حديث: بيعوا الذهب بالفضة والفضة بالذهب كيف شئتم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب جريان ربا الفضل والنسيئة في الأصناف الربوية

عن أبي بكرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا سواء بسواء، والفضة بالفضة إلا سواء بسواء، وبيعوا الذهب بالفضة، والفضة بالذهب كيف شئتم».

متفق عليه: رواه البخاريّ في البيوع (٢١٧٥)، ومسلم في المساقاة (١٥٩٠) من طريق يحيى بن أبي إسحاق، حدّثنا عبد الرحمن بن أبي بكرة قال: قال أبو بكرة فذكره.

عن أبي بكرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا سواء بسواء، والفضة بالفضة إلا سواء بسواء، وبيعوا الذهب بالفضة، والفضة بالذهب كيف شئتم».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا و أن ينفعنا بما علمنا و أن يزيدنا علما وفقها في الدين، وأن يغفر ذنوبنا ويستر عيوبنا ويجعلنا هداة مهتدين.
هذا الحديث العظيم الذي رواه أبو بكرة نفيع بن الحارث رضي الله عنه، وهو من الأحاديث الأساسية التي تُبنى عليها أحكام المعاملات المالية في الإسلام، خاصة فيما يتعلق ببيع الذهب والفضة، وهما أصل النقدين.

أولاً. شرح المفردات:


● لا تبيعوا الذهب بالذهب: أي لا تقوموا بعملية بيع حيث يكون الذهب هو السلعة المباعة والثمن المدفوع مقابلها.
● إلا سواء بسواء: يعني إلا أن يكون المقداران متساويين تماماً في الوزن، ويتم التقابض في نفس المجلس (يداً بيد).
● والفضة بالفضة إلا سواء بسواء: نفس الحكم ينطبق على الفضة.
● وبيعوا الذهب بالفضة، والفضة بالذهب كيف شئتم: هنا يجوز التفاضل (أي أن تبيع مقداراً من الذهب بمقدار أكبر أو أقل من الفضة)، ولكن يشترط التقابض الفوري في المجلس.


ثانياً. شرح الحديث:


يضع النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث قاعدة ذهبية من قواعد الاقتصاد الإسلامي، وهي تحريم الربا في بيع الجنس بالجنس من الذهب والفضة (وهما الأثمان).
1- حالة بيع الذهب بالذهب أو الفضة بالفضة (بيع الجنس بالجنس):
* اشتراط التساوي: يجب أن يكون المقداران متساويين تماماً في الوزن. فلا يجوز بيع 10 غرامات من الذهب عيار 24 بـ 11 غراماً من الذهب عيار 24، حتى لو كان ذلك عن طريق التقسيط أو التأجيل.
* اشتراط التقابض: يجب أن يتم تبادل الذهبين أو الفضتين في نفس المجلس، قبل تفرق المتعاقدين (يداً بيد). فلا يجوز أن أبيعك ذهبي بذهبك ثم نؤجل التسليم لأحدهما.
2- حالة بيع الذهب بالفضة أو العكس (بيع جنس بجنس مختلف):
* جواز التفاضل: هنا يجوز التفاضل، أي أن تبيع غراماً واحداً من الذهب بمائة غرام من الفضة، أو العكس، حسب سعر الصرف السائد في السوق.
* اشتراط التقابض: يشترط أيضاً التقابض الفوري في المجلس. فلا يجوز بيع الذهب بالفضة ثم تأجيل تسليم أحدهما.
الحكمة من هذا التحريم: الذهب والفضة كانا هما أساس النقود في ذلك الوقت، وهما يمثلان "الثمن" أو "العملة". فبيعها ببعضها مع التفاضل أو التأجيل يؤدي إلى الربا، وهو زيادة في الدين دون مقابل مشروع، وهو من الكبائر المحرمة. فمثلاً، إذا بعت 10 غرامات ذهب بـ 11 غراماً مؤجلة، فهذه الزيادة (الغرام) هي ربا محرم.


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- تحريم الربا بجميع أشكاله: يهدف الإسلام إلى إقامة تعاملات مالية نظيفة وعادلة، تخلو من الاستغلال والظلم. وهذا الحديث يقطع الطريق على أحد أبواب الربا الخفية.
2- العدل في المعاملات: التشديد على "سواء بسواء" و"يداً بيد" يؤكد على مبدأ العدل المطلق في المعاملات المالية، ويمنع أي شكل من أشكال الغبن أو الغش.
3- مراعاة المصالح العامة: النظام المالي الإسلامي يهدف إلى حماية المجتمع ككل من الأزمات الاقتصادية التي تنتج عن المعاملات الربوية غير المستقرة.
4- شمولية الإسلام: الإسلام ليس عبادة فقط، بل هو نظام حياة شامل ينظم علاقة الإنسان بربه وبنفسه وبغيره من البشر، بما في ذلك المعاملات المالية الدقيقة.


رابعاً. معلومات إضافية وتطبيقات معاصرة:


* النقود الورقية: أجمع معظم علماء العصر على أن النقود الورقية (كالدولار واليورو والريال وغيرها) تأخذ حكم الذهب والفضة في هذه الأحكام، لأنها أصبحت هي "الأثمان" في زماننا. لذلك:
* تبادل العملة نفسها: لا يجوز بيع الدولار بالدولار إلا مثلاً بمثل، يداً بيد. فلا يجوز بيع 1000 دولار نقداً بـ 1100 دولار مؤجلة، فهذا ربا.
* تبادل عملات مختلفة: يجوز بيع الدولار باليورو أو الريال بالدولار مع التفاضل (حسب سعر الصرف)، ولكن يشترط التقابض الفوري في المجلس.
* شراء الذهب: إذا أردت شراء ذهب (مصنع أو حلي) ودفعت ثمنه نقداً، فلا بد أن تستلم الذهب في نفس المجلس قبل أن تفارق البائع. ولا يجوز أن تدفع الثمن ثم تستلم الذهب لاحقاً.
* التعامل بالبطاقات الائتمانية: الكثير من المعاملات التي تتم عبر البطاقات الائتمانية لشراء الذهب أو العملات إذا لم يكن هناك تقابض حقيقي وفوري، فإنها تدخل في دائرة الربا المحرم، فيجب الحذر والتحري.
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في ديننا، وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح، وأن يجعل معاملاتنا خالية من الشبهات والربا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في البيوع (٢١٧٥)، ومسلم في المساقاة (١٥٩٠) من طريق يحيى بن أبي إسحاق، حدّثنا عبد الرحمن بن أبي بكرة قال: قال أبو بكرة فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 301 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: بيعوا الذهب بالفضة والفضة بالذهب كيف شئتم

  • 📜 حديث: بيعوا الذهب بالفضة والفضة بالذهب كيف شئتم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: بيعوا الذهب بالفضة والفضة بالذهب كيف شئتم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: بيعوا الذهب بالفضة والفضة بالذهب كيف شئتم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: بيعوا الذهب بالفضة والفضة بالذهب كيف شئتم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب