حديث: يقول الله تعالى لأهون أهل النار عذابا يوم القيامة: لو أن لك ما في الأرض أكنت تفتدي به

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب أخذ اللَّه الميثاق من عباده على ربوبيته

عن أنس بن مالك، عن النبيّ ﷺ قال: «يقول اللَّه تعالى لأهون أهل النار عذابًا يوم القيامة: لو أنّ لك ما في الأرض من شيء أكنت تفتدي به؟ فيقول: نعم. فيقول: أردتُ منك أهون من هذا، وأنت في صُلب آدم: أن لا تُشرك بي شيئًا، فأبيتَ إِلَّا أن تشرك بي».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الرقاق (٦٥٥٧)، ومسلم في صفات المنافقين (٢٨٠٥) كلاهما
عن محمد بن بشّار: حدّثنا محمد بن جعفر غندر، حدثنا شعبة، عن أبي عمران، قال: سمعت أنس بن مالك، فذكره.

عن أنس بن مالك، عن النبيّ ﷺ قال: «يقول اللَّه تعالى لأهون أهل النار عذابًا يوم القيامة: لو أنّ لك ما في الأرض من شيء أكنت تفتدي به؟ فيقول: نعم. فيقول: أردتُ منك أهون من هذا، وأنت في صُلب آدم: أن لا تُشرك بي شيئًا، فأبيتَ إِلَّا أن تشرك بي».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يقول اللَّه تعالى لأهون أهل النار عذابًا يوم القيامة: لو أنّ لك ما في الأرض من شيء أكنت تفتدي به؟ فيقول: نعم. فيقول: أردتُ منك أهون من هذا، وأنت في صُلب آدم: أن لا تُشرك بي شيئًا، فأبيتَ إِلَّا أن تشرك بي».

شرح المفردات:


● أهون أهل النار عذابًا: أقلهم تعذيبًا في النار.
● تفتدي به: تدفعه فداءً لتنقذ نفسك من العذاب.
● في صلب آدم: أي حين أخذ الله الميثاق من ذرية آدم وهم في عالم الذر.
● أبيت: رفضت وأصررت على المخالفة.

المعنى الإجمالي للحديث:


يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى يوم القيامة يُخاطب أقل أهل النار عذابًا -مع أن عذابه شديد- فيقول له: لو أن لك كل ما في الأرض من أموال وكنوز، أكنت تدفعها فداءً لتنقذ نفسك من هذا العذاب؟ فيجيب هذا الشخص: نعم، بأبي أنت وأمي، لقد كنت لأفديني بكل ذلك. فيرد الله عليه: إني قد أردت منك في الدنيا أمرًا أهون من هذا وأيسر، وهو أن لا تشرك بي شيئًا، وقد طلبت ذلك منك وأنت في صلب أبيك آدم، فأخذت عليك العهد والميثاق، ولكنك أبيت إلا الإصرار على الشرك.

الدروس المستفادة منه:


1- عِظَم خطر الشرك بالله: فالحديث يبين أن الشرك هو أعظم الذنوب وأخطرها، حتى إن الله يعاتب صاحبه على تركه لأمر سهل في مقابل العذاب الأليم.
2- شدة عذاب النار: إذا كان هذا حال أهون أهل النار عذابًا، فكيف بحال من هو أشد منه عذابًا؟
3- أخذ الميثاق على البشر: يؤكد الحديث على أن الله أخذ العهد والميثاق على ذرية آدم وهم في عالم الذر بأن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، كما قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ} [الأعراف:172].
4- سُهولة التوحيد: فالتوحيد أمر فطري وسهل، بينما الشرك هو تعقيد وانحراف عن الفطرة.
5- الندم يوم القيامة: يندم الكافرون أشد الندم على تفريطهم في عبادة الله وحده، ولو قدروا على الفداء بكل ما في الأرض لفعلوا.
6- عدل الله تعالى: فالله لم يعذب أحدًا إلا بعد إقامة الحجة عليه، وقد أخذ الميثاق على كل إنسان بأنه سيعبد الله وحده.

معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث من الأحاديث التي تُظهر رحمة الله تعالى، حيث يعاتب هذا الشخص بلطف ويذكره بأن ما طلبه منه كان يسيرًا.
- ينبغي للمسلم أن يجدد إيمانه ويحذر من الشرك الأصغر كالرياء والسمعة، فإن الشرك قد يكون خفيًا.
- يستفاد من الحديث الحث على الدعوة إلى التوحيد وتحذير الناس من الشرك، لأن العاقبة وخيمة لمن مات عليه.
نسأل الله تعالى أن يعيذنا من الشرك كله ظاهره وخفيّه، وأن يثبتنا على التوحيد حتى نلقاه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الرقاق (٦٥٥٧)، ومسلم في صفات المنافقين (٢٨٠٥) كلاهما
عن محمد بن بشّار: حدّثنا محمد بن جعفر غندر، حدثنا شعبة، عن أبي عمران، قال: سمعت أنس بن مالك، فذكره.
ورواه مسلم من وجه آخر عن معاذ بن معاذ العنبريّ، عن شعبة وفيه: «قد أردتُ منك أهون من هذا وأنت في صلب آدم، أن لا تشرك بي -أحسبه قال: ولا أُدخلك النار- فأبيتَ إِلَّا الشّرك».
وفي رواية عنده من وجه آخر: «سئلتَ ما هو أيسر من ذلك».
قوله: «قد أردت منك» أي أحببت منك، والإرادة في الشرع تطلق ويراد بها ما يعمّ الخير والشّر، والهدى والضلال، كما في قوله تعالى: ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ﴾ [سورة الأنعام: ١٢٥]. وهذه الإرادة لا تتخلّف. وتطلق أحيانًا ويراد بها ما يرادف الحبّ والرّضا، كما في قوله تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [سورة البقرة: ١٨٥]، وهذا المعنى هو المراد من قوله تعالى في هذا الحديث: «أردتُ منك» أي أحببتُ، والإرادة بهذا المعنى قد تخلف، لأن اللَّه تبارك وتعالى لا يجبر أحدًا على طاعته -وإن كان خلقهم من أجلها-: ﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ [سورة الكهف: ٢٩]، وعليه فقد يريد اللَّه تبارك وتعالى من عبده ما لا يحبه منه، ويحب منه ما لا يريده، وهذه الإرادة يسميها ابن القيم رحمه اللَّه تعالى بالإرادة الكونيّة أخذًا من قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [سورة يس: ٨٢]، ويسمي الإرادة الأخرى المرادفة للرّضا بالإرادة الشّرعية.
وقوله: «وأنت في صلب آدم» قال القاضي عياض: «يشير بذلك إلى قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ﴾ الآية [الأعراف: ١٧٢]، فهذا الميثاق الذي أُخذ عليهم في صلب آدم، فمن وفي به بعد وجوده في الدنيا فهو مؤمن، ومن لم يوف به فهو كافر، فمراد الحديث: أردتُ منك حين أخذت الميثاق، فأبيت إذ أخرجتك إلى الدنيا إِلَّا الشّرك» ذكره في الفتح». انظر: السلسلة الصحيحة (١/ ١٢٣ - ١٢٤).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 179 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: يقول الله تعالى لأهون أهل النار عذابا يوم القيامة: لو أن لك ما في الأرض أكنت تفتدي به

  • 📜 حديث: يقول الله تعالى لأهون أهل النار عذابا يوم القيامة: لو أن لك ما في الأرض أكنت تفتدي به

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: يقول الله تعالى لأهون أهل النار عذابا يوم القيامة: لو أن لك ما في الأرض أكنت تفتدي به

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: يقول الله تعالى لأهون أهل النار عذابا يوم القيامة: لو أن لك ما في الأرض أكنت تفتدي به

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: يقول الله تعالى لأهون أهل النار عذابا يوم القيامة: لو أن لك ما في الأرض أكنت تفتدي به

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب