.
وهذا ما يسمى بـ ربا الفضل وربا النسيئة.

3. الدروس المستفادة منه:

1- تحريم ربا الصرف: وهو بيع الذهب بالفضة أو العكس مع التأجيل أو بدون التقابض الفوري.
2- اشتراط التقابض في بيع العملات: إذا بيعت عملة بعملة أخرى (صرف العملات) فيجب أن يتم التقابض في نفس المجلس قبل تفرق المتصارفين.
3- الحكمة من التحريم: evitar الظلم والغش والاستغلال، وحماية الاقتصاد من المضاربات المحرمة.
4- حرص الصحابة على تطبيق السنة: فقد تدخل عمر بن الخطاب فورًا ليمنع المخالفة ويطبق حديث رسول الله ﷺ.
5- الورع والتقوى في المعاملات: حتى الصحابة الكرام كانوا يتورعون في أمور البيع والشراء ويطبقون تعاليم الإسلام بدقة.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث أصل في باب بيوع الصرف وهو متفق عليه (رواه البخاري ومسلم).
- الأشياء التي وردت في الحديث (الذهب، الفضة، البر، التمر، الشعير) تسمى "الأموال الربوية"، ويقاس عليها غيرها من العملات والأطعمة التي لها نفس العلة.
- العلة في الذهب والفضة: كونهما ثمنًا (أي عملة)، والعلة في الأطعمة الأربعة: القت والوزن (أي أنها موزونة أو مكيلة).
- إذا اختلف الجنس (مثل بيع ذهب بفضة) فيجوز التفاضل (أخذ أكثر أو أقل) ولكن يشترط التقابض الفوري.
- الفقهاء قد توسعوا في قياس العملات الورقية الحديثة على الذهب والفضة، فيشترط في صرفها التقابض الفوري.

أسأل الله تعالى أن يفقهنا في الدين، ويب

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في البيوع (٣٨) عن ابن شهاب، عن مالك بن أوس فذكره. ورواه البخاري في البيوع (٢١٧٤) من طريق مالك به مثله.
ورواه مسلم في المساقاة (١٥٨٦) من وجه آخر عن الزهري به نحوه.
قوله: «فتراوضنا» أي تجارينا الكلام في قدر العوض بالزيادة والنقص، كأن كلا منهما كان يروض صاحبه، ويسهل خلقه. وقيل: المراوضة هنا المواصفة بالسلعة، وهي أن يصف كل منهما سلعته لرفيقه.
وقوله: «إلا هاء وهاء» أي خذ، وهات، والمعنى إلا يدا بيد، يعني مقابضة في المجلس.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 298 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء

📜 حديث: الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية