حديث: الضبع يجعل فيه كبش إذا صاده المحرم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في جزاء الصيد إذا قتله المحرم

عن جابر بن عبد الله، قال: سألت رسول الله ﷺ عن الضّبع؟ فقال: «هو صيد، ويجعل فيه كبش إذا صاده المحرم».

صحيح: رواه أبو داود (٣٨٠١)، وابن ماجه (٣٠٨٥) وصحّحه ابن خزيمة (٢٦٤٥)، وابن حبان (٣٩٦٤)، والحاكم (١/ ٤٥٢) كلهم من حديث عبد الله بن عبيد بن عمير، عن ابن أبي عمار، عن جابر، فذكره.

عن جابر بن عبد الله، قال: سألت رسول الله ﷺ عن الضّبع؟ فقال: «هو صيد، ويجعل فيه كبش إذا صاده المحرم».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النبوي الشريف شرحًا وافيًا مستندًا إلى كلام أهل العلم المعتبرين من أهل السنة والجماعة.

نص الحديث:


عن الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سألت رسول الله ﷺ عن الضَّبُع؟ فقال: «هُوَ صَيْدٌ، وَيُجْعَلُ فِيهِ كَبْشٌ إِذَا صَادَهُ المُحْرِمُ».


1. شرح المفردات:


* الضَّبُع: حيوان بري معروف، يشبه الكلب إلى حد ما، مفترس، يأكل الجيف، وهو من السباع.
* صَيْد: أي أنه حيوان يجوز للإنسان الحلال (غير المُحرِم) اصطياده وأكله.
* كَبْش: ذكر الغنم، وهو هنا يُقصد به الفدية، أي ما يجب على المحرم إذا قتله.
* المُحْرِم: هو الشخص الذي دخل في نسك الحج أو العمرة ولبَّى بهما، فحَرُم عليه ما كان حلالاً له قبل الإحرام، ومنها صيد البر.


2. شرح الحديث:


يسأل الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنهما النبي ﷺ عن حكم الضبع، هل هو من الصيد الذي يحرم على المحرم قتله أم لا؟ وفي حال قتله، فما هي الكفارة الواجبة؟
فأجابه النبي ﷺ بإجابة جامعة شاملة في عبارتين موجزتين:
* «هُوَ صَيْدٌ»: أي أن الضبع يُعتبر من حيوان الصيد البرّي، وجزؤه ولبنه حرام على المحرم كسائر الصيد. وهذا الحكم (كونه صيدًا) يعني أيضًا أنه حلال الأكل لغير المحرم، حيث إن الأصل في الصيد الإباحة ما لم يرد دليل بتحريمه، ولم يرد تحريم الضبع، بل وردت أحاديث أخرى تدل على إباحة أكلها.
* «وَيُجْعَلُ فِيهِ كَبْشٌ إِذَا صَادَهُ المُحْرِمُ»: أي إذا اصطاد المحرم ضبعًا أو قتله، فقد ارتكب محظورًا من محظورات الإحرام، وتترتب عليه الفدية. والفدية هنا هي ذبح كبش (شاة) يتصدق بها على فقراء الحرم، يكفّر بها عن ذنبه. وهذا الحكم يختلف عن بعض الحيوانات الأخرى التي فيها جزاء آخر (كالظبي فيه بقرة مثلًا).


3. الدروس المستفادة منه:


1- بيان أحكام الشريعة: الحديث يوضح مدى دقة وشمولية الشريعة الإسلامية، حيث بينت حتى الأحكام المتعلقة بحيوان مثل الضبع، مما يدل على كمال الإسلام ويسره.
2- إباحة أكل لحم الضبع: يستفاد من قوله «هُوَ صَيْدٌ» أن لحم الضبع حلال لأهل الحل (غير المحرمين)، وهذا مذهب جمهور العلماء (الشافعية والحنابلة وغيرهم)؛ لأن لها نابًا وتعدو به على الطرائد، فحل أكلها كالأرنب.
3- وجوب الفدية على المحرم إذا قتل الصيد: الحديث دليل على أن من محظورات الإحرام قتل الصيد البرّي، وأن على فاعله فدية.
4- التفريق في مقادير الفدية: ليس كل صيد فديته سواء، بل تختلف الفدية باختلاف نوع الصيد، ففي الضبع كبش (شاة)، وفي الظبي بقرة، وفي النعامة بدنة... وهكذا. وهذا من عدل الشريعة وتناسب العقوبة مع الفعل.
5- حرص الصحابة على التعلم: يسأل الصحابي عن مسألة قد تقع، مما يدل على حرصهم على فهم دينهم وتعلم أحكامه مباشرة من النبي ﷺ.
6- التيسير ورفع الحرج: رغم أن قتل الصيد محظور على المحرم، إلا أن الشريعة لم تتركه حائرًا، بل بينت له طريق التكفير والرجوع إلى الله، مما ييسر عليه ويطمئن قلبه.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* مصدر الحديث: أخرجه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود، والترمذي (وصححه)، والنسائي، وابن ماجه. وهو حسن.
* الخلاف في أكل الضبع: ذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى كراهة أكل الضبع، ولكن الراجح -والله أعلم- هو قول الجمهور بالإباحة لصحة الأحاديث فيها، ومنها هذا الحديث حيث جعلها من الصيد، والصيد حلال.
* حكمة تحريم الصيد على المحرم: من حكم هذا التحريم تعظيم حرمات الله، وتكريم البلد الحرام، وإشعار المحرم بالسلام والأمان حتى للحيوان، ليتفرغ القلب للعبادة والذكر.
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٣٨٠١)، وابن ماجه (٣٠٨٥) وصحّحه ابن خزيمة (٢٦٤٥)، وابن حبان (٣٩٦٤)، والحاكم (١/ ٤٥٢) كلهم من حديث عبد الله بن عبيد بن عمير، عن ابن أبي عمار، عن جابر، فذكره.
قال الحاكم: «صحيح على شرط الشيخين».
وقال البيهقي: «وحديث ابن أبي عمار حديث جيد تقوم به الحجة».
ورواه الدارقطني (٥/ ١٨٣) من طريق ابن جريج، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن عبد الرحمن ابن أبي عمار، قال: سألت جابر بن عبد الله عن الضبع؟ فقال: فيها كبش. فقلت: فريضة؟ قال: نعم. قلت: أنت سمعته من رسول الله ﷺ؟ قال: نعم. كذا قال: فريضة.
وكذلك رواه الترمذيّ (٨٥١)، والنسائي (٢٨٣٦) وابن خزيمة (٢٦٤٥)، وابن حبان (٣٩٦٥) كلهم من طريق ابن جريج بإسناده إلا أنهم لم يذكروا: «فيها كبش»، بل اقتصروا على ذكر كونه صيدا. وقد صرّح ابن جريج عند ابن خزيمة وابن حبان.
قال الترمذي: «حسن صحيح، قال علي بن المديني: قال يحيى بن سعيد: وروي جرير بن حازم هذا الحديث فقال: عن جابر، عن عمر، وحديث ابن جريج أصح، وهو قول أحمد وإسحاق، والعمل على هذا الحديث عند بعض أهل العلم في المحرم إذا أصاب ضبعا أن عليه الجزاء» انتهي.
قال الحاكم (١/ ٤٥٢): ولخصه جرير بن حازم، عن عبد الله بن عمير، عن عبد الرحمن بن أبي عمار، عن جابر بن عبد الله، قال: جعل رسول الله ﷺ في الضبع يصيبه المحرم كبشا نجديا، وجعله من الصيد.
ولجابر طرق أخرى: جعل النبي ﷺ في الضبع كبشا. رواه ابن خزيمة (٢٦٤٨)
والحاكم والبيهقي (٥/ ١٨٣) كلهم من حديث إبراهيم الصائغ، عن عطاء، عن جابر بن عبد الله مرفوعًا.
وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح ولم يخرجاه. وإبراهيم بن ميمون الصائغ، زاهد عالم، أدرك الشهادة».
وعلى هذا يُحمل ما رواه ابن خزيمة (٢٦٤٧) والبيهقي كلاهما من حديث منصور بن زاذان، عن عطاء، عن جابر قال: قضى في الضبع بكبش. أي النبي ﷺ.
ورواه الدارقطني (٢٥٤١) وعنه البيهقي (٥/ ١٨٣) من طريق ابن جريج عن عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال النبيّ ﷺ: «الضّبع صيد» وجعل فيها كبشًا.
اختلف في وصله وإرساله.
فرواه الشافعي في الأم (٢/ ١٩٢) عن سعيد (ابن سالم)، عن ابن جريج، عن عكرمة مولي ابن عباس، قال: «أنزل رسول الله ﷺ ضبعًا صيدًا، وقضى فيها بكبش».
قال الشافعي: «هذا حديث لا يثبت مثله لو انفرد، وإنما ذكرناه لأن مسلم بن خالد أخبرنا، عن ابن جريج، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن ابن أبي عمار، قال: سألت جابرًا عن الضبع أصيد هي؟» فذكر الحديث.
قال البيهقي: إنما قاله لانقطاعه، ثم أكده بحديث ابن أبي عمار، عن جابر، وحديث ابن أبي عمار حديث جيد، تقوم به الحجة، كما سبق ذكره. وقال: وقد روي حديث عكرمة موصولا: فرواه من طريق الدارقطني كما سبق.
والخلاصة: أن الحديث صحيح، وأنه جعل في الضبع كبشا، فاختصره البعض بجعل الضبع صيدا، وفصَّله الآخرون بذكر الكبش فيه.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 126 من أصل 689 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الضبع يجعل فيه كبش إذا صاده المحرم

  • 📜 حديث: الضبع يجعل فيه كبش إذا صاده المحرم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: الضبع يجعل فيه كبش إذا صاده المحرم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: الضبع يجعل فيه كبش إذا صاده المحرم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: الضبع يجعل فيه كبش إذا صاده المحرم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب