حديث: إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (٢٠٤)﴾

عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه ﷺ: «إن أبغض الرجال إلى اللَّه الألد الخصم».

متفق عليه: رواه البخاريّ في التفسير (٤٥٢٣) ومسلم في العلم (٢٦٦٨) كلاهما من حديث ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة فذكرته.

عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه ﷺ: «إن أبغض الرجال إلى اللَّه الألد الخصم».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الذي طلبت شرحه: حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ قال: «إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الْأَلَدُّ الْخَصِمُ».
هذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 2457) ومسلم في صحيحه (رقم 2668)، وهو من الأحاديث الصحيحة المتعلقة بآداب الحوار والخصومة.


1. شرح المفردات:


● أبغض: تفضيل البغض، أي الأكثر بُغضاً ومقتاً.
● الرِّجال: يُقصد به الذكور من بني آدم، وقد يعمّ البشر.
● إلى الله: أي عند الله سبحانه وتعالى، فبغضه تعالى هو أشد أنواع البغض.
● الأَلَدُّ: هو الشخص المعوجُّ الذي يُحَادُّ عن الحق ويُمَارِي فيه، وهو الذي في لسانه اعوجاج وحِدَّة في الخصومة. وقيل: هو الذي يعاند ويجادل بالباطل.
● الخَصِم: هو الكثير الخصومة والمماراة، الذي يكثر من الجدال والمراء دون طلب للحق.
فالمعنى الإجمالي للمفردات: أن أكثر الناس بغضاً ومقتاً عند الله تعالى هو ذلك الرجل المعاند الكثير الجدال، الذي يحيد عن الحق ويتمسك بالباطل.


2. شرح الحديث:


يبيّن النبي ﷺ في هذا الحديث صفة ذميمة من صفات النفوس المريضة، وهي صفة "الخصومة المعاندة". فليس كل مجادل مذموماً، بل الذمّ ينصب على من تتوفر فيه صفتان:
1- كثرة الخصومة (الخَصِم): فهو دائم البحث عن ساحات النزاع والجدال، لا يهدأ ولا يسكن، وكأنه خُلق ليعترض ويختلف.
2- العناد والمحادة عن الحق (الأَلَدُّ): فحتى إذا ظهر له الحق وتبين، يعاند ويصر على باطله، ويحاول قلب الحقائق بلسانه المعوجّ لينتصر لرأيه أو هواه، لا لطلب الحقيقة.
فهذا الصنف من الناس أبغض الخلق إلى الله؛ لأنه يتعمد محاربة الحق ومقاومته، ويُفسد ذات البين، ويُشعل نار الفتنة، ويعطل مصالح الناس بكثرة جداله وعناده.


3. الدروس المستفادة منه:


1- ذم المراء والجدال بالباطل: يحذر الحديث من خُلُق المراء والجدل العقيم الذي لا يقصد منه الوصول إلى الحق، بل الانتصار للنفس وإظهار الغلبة.
2- وجوب إنكار هذه الصفة: على المسلم أن يتجنب هذه الصفة الذميمة، ويحرص على أن يكون طالباً للحق، منصاعاً له متى ظهر، حتى لو خالف هواه ورأيه.
3- آثار الخصومة على المجتمع: كثرة الجدال والعناد تزرع العداوة والبغضاء بين الناس، وتُضعف أواصر المحبة والتعاون، وتشتت الجماعة.
4- الفرق بين الجدال المذموم والمناظرة الشرعية: ليس كل جدال مذموماً، فالجِدال بالتي هي أحسن لإظهار الحق ورد الشبهات مأمور به في القرآن، كما في قوله تعالى: {ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125]. فالذمّ إنما هو للجدال بالباطل والعناد.
5- تزكية النفس: على المسلم أن يُزكي نفسه ويحاسبها، ويحذر من أن يغلبه هواه فيصر على الباطل.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- جاءت نصوص أخرى تُحذر من هذه الخصلة، منها قوله ﷺ: «أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً» (رواه أبو داود وهو حسن). وهذا يدل على عظم أجر ترك الجدال حتى لو كان الإنسان على حق، حفظاً للوقت ولسان الصاحب وصفو القلوب.
- من صفات عباد الرحمن التي ذكرها الله في كتابه: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [الفرقان: 63]، فهم يعرضون عن الجدال مع الجهال.
- ينبغي للمسلم أن يتخلق بالحلم وسعة الصدر، ويجعل غايته إرضاء الله تعالى وإقامة الحق، لا الانتصار لذاته.
نسأل الله تعالى أن يجنبنا مراء الجاهلين، وأن يهدينا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا هو، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في التفسير (٤٥٢٣) ومسلم في العلم (٢٦٦٨) كلاهما من حديث ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة فذكرته.
قوله: «الألدّ»: شديد الخصومة.
وقوله: «الخصم»: الحاذق في الخصومة.
والمذموم هو الخصومة بالباطل، في دفع حق، أو إثبات باطل.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 130 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم

  • 📜 حديث: إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب