حديث: من ادعى قومًا ليس له فيهم فليتبوأ مقعده من النار

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب بيان حال إيمان من رغب عن أبيه وهو يعلم

عن أبي ذر، أنه سمع النبيّ ﷺ يقول: «ليس من رجل ادّعى لغير أبيه -وهو يعلمه- إلَّا كفر، ومن ادّعى قومًا ليس له فيهم فليتبوأ مقعده من النار».

متفق عليه: رواه البخاريّ في المناقب (٣٥٠٨)، ومسلم في الإيمان (٦١) كلاهما من حديث عبد الوارث، عن حسين المعلم، عن عبد اللَّه بن بريدة، قال: حدثني يحيى بن يعمر، أنّ أبا الأسود الدّيليّ حدّثه عن أبي ذر، فذكر الحديث، ولفظهما سواء، وزاد مسلم: «ومن دعا رجلًا بالكفر، أو قال: عدو اللَّه وليس كذلك، إِلَّا حار عليه».

عن أبي ذر، أنه سمع النبيّ ﷺ يقول: «ليس من رجل ادّعى لغير أبيه -وهو يعلمه- إلَّا كفر، ومن ادّعى قومًا ليس له فيهم فليتبوأ مقعده من النار».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، ينهى عن أمر خطير ويحذر منه أشد التحذير. وها هو الشرح المفصل له:

نص الحديث:


عن أبي ذر رضي الله عنه، أنه سمع النبيّ ﷺ يقول: «لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ - وَهُوَ يَعْلَمُهُ - إِلَّا كَفَرَ، وَمَنِ ادَّعَى قَوْمًا لَيْسَ لَهُ فِيهِمْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ».


1. شرح المفردات:


● ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ: أي انتسب ونسب نفسه إلى غير أبيه الحقيقي، فزعم أن فلانًا هو أبوه وهو يعلم أن هذا كذب.
● كَفَرَ: هنا بمعنى كفر النعمة وجحودها، أو يكون على ظاهره من الكفر الأصغر الذي لا يخرج من الملة، ولكن بعض العلماء حمله على الكفر العملي أو الكفر الأصغر.
● ادَّعَى قَوْمًا: انتسب إلى قبيلة أو عائلة أو جنسية لا ينتمي إليها حقًا.
● فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ: فليتخذ ويستعد لأن يكون مقره من النار، وهذا وعيد شديد يدل على عظم الجرم.


2. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الرجل الذي يعلم حقيقة نسبه إلى أبيه، ثم يتعمد الانتساب إلى رجل آخر غير أبيه الحقيقي، فقد ارتكب ذنبًا عظيمًا يصل إلى درجة الكفر (كفر النعمة أو الكفر دون الكفر الأكبر).
ثم يعمم النبي صلى الله عليه وسلم التحذير ليشمل أي ادعاء للنسب بغير حق، سواء كان في انتساب الشخص إلى أب غير أبيه، أو إلى قبيلة أو عشيرة لا ينتمي إليها بصلة، فيهدده بأشد الوعيد وهو أن يتخذ مقعده من النار، وهذا تحذير من عذاب الله الشديد لهذا الفعل.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- حرمة انتهاك الأنساب: يحرم الإسلام انتهاك الأنساب والتلاعب بها، لأن في ذلك قطعًا للرحمة، وإضاعة للحقوق المترتبة على النسب من وراثة ونفقة وصلة رحم.
2- التحذير من الكذب في النسب: الكذب في النسب من الكبائر، لما فيه من جحود لنعمة الله بالوالد الحقيقي، وتزوير للحقائق، وإدخال للشك على الأنساب.
3- الوعيد الشديد: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الوعيد بالنار لهذا الفعل، مما يدل على جرمه العظيم وخطورته على الفرد والمجتمع.
4- الحث على الصدق والأمانة: الحديث يحث على الصدق في كل شيء، خاصة في الأمور الجوهرية كالنسب، التي يقوم عليها بناء الأسرة والمجتمع.
5- النية والعلم شرط في الإثم: قوله: (وهو يعلمه) يدل على أن الإثم يترتب على من فعل ذلك وهو عالم بحقيقة نسبه، متعمدًا للكذب. أما الجاهل أو المخطئ فله حكم آخر.
6- الاعتزاز بالإسلام فوق كل نسب: إذا كان الإسلام يحرم الانتساب الكاذب، فإنه في المقابل يدعو المسلم إلى الاعتزاز بانتمائه للإسلام، وهو أشرف نسب، كما قال صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ مُنْقَطِعٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا سَبَبِي وَنَسَبِي».


4. معلومات إضافية مفيدة:


● الراوي: هو الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري رضي الله عنه، وهو من السابقين إلى الإسلام والمشهورين بالزهد والورع.
● مصادر الحديث: أخرجه الإمام البخاري (رقم 3508) ومسلم (رقم 61) في صحيحيهما، مما يدل على صحته وعلو درجته.
● حكم من فعل ذلك: من ادعى نسبًا كاذبًا وهو يعلم فهو آثم إثمًا عظيمًا، ولكنه لا يخرج من الملة الإسلاميّة إلا إذا استحل هذا الفعل مع علمه بحرمته.
● الاستثناءات: يستثنى من هذا الحكم حالات الضرورة القصوى التي يقرها الشرع، أو حالات التبني بضوابطه الشرعية التي لا فيها انتساب كاذب، كأن يقول: "ابني في التربية" دون أن ينسبه إلى نسبه.
نسأل الله أن يحفظ أنسابنا، وأن يوفقنا للصدق في القول والعمل، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في المناقب (٣٥٠٨)، ومسلم في الإيمان (٦١) كلاهما من حديث عبد الوارث، عن حسين المعلم، عن عبد اللَّه بن بريدة، قال: حدثني يحيى بن يعمر، أنّ أبا الأسود الدّيليّ حدّثه عن أبي ذر، فذكر الحديث، ولفظهما سواء، وزاد مسلم: «ومن دعا رجلًا بالكفر، أو قال: عدو اللَّه وليس كذلك، إِلَّا حار عليه».
وقوله: «حار عليه» أي باء ورجع.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 172 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من ادعى قومًا ليس له فيهم فليتبوأ مقعده من النار

  • 📜 حديث: من ادعى قومًا ليس له فيهم فليتبوأ مقعده من النار

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من ادعى قومًا ليس له فيهم فليتبوأ مقعده من النار

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من ادعى قومًا ليس له فيهم فليتبوأ مقعده من النار

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من ادعى قومًا ليس له فيهم فليتبوأ مقعده من النار

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب