حديث: لم؟ أأصلي فأتوضأ؟

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في جواز أكل الطعام للمحدث وأنه لا كراهة في ذلك

عن ابن عباس أن النبي ﷺ خرج من الخلاء، فأتي بطعام، فذكروا له الوضوء، فقال: «أريد أن أصلي فأتوضأ؟ !».
وفي رواية: كنا عند النبي ﷺ فجاء من الغائط، وأُتي بطعام، فقيل له: ألا توضأ؟ فقال: «لِمَ؟ أَأُصلي فأتوضأ؟ !».
وفي رواية قال: «لِم؟ أللصلاة؟ !».
وفي رواية: «ما أردتُ صلاة فأتوضَّأ».

صحيح: رواه مسلم في الحيض (٣٧٤) من طريق عمرو بن دينار، عن سعيد بن الحُوَيْرِث، عن ابن عباس، فذكر الحديث.

عن ابن عباس أن النبي ﷺ خرج من الخلاء، فأتي بطعام، فذكروا له الوضوء، فقال: «أريد أن أصلي فأتوضأ؟ !».
وفي رواية: كنا عند النبي ﷺ فجاء من الغائط، وأُتي بطعام، فقيل له: ألا توضأ؟ فقال: «لِمَ؟ أَأُصلي فأتوضأ؟ !».
وفي رواية قال: «لِم؟ أللصلاة؟ !».
وفي رواية: «ما أردتُ صلاة فأتوضَّأ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النبوي الشريف شرحًا وافيًا، مستندًا إلى كلام أهل العلم المعتبرين من أهل السنة والجماعة، مع بيان فوائده ودروسه.

الحديث بسياقه:


يُروى هذا الحديث عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وفيه عدة روايات متقاربة المعنى، تصف موقفًا للنبي صلى الله عليه وسلم حيث خرج من قضاء الحاجة (الخلاء/الغائط)، فقُدِّم له طعام، فسأله بعض الصحابة أو ذُكِّر بالوضوء، فردَّ عليهم ردًّا استفهاميًّا يفيد أن الوضوء ليس واجبًا لمجرد قضاء الحاجة، بل هو واجب للصلاة.


1. شرح المفردات:


* الخَلاء: مكان قضاء الحاجة (البول أو الغائط).
* الغائط: قضاء الحاجة، أو المكان الذي يتغوَّط فيه الإنسان.
* أُتِيَ بطعام: قُدِّم له طعام ليأكله.
* ذكروا له الوضوء: ذكَّروه أو سألوه عن الوضوء، ظنًّا منهم أنه لازم بعد الخروج من الخلاء.
* لِمَ؟: استفهام بمعنى (لماذا؟ لأي سبب؟).
* أأصلي فأتوضأ؟: استفهام إنكاري، بمعنى: (هل أريد الصلاة حتى أتوضأ؟).


2. المعنى الإجمالي للحديث:


يبيّن الحديث الشريف أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من مكان قضاء حاجته، فلم يباشر الوضوء، بل قُدِّم له الطعام مباشرة. فلما رأى الصحابة ذلك، استغربوا وسألوه أو ذكّروه بالوضوء، ظانِّين أن مجرد الخروج من الخلاء يوجب الوضوء، أو أن الأكل بعد الخلاء يحتاج إلى وضوء.
فأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم بردٍّ استفهاميٍ إنكاري، يُفهم منه أن الوضوء ليس لازماً لمجرد قضاء الحاجة أو للأكل، وإنما هو واجب أو مندوب لأجل الصلاة. فما دام أنه لا يريد الصلاة الآن، فلا داعي للوضوء في هذه اللحظة.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- بيان أن الوضوء لا يجب لمجرد قضاء الحاجة: هذا هو أبرز حكم الحديث. فليس كل من خرج من الخلاء يجب عليه أن يتوضأ، بل الوضوء يجب عند إرادة الصلاة، أو ينبغي عند الذكر والدعاء، ولكن ليس له سبب بمجرد قضاء الحاجة. وهذا رد على من كان يظن ذلك.
2- الفصل بين السنن والعبادات: يفصل الحديث بين الأمور، فقضاء الحاجة أمر دنيوي طبيعي، والوضوء عبادة، ولا تلازم بينهما إلا إذا اقترن بالنية للصلاة.
3- التيسير ورفع الحرج عن الأمة: يظهر من رد النبي صلى الله عليه وسلم حرصه على تيسير الأمور على أمته وعدم تكليفهم بما لم يشرعه الله، فلو أوجب الوضوء بعد كل قضاء حاجة لكان فيه مشقة عظيمة.
4- أدب الصحابة وحبهم للاستفادة: حرص الصحابة رضي الله عنهم على السؤال عن كل صغيرة وكبيرة ليتعلموا دينهم، وحرصهم على متابعة النبي صلى الله عليه وسلم في كل أفعاله.
5- الأكل بعد قضاء الحاجة دون وضوء جائز: دلَّ الحديث على جواز الأكل والشرب بعد قضاء الحاجة من غير اشتراط الوضوء، ما لم تكن هناك نواقض أخرى للوضوء كخروج ريح أو غيره.
6- حكمة النبي صلى الله عليه وسلم في التعليم: استعمل النبي صلى الله عليه وسلم أسلوب الاستفهام الإنكاري ("لِمَ؟ أأصلي فأتوضأ؟") ليبين الخطأ ويصحح المفاهيم بطريقة مؤثرة تثير انتباه السامع وتجعله يتفكر في الحكم.
7- أن الأصل في الأشياء الإباحة حتى يرد دليل التحريم أو الكراهة: فالأكل بعد الخلاء أمر مباح، ولم يرد دليل يمنعه أو يوجب له وضوءً، فبقي على أصل الإباحة.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* حكم الوضوء من قضاء الحاجة: ذهب جمهور العلماء (من الحنفية والمالكية والشافعية) إلى أن قضاء الحاجة (البول أو الغائط) ينقض الوضوء، فإذا قضى الإنسان حاجته ثم أراد الصلاة، وجب عليه الوضوء. ولكنهم متفقون على أن هذا النقض لا يوجب الوضوء فورًا، بل يجب الوضوء فقط عند إرادة الصلاة. وهذا ما يؤكده الحديث.
* الفرق بين ناقض الوضوء وسبب وجوبه: الحديث يفرق بين الأمرين:
* ناقض الوضوء: هو الحدث (كالبول والغائط) الذي يبطل الطهارة.
* سبب وجوب الوضوء: هو إرادة فعل ما يشترط له الطهارة، كالصلاة أو مس المصحف أو الطواف.
* الاستنجاء والاستجمار: يستحب بعد قضاء الحاجة الاستنجاء بالماء أو الاستجمار بالحجارة لإزالة النجاسة، وهذا غير الوضوء. فالاستنجاء清洁 للنظافة، والوضوء طهارة للعبادة.
وبهذا يتبين أن الحديث من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، حيث جمع في جملة قصيرة حكماً عظيماً، وهو فصل أمر العبادة (الوضوء) عن أمر العادة (قضاء الحاجة)، وجعله مرتبطاً بالنية والعبادة المقصودة (الصلاة).
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الحيض (٣٧٤) من طريق عمرو بن دينار، عن سعيد بن الحُوَيْرِث، عن ابن عباس، فذكر الحديث. وسبق تخريج الحديث في باب وجوب الطهارة للصلاة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 131 من أصل 155 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لم؟ أأصلي فأتوضأ؟

  • 📜 حديث: لم؟ أأصلي فأتوضأ؟

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لم؟ أأصلي فأتوضأ؟

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لم؟ أأصلي فأتوضأ؟

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لم؟ أأصلي فأتوضأ؟

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب