حديث: الولاء لمن ولي النعمة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب إنما الولاء لمن أعتق

عن عائشة أنها اشترت بريرة من أناس من الأنصار، واشترطوا الولاء، فقال رسول اللَّه ﷺ: «الولاء لمن ولي النعمة». وخيرها رسول اللَّه ﷺ، وكان زوجها عبدا، وأهدت لعائشة لحما، فقال رسول اللَّه ﷺ: «لو صنعتم لنا من هذا اللحم». قالت عائشة: تصدق به على بريرة، فقال: «هو لها صدقة، ولنا هدية».

متفق عليه: رواه مسلم في العتق (١٥٠٤: ١١) عن أبي بكر بن أبي شيبة، حدثنا حسين بن علي، عن زائدة، عن سماك، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة فذكرته.

عن عائشة أنها اشترت بريرة من أناس من الأنصار، واشترطوا الولاء، فقال رسول اللَّه ﷺ: «الولاء لمن ولي النعمة». وخيرها رسول اللَّه ﷺ، وكان زوجها عبدا، وأهدت لعائشة لحما، فقال رسول اللَّه ﷺ: «لو صنعتم لنا من هذا اللحم». قالت عائشة: تصدق به على بريرة، فقال: «هو لها صدقة، ولنا هدية».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما ندرس ونفهم من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
هذا الحديث العظيم الذي روي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وهو موجود في الصحيحين (البخاري ومسلم)، يحوي عدة أحكام فقهية مهمة، وفيما يلي شرحه مفصلاً:

أولاً. شرح مفردات الحديث:


● بَرِيرَةَ: اسم أمة (جارية) كانت مملوكة لقوم من الأنصار.
● اشْتَرَتْ: أي أن عائشة رضي الله عنها اشترتها لتعتقها.
● الْوَلَاءَ: هو حق خاص بالإنسان الحر يثبت له بسبب عتق عبده، فيرثه إذا لم يكن له وارث من ذوي أرحامه. وهو نوع من التوارث الخاص بسبب النعمة (نعمة العتق).
● واشْتَرَطُوا الْوَلَاءَ: طلب أهل بريرة (الأنصار) أن يبقى حق الولاء لهم، لا ينتقل إلى عائشة التي ستعتقها.
● وَلِيّ النِّعْمَةِ: هو المُنعِم، وهو الذي أنعم على العبد بالعتق، فصار حراً بسببه.
● وَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أعطاها النبي صلى الله عليه وسلم الخيار في البقاء مع زوجها أو افتراقه عنه.
● كَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا: كان زوجها (مُغِيثٌ) لا يزال عبداً مملوكاً، لم يعتق بعد.
● تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ: أعطته لها على سبيل الصدقة.
● هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ: بين النبي صلى الله عليه وسلم الفرق بين الصدقة والهدية في حقه.


ثانياً. شرح الحديث وفقهه:


يمكن تقسيم الحديث إلى ثلاثة مشاهد رئيسية، كل منها يحوي حكماً مهماً:
المشهد الأول: حكم الولاء واشتراطه
- اشترت السيدة عائشة رضي الله عنها الجارية بَرِيرَةَ من سادتها من الأنصار لِتُعْتِقَهَا وتُحَرِّرَهَا.
- عند البيع، اشترط سادتها القدامى (الأنصار) أن يبقى حَقُّ الْوَلَاءِ لهم، أي أن يرثوها إذا ماتت ولا وارث لها من عصبتها.
- فجاء الحكم النبوي الشريف ليُبْطِل هذا الشرط ويُقَرِّر القاعدة الأصولية: «الْوَلَاءُ لِمَنْ وَلِيَ النِّعْمَةَ».
● التفسير: النعمة هنا هي نعمة العتق والتخليص من الرق. وبما أن عائشة هي التي ستدفع الثمن وتعتقها، فهي صاحبة النعمة الحقيقية، فحق الولاء يثبت لها، ولا يصح شرط إبقائه للأنصار. وهذا من باب إبطال الشروط الفاسدة والظالمة في المعاملات.
المشهد الثاني: خيار الفراق للزوجة المعتقة
- بعد أن أعتقت عائشةُ بريرةَ، أصبحت بريرة حرة.
- كان زوجها مُغِيثٌ لا يزال عبداً.
- هنا خَيَّرَهَا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين:
1. أن تبقى مع زوجها عبداً (حيث كان النكاح صحيحاً وهي أمة وهو عبد).
2. أن تفارقه، لأن حرية أحد الزوجين بعد الرق قد تخلُّ بالكفاءة وتجعل استمرار الحياة الزوجية صعباً.
● الحكم المستفاد: إذا أُعتقت الأمة وكان زوجها عبداً، فلها الخيار في فسخ النكاح أو إبقائه. وهذا من رحمة الشريعة ومراعاتها للظروف النفسية والاجتماعية.
المشهد الثالث: الفرق بين الصدقة والهدية لأهل البيت النبوي
- تصدقت السيدة عائشة بلحم أهدي لها من بريرة.
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَوْ صَنَعْتُمْ لَنَا مِنْ هَذَا اللَّحْمِ»، أي تمنى أن يكون قد أُهدي لهم ليأكلوا منه.
- فأخبرته عائشة أنه قد تَصَدَّقَتْ به على بريرة.
- ففَرَّق النبي صلى الله عليه وسلم بين الحكمين بقوله: «هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ».
● التفسير والفرق:
● الصدقة: محرمة على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آل بيته (بني هاشم) تشريفاً لهم، لئلا تكون لهم ذلةً أو أوساخاً من أيدي الناس. فما كان على سبيل الصدقة لا يحل لهم أكله.
● الهدية: حلال لهم بل ومستحبة، لأنها من صور التودد والمحبة. فلو أن بريرة أعطت اللحم لعائشة على سبيل الهدية (وليس الصدقة) لحَلَّ لهم أكله.


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- إبطال الشروط الجائرة: لا يصح في الإسلام أي شرط في معاملة يخالف أحكام الشريعة ومقاصدها، كشرط إبقاء الولاء لغير المعتق.
2- الحكمة من تشريع الخيار للزوجة المعتقة: مراعاة للجانب النفسي والاجتماعي، وضماناً لاستقرار الحياة الزوجية على أساس من المساواة والوئام.
3- الفرق بين الصدقة والهدية: دقة التشريع الإسلامي في التفريق بين الأحكام بناء على النية والقصد، فالعبرة بالمعاني والمقاصد وليس بالألفاظ والمباني فقط.
4- تواضع النبي صلى الله عليه وسلم وحبه للهدايا: فيه بيان تواضعه ورغبته في تقبل هدايا الناس وق
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في العتق (١٥٠٤: ١١) عن أبي بكر بن أبي شيبة، حدثنا حسين بن علي، عن زائدة، عن سماك، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة فذكرته.
ورواه البخاري في الهبة (٢٥٧٨)، ومسلم كلاهما من حديث شعبة، عن عبد الرحمن بن القاسم، وفيه: قال عبد الرحمن: «زوجها حر، أو عبد».
قال شعبة: «سألت عبد الرحمن عن زوجها، قال: لا أدري أحر، أم عبد». هذا لفظ البخاري، ولفظ مسلم: قال: لا أدري.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 28 من أصل 53 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الولاء لمن ولي النعمة

  • 📜 حديث: الولاء لمن ولي النعمة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: الولاء لمن ولي النعمة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: الولاء لمن ولي النعمة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: الولاء لمن ولي النعمة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب