حديث: أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب النهي عن خيانة من خانك
حسن: رواه أبو داود (٣٥٣٥)، والترمذي (١٢٦٤)، والدارقطني (٣/ ٣٥)، والحاكم (٢/ ٤٦) كلهم من طريق شريك وقيس، كلاهما عن أبي حصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة فذكر الحديث.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يحمل قاعدة أخلاقية كبرى في التعامل مع الناس. وإليك الشرح المفصل له:
الحديث بلفظه:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ».
١. شرح المفردات:
● أَدِّ: من الإِيتاء، أي: أَعطِ وأوفِ وأسلِم.
● الْأَمَانَةَ: كل ما ائتُمنت عليه من مال، أو سر، أو عهد، أو مسؤولية، وهي ضد الخيانة.
● إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ: أي إلى الشخص الذي وثق بك فاستأمنك على شيء من أموره.
● وَلَا تَخُنْ: لا تفعل الخيانة، وهي الغدر وإخفاء الحقوق وعدم الوفاء.
● مَنْ خَانَكَ: أي الشخص الذي خانك وغدر بك ولم يؤدِ أمانته.
٢. شرح الحديث:
ينقصل الحديث إلى حكمين عظيمين:
الحكم الأول: «أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ»
هذا أمر صريح من النبي صلى الله عليه وسلم بالوفاء بالأمانة وإرجاعها إلى أصحابها، سواء كانت أمانة مادية كالوديعة أو المال، أو معنوية كالأسرار والعهود والوظائف. هذا هو الأصل في تعامل المسلم مع الآخرين، وهو دليل على قوة إيمانه واستقامة خلقه. قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58].
الحكم الثاني: «وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ»
هذا هو جوهر الحديث وعظمته. فهو نهي عن مقابلة الخيانة بمثلها. أي: إذا خانك شخص وغدر بك، فلا يجوز لك أن ترد عليه بخيانة مماثلة. فليس من أخلاق المسلم أن ينتقم لنفسه بفعل الحرام. الخيانة حرام سواء كان الطرف الآخر أميناً أو خائناً. فالأمر بالأمانة مطلق، والنهي عن الخيانة مطلق، لا يتغير بحال من الأحوال.
٣. الدروس المستفادة والعبر:
1- ثبات مبدأ الأمانة واستقلاليته: الأمانة خلق إسلامي قائم بذاته، لا يتأثر بسلوك الآخرين. المسلم أمين لأنه يطيع ربه، لا لأنه ينتظر المقابل من الناس.
2- التربية على العفو والحلم: الحديث يدعو إلى sublimation الأخلاقي، بحيث لا ينحدر المسلم إلى مستوى من أساء إليه، بل يرفع نفسه بأخلاقه.
3- الفرق بين الحقوق والانتقام: لك الحق أن تطالب بحقك الشرعي ممن خانك عبر القضاء أو الحكم الشرعي، ولكن ليس لك الحق أن تسلب حقّه أو تخونه انتقاماً منه. فالخيانة ليست طريقاً للعدالة.
4- صلاح المجتمع: إذا ساد مبدأ "من خانك فخنه" لتحول المجتمع إلى غابة يأكل القوي فيها الضعيف. ولكن التمسك بهذا الحديث يبني مجتمعاً قائماً على الثقة والطمأنينة.
5- قوة الإيمان: الاستجابة لهذا الأمر تحتاج إلى قوة إيمان وصبر عظيم، وهو من علامات كمال الإيمان وحسن الإسلام.
٤. معلومات إضافية:
● درجة الحديث: حديث حسن. رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود، والترمذي، وغيرهم.
● من فوائده في الدعوة: عندما يرى غير المسلم أن المسلم يؤدي الأمانة حتى لمن خانه، فإن هذا يكون سبباً قوياً في هدايته وإعجابه بدين الإسلام.
● العلاقة بالحديث الآخر: يكمل هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: «وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ» [الحديث: "انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً"]، فيأمر بالصبر على أذى الآخرين وعدم مقابلة الإساءة بمثلها.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يسمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يرزقنا حسن الخلق والوفاء بالأمانات.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
قال الترمذيّ: «حسن غريب».
وقال الحاكم: «حديث شريك عن أبي حصين صحيح على شرط مسلم».
قال الأعظمي: شريك سيء الحفظ، وتابعه قيس، وهو ابن الربيع، وهو ضعيف أيضًا، ولكن متابعة بعضهم لبعض تقويه إذ ليس أحد منهما متهما، وإنما أخذ عليهما سوء حفظهما.
وفي الباب ما روي عن يوسف بن ماهك قال: كنت أنا ورجل من قريش نلي مال أيتام. قال: وكان رجل قد ذهب مني بألف درهم. قال: فوقعت له في يدي ألف درهم. قال: فقلت للقرشي: إنه قد ذهب لي بألف درهم، وقد أصبت له ألف درهم. قال: فقال القرشي: حدثني أبي أنه سمع رسول اللَّه ﷺ يقول: «أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك».
رواه أحمد (١٥٤٢٤) عن محمد بن أبي عدي، عن حميد، عن رجل من أهل مكة يقال له يوسف، قال فذكره.
ورواه أبو داود (٣٥٣٤) عن أبي كامل أن يزيد بن زريع حدثهم، حدّثنا حميد -يعني الطويل-،
عن يوسف بن ماهك المكي قال: كنت أكتب لفلان نفقة أيتام كان وليهم، فغالطوه بألف درهم، فأداها إليهم، فأدركت لهم من مالهم مثليها. قال: قلت: أقبض الألف الذي ذهبوا به منك. قال: لا، حدثني أبي أنه سمع رسول اللَّه ﷺ يقول فذكر الحديث.
وفيه جهالة ابن الصحابي الذي روى عنه يوسف بن ماهك.
ورواه الدارقطني (٣/ ٣٥) من طريق حميد الطويل، عن يوسف بن يعقوب، عن رجل من قريش، عن أبي بن كعب قال: سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول فذكر الحديث.
وللحديث شواهد أخرى عن أنس، وغيره، وفي كله كلام.
ومن قال بظاهر الحديث نهى أن يأخذ أحد شيئًا مما وقع في يده من مال الخائن. ومن لم يأخذ به رخص أن يأخذ ما وقع في يده من مال الخائن بقدر حقه، وحملوا النهي على الزيادة من حقه.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 289 من أصل 506 حديثاً له شرح
- 264 كنت شريكي فنعم الشريك كنت لا تداري ولا تماري
- 265 من اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه
- 266 الحلال بيّن والحرام بيّن وبين ذلك شبهات
- 267 لا يبالي المرء بما أخذ المال أمن الحلال أم من...
- 268 إن الله كره لكم ثلاثا: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة...
- 269 يعبدوه ولا تشركوا به شيئًا
- 270 من غش فليس مني
- 271 معنى: من غشنا فليس منا
- 272 من غشنا فليس منا، ومن رمانا فليس منا
- 273 المسلم أخو المسلم لا يحل له بيع فيه عيب إلا...
- 274 من غشنا فليس منا
- 275 الحلف منفقة للسلعة ممحقة للبركة
- 276 رجل بايع إماما لا يبايعه إلا لدنيا، فإن أعطاه منها...
- 277 البياع الحلاف والفقير المختال والشيخ الزاني والإمام الجائر
- 278 المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب
- 279 ورجل له جار يؤذيه، فيصبر على أذاه، ويحتسبه حتى يكفيه...
- 280 إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا
- 281 إياكم وكثرة الحلف في البيع
- 282 التجار هم الفجار لأنهم يحدثون فيكذبون ويحلفون فيأثمون
- 283 أشيمط زان، وعائل مستكبر، ورجل جعل الله له بضاعة لا...
- 284 باع آخرته بدنياه
- 285 يا معشر التجار إن البيع يحضره اللغو والحلف فشوبوه بالصدقة
- 286 التجار يحشرون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى وبر وصدق
- 287 صفة رسول الله في التوراة
- 288 النهي عن الشراء والبيع في المسجد
- 289 أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك
- 290 السبع الموبقات التي حذر منها النبي
- 291 نهى النبي عن ثمن الكلب وثمن الدم وآكل الربا ومؤكله
- 292 آكل الربا في النهر يرمى بالحجارة كلما أراد الخروج
- 293 آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه
- 294 آكل الربا وموكله
- 295 عاقبة أمر آكل الربا إلى قلة
- 296 آخر آية نزلت على النبي ﷺ آية الربا
- 297 آخر ما نزل من القرآن آية الربا
- 298 الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء
- 299 لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل
- 300 البر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر
- 301 بيعوا الذهب بالفضة والفضة بالذهب كيف شئتم
- 302 بيع النسيئة ربا
- 303 الذهب بالذهب والفضة بالفضة مثلاً بمثل يدا بيد
- 304 نهى رسول الله ﷺ عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة...
- 305 الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما
- 306 التمر بالتمر والحنطة بالحنطة مثلاً بمثل يدا بيد
- 307 الذهب بالذهب وزنا بوزن مثلا بمثل
- 308 لا تبيعوا الدينار بالدينارين ولا الدرهم بالدرهمين
- 309 تحريم التفاضل في بيع الذهب والفضة
- 310 بع الجمع بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جنيبا
- 311 بيع التمر صاعين بصاع
- 312 بع التمر بيعًا آخر ثم اشتره
- 313 الطعام بالطعام مثلا بمثل
معلومات عن حديث: أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك
📜 حديث: أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








