حديث: أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله؟

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال: لا إله إلا اللَّه، وإن كان أوجع في المسلمين

عن أسامة بن زيد يقول: بعثنا رسول اللَّه ﷺ إلى الحُرقة، فصبّحنا القوم فهزمناهم، ولحقتُ أنا ورجلُ من الأنصار رجلًا منهم فلما غشيناه قال: لا إله إلا اللَّه. فكفَّ عنه الأنصاريّ، فطعنْتُه برمحي حتى قتلتُه، فلما قدمنا بلغ ذلك النبيّ ﷺ فقال: «يا أسامة، أقتلْتَه بعدما قال: لا إله إِلَّا اللَّه؟ !» قلت: كان متعوِّذًا! فما زال يكرّرُها حتى تمنيتُ أني لم أكن أسلمتُ قبل ذلك اليوم.

متفق عليه: رواه البخاريّ في المغازيّ (٤٦٩)، ومسلم في الإيمان (٩٦: ١٥٩) كلاهما من طريق هشيم، أخبرنا حصين، حدثنا أبو ظبيان، قال: سمعتُ أسامة بن زيد بن حارثة يحدّث، قال (فذكره)، ولفظهما سواء.

عن أسامة بن زيد يقول: بعثنا رسول اللَّه ﷺ إلى الحُرقة، فصبّحنا القوم فهزمناهم، ولحقتُ أنا ورجلُ من الأنصار رجلًا منهم فلما غشيناه قال: لا إله إلا اللَّه. فكفَّ عنه الأنصاريّ، فطعنْتُه برمحي حتى قتلتُه، فلما قدمنا بلغ ذلك النبيّ ﷺ فقال: «يا أسامة، أقتلْتَه بعدما قال: لا إله إِلَّا اللَّه؟ !» قلت: كان متعوِّذًا! فما زال يكرّرُها حتى تمنيتُ أني لم أكن أسلمتُ قبل ذلك اليوم.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما ندرس ونفهم من سنة نبيه ﷺ.
هذا حديث عظيم، رواه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 4269) ومسلم في صحيحه (رقم 96) عن الصحابي الجليل أسامة بن زيد رضي الله عنهما، حِبِّ رسول الله ﷺ وابن حِبِّه. والحديث يحمل درساً عظيماً في الحكم على الظواهر وترك السرائر لله، وفي حرمة دم المسلم.

1. شرح المفردات:


* بعثنا رسول اللَّه ﷺ إلى الحُرقة: أرسلنا في سرية عسكرية إلى منطقة تسمى "الحُرقة" من أرض بني فزارة.
* فصبّحنا القوم فهزمناهم: أغارنا عليهم وقت الصباح فهزمناهم في المعركة.
* لحقتُ أنا ورجلُ من الأنصار رجلًا منهم: pursued him, يعني we chased after one of the enemy fighters.
* فلما غشيناه: عندما اقتربنا منه وأحطنا به.
* قال: لا إله إلا اللَّه. فكفَّ عنه الأنصاريّ: فقالها، فامتنع الأنصاري عن قتله احتراماً لهذه الكلمة.
* فطعنْتُه برمحي حتى قتلتُه: فلم أمتثل كما امتثل صاحبي، بل طعنته فمات.
* كان متعوِّذًا: أي قالها ليس إيماناً وتعبداً، بل تعوذاً وخوفاً من القتل، أي اتقاءً للسيف.
* حتى تمنيتُ أني لم أكن أسلمتُ قبل ذلك اليوم: كناية عن شدة ندمه وخوفه من عتاب النبي ﷺ المستمر، حتى وصل به الحال إلى أن يتمنى أن يكون إسلامه حديثاً ليبدأ صفحة جديدة نقية بعد هذا الخطأ.

2. المعنى الإجمالي للحديث:
يحدثنا أسامة بن زيد رضي الله عنه عن سرية عسكرية أرسلها النبي ﷺ، وهاجموا العدو عند الفجر وهزموهم. أثناء المطاردة، لحق أسامة ورجل من الأنصار بأحد المشركين، وعندما أدركاه وأحاطا به، نطق المشرك بكلمة التوحيد "لا إله إلا الله". فتراجع الأنصاري واحترم هذه الكلمة وامتنع عن قتله. لكن أسامة لم يتردد وقتله.
فلما عادوا إلى المدينة وبلغ الخبر النبي ﷺ، عاتبه عتاباً شديداً متكرراً، مستفهماً ومستنكراً: "أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله؟!"، حتى إن أسامة تمنى من شدة الندم والأسف أن يكون إسلامه بعد هذا الحادث ليتخلص من وطأة هذا الذنب.

3. الدروس المستفادة والعبر:


1- عظم حرمة دم المسلم: الحديث أصل عظيم في تحريم دماء المسلمين، وأن قول "لا إله إلا الله" هو الحاجز الذي يحرم دم قائله ما لم يأت بما يخرجه من الإسلام ويحل دمه.
2- الحكم على الظاهر والله يتولى السرائر: هذا من أهم أصول الإسلام في التعامل مع الناس. فمن نطق بالشهادتين واستسلم لأحكام الإسلام الظاهرة، فإننا نعطيه حكم المسلمين، ونكل سريرته إلى الله تعالى. لا يجوز لنا أن نقتل أحداً alleging that we know what is in his heart or that he is insincere.
3- تحريم القتل بالتوهم: نهى النبي ﷺ أسامة عن القتل لمجرد ظنه وتوهمه أن الرجل إنما قالها خوفاً من السيف. فلو فتح هذا الباب لادعى كل قاتل شبهة في قلب المقتول.
4- العدل حتى مع الأعداء: الإسلام يأمر بالعدل حتى في أشد لحظات الحرب والقتال. فليس من العدل قتل من أعلن الاستسلام وارتفع عن القتال.
5- حكمة النبي ﷺ التربوية: طريقة عتاب النبي ﷺ لأسامة كانت بتكرار السؤال ("فما زال يكررها")، مما يدل على عظم الجرم وخطورة الفعل، وكان هذا التكرار سبباً في بلوغ العظة إلى قلب أسامة رضي الله عنه بشكل عميق، فندم ندامة شديدة.
6- تواضع الصحابة وصدقهم: موقف أسامة في رواية هذا الخطأ والاعتراف به دليل على شدة إخلاص الصحابة وصدقهم مع الله ورسولهم، وحرصهم على نقل السنة كما هي حتى لو كانت ضد أنفسهم.
7- لا يزال العبد يُخطئ: حتى الصحابة الكرام، وهم خير الناس بعد الأنبياء، يقع منهم الخطأ، ولكنهم سرعان ما يرجعون إلى الحق ويتوبون إلى الله.

4. معلومات إضافية مفيدة:


* هذا الحديث من الأحاديث التي استدل بها العلماء على أنه لا يجوز تكفير المعين (أي شخص بعينه) بمجرد وقوعه في معصية أو بدعة لا تصل إلى حد الكفر، ما دام قد نطق بالشهادتين ولم يصرح بكلمة الكفر.
* الفقهاء استثنوا من هذا الحكم حالات محدودة، كمن قالها استهزاءً أو سخرية، أو كان يقولها ثم يعود إلى قتال المسلمين، فهذا لا يُقبل منه.
* ندم أسامة رضي الله عنه كان في لحظة الخوف من عتاب النبي ﷺ، وهو ندم على معصية وقعت، وقد قبل الله توبته، وكان أسامة بعد ذلك من خيرة الصحابة وأعفهم.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يرزقنا الفقه في دينه والاقتداء بنبيه ﷺ.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في المغازيّ (٤٦٩)، ومسلم في الإيمان (٩٦: ١٥٩) كلاهما من طريق هشيم، أخبرنا حصين، حدثنا أبو ظبيان، قال: سمعتُ أسامة بن زيد بن حارثة يحدّث، قال (فذكره)، ولفظهما سواء.
ورواه مسلم من وجه آخر عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن أسامة بن زيد، قال: بعثنا رسولُ اللَّه ﷺ في سريّة، فصبّحنا الحُرُقات من جهينة، فأدركتُ رجلًا فقال: لا إله إِلّا اللَّه، فطعنتُه، فوقع
في نفسي من ذلك، فذكرتُه للنبيّ ﷺ فقال رسول اللَّه: «أقال: لا إله إلّا اللَّه وقتلتَه؟ !». قال: قلت: يا رسول اللَّه، إنّما قالها خوفًا من السّلاح. قال: «أفلا شققتَ على قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟ !». فما زال يكرّرها عَلَيَّ حتى تمنيتُ أنِّي أسلمتُ يومئذ.
قال: فقال سعد: وأنا واللَّهِ لا أقتلُ مسلمًا حتى يقتله ذو البُطين -يعني أسامة-، قال: قال رجل: ألم يقل اللَّه: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ﴾ [سورة الأنفال: ٣٩]؟ فقال سعد: قد قاتلنا حتى لا تكون فتنة، وأنت وأصحابك تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة.
قوله: «الحرقات» مثل عرفات وأذرعات، موضع ببلاد جهينة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 165 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله؟

  • 📜 حديث: أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله؟

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله؟

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله؟

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله؟

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب