من أعتق رقبة مؤمنة وقى الله بكل عضو منها عضوا من النار

حديث: من أعتق رقبة مؤمنة وقى الله بكل عضو منها عضوا من النار

عن علي بن أبي طالب، عن رسول اللَّه ﷺ قال: «من أعتق رقبة مؤمنة وقى اللَّه تعالى بكل عضو منها عضوا منه من النار».

حسن: رواه النسائي في «الكبرى» (٤٨٧٧)، والطحاوي في مشكله (٧١٥) كلاهما من حديث أبي نعيم، حدثنا الحكم بن أبي نُعم البجلي، حدثتني فاطمة بنت علي قالت: قال أبي عن رسول اللَّه ﷺ فذكرته.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

عن علي بن أبي طالب، عن رسول اللَّه ﷺ قال: «من أعتق رقبة مؤمنة وقى اللَّه تعالى بكل عضو منها عضوا منه من النار».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه والعمل بها.
الحديث الشريف:
عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً وَقَى اللَّهُ تَعَالَى بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ».
(أخرجه الإمام أحمد في مسنده، والنسائي، وابن ماجه، وصححه الألباني)

1. شرح المفردات:

● أعتق: أطلق سراحها وأزال عنها صفة الرق والعبودية، وجعلها حرة.
● رقبة: إنسانٌ مملوك، عبدٌ أو أمة. وسُمي بذلك لأن الرقبة هي موضع القيد، أو لأنها أشرف الأعضاء.
● مؤمنة: التي بلغتها دعوة الإسلام فآمنت بالله ورسوله، وتشمل الذكر والأنثى، فلفظ "مؤمنة" هنا بمعنى "مؤمن" كقوله تعالى: {وَالصَّافَّاتِ صَفًّا فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا} أي الذاكرات.
● وقى: حمى وصان وحفظ.
● بكل عضو منها: بكل جزء من جسد العبد المعتَق، كيده، رجله، عينه، أذنه... إلخ.
● عضواً منه: مقابلاً ومماثلاً له في العضو من جسد المعتِق.

2. شرح الحديث:

يبيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث فضل عتق الرقاب، وهو من أعظم القربات وأجلّ الطاعات. ويحفز المسلم على البذل والعطاء لتحرير إنسان من الأسر والذل، ويجازيه الله على هذه الصدقة الجليلة بأعظم الجزاء.
فالمعتِق الذي ينفق ماله في شراء عبد مسلم ثم يعتقه ابتغاء وجه الله، يكافئه الله تعالى بمقابل عظيم: فكل عضو من أعضاء ذلك العبد المعتَق (الذي صار حراً بفضل الله ثم بفضل هذا المسلم) يكون فداء ووقاية لعضو مماثل من أعضاء المعتِق من عذاب النار.
فإذا كان العبد المعتَق له عينان ويدان ورجلان وبطن وظهر... etc، فإن الله تعالى يقي عيني المعتِق ويديه ورجليه وبطنه وظهره من النار بسبب عتقه له.
وهذا يدل على عظم أجر هذه العملية وعلو منزلتها عند الله عز وجل، حيث جعل الجزاء من جنس العمل، وهو الحماية والنَجاة، مقابل الإعتاق والتحرير.

3. الدروس المستفادة منه:

1- فضل عتق الرقاب: الحديث يحث على المسارعة إلى هذا العمل الصالح العظيم، الذي هو إحياء للنفس البشرية وتحريرها من العبودية لغير الله.
2- الحكمة من تشريع العتق: شرع الإسلام العتق وجعله كفارة للعديد من الذنوب والخطايا (كالقسم الظهار، والقتل الخطأ...)، لحث الناس على التكفير عن ذنوبهم بهذا العمل الاجتماعي الإنساني العظيم.
3- سعة فضل الله وكرمه: فجزاء المعتق ليس مجرد الثواب العام، بل ثواب محدد ومُطَّرد، حيث يقي الله تعالى جسد المعتق عضوًا عضوًا مقابل جسد المعتَق. وهذا من أعظم صور الجزاء الحسي والمعنوي.
4- الترغيب في إنقاذ المؤمن: خصص الحديث الفضل بعتق "رقبة مؤمنة" مما يدل على أهمية solidarity التكافل بين أفراد المجتمع المسلم، وإنقاذ المؤمن من الشدائد هو من صميم الإيمان.
5- البعد الاجتماعي: الإسلام دين يحرص على بناء مجتمع حر كريم، ويحارب كل أشكال الاستعباد والذل، ويشجع على تحرير الأفراد ليكونوا أعضاء فاعلين في المجتمع.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الفضل العظيم يشمل من أعتق رقبة بماله، ومن ساهم في ذلك ولو بدفع جزء من المال في مشروع جمعي لعتق رقبة.
- يشمل العتق أيضاً دفع الكفارات التي أوجبها الإسلام بالعتق، ككفارة الظهار أو القتل الخطأ على من لم يجد等其他 الكفارات.
- في عصرنا الحاضر، حيث انتهى نظام الرق التقليدي، يمكن أن يُقاس على هذا الفضل العظيم كل عمل يؤدي إلى تحرير إنسان من الأسر أو الاضطهاد أو السجن الظالم، أو إنقاذه من براثن الفكر المتطرف، أو مساعدته على التحرر من الديون المثقلة التي تكبل حريته. فالمساهمة في فك كرب المسلمين وإنقاذهم من الأسر المعنوي أو المادي يدخل في معنى الحديث by القياس.
- هذا الحديث يذكرنا أيضاً بفضل سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه، الذي كان ينفق ماله في شراء العبيد المسلمين ويعتقهم من تعذيب كفار قريش، مثل بلال بن رباح رضي الله عنه.
نسأل الله تعالى أن يتقبل منا صالح الأعمال، وأن يعتق رقابنا من النار.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه النسائي في «الكبرى» (٤٨٧٧)، والطحاوي في مشكله (٧١٥) كلاهما من حديث أبي نعيم، حدثنا الحكم بن أبي نُعم البجلي، حدثتني فاطمة بنت علي قالت: قال أبي عن رسول اللَّه ﷺ فذكرته.
وإسناده حسن من أجل الحكم بن أبي نُعم؛ فإنه مختلف فيه غير أنه حسن الحديث.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 4 من أصل 53 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من أعتق رقبة مؤمنة وقى الله بكل عضو منها عضوا من النار

📜 حديث: من أعتق رقبة مؤمنة وقى الله بكل عضو منها عضوا من النار

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من أعتق رقبة مؤمنة وقى الله بكل عضو منها عضوا من النار

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من أعتق رقبة مؤمنة وقى الله بكل عضو منها عضوا من النار

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من أعتق رقبة مؤمنة وقى الله بكل عضو منها عضوا من النار

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية