حديث: أدخلتهما طاهرتين فمسح عليهما

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب المسح على الخفين والعمامة والناصية

عن المغيرة بن شعبة قال: كنت مع النبيّ ﷺ ذات ليلة في سفر فقال: أمعك ماء؟ قلت: نعم، فنزل عن راحلته فمشى حتى تواري عنّي في سواد اللّيل، ثم جاء
فأفرغت عليه الإدارة، فغسل وجهه ويديه، وعليه جبّة من صوف، فلم يستطعْ أن يخرج ذراعيه منها، حتى أخرجهما من أسفل الجبة، فغسل ذراعيه ثم مسح برأسه، ثم أهويتُ لأنزع خفيه، فقال: دعهما، فإني أدخلتهما طاهرتين، فمسح عليهما.

متفق عليه: رواه البخاري في اللباس (٥٧٩٩)، ومسلم في الطهارة (٢٧٤: ٧٩) كلاهما من طريق زكريا، عن عامر، أخبرني عروة بن المغيرة، عن أبيه، فذكره.

عن المغيرة بن شعبة قال: كنت مع النبيّ ﷺ ذات ليلة في سفر فقال: أمعك ماء؟ قلت: نعم، فنزل عن راحلته فمشى حتى تواري عنّي في سواد اللّيل، ثم جاء
فأفرغت عليه الإدارة، فغسل وجهه ويديه، وعليه جبّة من صوف، فلم يستطعْ أن يخرج ذراعيه منها، حتى أخرجهما من أسفل الجبة، فغسل ذراعيه ثم مسح برأسه، ثم أهويتُ لأنزع خفيه، فقال: دعهما، فإني أدخلتهما طاهرتين، فمسح عليهما.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه، وفيه بيانٌ لصفة وضوء النبي ﷺ في حال الاختيار والسفر، مع فوائد عظيمة أخرى.

أولاً. شرح مفردات الحديث:


● الإدارة: القِربة أو وعاء الماء الصغير.
● سواد الليل: ظلام الليل الشديد.
● جُبَّة من صوف: ثوبٌ واسع يُلبس فوق الثياب، يشبه العباءة أو المعطف.
● أهويتُ لأنزع خفيه: أسرعتُ وأمَلْتُ بيدي لنزع خفيه.
● طاهرتين: أي طاهرتي القدمين عند لبسهما.

ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبر الصحابي الجليل المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أنه كان مسافرًا مع النبي ﷺ في ليلة مظلمة، فسأله النبي إن كان معه ماء للوضوء، فأجاب بالإيجاب. فنزل النبي ﷺ عن دابته وابتعد في ظلمة الليل حتى اختفى عن نظر المغيرة لقضاء حاجته، حرصًا على السترة والحياء. ثم عاد فسكب المغيرة الماء على يديه، فتوضأ النبي ﷺ وضوءًا كاملاً، ولكنه واجه صعوبة في إخراج ذراعيه من أكمام الجبة الضيقة، فتحايل وأخرجهما من أسفلها ليغسلهما. ثم عندما همَّ المغيرة بنزع خفيه لمسحهما، نهاه النبي ﷺ وأخبره أنه قد أدخل رجليه فيهما وهما طاهرتان من الوضوء، فاكتفى بالمسح عليهما.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- الاستتار لقضاء الحاجة: من أدب الإسلام العظيم الاستتار التام ولو في ظلام الليل، وهذا من كمال حياء النبي ﷺ.
2- صحة الوضوء على الجبة (الثوب): يجوز الوضوء وعليه ثوب، ولا يشترط أن تكون الذراعان مكشوفتين للغسل، طالما أمكن وصول الماء إلى البشرة. ومحاولة إخراج الذراعين من أسفل الجبة تدل على الحرص على إيصال الماء إلى العضو مع التيسير وعدم التشدد.
3- المسح على الخفين: هذا الحديث أصل من أصول مشروعية المسح على الخفين في الوضوء، وهي رخصة عظيمة من رخص الإسلام، خاصة في السفر والشتاء.
4- شروط المسح على الخفين: بيَّن الحديث شرطًا مهمًا للمسح، وهو أن يلبسهما المرء على طهارة (أي بعد وضوء كامل). فقوله ﷺ: «إني أدخلتهما طاهرتين» هو بيان لهذا الشرط.
5- التيسير ورفع الحرج: في هذا الحديث تيسيرات متعددة: المسح على الخفين بدل غسل الرجلين، والوضوء مع لبس الثياب، وعدم التشدد في إخراج الذراعين من الكمين بل إخراجهما من أسفل الثوب. وهذا من سماحة الإسلام ويسره.
6- أدب الصحابة مع النبي ﷺ: حرص المغيرة بن شعبة على خدمة النبي ﷺ وسكب الماء له وهمه بنزع خفيه يدل على ما كان عليه الصحابة من حب وتوقير للنبي ﷺ.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- المسح على الخفين مشروع بالكتاب والسنة والإجماع. ومدة المسح للمقيم يوم وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام بلياليهن.
- الجمع بين الغسل والمسح في هذا الحديث (غسل لليدين والوجه ومسح للرأس والخفين) هو صفة الوضوء الكامل.
- فعل النبي ﷺ هذا كان في السفر، ولكنه يعم الحضر أيضًا، فالمسح على الخفين جائز في السفر والحضر بشروطه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في اللباس (٥٧٩٩)، ومسلم في الطهارة (٢٧٤: ٧٩) كلاهما من طريق زكريا، عن عامر، أخبرني عروة بن المغيرة، عن أبيه، فذكره.
تنبيه: رواه مالك في الطهارة (٤١) عن ابن شهاب، عن عبّاد بن زياد - من ولد المغيرة بن شعبة - عن أبيه، عن المغيرة بن شعبة فذكر الحديث.
ولم يورد الشيخان رواية مالك في صحيحيهما، وإنما أوردا من أوجه أُخرى مُختصرًا ومفصلا؛ وذلك - والله أعلم - لما وقع من الوهم من مالك في إسناده في موضعين كما قال الدارقطني: أحدهما قوله: عباد من ولد المغيرة، والصواب هو مولى المغيرة، قاله الشافعي ومصعب الزبيري وغيرهما، والثاني: إسقاط عروة وحمزة ابني المغيرة. انتهى.
لأن عبّادا لم يسمع من المغيرة ولا رآه، وإنما يرويه الزهري عن عبّاد، عن عروة وحمزة ابني المغيرة، عن أبيهما، وربما حدّث الزهريّ به عن عروة وحده دون حمزة. وله طرق أُخرى عن المغيرة بن شعبة. انظر للمزيد: «المنة الكبرى» (١/ ١٧٠ - ١٧١).
وفي رواية عند مسلم قال: «دعهما! فإني أدخلتهما طاهرتين، فمسح عليهما». وفي رواية عنده: «فمسح على الخفين ومقدِّم رأسه، وعلى عمامته». وفي رواية عنده: «ومسح بناصيته وعلى العمامة وعلى خفيه». ولفظ النسائي (١٠٩) قال المغيرة بن شعبة: «خصلتان لا أسأل عنهما أحدًا بعد ما شهدتُ رسول الله ﷺ، قال: كنا معه في سفر، فبرز لحاجته، ثم جاء فتوضأ، ومسح بناصيته وجانبي عمامته، ومسح على خفيه، قال: وصلاة الإمام خلف الرجل عن رعيته، فشهدت من رسول الله ﷺ أنه كان في سفر فحضرت الصلاة، فاحتبس عليهم النبي ﷺ، فأقاموا الصلاة وقدموا ابن عوف فصلي بهم، فجاء رسول الله ﷺ فصلي خلف ابن عوف ما بقي من الصلاة، فلما سلم ابن عوف قام النبي ﷺ فقضى ما سُبق به».
قال الترمذي بعد أن أخرج الحديث «مسح على الخفين والعمامة»: وهو قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ منهم أبو بكر وعمر وأنس، وبه يقول الأوزاعي وأحمد وإسحاق، قالوا: يمسح على العمامة. وقال غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ والتابعين: لا يمسح على العمامة إلَّا أن يمسح برأسه مع العمامة، وهو قول سفيان الثوري ومالك بن أنس وابن المبارك والشافعي. قال: وسمعت الجارود بن معاذ يقول: سمعت وكيع بن الجراح يقول: إنْ مسح على العمامة يجزئه للأثر. انتهى
ونقل الخطابي عن الإمام أحمد في المسح على العمامة بأنه جاء عن النبي ﷺ من خمسة أوجه،
وقال: وشرط من جوَّز المسح على العمامة: أن يعتم الماسح عليها بعد كمال الطهارة، كما يفعله من يريد المسح على الخفين. وقال: وأبي المسح على العمامة أكثر الفقهاء. وتأولوا الخبر في المسح على العمامة على معنى أنه كان يقتصر على مسح بعض الرأس، فلا يمسحه كله مقدمه ومؤخره، ولا ينزع عمامته من رأسه، ولا ينقضها. وجعلوا خبر المغيرة بن شعبة كالمفسر له، وهو أنه وصف وضؤه ثم قال: «ومسح بناصبه وعلى عمامته«فوصل مسح الناصية بالعمامة، وإنما وقع أداء الواجب من مسح الرأس بمسح الناصية، إذ هي جزء من الرأس، وصارت العمامة تبعًا له». انتهى.
وقوله «دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين» فيه دليل على أن المسح على الخفين لا يجوز إلَّا إذا لبس الخف بعد الطهارة، أي: بعد الوضوء، وهو أمر يكاد يكون مُتَّفقًا عليه لدى كل من أجاز المسح على الخفين إلَّا داود الظاهري؛ فإنه حمل الطهارة بمعنى الطهارة من النجاسة وإن لم يكن مُستبيحًا للصلاة. انظر: المازري - المُعلِم (١/ ٢٣٩).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 133 من أصل 155 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أدخلتهما طاهرتين فمسح عليهما

  • 📜 حديث: أدخلتهما طاهرتين فمسح عليهما

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أدخلتهما طاهرتين فمسح عليهما

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أدخلتهما طاهرتين فمسح عليهما

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أدخلتهما طاهرتين فمسح عليهما

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب