حديث: كان الناس يطوفون في الجاهلية عراة إلا الحمس

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٩٩)﴾

عن عروة قال: كان الناس يطوفون في الجاهلية عراة إلا الحمس -والحمس: قريش وما ولدت- وكانت الحمس يحتسبون على الناس، يعطي الرجلُ الرجلَ الثياب يطوف فيها، وتعطي المرأةُ المرأةَ الثياب تطوف فيها، فمن لم يعطه الحمس طاف
بالبيت عريانا، وكان يفيض جماعة الناس من عرفات، ويفيض الحمس من جمع، قال هشام: وأخبرني أبي، عن عائشة أن هذه الآية نزلت في الحمس: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾ قال: كانوا يفيضون من جمع فدفعوا إلى عرفات.

متفق عليه: رواه البخاريّ في الحج (١٦٦٥) ومسلم في الحج (١٥٢: ١٢١٩) كلاهما من حديث هشام بن عروة، عن عروة فذكره.

عن عروة قال: كان الناس يطوفون في الجاهلية عراة إلا الحمس -والحمس: قريش وما ولدت- وكانت الحمس يحتسبون على الناس، يعطي الرجلُ الرجلَ الثياب يطوف فيها، وتعطي المرأةُ المرأةَ الثياب تطوف فيها، فمن لم يعطه الحمس طاف
بالبيت عريانا، وكان يفيض جماعة الناس من عرفات، ويفيض الحمس من جمع، قال هشام: وأخبرني أبي، عن عائشة أن هذه الآية نزلت في الحمس: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾ قال: كانوا يفيضون من جمع فدفعوا إلى عرفات.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
أهلاً وسهلاً بك أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يفتح علينا أبواب فهم سنّة نبيه صلى الله عليه وسلم.
هذا الحديث الذي ذكر، والذي رواه الإمام البخاري في صحيحه، يحكي لنا صورةً من صور الشرك والضلال التي كانت سائدةً في الجاهلية، وكيف جاء الإسلام ليهدم هذه الأوهام ويصحح هذه المسالك.

أولاً. شرح المفردات:


● يَطُوفُونَ: أي يدورون حول الكعبة المشرفة كجزء من مناسك الحج.
● عُرَاةً: بدون ملابس، وكانوا يفعلون ذلك زعماً منهم أنهم لا يطوفون في ثياب عصوا الله فيها!
● الحُمْس: هم قريش وقبائل خزاعة وكنانة وغيرها ممن تحالفوا مع قريش واتبعوهم في تعظيم الحرم. وسُمُّوا بالحمس لشدة تحمسهم وتعظيمهم للبيت، وقيل لتمسكهم بدينهم.
● يَحْتَسِبُونَ عَلَى النَّاسِ: أي يتكرمون عليهم ويتصدقون بالثياب لهم ليطوفوا فيها، وكانوا يفعلون ذلك ليبقوا على مكانتهم ويزيدوا من تمسك الناس بهم.
● يُعْطِي الرَّجُلُ الرَّجُلَ الثِّيَابَ: أي كان أشراف قريش وكبراؤهم يعيرون الضيوف والزائرين ثياباً ليطوفوا بها.
● يَفِيضُ جَمَاعَةُ النَّاسِ: الإفاضة هي الانصراف والدَّفْع، وكان العامة من العرب يدفعون من عرفات.
● وَيَفِيضُ الحُمْسُ مِن جَمْعٍ: جمع هو مزدلفة، وكانت قريش لا تخرج من الحرم، فكانوا يقفون في المزدلفة (وهي داخل الحرم) ولا يذهبون إلى عرفات (خارج الحرم) زعماً منهم أنهم أهل الحرم فلا يخرجون منه.

ثانياً. شرح الحديث ومعناه:


يصف لنا هذا الحديث حال العرب في الجاهلية قبل الإسلام، حيث كانوا يطوفون بالبيت عراة، رجالاً ونساءً، إلا أنَّ قريشاً (الحمس) ومن تبعهم كانوا يتطوفون في ثيابهم. وكانت قريش تحتال على بقية القبائل بهذه الأفعال، فتعيرهم الثياب ليطوفوا فيها، فمن لم يحصل على ثياب من قريش، طاف عرياناً.
كما كان لهم بدعة أخرى في مناسك الحج، حيث كانوا لا يخرجون من الحرم، فيقفون في "جمع" (مزدلفة) ولا يذهبون إلى عرفات مثل بقية الناس، زاعمين أنهم أهل الله وأهل الحرم فلا يخرجون منه، فكان هذا من كبريائهم وافترائهم على دين الله.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- إبطال الإسلام للبدع والخرافات: جاء الإسلام ليمحو هذه العادات الجاهلية المقيتة، التي تُمتهن كرامة الإنسان وتخالف الفطرة السليمة. فأمر بلبس الثياب والستر أثناء الطواف، وأمر الجميع بالوقوف بعرفة، مساوياً بين الشريف والوضيع، والقريب والبعيد، فلا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى.
2- التواضع وترك الكبر: موقف قريش المتكبر، حيث امتنعت عن الخروج من الحرم واعتقدت أنها أفضل من غيرها، هو درس في ذم الكبر والتفاخر بالأنساب. فالحج يذكِّر الجميع بأنهم عباد لله سواسية.
3- عظمة التشريع الإسلامي: جاءت الآية الكريمة ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾ [البقرة: 199] لتصحح هذه البدعة، وتأمر الجميع – بما فيهم قريش – بالإفاضة من عرفات مثل سائر الناس، فساوت بين الجميع في المناسك.
4- بيان سبب النزول: الحديث يوضح لنا سبب نزول الآية، وهو من علوم القرآن المهمة التي تساعدنا على فهم المقصود الإلهي وتشريعاته.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


● مصدر الحديث: رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو أعلى كتب الحديث وأصحها.
● الحكمة من النهي عن الطواف عرياناً: لأن فيه امتهاناً لكرامة الإنسان، ومخالفةً للفطرة التي تدعو إلى الستر والتزام الأدب في بيوت الله.
● المساواة في الإسلام: هذا الحديث من أوضح الأدلة على أن الإسلام يسوي بين الناس جميعاً، فلم يعد هناك مكان لامتياز قبيلة على أخرى أو لون على آخر، وإنما المعيار هو التقوى والعمل الصالح.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا فهماً صحيحاً لسنّة نبيه، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الحج (١٦٦٥) ومسلم في الحج (١٥٢: ١٢١٩) كلاهما من حديث هشام بن عروة، عن عروة فذكره. واللفظ للبخاري.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 127 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: كان الناس يطوفون في الجاهلية عراة إلا الحمس

  • 📜 حديث: كان الناس يطوفون في الجاهلية عراة إلا الحمس

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: كان الناس يطوفون في الجاهلية عراة إلا الحمس

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: كان الناس يطوفون في الجاهلية عراة إلا الحمس

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: كان الناس يطوفون في الجاهلية عراة إلا الحمس

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب