تزوّج النبيّ ﷺ بعض نسائه وهو محرم

حديث: تزوّج النبيّ ﷺ بعض نسائه وهو محرم

عن عائشة، قالت: تزوّج النبيّ ﷺ بعض نسائه وهو محرم، واحتجم وهو محرم.

صحيح: رواه ابن حبان (٤١٣٢)، والطحاوي في «مشكله» (٥٧٩٨)، و«معانيه» (٢/ ٢٦٩)، والبيهقي (٧/ ٢١٢) كلهم من طريق أبي عوانة، عن مغيرة، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عائشة، فذكرته.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

عن عائشة، قالت: تزوّج النبيّ ﷺ بعض نسائه وهو محرم، واحتجم وهو محرم.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وفيه بيان لجانب من هدي النبي ﷺ في الإحرام، ورفع لما قد يقع في النفس من حرج أو شبهة.

نص الحديث:

عن عائشة رضي الله عنها، قالت: "تَزَوَّجَ النَّبِيُّ ﷺ بَعْضَ نِسَائِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَاحْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ." (رواه البخاري)

1. شرح المفردات:

● تَزَوَّجَ: أي عقد النكاح.
● بَعْضَ نِسَائِهِ: المقصود بها أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها، كما هو مصرح به في روايات أخرى للحديث.
● مُحْرِمٌ: أي دخل في نسك الحج أو العمرة ولبى بهما، فحرم عليه ما كان حلالاً له من قبل.
● احْتَجَمَ: أي أخذ دمه من جسده الشريف بواسطة الكؤوس والمحاجم لعلاج مرض أو تنقية للدم، وهي ما يعرف اليوم بالحجامة.

2. شرح الحديث:

يشتمل هذا الحديث على حكمين فقهيين مهمين يتعلقان بمحظورات الإحرام:
أولاً: عقد النكاح في الإحرام:
ذكرت عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ تزوج ميمونة وهو محرم. وهذا الفعل منه ﷺ يدل على جواز عقد النكاح للمحرم، وهو قول جمهور العلماء من أهل السنة والجماعة.
● الدليل على الجواز: فعل النبي ﷺ هو أقوى دليل على الإباحة، فهو لا يفعل إلا ما هو جائز شرعاً.
● التفريق بين العقد والجماع: يجوز العقد للمحرم، ولكن الجماع نفسه من محظورات الإحرام الكبرى التي تفسد الحج ويجب فيها الفدية والكفارة.
ثانياً: الحجامة للمحرم:
ذكرت أيضاً أنه ﷺ احتجم وهو محرم. وهذا يدل على جواز الحجامة للمحرم.
● سبب الجواز: لأن الحجامة من العلاج والتداوي، وهي من الأمور الضرورية التي يحتاجها الإنسان، فلم تكن من المحظورات. وكان بعض الناس يظنون أن إخراج الدم من المحرم ممنوع، فبين النبي ﷺ بفعله أنه جائز.
● هل تفطر؟ الحجامة لا تفطر الصائم في رمضان على الراجح، وهي بالمثل لا تحرم على المحرم.

3. الدروس المستفادة والعبر:

1- بيان سماحة الإسلام ويسره: فلم يحرم الشرع على المحرم إلا ما فيه شهوة أو يتنافى مع مقاصد النسك التعبدية (كالصيد والطيب)، أما الأمور النافعة والضرورية كالعلاج والعقد للزواج فلم يحرمها.
2- التيسير ورفع الحرج: النبي ﷺ بيّن بالأمثلة العملية أن الدين ليس مشقة وعنتاً، بل هو يسر وسهولة في غير تفريط.
3- الأصل في الأشياء الإباحة: إلا ما جاء النص بتحريمه، وعقد النكاح والحجامة لم يرد تحريمهما للمحرم، فبقيا على الأصل.
4- جواز التداوي أثناء النسك: مما يرفع الحرج عن المريض أو من يحتاج إلى علاج أثناء أداء مناسك الحج أو العمرة.

