حديث: لا يقاد الأب من ابنه
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب لا يقاد الأب من ابنه
فغضب فحذفه بسيفه. فأصاب رجله. فنزف الغلام فمات. فأنطلق في رهط من قومه إلى عمر. فقال: يا عدو نفسه، أنت الذي قتلت ابنك، لولا أني سمعت رسول الله ﷺ يقول: «لا يقاد الأب من ابنه» لقتلتك. هلم ديته. قال: فأتاه بعشرين أو ثلاثين ومائة بعير. قال: فخيّر منها مائة فدفعها إلى ورثته، وترك أباه.
حسن: رواه البيهقي (٨/ ٣٨) وابن الجارود (٧٨٨) والدارقطني (٣/ ١٤٠) كلهم من حديث محمد بن مسلم بن وارة، نا محمد بن سعيد بن سابق، نا عمرو بن أبي قيس، عن منصور، عن محمد بن عجلان، عن عمرو بن شعيب بإسناده واللفظ للبيهقي وابن الجارود.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد، فإليكم شرح هذا الحديث النافع:
الحديث:
عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: نحلت الرجل من بني مدلج جارية، فأصاب منها ابنا، فكان يستخدمها، فلما شب الغلام دعاها يومًا فقال: اصنعي كذا وكذا. فقال: لا تأتيك، حتى متى تستأمي أمي؟ قال: فغضب فحذفه بسيفه. فأصاب رجله. فنزف الغلام فمات. فأنطلق في رهط من قومه إلى عمر. فقال: يا عدو نفسه، أنت الذي قتلت ابنك، لولا أني سمعت رسول الله ﷺ يقول: «لا يقاد الأب من ابنه» لقتلتك. هلم ديته. قال: فأتاه بعشرين أو ثلاثين ومائة بعير. قال: فخيّر منها مائة فدفعها إلى ورثته، وترك أباه.
1. شرح المفردات:
● نحلت: وهب وأعطى.
● بني مدلج: قبيلة عربية معروفة.
● جارية: أمة أو خادمة.
● أصاب منها ابنا: جامعها فولدت له ولدًا.
● يستخدمها: يستعملها في الخدمة.
● شب الغلام: كبر وصار شابًا.
● حذفه بسيفه: ضربه بسيفه.
● نزف: سال دمه بكثرة حتى مات.
● رهط: جماعة.
● لا يقاد الأب من ابنه: لا يُقتل الأب قصاصًا إذا قتل ابنه.
● ديته: المال الواجب بدلًا عن القتل خطأً أو شبه عمد.
● خيّر منها: اختار الأفضل منها.
2. شرح الحديث:
يحكي هذا الحديث قصة رجل من بني مدلج وهبه أحد الناس جارية (أمة) فجامعها فولدت له غلامًا، وكان الأب يستخدم الأم في الخدمة، ولما كبر الغلام واستاء من استعباد أبيه لأمه، اعترض على أبيه قائلًا: "حتى متى تستأمي أمي؟" أي حتى متى تبقى أمي أمةً مستخدمة؟ فغضب الأب من كلام ابنه فضربه بسيفه على رجله، فجرحه جرحًا نزف منه حتى مات.
ثم ذهب قوم الغلام المقتول إلى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه يطالبون بالقصاص، فقال عمر للأب: "يا عدو نفسه، أنت الذي قتلت ابنك"، ثم أخبره أنه لولا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يقاد الأب من ابنه» لقتله قصاصًا، لكنه أمره بدفع الدية بدلًا عن القصاص، فجاء الأب بمائة وعشرين أو مائة وثلاثين بعيرًا، فاختار عمر منها مائة بعير (وهي دية المسلم الكاملة) ودفعها لورثة الغلام، وأعفى الأب من القصاص.
3. الدروس المستفادة:
1- تحريم قتل الأولاد: القتل كبيرة من الكبائر، وقتل الولد尤其 شنيع لأنه من قطيعة الرحم ومن الإفساد في الأرض.
2- عدم قصاص الأب إذا قتل ابنه: هذا من رحمة الشريعة وحكمتها، فلو قُتل الأب بولدِه لتعطلت مصالح الأسرة، وفُتح باب الشر والانتقام بين الآباء والأبناء.
3- وجوب الدية في القتل شبه العمد: إذا لم يُقتص من الأب، فلا تَسقُط الدية، بل يجب عليه دفعها لورثة الولد.
4- الحكمة في تطبيق الحدود: عمر رضي الله عنه طبّق الشرع بحكمة، فلم يقتص من الأب عملاً بالحديث، لكنه أنكر عليه بشدة وألزمه بالدية.
5- العدل بين الناس: رغم أن القاتل أبٌ، إلا أن الحق لا يُضيع، فالدية حق للورثة.
6- الرحمة في الإسلام: الشريعة جاءت بالرحمة والعدل، فمنعت قتل الأب بابنه حفظًا للروابط الأسرية.
4. معلومات إضافية:
- هذا الحديث رواه الإمام أحمد في المسند، والترمذي في السنن، وقال: حديث حسن.
- الدية في الإسلام على الأب إذا قتل ابنه تكون كدية الخطأ (مائة من الإبل أو ما يعادلها) إذا لم يكن القصد القتل العمد المحض.
- القصاص لا يسقط إلا في حق الأب فقط، أما بقية الورثة فلو قتل أحدهم الآخر لوجب القصاص.
- الفقهاء استدلوا بهذا الحديث على أن الأب لا يُقتل بابنه، وهو مذهب الجمهور.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، ويجعلنا من أهل السنة والجماعة، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
وأما الدارقطني فاختصره على قوله: «لا يقاد الأب من ابنه» وإسناده حسن من أجل عمرو بن شعيب.
وقال البيهقي في «المعرفة» (١٢/ ٤٠) وإسناده صحيح.
قال الأعظمي: محمد بن عجلان صدوق، وتابعه الحجاج بن أرطاة في قوله: «لا يقتل والد بولده».
رواه الترمذي (١٤٠٠) وابن ماجه (٢٦٦٢) وأحمد (٣٤٦) وأبو عاصم في الديات (١٣٤) والدارقطني والبيهقي وغيرهم، كلهم من طريق الحجاج بن أرطاة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قتل رجل ابنه عمدًا. فرفع إلى عمر بن الخطاب فجعل عليه مئة من الإبل إلى أن قال: ولولا أني سمعت رسول الله ﷺ يقول: «لا يقتل والد بولده» لقتلتك.
والحجاج بن أرطاة مدلس وهو ضعيف، ولكن تابعه أيضا ابن لهيعة فقال: حدثنا عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن عمر أن رسول الله ﷺ قال: «لا يقاد والد من ولد» وقال رسول الله ﷺ: «يرث المال من يرث الولاء».
رواه الإمام أحمد (١٤٧) عن أبي سعيد، حدثنا عبد الله بن لهيعة بإسناده وقيل: إن ابن لهيعة لم يسمع من عمرو بن شعيب، فهذه الرواية ترده لأن فيها التصريح بالتحديث.
والخلاصة في حديث عمرو بن شعيب أنه حسن من أجله، وقد صححه البيهقي كما مضى.
ولحديث عمرو بن شعيب أسانيد أخرى غير أن ما ذكرته أصحها.
وأما ما رُوي عن سراقة بن مالك قال: حضرت رسول الله ﷺ يُقيد الأب من ابنه، ولا يُقيد الابن من أبيه. فهو ضعيف.
رواه الترمذي (١٣٩٩) عن علي بن حُجر، ثنا إسماعيل بن عياش، حدثنا المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن سراقة بن مالك فذكره.
قال الترمذي: «هذا حديث لا نعرفه من حديث سراقة إلا من هذا الوجه، وليس إسناده بصحيح، رواه إسماعيل بن عياش، عن المثنى بن الصباح، والمثني بن الصباح يُضَعَّف في الحديث».
قال الأعظمي: وإسماعيل بن عياش ضعيف في غير الشاميين. وهذا منه، فإن المثنى بن الصباح ليس بشامي.
ثم قال الترمذي: «وقد روى هذا الحديث أبو خالد الأحمر، عن الحجاج، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن عمر، عن النبي ﷺ. وقد روي هذا الحديث عن عمرو بن شعيب مرسلًا وهذا حديث فيه اضطراب. ثم ساق رواية الحجاج بن أرطاة كما مر.
وكذلك ما رُوي عن ابن عباس، عن النبي ﷺ قال: «لا تُقام الحدود في المساجد، ولا يُقتل الوالد بالولد» وهو ضعيف أيضًا.
رواه الترمذي (١٤٠١) وابن ماجه (٢٦٦١) والدارمي (٢٤٠٢) من حديث إسماعيل بن مسلم المكي، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس فذكره.
قال الترمذي: «هذا حديث لا نعرفه بهذا الإسناد مرفوعًا إلا من حديث إسماعيل بن مسلم، وإسماعيل بن مسلم المكي تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه».
ومن هذا الوجه رواه أيضا الدارقطني (٣/ ١٤١) والبيهقي (٨/ ٣٩) وأعله بإسماعيل بن مسلم المكي. إلا أنه توبع بمتابعات ضعيفة منها: سعيد بن بشير، عن عمرو بن دينار بإسناده مثله.
رواه الحاكم (٤/ ٣٦٩) وسكت هو والذهبي. مع أن سعيد بن بشير وهو الأزدي ضعيف عند جمهور أهل العلم، تكلم فيه البخاري وابن معين وأبو داود والنسائي وغيرهم إلا ابن عدي فإنه كان لا يرى بأسًا بروايته، وقول الجمهور أولى.
وله متابعات أخرى لا يفرح بها، والخلاصة فيه حديث ابن عباس لا يصح.
وأما قول عبد الحق في أحكامه (٤/ ٧٠) وابن القطان في الوهم والإيهام (٣/ ٥٦٥): هذه الأحاديث كلها معلولة، لا يصح منها شيء ففيه نظر لما سبق.
فإن حديث عمر بن الخطاب حسن في أقل أحواله، وقد قال البيهقي: صحيح. وصحّحه أيضا ابن عبد البر في التمهيد (٢٣/ ٤٣٧) وقال: «هو حديث مشهور عند أهل العلم بالحجاز والعراق، مستفيض عندهم، يتغنى بشهرته وقبوله والعمل به عن الإسناد فيه حتى يكاد أن يكون الإسناد في مثله لشهرته تكلفا». كذا قال مع أن وجود الإسناد أساس لصحة الحديث وضعفه.
فقه الحديث: قال الشافعي: وقد حفظت عن عدد من أهل العلم لقيتهم أن لا يقتل الوالد بالولد، وبذلك أقول. ذكره البيهقي (٨/ ٣٨).
وقال الترمذي: «والعمل على هذا عند أهل العلم أن الأب إذا قتل ابنه لا يُقتل به، وإذا قذف ابنه لا يحد». قلتُ: وبه قال الحنفية والحنابلة.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 81 من أصل 140 حديثاً له شرح
- 56 من أشد الناس عتوًا رجل ضرب غير ضاربه
- 57 قتل رجل من النضير رجلاً من قريظة
- 58 من أصاب من ذلك شيئا فستره الله عليه إن شاء...
- 59 دم امرئ مسلم لا يحل إلا بإحدى ثلاث
- 60 من تصدق به فهو كفارة له
- 61 من قتل نفسا بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا
- 62 قتلته دخلت النار
- 63 اعف، فإنك مثله
- 64 ما رفع إلى النبي أمر فيه القصاص إلا أمر بالعفو
- 65 لا يحث في خطبته على الصدقة، وينهى عن المثلة
- 66 عبد أبق نذر إن قدر عليه أن يقطع يده
- 67 قضى بالقصاص في السن
- 68 طلبوا العفو فأبوا، فأتوا النبي ﷺ فأمرهم بالقصاص
- 69 «إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره»
- 70 قتل اليهودي الجارية التي عليها أوضاح بالمدينة
- 71 لا قود إلا بالسيف
- 72 لا يُقتل مسلم بكافر
- 73 المدينة حرام ما بين عائر إلى كذا
- 74 من زعم أن عندنا شيئا نقرأه إلا كتاب الله
- 75 المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم
- 76 دية الكافر نصف دية المسلم
- 77 لا يتوارث أهل ملتين، ولا تنكح المرأة على عمتها
- 78 من قتل عبده قتلناه
- 79 قتل عبده متعمدًا فجلده النبي مائة ونفاه سنة
- 80 علي بالرجل فطلب فلم يقدر عليه
- 81 لا يقاد الأب من ابنه
- 82 لا يستقاد من الجارح حتى يبرأ المجروح
- 83 من أظهر لنا شرًا ظننا به شرًا وأبغضناه عليه
- 84 كان في بني إسرائيل القصاص ولم تكن فيهم الدية
- 85 العقل وفكاك الأسير وأن لا يقتل مسلم بكافر
- 86 من قتل له قتيل فهو بخير النظرين
- 87 دفع القاتل عمدًا إلى أولياء القتيل
- 88 من قتل له قتيل فأهله بين خيرين
- 89 من قتل بعد مقامي هذا فأهله بخير النظرين
- 90 من قتل عمدًا فهو قود
- 91 على كل بطن عقوله
- 92 العنوان: لدِرْهَمٌ أعطيه في عقلٍ أحبُّ إليَّ من خمسة في...
- 93 قضاء النبي ﷺ في جنين المرأة المقتول بغرة عبد أو...
- 94 دية الجنين غرة عبد أو وليدة
- 95 قضى النبي ﷺ بالغرة عبد أو أمة
- 96 دية المقتولة على عصبة القاتلة وغرة لما في بطنها
- 97 قضى النبي في الجنين بغرة عبد أو أمة
- 98 دية المرأة على النصف من دية الرجل
- 99 عقل المرأة عصبتها من كانوا ولا يرثون منها شيئًا
- 100 دية الخطأ على أهل القرى أربع مئة دينار
- 101 قضاء النبي ﷺ في العين العوراء السادة بثلث دينها
- 102 في المواضع خمس
- 103 هذه وهذه سواء يعني الخنصر والإبهام
- 104 دية الأصابع اليدين والرجلين سواء
- 105 في الأصابع عشر عشر
معلومات عن حديث: لا يقاد الأب من ابنه
📜 حديث: لا يقاد الأب من ابنه
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لا يقاد الأب من ابنه
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لا يقاد الأب من ابنه
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لا يقاد الأب من ابنه
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








