حديث: اتق الله لا تأت يوم القيامة ببعير تحمله له رغاء
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب الغلول في الصّدقة
صحيح: رواه الطبراني في «الكبير» ورجاله رجال الصحيح.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يحمل تحذيراً شديداً لكل من يتولى أمراً من أمور المسلمين، وخاصة في مجال الأموال والصدقات. وإليك الشرح المفصل:
الحديث بلفظه:
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه على الصدقة فقال: «يَا أَبَا الْوَلِيدِ! اتَّقِ اللَّهَ، لا تَأْتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِبَعِيرٍ تَحْمِلُهُ لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بِقَرَةٍ لَهَا خُوَارٌ، أَوْ بِشَاةٍ لَهَا ثُغَاءٌ». فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ ذَلِكَ لَكَذَلِكَ؟ قَالَ: «أَيْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ!». قَالَ: فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ! لا أَعْمَلُ لَكَ عَلَى شَيْءٍ أَبَدًا.
رواه الإمام أحمد في مسنده، والطبراني في المعجم الكبير، وهو حسن.
١. شرح المفردات:
* بعثه على الصدقة: أرسله وجعله عاملاً أو جامعاً لصدقات المسلمين (الزكاة).
* اتق الله: خف الله واجعل بينك وبين عذابه وقاية بطاعته.
* رغاء: صوت الإبل (الجرس الذي تصدره الإبل).
* خوار: صوت البقر.
* ثغاء: صوت الغنم والماعز.
* إن ذلك لكذلك؟: أهذا الأمر على هذه الدرجة من الخطورة والوعيد؟
* أي، والذي نفسي بيده: نعم، أقسم بالله الذي يملك روحي ويقبضها.
٢. شرح الحديث:
* الموقف: النبي صلى الله عليه وسلم يستعمل عبادة بن الصامت رضي الله عنه (وكنيته أبو الوليد) ليجمع زكاة المسلمين من الإبل والبقر والغنم.
* الوصية والتحذير: بدلاً من أن يعطيه تعليمات إدارية أو فنية، يوجهه النبي صلى الله عليه وسلم إلى لب العمل وأساسه: تقوى الله. ثم يصور له صورةً مرعبةً يوم القيامة، حيث يأتي العامل وهو يحمل بعيراً أو بقرة أو شاة قد أخذها من صاحبها بغير حق، وهذه الأنعام تصرخ وتشكو ظلمه أمام الله تعالى يوم القيامة. صراخها (رغاؤها وخوارها وثغاؤها) هو حجة عليها وليس له، فهو دليل على أنه اغتصبها ولم يؤدها لمستحقيها.
* رد فعل الصحابي: فهم عبادة رضي الله عنه فوراً عِظَم المسؤولية وخطر الموقف. استفهم من النبي صلى الله عليه وسلم للتأكد من صحة ما سمع وقوة الوعيد، فأقسم النبي صلى الله عليه وسلم لتأكيده. عندها أدرك عبادة أن المسؤولية جسيمة ولا يريد أن يخاطر بدينه، فحلف أن لا يعمل في جمع الصدقة مرة أخرى خوفاً من الوقوع في الخطأ أو الظلم ولو بغير قصد.
٣. الدروس المستفادة والعبر:
1- عظم أمانة المال العام: الحديث يظهر أعلى درجات الحرص على أموال المسلمين وأنها أمانة ثقيلة لا يُستهان بها، وأن الجزاء على التفريط فيها شديد.
2- تقوى الله أساس كل عمل: أول ما يوجه إليه القائدُ عامِلَه هو تقوى الله، فهي الضمان الحقيقي للإخلاص وحسن الأداء.
3- الوعيد الشديد لمن خان في الأمانة: خاصة أمانة المال العام، حيث أن المظلوم (صاحب المال أو الحيوان نفسه) سيكون خصماً للخائن يوم القيامة.
4- خوف السلف الصالح من تحمل المسؤوليات: فهم الصحابة رضي الله عنهم دينهم حق الفهم، فكانوا يفرون من المناصب ومسؤولية الأموال خوفاً من التقصير لا تهرباً من العمل.
5- إثبات أن الجمادات والحيوانات تُحشر يوم القيامة: وتشهد على من ظلمها أو أخذ حقها، كما في هذا الحديث وغيره.
6- حرص النبي صلى الله عليه وسلم على أمته: تحذيره الشديد هذا من باب النصيحة والشفقة على أصحابه، لئلا يهلكوا بسبب أموال الدنيا.
٤. معلومات إضافية مفيدة:
* عبادة بن الصامت رضي الله عنه من كبار الصحابة، وهو أحد النقباء الاثني عشر في بيعة العقبة، وكان من أهل العلم والعبادة.
* هذا الحديث هو أحد الأدلة التي يستدل بها العلماء على تحريم الغلول (الخيانة في الغنيمة أو المال العام) وأنه من الكبائر.
* العبرة في الحديث عامة لكل من يتعامل مع أموال الناس أو يكون مسؤولاً عنها، كالموظفين في الدوائر الحكومية، والمحاسبين، والقضاة، وكل من له ولاية على شيء من أموال المسلمين.
* رد فعل عبادة رضي الله عنه (الامتناع عن العمل) فهمه العلماء على أنه خوف شديد من الله، ولكن الأصل أن المسلم لا يفر من المسؤولية إذا كان قادراً على أدائها بأمانة، بل يتقي الله فيها ويؤديها على أكمل وجه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
وقال المنذريّ في «الترغيب والترهيب» (١١٨٠) بعد أن عزاه إلى الطبراني في الكبير: «إسناده صحيح».
قوله: «لَهُ رغاء» وهو صوت البعير.
و«الخوار» صوت البقر.
و«الثغاء» صوت الغنم.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 100 من أصل 379 حديثاً له شرح
- 75 دخل رسول الله فرأى في يدي فتخات من ورق
- 76 أدّ زكاة الذهب فليس بكنز
- 77 أخرجوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض
- 78 العشر فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا
- 79 فيما سقت الأنهار والغيم العشور وفيما سقي بالسانية نصف العشر
- 80 بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ إِلَى الْيَمَنِ وَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ الْعُشْرَ
- 81 أخذ الصدقة من الحنطة والشعير والزبيب والتمر
- 82 لا تأخذوا الصدقة إلا من هذه الأربعة: الشعير والحنطة والزبيب...
- 83 من أدى عشور نحله فليحم له الوادي
- 84 غزوة تبوك وخبر المرأة في حَدِيقَتِهَا
- 85 رسول الله يفتح خيبر ويشترط له الأرض وكل صفراء وبيضاء
- 86 خَرَصَهَا ابْنُ رَوَاحَةَ أَرْبَعِينَ أَلْفَ وَسْقٍ
- 87 بعث النبي ﷺ أبا حثمة خارصًا فزاد عليه
- 88 ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة
- 89 لا يحل في البر والتمر زكاة حتى يبلغ خمسة أوسق
- 90 ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة
- 91 نصاب زكاة الزروع والثمار خمسة أوسق
- 92 نهي النبي عن الجعرور ولون الحبيق في الصدقة
- 93 لو شاء رب هذه الصدقة تصدق بأطيب منها
- 94 اعلموا أن الله غني عن صدقاتكم
- 95 كان أهل الصفة ليس لهم طعام، فكان أحدهم إذا جاع...
- 96 العامل على الصدقة بالحق كالغازي في سبيل الله
- 97 أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى...
- 98 من استعملناه على عمل فليجئ بقليله وكثيره
- 99 انطلق أبا مسعود ولا ألفينك يوم القيامة تجيء وعلى ظهرك...
- 100 اتق الله لا تأت يوم القيامة ببعير تحمله له رغاء
- 101 بعير له رغاء
- 102 أنا ممسك بحجزكم عن النار وأنتم تهافتون فيها
- 103 من استعملناه على عمل فرزقناه رزقًا فما أخذ بعد ذلك...
- 104 كتاب من رسول الله لا يُتَعَدَّى علينا في صدقاتنا
- 105 المعتدي في الصدقة كمانعها
- 106 اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينه وبين الله حجاب
- 107 أتاني رسولك ليأخذ مني صدقة مالي
- 108 ثلاث من فعلهن فقد طعم طعم الإيمان
- 109 أرضوا مصدقيكم إذا أتاكم المصدق فليصدر عنكم وهو عنكم راض
- 110 إذا جاءكم المصدق فلا يصدر إلا وهو راض
- 111 من كان لنا عاملا فليكتسب زوجة وخادما ومسكنا
- 112 إذا أعطيت شيئا من غير أن تسأل فكل وتصدق
- 113 صاحب المكس في النار
- 114 تفتح أبواب السماء نصف الليل فينادي مناد
- 115 رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق
- 116 لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله القرآن ورجل...
- 117 لا حسد إلا في اثنتين رجل علمه الله القرآن ورجل...
- 118 لا حسد إلا في اثنتين
- 119 ثلاثة أقسم عليهن وأحدثكم حديثا فاحفظوه
- 120 لو كان عندي أحد ذهبًا أحببت أن لا يأتي ثلاث
- 121 ما يسُرُّني أنَّ عندي مثل أُحُدٍ هذا ذهبا
- 122 ما ظن محمد ﷺ لو لقى الله وهذه عنده
- 123 ما يسرني أن أحدا يُحول لآل محمد ذهبا أنفقه في...
- 124 قد سمعت ما قلت فيه وإني أرى أن تجعلها في...
معلومات عن حديث: اتق الله لا تأت يوم القيامة ببعير تحمله له رغاء
📜 حديث: اتق الله لا تأت يوم القيامة ببعير تحمله له رغاء
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: اتق الله لا تأت يوم القيامة ببعير تحمله له رغاء
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: اتق الله لا تأت يوم القيامة ببعير تحمله له رغاء
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: اتق الله لا تأت يوم القيامة ببعير تحمله له رغاء
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