4. معلومات إضافية مفيدة:

● الروايات الأخرى: ورد في رواية عند مسلم: "تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ ﷺ وَأَنَا بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، وَبَنَى بِي وَأَنَا بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ، وَنَحَرْنَا بَدَنَةً وَأَنَا مُرْبِعَةٌ جَالِسَةٌ عَلَى البَدَنَةِ"، ولكن الرواية التي معنا هي في زواجه بميمونة.
● الخلاف الضعيف: خالف بعض أهل العلم (كابن عباس في رواية) في مسألة عقد النكاح للمحرم، ولكن الصحيح الذي عليه الجمهور هو الجواز، لقوة دليله من فعل النبي ﷺ.
● الحكمة من تحريم الجماع دون العقد: لأن العقد مجرد ارتباط وتعاقد، أما الجماع فهو استمتاع يلهي عن المقصد الرئيسي من النسك وهو الذكر والعبادة والانقطاع لله تعالى.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن حبان (٤١٣٢)، والطحاوي في «مشكله» (٥٧٩٨)، و«معانيه» (٢/ ٢٦٩)، والبيهقي (٧/ ٢١٢) كلهم من طريق أبي عوانة، عن مغيرة، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عائشة، فذكرته. واللفظ لابن حبان وليس عند غيره: «واحتجم وهو محرم».
وإسناده صحيح، المغيرة هو ابن مقسم الضبيّ، وأبو الضّحى هو مسلم بن صبيح.
قال الطّحاوي: «وهذا مما لا نعلمه روي عن عائشة ﵂ مما يخالفه. وقد روي عن أبي هريرة أيضًا ما يوافق ذلك».
ولكن أعلّه البيهقيّ بالإرسال، والصّواب أن من أسنده ثقة، وعنده زيادة علم وهي مقبولة عند المحدثين.
وأمّا حديث أبي هريرة الذي أشار إليه الطّحاويّ فهو ما رواه الدارقطني (٣٦٦٢)، والطحاوي في «مشكله» (٥٧٩٩) كلاهما من حديث خالد بن عبد الرحمن الخراسانيّ، عن كامل أبي العلاء، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: «تزوّج رسول الله ﷺ وهو محرم».
قال الطّحاويّ: «وهذا مما لا نعلم أيضًا عن أبي هريرة فيه خلافًا لذلك».
قال الأعظمي: بل فيه كامل أبو العلاء مختلف فيه، فوثقه ابن معين، وضعفه النسائيّ، وقال ابن عدي عقب رواية هذا الحديث من طريق خالد بن عبد الرحمن، عن كامل أبي العلاء بإسناده: «ولكامل غير ما ذكرت من الحديث، وليس بالكثير، ولم أر من المتقدمين فيه كلامًا، فأذكره إلا أني رأيت في بعض رواياته أشياء أنكرتها، فذكرته من أجل ذلك، ومع هذا أرجو أن لا بأس به». «الكامل» (٦/ ٢١٠١ - ٢١٠٢).
ومن أجله ضعفه الحافظ في «الفتح» (٩/ ١٦٦) ولكنه قال: «لكنه يعتضد بحديث ابن عباس وعائشة، وفيه رد على قول ابن عبد البر أن ابن عباس انفرد من بين الصّحابة بأن النبيّ ﷺ تزوج وهو محرم».
ورُوي عن أنس قال: قال رسول الله ﷺ: «لا يتزوّج المحرم، ولا يزوِّج».
رواه الدارقطني (٣٦٥٢) عن محمد بن علي بن حبيش، حدّثنا أحمد بن القاسم بن مساور، حدّثنا القواريري، حدّثنا محمد بن دينار الطاحي، عن أبان، عن أنس، فذكره.
وفيه محمد بن دينار الطّاحي تكلّم فيه غير واحد من أهل العلم، فقال أبو داود: تغيّر قبل موته، وقال الدارقطنيّ: ضعيف، وقال العقيلي: في حديثه وهم.
وأما النسائي فقال: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في «الثقات»، وقال العجليّ: لا بأس به. فمثله يحسن حديثه في الشواهد إذا لم يخالف.
وقد ثبت عنه ما يخالف هذا لما رواه الطحاويّ في شرح «مشكل الآثار» (١٤/ ٥٢٠) من طريق عبد الله بن محمد بن أبي بكر قال: سألت أنسًا عن نكاح المحرم فقال: «لا بأس به، وهل هو إلّا كالبيع».
قال الحافظ في «الفتح» (٩/ ١٦٦): «إسناده قوي، لكنه قياس في مقابل النّص، فلا عبرة به، وكأن أنسًا لم يبلغه حديث عثمان» انتهى.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 138 من أصل 689 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: تزوّج النبيّ ﷺ بعض نسائه وهو محرم

📜 حديث: تزوّج النبيّ ﷺ بعض نسائه وهو محرم

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: تزوّج النبيّ ﷺ بعض نسائه وهو محرم

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: تزوّج النبيّ ﷺ بعض نسائه وهو محرم

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: تزوّج النبيّ ﷺ بعض نسائه وهو محرم

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية