حديث: كنا نبيع سرارينا وأمهات أولادنا والنبي فينا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب بيع أمهات الأولاد

عن جابر بن عبد اللَّه يقول: كنا نبيع سرارينا، وأمهات أولادنا، والنبي ﷺ فينا، لا نرى بذلك بأسا.

صحيح: رواه عبد الرزاق (١٣٢١١)، وعنه أحمد (١٤٤٤٦)، وابن ماجه (٢٥١٧)، وابن حبان (٤٣٢٣)، والدارقطني (٤/ ١٣٥)، والبيهقي (١٠/ ٣٤٨) كلهم عن ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد اللَّه يقول فذكره.

عن جابر بن عبد اللَّه يقول: كنا نبيع سرارينا، وأمهات أولادنا، والنبي ﷺ فينا، لا نرى بذلك بأسا.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو حديث صحيح ثابت عن الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.

أولاً. شرح المفردات:


● كنا نبيع: فعل مضارع يدل على الاستمرار، أي كنا نقوم بعملية البيع.
● سرارينا: جمع "سُرِّيَّة"، وهي الأمة (الجارية) التي يطؤها سيدها، وتسمى أمَةٌ مطيعةٌ لسيدها.
● أمهات أولادنا: هن الإماء اللاتي ولدن من سيدهن، فإذا ولدت الأمة من سيدها أصبحت "أم ولد"، ولها أحكام خاصة.
● والنبي ﷺ فينا: أي حاضر بيننا، يعلم بما نفعل ولا ينكر علينا.
● لا نرى بذلك بأسا: أي لا نعتقد أن في هذا البيع إثماً أو حرجاً.

ثانياً. شرح الحديث:


يخبر الصحابي جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن واقع Practice كان سائداً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أن الصحابة كانوا يبيعون الإماء اللاتي هم ملك لليمين، بما في ذلك:
1- السرارى: الإماء المملوكات اللاتي يطؤهن أسيادهن.
2- أمهات الأولاد: الإماء اللاتي ولدن من أسيادهن.
وكان هذا البيع يحدث والنبي صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم يعلم بهذا الفعل، ولم ينكره عليهم أو ينههم عنه. ولهذا قال جابر: "لا نرى بذلك بأساً"، أي لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقره وسكت عنه، والسكوت في حقه صلى الله عليه وسلم إقرار ورضا.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- جواز بيع الإماء مطلقاً: سواء كن سرارى أو غير ذلك، ما دمن مملوكات بحق.
2- أن سكوت النبي ﷺ عن فعل يكون إقراراً له إذا صدر في محله: وهذا من أدلة السنة، فالسنة منها القول، والفعل، والتقرير.
3- بيان واقع التشريع الإسلامي في التعامل مع الرقيق: الذي كان نظاماً عالمياً وقتها، فجاء الإسلام لتنظيمه والتخفيف من آثاره والدعوة إلى تحرير الرقاب.
4- أن أم الولد كانت تباع في بداية الإسلام: ثم نسخ هذا الحكم لاحقاً، حيث استقر الأمر على أن أم الولد لا تباع بعد موت سيدها، بل تعتق من تركته. وهذا من نسخ السنة بالسنة.

رابعاً. معلومات إضافية مهمة:


- هذا الحديث منسوخ بالنسبة لأمهات الأولاد. ففي أول الإسلام كن يبَعن، ثم جاء الحديث الصحيح الذي رواه الدارقطني وغيره: "أيما رجل كانت له وليدة فوطئها، فهي أم ولده، لا تباع، ولا تهب، ولا تورث، يستمتع بها ما حيي، فإذا مات فهي حرة". فنسخ حكم البيع.
- أما بيع السُرِّيَّة (الأمة التي ليست أم ولد) فلم ينسخ، وبقيت على أصل الجواز.
- هذا الحديث من سنة التقرير، حيث أقر النبي صلى الله عليه وسلم فعل الصحابة بالسكوت وعدم الإنكار.
نسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح.
والله أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه عبد الرزاق (١٣٢١١)، وعنه أحمد (١٤٤٤٦)، وابن ماجه (٢٥١٧)، وابن حبان (٤٣٢٣)، والدارقطني (٤/ ١٣٥)، والبيهقي (١٠/ ٣٤٨) كلهم عن ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد اللَّه يقول فذكره. وإسناده صحيح.
ورواه أبو داود (٣٩٥٠) من وجه آخر، عن عطاء، عن جابر بن عبد اللَّه قال: بعنا أمهات الأولاد على عهد رسول اللَّه ﷺ، وأبي بكر، فلما كان عمر نهانا فانتهينا.
قال الحاكم (٢/ ١٩): «صحيح على شرط مسلم».
وفي الباب ما روي عن أبي سعيد الخدري قال: كنا نبيع أمهات الأولاد على عهد رسول اللَّه ﷺ.
رواه أحمد (١١١٦٤)، والدارقطني (٤/ ١٣٥ - ١٣٦)، والحاكم (٢/ ١٩)، والبيهقي (١٠/ ٣٤٨) كلهم من طريق شعبة، عن زيد بن الحواري قال: سمعت أبا الصديق يحدث عن أبي سعيد الخدري فذكره.
وزيد بن الحواري هو العمي البصري، واسم أبيه مرة، ضعيف باتفاق أهل العلم، ومع ذلك قال الحاكم: صحيح الإسناد.
هذا هو الصحيح أن أم الولد -وهي التي ولدت من سيدها في ملكه- كانت تباع في عهد النبي ﷺ.
وما رواه أبو داود (٣٩٥٣) قال: حدثنا عبد اللَّه بن محمد النفيلي، حدثنا محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن خطاب بن صالح مولى الأنصار، عن أمه، عن سلامة بنت معقل -امرأة من خارجة قيس عيلان- قالت: قدم بي عمي في الجاهلية، فباعني من الحباب بن عمرو أخي أبي اليسر بن عمرو، فولدت له عبد الرحمن بن الحباب، ثم هلك، فقالت امرأته: الآن واللَّه تباعين في دينه، فأتيت رسول اللَّه ﷺ، فقلت: يا رسول اللَّه، إني امرأة من خارجة قيس عيلان، قدم بي عمي المدينة في الجاهلية، فباعني من الحباب بن عمرو أخي أبي اليسر بن عمرو، فولدت له عبد الرحمن بن الحباب، فقالت امرأته: الآن واللَّه تباعين في دينه. فقال رسول اللَّه ﷺ: «من ولي الحباب؟». قيل: أخوه أبو اليسر بن عمرو، فبعث إليه، فقال: «أعتقوها، فإذا سمعتم برقيق قدم علي، فأتوني أعوضكم منها». قالت: فأعتقوني، وقدم على رسول اللَّه ﷺ رقيق، فعوضهم مني غلاما». فلا يصح: فيه محمد بن إسحاق مدلس، وقد عنعن، وأم خطاب»مجهولة لا تعرف».
وأما ما روي عن ابن عمر أن النبي ﷺ «نهى عن بيع أمهات الأولاد، لا يبعن، ولا يوهبن، ولا يورثن، يستمتع بها سيدها ما دام حيا، فإذا مات فهي حرة» فالصواب أنه موقوف.
رواه الدارقطني (٤/ ١٣٥) عن أبي بكر الشافعي، نا الهيثم بن محمد بن خلف، نا عبد اللَّه بن مطيع، نا عبد اللَّه بن جعفر -هو المخزومي-، نا عبد اللَّه بن دينار، عن ابن عمر فذكره.
وأعل بعبد اللَّه بن جعفر المديني والد علي بن المديني الإمام المعروف، فإن رواياته عن عبد اللَّه ابن دينار كلها غير محفوظة، كما قال ابن عدي في ترجمته، وهذا منها.
وأما قول الدارقطني: «المخزومي» فيبدو أنه وقع خطأ في نسخته، وإلا فقد ذكره في العلل (٢/ ٤٢)، فقال فيه: عبد اللَّه بن جعفر المديني، ورجح أن يكون موقوفا على عمر بن الخطاب.
ثم رواه في السنن من وجه آخر، عن يحيى بن إسحاق، نا عبد العزيز بن مسلم، عن عبد اللَّه بن دينار، عن عبد اللَّه بن عمر، عن عمر نحوه غير مرفوع.
وكذلك رواه فليح بن سليمان، عن عبد اللَّه بن دينار.
وكذلك رواه البيهقي من رواية سلمان بن بلال وسفيان، عن عبد اللَّه بن دينار. قال البيهقي: «كذا رواية الجماعة عن عبد اللَّه بن دينار، وغلط فيه بعض الرواة عن عبد اللَّه بن دينار، فرفعه إلى النبي ﷺ، وهو وهم لا يحل ذكره».
ورواه عبد الرزاق (١٣٢٢٥) بإسناد صحيح عن ابن عمر قال: قضى عمر في أمهات الأولاد أن لا يبعن.
وكذلك لا يصح ما روي عن ابن عباس قال: ذكرت أم إبراهيم عند رسول اللَّه ﷺ، فقال: «أعتقها ولدها».
رواه ابن ماجه (٢٥١٦) عن أحمد بن يوسف قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا أبو بكر يعني النهشلي، عن الحسين بن عبد اللَّه، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.
وإسناده ضعيف من أجل الحسين بن عبد اللَّه بن عبيد اللَّه بن عباس الهاشمي المدني ضعيف باتفاق أهل العلم، ومن طريقه رواه أيضًا البيهقي (١٠/ ٣٤٦)، وقال: حسين بن عبد اللَّه ضعفه اكثر أصحاب الحديث.
وفي معناها أحاديث أخرى، رواها الدارقطني، والحاكم، والبيهقي، وكلها معلولة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 39 من أصل 53 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: كنا نبيع سرارينا وأمهات أولادنا والنبي فينا

  • 📜 حديث: كنا نبيع سرارينا وأمهات أولادنا والنبي فينا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: كنا نبيع سرارينا وأمهات أولادنا والنبي فينا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: كنا نبيع سرارينا وأمهات أولادنا والنبي فينا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: كنا نبيع سرارينا وأمهات أولادنا والنبي فينا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب