حديث: من أصاب من ذلك شيئا فستره الله عليه إن شاء غفر له وإن شاء عذبه
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب أن القصاص والحدود كفّاراتٌ لأهلها
متفق عليه: رواه البخاري في الحدود (٦٧٨٤) ومسلم في الحدود (٤١: ١٧٠٩) كلاهما من طريق الزهري، عن أبي إدريس الخولاني، عن عبادة بن الصامت، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما نسمع ونقرأ. هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي ﷺ، يدور حول أصول البيعة والالتزام بمنهج الإسلام. وسأشرحه لك جزءاً جزءاً بإذن الله.
### أولاً. نص الحديث ومصدره
رواه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 18) ومسلم في صحيحه (رقم 1709) عن الصحابي الجليل عبادة بن الصامت رضي الله عنه.
ثانياً. شرح المفردات:
* بايعوني: البيعـة هي العهد والميثاق على السمع والطاعة لله ورسوله في المنشط والمكره.
* لا تشركوا بالله شيئاً: لا تعبدوا مع الله إلهاً آخر، وهو أعظم الذنوب وأصل الكفر.
* ولا تسرقوا: لا تأخذوا مال الغير خفيةً بغير حق.
* ولا تزنوا: لا تقترفوا الفاحشة (الجماع المحرم).
* وفى: الوفاء هو الإتمام والالتزام بما عاهد عليه.
* فعوقب به في الدنيا: أي نالته العقوبة الشرعية (كقطع اليد للسرقة أو الجلد للزنا).
* فهو كفارته: أي تكفر عنه ذنبه وتمحوه.
* فستره الله عليه: أي لم يطلع عليه أحد ولم يقم عليه الحد.
ثالثاً. شرح الحديث:
يجلس النبي ﷺ مع أصحابه في مجلس تعليم وتربية، فيطلب منهم مبايعةً على التزام أصول الإسلام الكبرى واجتناب الكبائر المهلكة، وهي:
1- البيعة على التوحيد: («أن لا تشركوا بالله شيئًا») وهذا هو الأصل الأكبر، وهو رأس الأمر كله. فمن وفقه الله للالتزام به فقد نجا من أعظم الشرور.
2- البيعة على حفظ الأموال: («ولا تسرقوا») فالمسلم أمين على أموال الناس، لا يأخذها بغير حق.
3- البيعة على حفظ الأعراض والأنساب: («ولا تزنوا») ليحفظ المجتمع طهارته وعفته.
ثم بين النبي ﷺ المصير العملي لهذه البيعة بآية من القرآن (من سورة الممتحنة) ليوضح العاقبة، وقسم الناس إلى ثلاثة أقسام:
1- الطائفة الأولى: الموفون («فمن وفى منكم فأجره على الله»):
* هم الذين حفظوا العهد ولم يقعوا في هذه الذنوب، أو وقعوا وتابوا توبة نصوحاً قبل القدرة عليهم.
* جزاؤهم: الأجر العظيم والجنة، وهو فضل عظيم من الله تعالى.
2- الطائفة الثانية: المعاقبون في الدنيا («ومن أصاب من ذلك شيئًا فعوقب به في الدنيا فهو كفارته»):
* هم الذين اقترفوا ذنباً من هذه الذنوب، فكشف أمرهم وأقيم عليهم الحد الشرعي (مثل قطع اليد للسرقة أو الجلد للزنا).
* جزاؤهم: أن هذه العقوبة تكفر عنهم ذنبهم وتطهرهم منه، فيوم القيامة يأتون وليس للذنب أثر عليهم إذا قُبلت التكفير. وهذا من رحمة الله تعالى.
3- الطائفة الثالثة: المستورون («ومن أصاب من ذلك شيئًا فستره الله عليه، فإن شاء غفر له وإن شاء عذبه»):
* هم الذين أذنبوا ولكن الله ستر عليهم في الدنيا، فلم يطلع عليهم أحد ولم يقم عليهم حد.
* أمرهم مفوض إلى مشيئة الله تعالى يوم القيامة. إن شاء غفر لهم بفضله ورحمته، وإن شاء عذبهم بعدله. وهذا يحذر من الاغترار بالستر ويدعو إلى المسارعة بالتوبة.
رابعاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- عظمة التوحيد: فهو أول ما يبايع عليه المسلم، وآخر ما يخرج به من الدنيا. وهو الأساس الذي تُبنى عليه جميع الأعمال.
2- حرمة الدماء والأموال والأعراض: هذه الكبائر من المهلكات التي حذر منها النبي ﷺ في العديد من الأحاديث.
3- رحمة الله وسعة مغفرته: الحديث يجمع بين الترهيب والترغيب. فمن وفى فله الجنة، ومن أُقيم عليه الحد فله التكفير، ومن سُتر فله رجاء المغفرة.
4- الحث على الستر على المسلمين: عدم فضح من ستره الله، وعدم التتبع لعورات الناس.
5- وجوب المسارعة إلى التوبة: الستر في الدنيا لا يعني السعادة في الآخرة، بل يجب على العبد أن يبادر إلى التوبة النصوح قبل أن يفاجئه الأجل.
6- حكمة إقامة الحدود: أنها ليست انتقاماً، بل تطهيراً للمجتمع من الجريمة، وتكفيراً للعبد عن ذنبه.
خامساً:
ملاحظة مهمة:الحديث لا يعني أن هذه هي كل شروط البيعة أو الإسلام، بل هي أصول عظيمة ذكرها النبي ﷺ في هذا المقام. فالإيمان يشمل أركاناً أخرى كالصلاة والزكاة والصوم وغيرها، ولكن الحديث ركز على هذه الأمور لخطورتها.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الموفين بعهده، المستيقظين من غفلتهم، المسارعين إلى رحمته ومغفرته.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
ورُوي بمعناه عن ابن خزيمة بن ثابت، عن أبيه، عن النبي ﷺ قال: «من أصاب ذنبًا أُقيم عليه حد ذلك الذنب فهو كفارته» إلا أنه ضعيف.
رواه أحمد (٢١٨٦٦)، والدارقطني (٣/ ٢١٤)، والدارمي (١٢٣٦)، والطبراني (٤/ ١٠١)، والحاكم (٤/ ٣٨٨) كلهم من حديث أسامة بن زيد الليثي، عن محمد بن المنكدر، عن ابن خزيمة بن ثابت، عن أبيه فذكره.
قال الترمذي: «سألت البخاري عن هذا الحديث فقال: هذا حديث فيه اضطراب. وضعّفه محمد جدا. العلل (٢/ ٦٠٢).
وابن خزيمة بن ثابت لا يعرف من هو؟ فقيل هو عمارة، وقيل: يزيد، وقيل: غير ذلك، ثم هل هو خزيمة بن ثابت أو خزيمة بن معمر الأنصاري. وكل ذلك يوهن هذا الحديث ويجعله مضطربا كما قال البخاري إلا أن الحافظ ابن حجر حسّن إسناده في الفتح (١٢/ ٨٤) بعد أن عزاه إلى أحمد من حديث خزيمة بن ثابت فلعله لأجل شاهده.
تنبيه: لقد سقطت الواسطة بين محمد بن المنكدر وبين خزيمة بن ثابت وهو «ابن خزيمة» في بعض نسخ أحمد، والصحيح إثباته كما ذكره ابن حجر في الأطراف (٢/ ٣١١).
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 58 من أصل 140 حديثاً له شرح
- 33 استنصت الناس لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض
- 34 ويلكم أو ويحكم لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب...
- 35 رب مبلغ أوعى من سامع
- 36 فليبلغ الشاهد الغائب، لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب...
- 37 فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه...
- 38 أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله
- 39 أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا...
- 40 حرم ماله ودمه وحسابه على الله
- 41 لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله
- 42 أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله
- 43 من قتل نفسًا معاهدًا لم يرح رائحة الجنة
- 44 من قتل نفسًا معاهدة فلا يرح رائحة الجنة
- 45 من قتل معاهدا في غير كنهه حرم الله عليه الجنة
- 46 من قتل رجلا لهم عهد لم يرح رائحة الجنة
- 47 حرمة دم المستأمن
- 48 إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة
- 49 من رمى مؤمنا بكفر فهو كقتله
- 50 من جزع من جرح فقطع يده فمات حرمت عليه الجنة
- 51 فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم...
- 52 قاتل النفس لا يكفر، ولله وليديه فاغفر
- 53 قتل تسعة وتسعين نفسًا فهل له توبة
- 54 من السائق؟ قالوا: عامر
- 55 من طلب بدم الجاهلية من أهل الإسلام
- 56 من أشد الناس عتوًا رجل ضرب غير ضاربه
- 57 قتل رجل من النضير رجلاً من قريظة
- 58 من أصاب من ذلك شيئا فستره الله عليه إن شاء...
- 59 دم امرئ مسلم لا يحل إلا بإحدى ثلاث
- 60 من تصدق به فهو كفارة له
- 61 من قتل نفسا بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا
- 62 قتلته دخلت النار
- 63 اعف، فإنك مثله
- 64 ما رفع إلى النبي أمر فيه القصاص إلا أمر بالعفو
- 65 لا يحث في خطبته على الصدقة، وينهى عن المثلة
- 66 عبد أبق نذر إن قدر عليه أن يقطع يده
- 67 قضى بالقصاص في السن
- 68 طلبوا العفو فأبوا، فأتوا النبي ﷺ فأمرهم بالقصاص
- 69 «إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره»
- 70 قتل اليهودي الجارية التي عليها أوضاح بالمدينة
- 71 لا قود إلا بالسيف
- 72 لا يُقتل مسلم بكافر
- 73 المدينة حرام ما بين عائر إلى كذا
- 74 من زعم أن عندنا شيئا نقرأه إلا كتاب الله
- 75 المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم
- 76 دية الكافر نصف دية المسلم
- 77 لا يتوارث أهل ملتين، ولا تنكح المرأة على عمتها
- 78 من قتل عبده قتلناه
- 79 قتل عبده متعمدًا فجلده النبي مائة ونفاه سنة
- 80 علي بالرجل فطلب فلم يقدر عليه
- 81 لا يقاد الأب من ابنه
- 82 لا يستقاد من الجارح حتى يبرأ المجروح
معلومات عن حديث: من أصاب من ذلك شيئا فستره الله عليه إن شاء غفر له وإن شاء عذبه
📜 حديث: من أصاب من ذلك شيئا فستره الله عليه إن شاء غفر له وإن شاء عذبه
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من أصاب من ذلك شيئا فستره الله عليه إن شاء غفر له وإن شاء عذبه
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من أصاب من ذلك شيئا فستره الله عليه إن شاء غفر له وإن شاء عذبه
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من أصاب من ذلك شيئا فستره الله عليه إن شاء غفر له وإن شاء عذبه
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








