من أعتق عبدا وله مال فمال العبد له

حديث: من أعتق عبدا وله مال فمال العبد له

عن ابن عمر قال قال رسول اللَّه ﷺ: «من أعتق عبدا وله مال، فمال العبد له إلا أن يشترط السيد ماله فيكون له».

صحيح: رواه أبو داود (٣٩٦٢)، من حديث عبد اللَّه بن وهب قال: أخبرني ابن لهيعة، والليث ابن سعد، عن عبيد اللَّه بن أبي جعفر، عن بكير بن الأشج، عن نافع، عن ابن عمر فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

عن ابن عمر قال قال رسول اللَّه ﷺ: «من أعتق عبدا وله مال، فمال العبد له إلا أن يشترط السيد ماله فيكون له».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الشريف رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو من الأحاديث التي تبين أحكام العتق والمال في الإسلام، والتي تحفظ الحقوق وتُزيل الغبن.

أولاً. شرح المفردات:

● أعتق عبداً: أي أطلق سراح عبد مملوك له وأخرجه من الرق إلى الحرية.
● وله مال: أي أن هذا العبد الذي سيُعتق يملك مالاً خاصاً به.
● فمال العبد له: أي أن هذا المال الذي يملكه العبد يصبح ملكاً للسيد الذي أعتقه.
● إلا أن يشترط السيد ماله: أي إلا إذا اشترط السيد عند عتقه للعبد أن يبقى مال العبد ملكاً للعبد نفسه، ولا يأخذه السيد.
● فيكون له: أي فيكون المال للعبد المعتَق، ولا حق للسيد فيه.

ثانياً. شرح الحديث:

يبيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث حكماً مهماً يتعلق بالعتق والمال. فإذا كان للسيد عبدٌ يملك مالاً (مثل أن يكون العبد تاجراً أو يعمل في حرفة ويكسب منها)، ثم أراد سيده أن يعتقه (أي يحرره)، فإن القاعدة الأصلية أن مال هذا العبد يصبح ملكاً للسيد الذي أعتقه. وذلك لأن العبد وما يملكه هو في الأصل مملوك لسيده، فإذا أُعتق، فكأن السيد يتنازل عن ملكية الشخص (الجسد) ولكن له الحق في أن يأخذ ما كان يملكه هذا العبد.
ولكن النبي صلى الله عليه وسلم استثنى حالة واحدة، وهي أن يشترط السيد عند العتق أن يبقى مال العبد للعبد نفسه، ولا يأخذه السيد. فإذا فعل السيد ذلك واشترط صراحة أن المال للعبد، فإن الشرط يُنفذ، ويصبح المال ملكاً للعبد المعتَق، ولا يحق للسيد المطالبة به.

ثالثاً. الدروس المستفادة منه:

1- العدل في المعاملات: الحديث يظهر حرص الإسلام على العدل ووضوح المعاملات، وعدم أخذ أموال الناس بالباطل.
2- احترام حق الملكية: حتى وإن كان الشخص عبداً، فإن الإسلام يعترف بأن له مالاً خاصاً به، ويضع القواعد التي تحفظ هذا الحق.
3- أهمية الاشتراط في العقود: يشير الحديث إلى أهمية الاشتراط والوضوح في المعاملات، فإذا اشترط السيد شرطاً واضحاً، وجب الوفاء به.
4- تشجيع العتق: قد يكون هذا الحكم (أخذ مال العبد) حافزاً للسيد لعتق عبده، خاصة إذا كان العبد غنياً، فيستفيد السيد من مال العبد مقابل منحه الحرية.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحكم (أن مال العبد لسيده إذا أعتقه) هو مذهب الجمهور (الحنفية والمالكية والشافعية)، وهو الراجح.
- لكن إذا كان العبد قد كسب المال بعد العتق (أي بعد أن صار حراً)، فإن هذا المال يكون ملكاً له وحده، ولا حق للسيد فيه.
- الفقهاء يوضحون أن هذا الحكم ينطبق إذا كان العتق تبرعاً من السيد. أما إذا كان العبد قد اشترى نفسه من سيده (كتابة)، فإن المال الذي دفعه يكون من ماله الخاص، ولا يرده السيد عليه.
- الحديث يدل على أن الأصل في الشروط الوفاء، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «المسلمون على شروطهم» (رواه أبو داود والترمذي وحسنه).
نسأل الله تعالى أن يفقهنا في ديننا، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا.
والله تعالى أعلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٣٩٦٢)، من حديث عبد اللَّه بن وهب قال: أخبرني ابن لهيعة، والليث ابن سعد، عن عبيد اللَّه بن أبي جعفر، عن بكير بن الأشج، عن نافع، عن ابن عمر فذكره.
ورواه ابن ماجه (٢٥٢٩) من طريق ابن وهب، عن ابن لهيعة، ومن طريق سعيد بن أبي مريم، عن الليث، كلاهما عن عبيد اللَّه بن أبي جعفر به.
وابن لهيعة فيه كلام معروف إلا أن رواية العبادلة -منهم عبد اللَّه بن وهب- عنه أعدل من غيرهم، كما أنه توبع.
وعبيد اللَّه بن أبي جعفر المصري قال أبو حاتم، والنسائي، وغيرهما: ثقة. وقال ابن يونس: كان عالما زاهدا عابدا. واختلف فيه قول الإمام أحمد، فروي عنه أنه قال: ليس بقوي. وروي عبد اللَّه بن أحمد عن أبيه قال: ليس به بأس، كان يتفقه، والقول الثاني موافق لقول الجمهور، وقد احتج به الشيخان.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 53 من أصل 53 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من أعتق عبدا وله مال فمال العبد له

📜 حديث: من أعتق عبدا وله مال فمال العبد له

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من أعتق عبدا وله مال فمال العبد له

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من أعتق عبدا وله مال فمال العبد له

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من أعتق عبدا وله مال فمال العبد له

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية