حديث: من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء من التحذير في تكفير المسلم

عن عبد اللَّه بن عمر، أنّ رسول اللَّه ﷺ قال: «من قال لأخيه: يا كافر، فقد باء
بها أحدُهما».

متفق عليه: رواه مالك في الكلام (١) عن عبد اللَّه بن دينار، عن عبد اللَّه بن عمر، فذكره.

عن عبد اللَّه بن عمر، أنّ رسول اللَّه ﷺ قال: «من قال لأخيه: يا كافر، فقد باء
بها أحدُهما».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الذي طلبت شرحه هو حديث عظيم في تحريم التكفير بغير حق، وهو حديث صحيح رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله ﷺ قال: «مَنْ قَالَ لأَخِيهِ: يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا».
وفي رواية أخرى: «إِذَا كَفَّرَ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا».


1. شرح المفردات:


* لأخيه: يقصد به "أخيه في الإسلام"، أي المسلم. وقد يُطلق على الإنسان عمومًا من باب الإخوة في الإنسانية.
* يا كافر: النداء له بالكفر والتكذيب، واتهامه بالخروج من دائرة الإسلام.
* باء: البَوءُ يعني الرجوع والعودة والانصرف، ويُقال: "باء بذنبه" أي رجع به وعاد عليه إثمه وعقوبته.
* بها: الضمير يعود على كلمة "الكفر".
* أحدهما: أي إما القائل أو المقول له.


2. المعنى الإجمالي للحديث:


يحذر النبي ﷺ في هذا الحديث من خطورة التسرع في اتهام المسلم بالكفر ووصفه به، ويبين أن من فعل ذلك دون بينة واضحة وحجة قاطعة، فإن هذه التهمة إما أن تكون صادقة في حق المُتَّهَم فيكون قد كفر، أو تكون كاذبة فترجع على قائلها، فيكون هو الكافر بتكفيره من لم يستحقه، لأنه قذف مسلمًا بما هو بريء منه.
فالحديث ليس إباحة للتكفير، بل هو تحذير شديد منه، وبيان لعاقبته الوخيمة على المتكلم إن كان مخطئًا.


3. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:


1- تحريم التكفير بغير حق: هذا الحديث أصل عظيم من أصول عقيدة أهل السنة والجماعة، وهو أنهم لا يكفرون أحدًا من المسلمين بالذنوب والمعاصي ما لم يستحلّها، ويتركون أمر السرائر لله تعالى. فالتكفير من الأمور الخطيرة التي لا يجوز التساهل فيها.
2- خطورة اللسان: الحديث من أبلغ النصوص في بيان خطر اللسان، فكلمة واحدة يمكن أن تهوي بصاحبها في الهاوية. فاتهام المسلم بالكفر من أعظم الباطل والافتراء.
3- التكفير حكم شرعي: التكفير ليس شتيمة أو سبًا، بل هو حكم شرعي يترتب عليه أحكام الدنيا والآخرة (من إباحة الدم والمال، والخلود في النار)، فلا يصدر إلا من عالمٍ بصيرٍ بأدلة الأحكام وشروط التكفير وموانعه، وليس من جهال العوام أو المتعصبين.
4- الفرق بين الحكم على الشخص والحكم على الفعل: قد يصدر من المسلم فعلٌ من أفعال الكفر، ولكن لا يُحكم على شخصه بالكفر مباشرة حتى تتحقق فيه شروط التكفير وتنتفي موانعه (كالجحود أو الاستحلال أو عدم العلم). فليس كل من وقع في معصية أو بدعة يكون كافرًا.
5- الترابط بين المسلمين: النداء بـ "يا أخي" في الحديث يؤكد على معنى الأخوة الإيمانية، ويوجب على المسلم أن ينظر إلى أخيه بأحسن الظن، ويحمل كلامه على أحسن المحامل، ولا يسيء الظن به.
6- الوعيد الشديد: الحديث فيه وعيد شديد لمن كفّر مسلمًا، حيث أن عاقبة هذا الاتهام إما أن تكون كفر القائل (إذا كان المُتَّهَم بريئًا) أو كفر المُتَّهَم (إذا كان متحققًا فيه أسباب الكفر حقًا). فهو مقام خطير.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* هل يعني الحديث منع التكفير مطلقًا؟
لا، فالكفر حقيقة موجودة، والشرع قد كفّر أصنافًا معينة بأعيانهم (كمن يجحد ضروريات الدين). والمعنى: من كفّر شخصًا معينًا بمجرد ظن أو هوى دون دليل قاطع، فقد تعرض لهذا الوعيد.
* من كفر بجحود أو استحلال فهو كافر:
من أنكر أمرًا معلوًا من الدين بالضرورة (كالصلاة، الصيام، تحريم الزنا) وهو يعلم أنه من دين الإسلام، فهو كافر بإجماع العلماء. وهنا لا ينطبق عليه الحديث، لأنه قد باء بالكفر حقًا.
* الواجب عند وقوع المسلم في أمر مشتبه:
الواجب نصحه وتذكيره بالدليل، وبيان خطئه، لا التشهير به واتهامه بالكفر مباشرة.
نسأل الله أن يحفظ ألسنتنا من الزلل، وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يرزقنا حسن الظن بإخواننا المسلمين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في الكلام (١) عن عبد اللَّه بن دينار، عن عبد اللَّه بن عمر، فذكره.
ورواه البخاريّ في الأدب (٦١٠٤) من طريق مالك، به، مثله.
ورواه مسلم في الإيمان (٦٠) من طريق اسماعيل بن جعفر، عن عبد اللَّه بن دينار، به، وزاد فيه: «إن كان كما قال، وإلّا رجعتْ عليه».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 167 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما

  • 📜 حديث: من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب