حديث: لا قود إلا بالسيف
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما رُويَ: لا قود إلا بالسيف
وأما حديث أبي بكرة فرواه ابن ماجه (٢٦٦٨) والدارقطني (٣/ ١٠٦) والبيهقي (٨/ ٦٣) كلهم من حديث مُبارك بن فضالة، عن الحسن، عن أبي بكرة قال: قال رسول الله ﷺ: «لا قود إلا بالسيف».
ومبارك بن فضالة البصري قال فيه أبو زرعة: يدلس كثيرًا فإذا قال: حدثنا فهو ثقة، وقال أبو داود: كان شديد التدليس.
ضعيف: وقال النسائي: ضعيف، وقال أبو حاتم الرازي: «حديث منكر» العلل (١/ ٤٦١).

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الذي ذكر: «لا قود إلا بالسيف» هو حديث اختلف العلماء في صحته ودرجته، وسأشرحه لك شرحاً وافياً على النحو التالي:
1. شرح المفردات:
● قَوْد: القود في اللغة والاصطلاح الفقهي هو القصاص، أي أن يُقتل القاتل عمداً بمثل ما قَتَل به، فيُقتل بالسيف إذا قَتَل بالسيف، وبالسكين إذا قَتَل بها، وهكذا.
● السَّيْف: هو الآلة المعروفة، والمقصود به هنا أن القصاص لا يكون إلا إذا كانت الجناية (القتل) تمت بآلة حادة قاطعة كالسيف أو السكين أو ما شابهها، وليس بالضرب أو الخنق أو غير ذلك.
2. شرح الحديث:
معنى الحديث: لا يُقام القصاص (القود) إلا إذا كان القتل بآلة حادة قاتلة مثل السيف، أي أن القاتل لا يُقتل قصاصاً إلا إذا كان قد استعمل في جريمته آلةً يمكن بها القتل عادةً، كالسيف أو السكين أو الفأس أو ما في معناها.
وهذا يخرج القتل بغير الآلة الحادة، مثل الضرب باليد أو بالعصا أو الخنق، حيث اختلف الفقهاء في وجوب القصاص فيها.
3. الدروس المستفادة والفقهي:
- الحديث يدل على اشتراط أن تكون الآلة المستعملة في القتل مما يُعتاد فيه القتل (كالسيوف والآلات الحادة) حتى يجب القصاص.
- وهذا مذهب بعض الفقهاء، وهو رواية عن الإمام أحمد واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، حيث اشترطوا أن تكون الآلة "محددة" أو "موصلة للقتل" غالباً.
- لكن جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية على أن القصاص يجب في القتل العمد بكل حال، سواء كان بآلة حادة أو غيرها، كالضرب باليد أو الرجل أو الخنق، إذا تحقق القصد والعمد.
- والراجح – والله أعلم – هو قول الجمهور، لأن الأصل وجوب القصاص في القتل العمد لقوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45]، ولم يفرق بين نوع الآلة.
4. درجة الحديث والكلام على رواته:
- الحديث رُوي عن عدة صحابة، كأبي بكرة والنعمان بن بشير وعبد الله بن مسعود وأبي هريرة وعلي رضي الله عنهم، لكنه حديث ضعيف لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
- طريق أبي بكرة الذي ذكرته: رواه ابن ماجه والدارقطني والبيهقي من طريق مبارك بن فضالة، عن الحسن، عن أبي بكرة.
● مبارك بن فضالة:
- هو صدوق في نفسه، لكنه مدلّس شديد التدليس، كما قال أبو داود وأبو زرعة.
- والتعبير "يدلس كثيرًا" يعني أنه قد يروي عن شيوخ لم يسمع منهم مباشرةً بصيغة موهمة للسماع (كـ "عن").
- وفي هذا الحديث رواه بـ "عن الحسن" (وهو الحسن البصري)، والحسن البصري لم يسمع من أبي بكرة، فهو منقطع.
- لذلك حكم العلماء على هذا الحديث بالضعف، ومنهم الدارقطني والبيهقي، بل قال البيهقي: "هذا حديث منكر".
- وبقية الطرق عن其他 الصحابة أيضاً فيها ضعف أو انقطاع.
الخلاصة: الحديث ضعيف لا يثبت، ولا يعمل به في تقييد القصاص، والأصل العموم في وجوب القصاص في القتل العمد بكل حال.
5. الخلاصة الشرعية:
- الحديث ضعيف ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم.
- القول الراجح هو قول جمهور العلماء: أن القصاص واجب في القتل العمد سواء كان بآلة حادة أو غيرها، إذا تحقق العمد والقصد.
- وهذا من رحمة الشريعة وعدلها، لتحقيق القصاص العادل وزجر الجناة.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، ويبصرنا في سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
تخريج الحديث
وفي التلخيص (٤/ ١٩) قال عبد الحق: «طرقه كلها ضعيفة، وكذا قال ابن الجوزي. وقال البيهقي: «لم يثبت إسناده».
والحسن البصري مدلس رواه الدارقطني عنه مرسلا، هكذا رواه أصحابه عنه فأرسلوه وهو الصواب كما قال البزار في مسنده (٣٦٦٣).
وأما حديث النعمان بن بشير فرواه ابن ماجه (٢٦٦٧) وأحمد (١٨٣٩٥) وابن أبي عاصم في الديات (١١٦) والبيهقي (٨/ ٤٢) كلهم من حديث سفيان، عن جابر، عن أبي عازب، عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله ﷺ: «لا قود إلا بالسيف» هذا لفظ ابن ماجه.
ولفظ غيرهم: «لكل شيء خطأ إلا السيف، ولكل خطأ أرش» وزاد ابن أبي عاصم: «هذا يدخل في قليل الخطأ وكثيره» وفيه جابر بن يزيد الجعفي ضعيف باتفاق أهل العلم قال البيهقي: مطعون. وأبو عازب الكوفي اسمه: مسلم بن عمرو، أو ابن آراك لم يرو عنه إلا جابر بن يزيد. وقال البخاري: لا يتابع عليه. وفي التقريب «مستور».
قال الأعظمي: هذا الحديث مضطرب لفظًا وسندًا.
ورواه أبو داود الطيالسي (٨٠٢) عن قيس، عن جابر بإسناده نحو لفظ ابن ماجه «لا قوة إلا بحديدة» أي السيف.
ورواه الدارقطني (٣/ ١٠٧) من حديث قيس وزهير، عن جابر بلفظ: «كل شيء سوى الحديدة فهو خطأ. وفي كل خطأ أرش».
قال البيهقي: «مدار هذا الحديث علي جابر الجعفي وقيس بن الربيع ولا يحتج بهما».
وقال في المعرفة (١٢/ ٨٠): «تفرد به جابر الجعفي وهو ضعيف، لا يحتج به، واختلف عليه في لفظه» وقال: «وروي عن مبارك بن فضالة، عن الحسن، عن النعمان بن بشير وقيل: عن أبي بكرة وكلاهما ضعيف، وروي من أوجه أخرى كلها ضعيف» انتهى.
وأما حديث عبد الله بن مسعود فرواه الطبراني في الكبير (١٠/ ١٠٩) وابن أبي عاصم في الديات (١١٣) والدارقطني (٣/ ٨٨) والبيهقي (٨/ ٦٣) كلهم من حديث بقية، عن أبي معاذ، عن عبد الكريم بن أبي المخارق، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ: «لا قود إلا بسلاح». وفيه سلسلة الضعفاء والمتروكين.
بقية هو ابن الوليد مدلس كان يدلس تدليس التسوية.
وأبو معاذ: هو سليمان بن أرقم، قال الدراقطني: «متروك».
شيخه عبد الكريم بن أبي المخارق ضعيف باتفاق أهل العلم.
وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه ابن عدي في «الكامل» (٦/ ٢٣٨٤) من طريق بقية، عن ورقاء، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «لا قود إلا بالسلاح».
قال ابن عدي: «هكذا رواه المسيب فقال: بقية، عن ورقاء، عن الزهري.
وورقاء عن الزهري ليس بالمستوى، ولم يلق الزهري، وإنما يروي بقية هذا الحديث عن سليمان بن أرقم عن الزهري». اهـ
ورواه الدارقطني (٣/ ٨٧ - ٨٨) من طريق بقية عن أبي معاذ، عن الزهري، به. ومن طريق عامر بن سيار، عن سليمان بن أرقم، عن الزهري، به.
وأبو معاذ كنية سليمان بن أرقم وهو مدار الحديث، وهو متروك كما قاله الدارقطني وغيره.
وفيه بقية وهو ابن الوليد مدل يدلس التسوية. وهذا الحديث من تخليطه.
وأما حديث علي بن أبي طالب فرواه الدارقطني (٣/ ٨٨) والبيهقي (٨/ ٦٣) ولفظه: «لا قود إلا بحديدة، ولا قود في النفس وغيرها إلا بحديدة» قال الدارقطني: وفيه معلى بن هلال متروك.
خلاصة القول: أنه لم يثبت في هذا الباب شيء كما قال ابن عدي في «الكامل» ونقل عنه البيهقي في «الصغرى». انظر «المنة الكبرى» (٧/ ٦٣).
وكذلك لا يصح ما رُوي عن البراء بن عازب، أن النبي ﷺ قال: «من عرض عرضنا له، ومن
حرّق حرّقناه، ومن غرّق غرّقناه».
رواه البيهقي في «الكبرى» (٨/ ٤٣) من طريق بشر بن حازم، عن عمران بن يزيد بن البراء، عن أبيه، عن جده.
ورواه أيضا في المعرفة (١٢/ ٤٠٩ - ٤١٠) وقال: «وفي هذا الإسناد بعض من يجهل».
إلا أن مجموع هذه الأحاديث يدل على أن له أصلا، وإليه ذهب أهل الكوفة، ومنهم أصحاب أبي حنيفة، وأما الإمام أحمد فاختلفت الرواية عنه، فرُويَ عنه لا يستوفي إلا بالسيف في العنق كما في «المغني».
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 71 من أصل 140 حديثاً له شرح
- 46 من قتل رجلا لهم عهد لم يرح رائحة الجنة
- 47 حرمة دم المستأمن
- 48 إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة
- 49 من رمى مؤمنا بكفر فهو كقتله
- 50 من جزع من جرح فقطع يده فمات حرمت عليه الجنة
- 51 فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم...
- 52 قاتل النفس لا يكفر، ولله وليديه فاغفر
- 53 قتل تسعة وتسعين نفسًا فهل له توبة
- 54 من السائق؟ قالوا: عامر
- 55 من طلب بدم الجاهلية من أهل الإسلام
- 56 من أشد الناس عتوًا رجل ضرب غير ضاربه
- 57 قتل رجل من النضير رجلاً من قريظة
- 58 من أصاب من ذلك شيئا فستره الله عليه إن شاء...
- 59 دم امرئ مسلم لا يحل إلا بإحدى ثلاث
- 60 من تصدق به فهو كفارة له
- 61 من قتل نفسا بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا
- 62 قتلته دخلت النار
- 63 اعف، فإنك مثله
- 64 ما رفع إلى النبي أمر فيه القصاص إلا أمر بالعفو
- 65 لا يحث في خطبته على الصدقة، وينهى عن المثلة
- 66 عبد أبق نذر إن قدر عليه أن يقطع يده
- 67 قضى بالقصاص في السن
- 68 طلبوا العفو فأبوا، فأتوا النبي ﷺ فأمرهم بالقصاص
- 69 «إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره»
- 70 قتل اليهودي الجارية التي عليها أوضاح بالمدينة
- 71 لا قود إلا بالسيف
- 72 لا يُقتل مسلم بكافر
- 73 المدينة حرام ما بين عائر إلى كذا
- 74 من زعم أن عندنا شيئا نقرأه إلا كتاب الله
- 75 المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم
- 76 دية الكافر نصف دية المسلم
- 77 لا يتوارث أهل ملتين، ولا تنكح المرأة على عمتها
- 78 من قتل عبده قتلناه
- 79 قتل عبده متعمدًا فجلده النبي مائة ونفاه سنة
- 80 علي بالرجل فطلب فلم يقدر عليه
- 81 لا يقاد الأب من ابنه
- 82 لا يستقاد من الجارح حتى يبرأ المجروح
- 83 من أظهر لنا شرًا ظننا به شرًا وأبغضناه عليه
- 84 كان في بني إسرائيل القصاص ولم تكن فيهم الدية
- 85 العقل وفكاك الأسير وأن لا يقتل مسلم بكافر
- 86 من قتل له قتيل فهو بخير النظرين
- 87 دفع القاتل عمدًا إلى أولياء القتيل
- 88 من قتل له قتيل فأهله بين خيرين
- 89 من قتل بعد مقامي هذا فأهله بخير النظرين
- 90 من قتل عمدًا فهو قود
- 91 على كل بطن عقوله
- 92 العنوان: لدِرْهَمٌ أعطيه في عقلٍ أحبُّ إليَّ من خمسة في...
- 93 قضاء النبي ﷺ في جنين المرأة المقتول بغرة عبد أو...
- 94 دية الجنين غرة عبد أو وليدة
- 95 قضى النبي ﷺ بالغرة عبد أو أمة
معلومات عن حديث: لا قود إلا بالسيف
📜 حديث: لا قود إلا بالسيف
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لا قود إلا بالسيف
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لا قود إلا بالسيف
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لا قود إلا بالسيف
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








