حديث: المحرم لا يأكل لحم الصيد

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما يحلّ للمحرم أكله من الصّيد وما لا يحلّ

عن عائشة، قالت: أهدي لرسول الله ﷺ وشيقة ظبي وهو محرم، فلم يأكله.

صحيح: رواه الإمام أحمد (٢٥٨٨٢) عن عبد الرزاق -وهو في مصنفه (٨٣٢٤) - عن الثوريّ، عن قيس بن مسلم، عن الحسن بن محمد، عن عائشة، فذكرته.

عن عائشة، قالت: أهدي لرسول الله ﷺ وشيقة ظبي وهو محرم، فلم يأكله.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح للحديث الذي روي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:
الحديث:
عن عائشة، قالت: أُهدِيَ لرسول الله ﷺ وَشِيْقَةَ ظَبْيٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَلَمْ يَأْكُلْهُ.
(رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري)


1. شرح المفردات:


● أُهدِيَ لَهُ: قُدِّمَت له هدية.
● وَشِيْقَةَ: القطعة من اللحم المشوي. والوشيقة هي ما يشوى على الجمر أو النار.
● ظَبْيٍ: حيوان من الصيد، وهو من الظباء المعروفة.
● مُحْرِمٌ: وهو الشخص الذي دخل في نسك الحج أو العمرة ولبى بهما، فحرم عليه ما كان حلالاً له من قبل كالصيد ولبس المخيط وغير ذلك.


2. شرح الحديث:


كان النبي ﷺ في حالة إحرام، فأُهديت إليه قطعة من لحم ظبي مشوية، فامتنع عن أكلها مع أنها هدية وحلال في الأصل، لكنه ﷺ لم يأكلها لأنه محرم، والصيد حرام على المحرم بنص القرآن الكريم في قوله تعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: 96].
فالظبي من صيد البر، وحرمته تشمل أكل لحمه، أو الاصطياد، أو الإعانة على ذلك. والهدية وإن كانت قد صيدت بغير فعل المحرم، لكن أكلها حرام عليه لأنه محرم.


3. الدروس المستفادة منه:


1- تحريم الصيد على المحرم: الحديث دليل واضح على تحريم أكل الصيد على المحرم، ولو كان الصيد من غيره، ولو أهدي له. فالحكم متعلق بالأكل نفسه لا بفعل الصيد.
2- امتثال النبي ﷺ لأمر الله: النبي ﷺ هو المشرع والمبين للأحكام، ومع ذلك يمتنع عن الحلال عندما يكون محرماً، تواضعاً لله وامتثالاً لأمره، فكيف بغيره؟!
3- التقوى والورع: في هذا الموقف درس في الورع والبعد عن الشبهات، فالنبي ﷺ لم يقل "إنها هدية ولا بأس"، بل امتنع مباشرة لأنه يعلم حرمة ذلك في الإحرام.
4- تعليم الأمة: بامتناعه ﷺ عن الأكل، يعلّم أمته أن المحرم يحرم عليه الصيد بجميع أنواعه، سواء كان صيده بنفسه أو صيد لغيره، وسواء أهدي له أو اشتراه.
5- أن الإحرام يغير من أحكام الأشياء: فما كان حلالاً في غير الإحرام قد يصبح حراماً في الإحرام، كالصيد ولبس المخيط للرجال، وغير ذلك.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث أصل في باب محظورات الإحرام، وهو متفق عليه بين العلماء.
- من أكل صيداً وهو محرم عامداً ذاكراً للإحرام، فإن عليه الفدية، وهي ما يعادل الصيد الذي أكله أو اصطاده، كما قال الله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95].
- الفدية تكون بنحر animal (بهيمة) من النعم (الإبل أو البقر أو الغنم) وتوزيعها على فقراء الحرم.
- هذا الحديث يدل على أن التحريم يشمل حتى لو لم يكن الصيد من فعل المحرم نفسه، بل هو محرم عليه بمجرد كونه محرماً.

الخلاصة:
الحديث يدل على تحريم أكل الصيد على المحرم، ولو كان هدية، وفيه قدوة في الامتثال والورع، وتذكير للمسلم بأنه متى دخل في نسك فإن عليه أن يتقيد بمحظورات الإحرام حتى يكمله ويحل منه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الإمام أحمد (٢٥٨٨٢) عن عبد الرزاق -وهو في مصنفه (٨٣٢٤) - عن الثوريّ، عن قيس بن مسلم، عن الحسن بن محمد، عن عائشة، فذكرته.
وإسناده صحيح. والحسن بن محمد هو ابن علي بن أبي طالب ووالده محمد هو المعروف بابن الحنفية.
وقيس بن مسلم هو الجدليّ من رجال الشيخين.
ولكن رواه الإمام أحمد (٢٤١٢٨)، وأبو يعلى (٤٦١٦) كلاهما من حديث سفيان، عن عبد الكريم، عن قيس بن مسلم الجدليّ، بإسناده مثله.
فأدخلا بين سفيان وقيس بن مسلم «عبد الكريم» وهو ابن أبي المخارق ضعيف.
ورواه أيضًا عبد الرزاق (٨٣٢٥) عن معمر، عن عبد الكريم، به.
وهي متابعة قوية لترجيح رواية سفيان عن عبد الكريم. ولكن يجوز أن يقال: لعلّ سفيان سمع أولًا عن عبد الكريم، عن قيس بن مسلم، ثم تيسّر له السماع من قيس بن مسلم مباشرة. ولم يتيسّر لمعمر فيكون كلاهما محفوظا إلّا أنّ الأول صحيح، والثاني ضعيف.
وصحّح الهيثميّ في المجمع (٣/ ٢٣٠) رجال أحمد دون رجال أبي يعلي.
وقوله: «وشيقة ظبي» والوشيقة أن يؤخذ اللّحم فيغلي قليلًا، وتحمل في الأسفار.
ولعلّ النبيّ ﷺ لم يأكله لأنه صيد له.
وفي الباب ما روي عن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «صيد البر لكم حلال ما لم تصيدوه، أو يُصد لكم».
رواه أبو داود (١٨٥١)، والترمذي (٨٤٦)، والنسائي (٢٨٢٧) كلهم عن قتيبة بن سعيد، حدثنا يعقوب -الأسكندراني القاري-، عن عمرو، عن المطلب، عن جابر، فذكره.
قال الترمذي: «المطلب لا نعرف له سماعًا عن جابر».
وقال النسائي: «عمرو بن أبي عمرو ليس بالقوي في الحديث، وإن كان قد روي عنه مالك».
قال الأعظمي: ومن هذا الوجه رواه أيضًا الإمام أحمد (١٤٨٩٤)، وعبد الرزاق (٨٣٤٩)، وصحّحه ابن خزيمة (٢٦٤١)، وابن حبان (٣٩٧١)، والحاكم (١/ ٤٥٢، ٤٧٦) وقال: «صحيح على شرط الشيخين».
وهذا وهم منه؛ فإن المطلب وهو ابن عبد الله بن حنطب لم يخرج له واحد من الشّيخين في صحيحه.
والمطلب هذا قال فيه البخاري: لا أعرف له سماعًا من أحد من الصحابة.
وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: «المطلب بن عبد الله بن حنطب عامة حديثه مراسيل لم يدرك أحدًا من أصحاب رسول الله ﷺ إلا سهل بن سعد وأنسًا وسلمة بن الأكوع، ومن كان قريبًا منهم، ولم يسمع من جابر ولا من زيد بن ثابت، ولا من عمران بن حصين» انظر: «المراسيل».
وضعّف هذا الحديث ابن حزم في «المحلي» (٧/ ٢٥٣) من أجل عمرو بن أبي عمرو فقال: «هذا خبر ساقط من أجله».
قال الأعظمي: عمرو بن أبي عمرو سبق فيه كلام النسائي بأنه ليس بالقوي، وقال يحيى بن معين: لا يحتج بحديثه، وقال مرة: ليس بقوي، وليس بحجة. وقال أبو داود: ليس بالقوي. وقال ابن القطان في «الوهم والإيهام» (٤/ ١٨٤): هو مستضعف وأحاديثه تدل على حاله.
ولكن قال أحمد: ليس به بأس. وقال العجلي: ثقة. وقال ابن عدي: لا بأس به.
والخلاصة: أنه «صدوق وله أخطاء»، وحديثه حسن إذا لم يخطئ، ولم يأت في حديثه ما ينكر عليه، ولعل هذا الحديث مما أخطأ فيه؛ لأنه ليس في الأحاديث الصحيحة ما يدل على ذلك.
وللحديث طرق أخرى ذكرتها في «المنة الكبرى» (٤/ ١٠٠ - ١٠٣).
ولوجود طرق أخرى قوى البيهقي (٥/ ١٩٠) هذا الحديث.
وقال الشافعي: «هذا أحسن حديث روي في هذا الباب وأقيس».
وقلت: وبه قال مالك والشافعي وأحمد وجمهور من السلف.
وقال أبو حنيفة وطائفة من الملف: إنه يجوز للمحرم أكل لحم الصيد مطلقًا ما لم يصده تمسكًا بحديث أبي قتادة.
وذهب طائفة من الناس: أن لحم الصيد يحرم على المحرمين في كل حال مستدلين بقوله تعالى: ﴿وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا﴾ [سورة المائدة: ٩٦].
وهو مذهب علي، وابن عباس، وابن عمر، ومعاذ وغيرهم كما نقل ذلك عنهم عبد الرزاق في المصنف (٤/ ٤٢٥).
واستدلوا أيضًا بحديث الصعب بن جثامة الليثي: «إنا حرم لا نأكل الصيد». وجمع الجمهور
بين أحاديث الرد والقبول فقالوا: أحاديث القبول محمولة على ما يصيده الحلال لنفسه، ثم يهدي منه للمحرم.
وأحاديث الرد محمولة على ما صاده الحلال لأجل المحرم حتى لا يلزم طرح شيء من الأحاديث، وهو الذي رجّحه أيضًا الحافظ ابن القيم في زاده (٢/ ١٦٥)، والله تعالى أعلم.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 120 من أصل 689 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: المحرم لا يأكل لحم الصيد

  • 📜 حديث: المحرم لا يأكل لحم الصيد

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: المحرم لا يأكل لحم الصيد

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: المحرم لا يأكل لحم الصيد

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: المحرم لا يأكل لحم الصيد

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب