أعتقتني أم سلمة واشترطت أن أخدم النبي ما عاش

حديث: أعتقتني أم سلمة واشترطت أن أخدم النبي ما عاش

عن سفينة أبي عبد الرحمن قال: أعتقتني أم سلمة، فاشترطتْ على أن أخدم النبي ﷺ ما عاش.

حسن: رواه أبو داود (٣٩٣٢)، وابن ماجه (٢٥٢٦)، وأحمد (٢١٩٢٧)، والحاكم (٢/ ٢١٣ - ٢١٤)، والبيهقي (١٠/ ٢٩١) كلهم من طرق عن سعيد بن جمهان، عن سفينة فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

عن سفينة أبي عبد الرحمن قال: أعتقتني أم سلمة، فاشترطتْ على أن أخدم النبي ﷺ ما عاش.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث الشريف شرحاً وافياً، مستنداً إلى كلام أهل العلم من أهل السنة والجماعة، وفق الخطوات المطلوبة:

الحديث ومصدره:

هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، والإمام أبو داود في سننه، والحاكم في مستدركه، وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. والحديث عن الصحابي الجليل سفينة، وهو مولى رسول الله ﷺ، واسمه مهران، لكنه اشتهر بكنيته "أبي عبد الرحمن" ولقبه "سفينة" الذي أطلقه عليه النبي ﷺ.

1. شرح المفردات:

* سفينة: هو لقب للراوي، وكان اسمه مهران، وقيل: قيس، وغلب عليه لقب "سفينة" بسبب قصة حدثت له مع الصحابة في سفر، حيث كان يحمل متاعهم كالسفينة، فقال له رسول الله ﷺ: «أنت سفينة».
* أعتقتني: أطلقت سراحي من الرق، فأصبحت حراً.
* أم سلمة: هي الصحابية الجليلة، أم المؤمنين هند بنت أبي أمية رضي الله عنها وأرضاها، إحدى زوجات النبي ﷺ.
* فاشترطتْ على: جعلت شرطاً لعتقي وهو...
* أن أخدم النبي ﷺ ما عاش: أن أكون خادماً لرسول الله ﷺ، أَقوم بحاجاته وأعماله طوال فترة حياته الشريفة.

2. شرح الحديث:

يخبر الصحابي الجليل سفينة رضي الله عنه عن قصة عتقه من الرق. فقد كان مملوكاً لأم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها، فقامت بعتقه (أي تحريره من العبودية) تقرباً إلى الله تعالى، طالبة الأجر في عتق رقبة.
ولكنها جعلت لعتقه شرطاً، وهو أن يبقى خادماً لرسول الله ﷺ يخدمه ويتولى قضاء حوائجه طوال حياة النبي ﷺ. فوافق على هذا الشرط، فتحرر من الرق وأصبح حراً، والتزم بالخدمة الشريفة.
وهذا الشرط من أم سلمة رضي الله عنها ليس ظلماً أو إجباراً، بل هو عقد اتفاق بينها وبين مولاهَا، وهو مقبول شرعاً. بل إنه شرط فيه خير عظيم له، حيث يصبح من خدام النبي ﷺ المقربين، وينال شرف صحبته وخدمته، وهو أمر كان يتمناه الكثيرون.

3. الدروس المستفادة والفَوائد:

1- جواز اشتراط الخدمة في العتق: يدل الحديث على مشروعية عتق الرقبة بشروط ينفع بها المعتَق، كأن يشترط المُعْتِق خدمته لمدة محدودة أو لشخص معين، ما دام الشرط لا يُعيده إلى العبودية بشكل دائم. وهذا من رحمة الإسلام ومرونته.
2- حرص الصحابة على الخير والقرب من النبي ﷺ: يظهر من قصة سفينة حرص الصحابة رضوان الله عليهم على نيل أي فضيلة تقربهم من رسول الله ﷺ، حتى إن سفينة قبل أن يربط حريته بخدمة النبي طوال حياته، لما في ذلك من شرف عظيم.
3- فضل خدمة أهل الصلاح والعلماء: خدمة الصالحين والعلماء وأهل الفضل من الأمور الجليلة التي يُثاب عليها المسلم، فهي وسيلة للقرب من الله وسبب لاكتساب البركة والأجر.
4- كرم أم سلمة وحبها للخير: فعل أم سلمة رضي الله عنها يدل على كرمها وحبها للإنفاق في سبيل الله، حيث أعتقت عبداً لها، كما يدل على ذكائها وحسن تدبيرها، حيث جمعت بين فضيلتي عتق الرقبة وخدمة النبي ﷺ.
5- مكانة سفينة وفضله: نال سفينة رضي الله عنه بهذا شرفاً عظيماً، حيث صار من خدام النبي ﷺ الملازمين له، ونقل لنا العديد من الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
6- التيسير في المعاملات: الإسلام دين يسر، وهذا العقد (العتق بشرط الخدمة) صورة من صور التيسير التي تراعي مصلحة جميع الأطراف.

4. معلومات إضافية مفيدة:

* سبب تسميته "سفينة": كما ورد في الروايات، كان الصحابة في سفر مع النبي ﷺ، فحمل سفينة متاعهم كله، فقالوا له: "ما أنت إلا سفينة!" (أي تحمل المتاع كما تحمله السفينة). فلما رجعوا إلى رسول الله ﷺ أخبروه، فضحك وقال: «بل هو سفينة». فغلب عليه هذا اللقب.
* استمرار خدمته بعد وفاة النبي ﷺ: انتهى شرط الخدمة بوفاة النبي ﷺ، فأصبح سفينة رجلاً حراً تماماً، وعاش حتى أيام خلافة عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، ونقل العلم عن النبي ﷺ.
* الحديث دليل على صدق الصحابة: قصة مثل هذه تُظهر صدق الصحابة في روايتهم، حيث يذكر الراوي تفاصيل من سيرته لا يخجل منها، بل يفتخر بها لأنها كانت في خدمة خير الخلق.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٣٩٣٢)، وابن ماجه (٢٥٢٦)، وأحمد (٢١٩٢٧)، والحاكم (٢/ ٢١٣ - ٢١٤)، والبيهقي (١٠/ ٢٩١) كلهم من طرق عن سعيد بن جمهان، عن سفينة فذكره.
قال الحاكم «صحيح الإسناد».
قال الأعظمي: إسناده حسن من أجل سعيد بن جُمهان -بضم الجيم، وسكون الميم-؛ فإنه حسن الحديث. الشرط على قسمين:
شرط يفي به العبد، سواء اشترط، أو لم يشترط، فقد روي عن سفينة قال: كنت مملوكا لأم سلمة، فقالت: أعتقك، واشترط عليك أن تخدم رسول اللَّه ﷺ ما عشت. فقلت: إن لم تشترطي علي ما فارقت رسول اللَّه ﷺ ما عشت، فأعتقتني.
وشرط مخالف لحرية العبد، مثل أن يشترط أن يدفع كل شهر كذا من المال ما عاش، وأن لا يتزوج، فهذا شرط فاسد، سواء قبل، أو لم يقبل، وهو بمجرد النطق بالحرية يكون حرا، وليس عليه الوفاء بهذا الشرط؛ لأن الأصل في الإنسان الحرية. (انظر شرح السنة ٩/ ٧٧).

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 48 من أصل 53 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أعتقتني أم سلمة واشترطت أن أخدم النبي ما عاش

📜 حديث: أعتقتني أم سلمة واشترطت أن أخدم النبي ما عاش

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: أعتقتني أم سلمة واشترطت أن أخدم النبي ما عاش

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: أعتقتني أم سلمة واشترطت أن أخدم النبي ما عاش

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: أعتقتني أم سلمة واشترطت أن أخدم النبي ما عاش

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية