من أعتق عبدا بينه وبين آخر قوم عليه في ماله قيمة عدل

حديث: من أعتق عبدا بينه وبين آخر قوم عليه في ماله قيمة عدل

عن ابن عمر أن رسول اللَّه ﷺ قال: «من أعتق عبدا بينه وبين آخر قُوِّم عليه في ماله قيمة عدل، لا وكس، ولا شطط، ثم عتق عليه في ماله إن كان موسرا».

متفق عليه: رواه البخاري في العتق (٢٥٢١)، ومسلم في الأيمان والنذور (١٥٠١: ٥٠) كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو (هو ابن دينار)، عن سالم، عن أبيه، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الشريف الذي سألت عنه رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو حديث صحيح ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يتعلق بأحكام العتق (تحرير الرقيق) والشراكة في ملكية العبد. وإليك الشرح المفصل:

أولاً. شرح المفردات:

* أعتق عبداً بينه وبين آخر: أي اشترك مع شخص آخر في ملكية عبد (مملوك)، ثم قام أحد الشريكين بعتق (تحرير) نصيبه من هذا العبد.
* قُوِّم عليه في ماله قيمة عدل: أي يُقدَّر قيمة هذا العبد كاملاً تقديراً عادلاً في السوق.
* لا وكس: الوكس هو النقص. أي لا ينقص من قيمته عمداً.
* ولا شطط: الشطط هو الجور والزيادة والمبالغة. أي لا يزيد في قيمته أو يبالغ فيها.
* ثم عتق عليه في ماله: أي يصبح العبد حراً بالكامل، ويجب على المعتق (الشريك الذي أعتق نصيبه) أن يدفع قيمةَ النصف (أو النسبة) الباقي لشريكه من ماله.
* إن كان موسراً: أي إذا كان المعتق غنياً قادراً على دفع هذه القيمة.

ثانياً. شرح الحديث ومعناه الإجمالي:

يصور الحديث حالة عملية: imagine أن عبداً مملوكاً لشخصين (مثلاً نصفه لأحمد ونصفه لمحمد). فإذا أراد أحمد أن يعتق (يحرر) نصيبه من هذا العبد، لا يصبح العبد حراً بالكامل بمجرد عتق أحمد لنصيبه، لأن النصف الآخر ما زال مملوكاً لمحمد.
ولحل هذه المسألة شرع النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحكم العادل، وهو:
1. يُقدَّر قيمة العبد كاملاً في السوق بتقييم عادل خالٍ من الغش (لا نقصان ولا مبالغة).
2. بعد معرفة القيمة الكلية، يصبح العبد حراً بالكامل تلقائياً (يُعتق عليه).
3. يلتزم الشريك المعتق (أحمد في مثالنا) بدفع قيمة النصف الباقي (نصيب شريكه محمد) من ماله الخاص لشريكه محمد، كتعويض له عن فقدانه ملكيته.
4. هذا الالتزام مشروط بيسار المعتق وقدرته المالية (إن كان موسراً). أما إذا كان معسراً (فقيراً لا يملك المال) فله أحكام أخرى ذكرها الفقهاء بناء على نصوص أخرى.
الهدف من هذا الحكم هو الجمع بين مصلحتين:
* مصلحة تحرير الرقيق وإعتاقه، وهو من أعظم القربات إلى الله تعالى.
* مصلحة الشريك الآخر وحفظ حقه المالي، وعدم إضاعة ماله دون تعويض.

ثالثاً. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:

1- العدل في المعاملات المالية: يرسخ الحديث مبدأ العدل والإنصاف في جميع المعاملات، وعدم الإضرار بأحد الطرفين لحساب الطرف الآخر.
2- مراعاة حقوق الشركاء: يحفظ الحقوق المالية للشركاء ويضمن عدم تضرر أحدهم من تصرف الآخر المنفرد.
3- الحكمة من تشريع العتق التدريجي: يشجع الإسلام على العتق ولكن في إطار نظام يحفظ الحقوق ويدفع الضرر. وهذا من كمال الشريعة وعدلها.
4- وجوب التقويم العادل (لا وكس ولا شطط): هذا تأكيد على أهمية الأمانة والصدق في التقويم، وأن يكون التقويم بسعر المثل في السوق دون غش أو محاباة.
5- مراعاة حال الشخص (اليسر والإعسار): تشريع الإسلام مرن يراعي أحوال الناس، فاشترط اليسار في وجوب الدفع على المعتق.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:

* هذا الحكم يسمى عند الفقهاء "عتق الشريك نصيبه" وهو مجمع على صحته.
* إذا كان المعتق معسراً (غير موسر)، فلا يسقط حق الشريك، ولكن ينظر الفقهاء في حلول أخرى، مثل أن يعمل العبد المُعتق (الذي صار حراً نصفه) حتى يكسب ما يسدد به قيمة النصف الآخر لشريكه، ليصبح حراً تماماً.
* العتق من أعظم أبواب الخير، وقد وعد النبي صلى الله عليه وسلم المعتَق بالأجر العظيم، فقال: «أيما رجل أعتق امرءاً مسلماً، استنقذ الله بكل عضو منه عضواً منه من النار» (رواه البخاري ومسلم).
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في ديننا، وأن يعيننا على العمل بسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في العتق (٢٥٢١)، ومسلم في الأيمان والنذور (١٥٠١: ٥٠) كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو (هو ابن دينار)، عن سالم، عن أبيه، فذكره. والسياق لمسلم.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 14 من أصل 53 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من أعتق عبدا بينه وبين آخر قوم عليه في ماله قيمة عدل

📜 حديث: من أعتق عبدا بينه وبين آخر قوم عليه في ماله قيمة عدل

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من أعتق عبدا بينه وبين آخر قوم عليه في ماله قيمة عدل

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من أعتق عبدا بينه وبين آخر قوم عليه في ماله قيمة عدل

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من أعتق عبدا بينه وبين آخر قوم عليه في ماله قيمة عدل

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية