كاتبت أهلي على أن أغرس لهم خمس مائة فسيلة

حديث: كاتبت أهلي على أن أغرس لهم خمس مائة فسيلة

عن سلمان قال: كاتبت أهلي على أن أغرس لهم خمس مائة فسيلة، فإذا علقِت فأنا حر. قال: فأتيت النبي ﷺ، فذكرت ذلك له، فقال: «اغرس، واشترط لهم، فإذا أردت أن تغرس فآذني». قال: فآذنته. قال: فجاء، فجعل يغرس بيده إلا واحدة، غرستها بيدي، فعلقن إلا الواحدة.

حسن: رواه أحمد (٢٣٧٣٠) عن عفان، حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنا علي بن زيد، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من أحاديث السيرة النبوية، يرويه الصحابي الجليل سلمان الفارسي رضي الله عنه، وهو من الأحاديث التي تُظهر رحمة النبي ﷺ وعدله وحكمته في التعامل مع قضايا الرق والعتق.

الحديث بلفظ آخر أوضح:

روى الإمام أحمد في مسنده عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال:
"كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى أَنْ أَغْرِسَ لَهُمْ خَمْسَمِائَةِ فَسِيلَةٍ، فَإِذَا عَلِقَتْ فَأَنَا حُرٌّ. فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «اغْرِسْ، وَاشْتَرِطْ لَهُمْ، فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَغْرِسَ فَآذِنِّي». فَآذَنْتُهُ، فَجَاءَ فَجَعَلَ يَغْرِسُ بِيَدِهِ إِلَّا وَاحِدَةً، غَرَسْتُهَا بِيَدِي، فَعَلِقْنَ إِلَّا الْوَاحِدَةَ".

1. شرح المفردات:

● كَاتَبْتُ: عقدت معهم كتابةً، وهي عقد يُلزم العبد بدفع مالٍ لسيده مقابل عتقه.
● أَهْلِي: هنا يقصد مالكيه أو سادته الذين كانوا يملكونه قبل إسلامه.
● فَسِيلَةٍ: النخلة الصغيرة التي تُغرس لتكبر.
● عَلِقَتْ: ثبتت في الأرض ونمت، أي صارت أشجاراً مثمرة.
● اشْتَرِطْ لَهُمْ: اطلب منهم شرطاً إضافياً يحفظ حقك.
● آذِنِّي: أعلمني وأخبرني.

2. شرح الحديث:

كان سلمان الفارسي رضي الله عنه عبداً لبعض اليهود في المدينة، فأراد أن يعتق نفسه بالكتابة (المكاتبة)، فاتفق مع سادته على أن يغرس لهم خمس مائة نخلة، فإذا نَمَت هذه النخيل وثبتت في الأرض أصبح حراً.
فأتى النبي ﷺ يستشيره في هذا الاتفاق، فأمره النبي ﷺ بالمضي فيه، ولكن نصحه أن يطلب من سادته شرطاً إضافياً يحفظ حقه، وهو أن يكون الغرس في وقت مناسب وبطريقة تضمن نجاح النخيل.
ثم طلب منه النبي ﷺ أن يُعلمه عندما يبدأ في الغرس، فلما أخبره، جاء النبي ﷺ بنفسه وشارك في غرس النخيل بيده الكريمة، فغرس جميع النخيل إلا واحدة غرسها سلمان بيده.
فنمت جميع النخيل التي غرسها النبي ﷺ وثبتت، إلا النخلة التي غرسها سلمان لم تنمُ.

3. الدروس المستفادة منه:

1- جواز المكاتبة: شرعية عتق العبد بالكتابة، وهو ما أقرّه الإسلام.
2- مشورة أهل العلم: أهمية استشارة العلماء في الأمور المهمة، كما فعل سلمان مع النبي ﷺ.
3- بركة النبي ﷺ: بركة يد النبي ﷺ في الغرس، حيث نَمَت جميع النخيل التي غرسها، بينما التي غرسها سلمان لم تنمُ.
4- التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب: النبي ﷺ لم يكتفِ بالدعاء، بل شارك بنفسه في الغرس.
5- العدل والرحمة: حرص النبي ﷺ على نصح سلمان بشروط تحفظ حقه.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث من أحاديث المعجزات الحسية للنبي ﷺ، حيث نَمَت النخيل ببركته.
- سلمان الفارسي رضي الله عنه كان من كبار الصحابة، وهو الذي أشار على النبي ﷺ بحفر الخندق في غزوة الأحزاب.
- المكاتبة مشروعة في الإسلام بشروطها، ومنها أن يكون العبد قادراً على الوفاء بالمال.

اللهم ارزقنا حب نبيك محمد ﷺ واتباع سنته، واجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٢٣٧٣٠) عن عفان، حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنا علي بن زيد، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان فذكره.
وعلي بن زيد هو ابن جدعان ضعيف، لكن تابعه عاصم بن سليمان الأحول، رواه الحاكم (٢/ ٢١٧ - ٢١٨)، وعنه البيهقي (١٠/ ٣٢١) كلاهما من حديث عثمان بن مسلم، ثنا حماد بن سلمة، عن عاصم بن سليمان الأحول، وعلي بن زيد، كلاهما عن أبي عثمان النهدي فذكره.
وفي الباب ما روي عن سهل بن حنيف قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «من أعان مجاهدا في سبيل اللَّه عز وجل، أو مكاتبا في رقبته أظله اللَّه يوم لا ظل إلا ظله». رواه أحمد (١٥٩٨٦) عن زكريا بن عدي قال: أخبرنا عبيد اللَّه بن عمرو، عن عبد اللَّه بن محمد بن عقيل، عن عبد اللَّه بن سهل بن حنيف، عن أبيه فذكره.
وفيه عبد اللَّه بن سهل بن حنيف الأنصاري من رجال «التعجيل» (٥٤٩)، لم يرو عنه سوى عبد اللَّه بن عقيل، ليس بمشهور، قال الحافظ: «صحح حديثه الحاكم، ولم أره في ثقات ابن حبان، وهو على شرطه».
قال الأعظمي: وهو كما قال، أخرجه الحاكم (٢/ ٨٩ - ٩٠)، وأحمد (١٥٩٨٧) كلاهما من حديث زهير بن محمد قال: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن عقيل، عن عبد اللَّه بن سهل بن حنيف، أن سهلا حدثه أن رسول اللَّه ﷺ قال: «من أعان مجاهدا في سبيل اللَّه، أو غارما في عسرته، أو مكاتبا في رقبته أظله اللَّه في ظله يوم لا ظل إلا ظله». وسكت عليه الحاكم.
ثم رواه (٢/ ٢١٧) من طريق عمرو بن ثابت، عن عبد اللَّه بن محمد بن عقيل بإسناده نحوه، وقال: «صحيح الإسناد». فتعقبه الذهبي بقوله: «بل عمرو رافضي متروك».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 19 من أصل 53 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: كاتبت أهلي على أن أغرس لهم خمس مائة فسيلة

📜 حديث: كاتبت أهلي على أن أغرس لهم خمس مائة فسيلة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: كاتبت أهلي على أن أغرس لهم خمس مائة فسيلة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: كاتبت أهلي على أن أغرس لهم خمس مائة فسيلة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: كاتبت أهلي على أن أغرس لهم خمس مائة فسيلة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية