لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا

حديث: لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا

عن سعيد بن المُسَيِّب وعَبّاد بن تميم، عن عمه أنه شكا إلى النبي ﷺ: الرجلُ يُخيَّل إليه أنَّه يجد الشيءَ في الصلاة، قال: «لا ينصرفُ حتَّى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا».

متفق عليه: رواه البخاري (١٣٧) ومسلم في الحيض (٣٦١) كلاهما من حديث سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سعيد وعبّاد، فذكر مثله.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح الحديث الشريف شرحًا وافيًا، مستندًا إلى كلام أهل العلم المعتبرين من أهل السنة والجماعة.

نص الحديث:

عن سعيد بن المُسَيِّب وعَبّاد بن تميم، عن عمه (وهو عبد الله بن زيد) أنه شكا إلى رسول الله ﷺ: الرجلُ يُخيَّل إليه أنَّه يجد الشيءَ في الصلاة (أي: يظن أنه أحدث بخروج ريح)، فقال النبي ﷺ: «لا يَنْصَرِفْ حتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا».

1. شرح المفردات:

● يُخَيَّلُ إليه: يَتَوَهَّمُ ويَظُنُّ ظنًّا قويًّا.
● يَجِدُ الشَّيْءَ: يقصد به هنا: خروج الرّيح (الحدث الأصغر).
● لا يَنْصَرِفْ: لا يقطع صلاته ويخرج منها.
● حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا: أي صوت خروج الريح.
● أَوْ يَجِدَ رِيحًا: أن يشم رائحة خروج الريح.

2. المعنى الإجمالي للحديث:

يشكو الصحابي عبد الله بن زيد رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم حالةً يعاني منها بعض المصلين، وهي الوسوسة والشك في طهارتهم أثناء الصلاة، حيث يخيل إليهم أنهم قد أحدثوا بخروج ريح، مما يدفعهم إلى قطع صلاتهم.
فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بألا يقطعوا صلاتهم بناءً على مجرد الوهم أو الشك، بل لا يجزموا بالحدث ويُنصرفوا من الصلاة إلا إذا تحققت لديهم يقينًا إحدى علامتين: إما سماع الصوت المصاحب للريح، أو شم الرائحة الكريهة الدالة عليها.

3. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:

1- النهي عن الانصراف من الصلاة بالشك والوسواس: الحديث أصل عظيم في محاربة الوسواس، خاصة في أمور الطهارة والصلاة. فالأصل بقاء الطهارة واستمرارها، ولا ينتقل عنها المسلم إلا بيقين، والشك لا يغلب اليقين.
2- التيسير على الأمة ورفع الحرج: من رحمة الله تعالى وتيسيره على عباده أن جعل أمر الطهارة والحدث مبنياً على اليقين لا على الظن. فلو انصرف كل من وسوس له الشيطان في صلاته لاضطربت عبادات الناس.
3- ضابط اليقين في انتقاض الوضوء بخروج الريح: بيّن الحديث الضابط الشرعي الذي يترتب عليه حكم شرعي، وهو أن انتقاض الوضوء بخروج الريح يحتاج إلى جزم ويقين، وهذا اليقين يحصل بأحد أمرين:
* سماع الصوت.
* إيجاد الرائحة (شمها).
فإذا لم يحصل أحدهما، فالأصل بقاء الطهارة، ولا يعتبر محدثًا.
4- محاربة وسوسة الشيطان: الشك في الطهارة أثناء الصلاة من نفث الشيطان ليحزن العبد ويُضلّه عن عبادته. فيجب على المسلم أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ولا يلتفت إلى هذه الخواطر.
5- الفقه في التعامل مع الشكوك: يعلّمنا الحديث منهجًا عامًا في التعامل مع الشكوك التي لا دليل عليها، وهو الأخذ بالأصل وعدم الالتفات إلى ما يخالفه دون بينة واضحة.

4. معلومات إضافية مفيدة:

● حكم العمل بالحديث: هذا الحديث متفق عليه (أخرجه البخاري ومسلم)، فهو صحيح ثابت، والعمل به واجب.
● مذهب أهل السنة: هذا الحكم هو مذهب جماهير أهل العلم من السلف والخلف، وهو أن الشك لا ينقض الوضوء ولا يفسد الصلاة.
● نصيحة لمن يعاني من الوسواس: على من ابتلي بالوسواس في الطهارة أن يعلم أنه من الشيطان، ويستعيذ بالله منه، ويستمر في صلاته ولا يلتفت إلى تلك الوساوس، ويعمل باليقين فقط كما علمه النبي صلى الله عليه وسلم.
● الفرق بين الشك واليقين: إذا تيقن الشخص من الحدث (بأي وسيلة) وجب عليه قطع الصلاة والتطهر. أما إذا كان مجرد شك أو ظن غير راجح، فلا يلتفت إليه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري (١٣٧) ومسلم في الحيض (٣٦١) كلاهما من حديث سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سعيد وعبّاد، فذكر مثله.
وعمه هو: عبد الله بن زيد. كذا قال مسلم في روايته عن أبي بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب في روايتهما عن سفيان.
قال الأعظمي: عبد الله بن زيد هو ابن عاصم المازني الأنصاري الصحابي المشهور الذي روي صفة وضوء النبي ﷺ كما سبق، وهو ليس بصاحب الأذان. انظر للمزيد: «المنة الكبرى» (١/ ٧٥).
قال الحافظ: اختلف هل هو عم عباد لأبيه أو أمه.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 117 من أصل 155 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا

📜 حديث: لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية