حديث: النبي ﷺ قاء فأفطر، وثوبان صبّ له وضوءه
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب من يرى الوضوء من القيء
صحيح: رواه أبو داود (٢٣٨١) واللفظ له، والترمذي (٨٧) كلاهما عن عبد الوارث، عن حسين بن ذكوان المعلم، عن يحيى بن أبي كثير، حدثني عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، عن يعيش بن الوليد بن هشام، أن أباه حدثه، حدثني معدان بن أبي طلحة، أن أبا الدرداء حدثه، فذكر الحديث.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النبوي الشريف شرحًا وافيًا، مستندًا إلى كلام أهل العلم من أهل السنة والجماعة، مع بيان درره وفوائده.
نص الحديث:
عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: إن رسول الله ﷺ قاء فأفطر. قال معدان بن أبي طلحة: فلقيت ثوبان مولى رسول الله ﷺ في مسجد دمشق فقلت: إن أبا الدرداء حدثني أن النبي ﷺ قاء فأفطر، قال: صدق، وأنا صببت له وَضوءه.
(رواه الترمذي في جامعه، وقال: حديث حسن صحيح، وأبو داود والنسائي وغيرهم)
1. شرح المفردات:
● قاء: أي تقيأ، وأخرج ما في معدته من الطعام والشراب.
● أفطر: أي أفسد صومه وقضى ذلك اليوم، ثم قام بقضائه بعد ذلك.
● صببت له وضوءه: أي أنا ثوبان الذي سكبت الماء للرسول ﷺ ليغسل فمه ويتوضأ بعد القيء.
2. المعنى الإجمالي للحديث:
يخبر الصحابي الجليل أبو الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قد تقيأ أثناء صيامه، فحكم على نفسه بالإفطار، وأمر بقضاء ذلك اليوم. وللتأكيد على صحة هذه الرواية، قابل الراوي (معدان بن أبي طلحة) الصحابي ثوبان مولى رسول الله ﷺ - والذي كان من خَدَمه وأقرب الناس إليه - فصدق قول أبي الدرداء، وزاد بأنه هو نفسه الذي سكب للرسول الماء ليتطهر بعد القيء.
3. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:
هذا الحديث العظيم يُستفاد منه عدة أحكام وفوائد مهمة:
أولاً: حكم القيء في الصيام:
● القيء المتعمد: إذا تعمد الصائم إخراج القيء (أي استقاء)، فإن صومه يفسد بالإجماع، وعليه القضاء.
● القيء غير المتعمد (الغلبة): إذا غلب القيء على الصائم دون اختيار منه، فلا يفسد صومه، وهذا هو مذهب جمهور العلماء (الحنفية والشافعية والحنابلة)، واستدلوا بأدلة أخرى.
● ما في هذا الحديث: فعل النبي ﷺ هنا يدل على أن القيء (حتى لو كان غير متعمد) قد يترتب عليه إفساد الصوم. وهذا قول عند بعض العلماء، منهم الإمام أحمد في رواية، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية. والحديث يدل على أن النبي ﷺ أفطر به، مما يجعل المسألة محل اجتهاد.
● الخلاصة في المسألة: المسألة خلافية بين أهل العلم. والراجح - والله أعلم - هو التفصيل: إن كان القيء كثيرًا (يملأ الفم) وغلب على الصائم، فإنه يفطر احتياطًا وقضاءً لذلك اليوم، اقتداءً بفعل النبي ﷺ. وإن كان قليلاً لم يغلبه، فلا يؤثر. وهذا من باب الاحتياط في العبادة.
ثانيًا: حرص الصحابة على نقل السنة بدقة:
- نرى كيف أن معدان بن أبي طلحة لم يكتف برواية أبي الدرداء، بل ذهب ليتثبت من ثوبان الذي كان حاضرًا الواقعة، مما يدل على الدقة المتناهية والحرص الشديد على صحة نقل السنة.
ثالثًا: تواضع النبي ﷺ وجواز خدمة الإنسان لنفسه ولغيره:
- ثوبان كان يصب الماء للنبي ﷺ، وهذا يدل على جواز خدمة الإنسان لغيره، حتى لو كان خادمًا، كما أنه يدل على تواضع النبي صلى الله عليه وسلم حيث قبل ذلك.
رابعًا: وجوب القضاء على من أفطر في نهار رمضان لعذر:
- الحديث دليل واضح على أن من أفطر في رمضان لعذر شرعي (كالمرض، السفر، أو كما هنا القيء)، فإن عليه قضاء ذلك اليوم بعد رمضان.
خامسًا: طهارة الصائم بعد القيء:
- قول ثوبان "صببت له وضوءه" يدل على استحباب تنظيف الفم والمضمضة بعد القيء لإزالة الأذى والريح، وهو من كمال النظافة والطهارة التي حث عليها الإسلام.
4. معلومات إضافية مفيدة:
● الحديث في المصادر: أخرجه الترمذي (720) وقال: "هذا حديث حسن صحيح"، وأبو داود (2380)، والنسائي في الكبرى (3166)، وأحمد في المسند (27755).
● ثوبان مولى رسول الله ﷺ: هو ثوبان بن جبذة، كان من أجلاء الصحابة ومن freed slaves (المُعْتَقين) الذين آثروا صحبة النبي ﷺ وحبوه حبًا شديدًا.
● من فوائد الحديث العملية: ينبغي للصائم إذا غلبه القيء أن يتمضمض وينظف فمه، ثم يقضي ذلك اليوم احتياطًا وخروجًا من خلاف العلماء، وهذا من الورع في الدين.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
ولفظ الترمذي: «قاء فتوضّأ، وذكر الشيخ أحمد شاكر أنّ في بعض نسخ التّرمذيّ: «قاء فأفطر فتوضّأ».
ورواه الإمام أحمد (٢٧٥٠٢) وصحّحه ابن خزيمة (١٩٥٧) كلاهما من طريق حسين (هو ابن
ذكوان المعلم) بإسناده، بلفظ: «قاء فأفطر».
فمن فهم من قول ثوبان: «قاء فأفطر فصببت له وَضُوءَه» قال: قاء فأفطر فتوضّأ.
وأما قوله (قاء فأفطر) فيحتاج إلى تأويل بأنه استقاء؛ لأن القيء لا يُفطر الصائم.
قال الترمذي: وقال إسحاق بن منصور: معدان بن طلحة. ثم قال: وابن أبي طلحة أصحّ. وقال: جوّد حسين المعلم هذا الحديث، وحديث حسين أصح شيء في هذا الباب. وروى معمر هذا الحديث عن يحيى بن أبي كثير فأخطأ فيه فقال: عن يعيش بن الوليد، عن خالد بن معدان، عن أبي الدرداء، ولم يذكر فيه الأوزاعي. وقال: عن خالد بن معدان، وإنما هو معدان بن أبي طلحة. انتهى.
قال الأعظمي: رواية معمر هذه رواها الإمام أحمد (٢٧٥٣٧) عن عبد الرزاق، ثنا معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن يعيش بن الوليد، عن خالد بن معدان، عن أبي الدرداء قال: استقاء رسول الله ﷺ، فأفطر، فأتي بماء فتوضأ.
يقول الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي: «ولسنا نوافق الترمذي في ادعائه الخطأ على معمر، وإنما هو عندنا بإسناد آخر للحديث، وخالد بن معدان تابعي ثقة معروف، مات في أول القرن الثاني، روى عن كثير من الصحابة منهم معاوية، واختلف في سماعه من أبي الدرداء. ويعيش بن الوليد تابعي ثقة أيضًا وقد روي عن معاوية، ومعاوية مات سنة ٥٩ أو ٦٠ هـ ويعيش بن الوليد وخالد بن معدان كلاهما من أهل الشام؛ فلا يبعد أن يروي أحدهما عن الآخر. ومعمر حافظ ثقة متقن؛ فلا يحكم عليه بالخطأ جُزافًا» انتهى.
فإذا صحّ هذا الحديث فلا يحتاج إلى تأويل.
وأما نقض الوضوء من القيء والرُّعاف فقال الترمذي: قال به بعض أهل العلم منهم: سفيان الثوري وابن المبارك وأحمد وإسحاق. وقال مالك والشافعي: ليس في القيء والرُّعاف وضوء. انتهى.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 123 من أصل 155 حديثاً له شرح
- 98 أكل ثم صلى ولم يتوضأ من فضل الطعام
- 99 أكل وشرب ثم صلى ولم يتوضأ
- 100 ترك الوضوء مما غيرت النار
- 101 ضِفتُ النبي ﷺ ذات ليلة فأمر بِجَنْبٍ فشُوِي
- 102 أكل كتفًا ثم صلى ولم يمس ماءً
- 103 أقيمت الصلاة فصلينا ولم نتوضأ
- 104 أكل كتف شاة فمضمض وغسل يديه وصلى
- 105 شرب النبي لبنا ثم مضمض بماء وقال إن له دسما
- 106 شرب لبنًا فلم يُمضمض ولم يتوضأ وصلى
- 107 أقيمت الصلاة والنبي يناجي رجلاً في جانب المسجد
- 108 ليس أحد من أهل الأرض ينتظر الصلاة غيركم
- 109 أعتم رسول الله بالعشاء حتى ناداه عمر: نام النساء والصبيان
- 110 النبي ﷺ يصلي ثم ينام حتى ينفخ ثم يصلي بلا...
- 111 النبي ينام حتى ينفخ ثم يصلي ولا يتوضأ
- 112 ينام مستلقيا حتى ينفخ ثم يقوم فيصلي
- 113 أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور مثل أو قريبا من...
- 114 إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ
- 115 إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه فليتوضأ
- 116 مس الرجل ذكره بعد الوضوء
- 117 لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا
- 118 لا تخرج من المسجد حتى تسمع صوتًا أو تجد ريحًا
- 119 إذا وجد ذلك أحدكم فلا ينصرفن حتى يسمع صوتًا أو...
- 120 العبد في صلاة ما كان في المسجد ينتظر الصلاة
- 121 لا وضوء إلا من صوت أو ريح
- 122 يا أبا رافع! إنها لم تأمرك إلا بخير
- 123 النبي ﷺ قاء فأفطر، وثوبان صبّ له وضوءه
- 124 الوضوء من كل دم سائل حديث ضعيف
- 125 يغسل ذكره ويتوضأ
- 126 يكفيك بأن تأخذ كفًّا من ماء فتنضح بها من ثوبك
- 127 ذلك المذي وكل فحل يمذي
- 128 قبل بعض نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ
- 129 النبي ﷺ مرَّ بغلام وهو يسلخ شاة
- 130 يغتسل ويصلي الركعتين ولا يحدث وضوءًا بعد الغسل
- 131 لم؟ أأصلي فأتوضأ؟
- 132 لا تذكروا الله إلا على طهارة
- 133 أدخلتهما طاهرتين فمسح عليهما
- 134 مسح على الخفين بعد البول.
- 135 النبي يمسح على الخفين
- 136 مسح النبي ﷺ على الخفين
- 137 مسح النبي ﷺ على الخفين والخمار
- 138 مسح النبي على الخفين يوم الفتح بوضوء واحد.
- 139 المسح على العمامة أمِسَّ الشعرَ الماءَ
- 140 المسح على الخفين في الوضوء
- 141 يُمكنك مسح العصائب والتساخين في الوضوء
- 142 توضأ فمسح على الخفين والخمار
- 143 مسح النبي ﷺ على الموقين والخمار.
- 144 حبّب إليّ الوضوء
- 145 مدة المسح على الخفين للمسافر والمقيم
- 146 لا تنزعوا الخفاف في السفر إلا من جنابة
- 147 المسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام وللمقيم يوم وليلة
معلومات عن حديث: النبي ﷺ قاء فأفطر، وثوبان صبّ له وضوءه
📜 حديث: النبي ﷺ قاء فأفطر، وثوبان صبّ له وضوءه
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: النبي ﷺ قاء فأفطر، وثوبان صبّ له وضوءه
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: النبي ﷺ قاء فأفطر، وثوبان صبّ له وضوءه
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: النبي ﷺ قاء فأفطر، وثوبان صبّ له وضوءه
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








