حديث: حرمت الخمر فأمر النبي ﷺ بإراقتها

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب تحريم بيع المحرمات من الخمر والخنزير والميتة والأصنام والدم؛ لأنها نجس عين

عن أنس قال: لما حرمت الخمر قال: إني يومئذ لأسقيهم، لأسقي أحد عشر رجلًا، فأمروني، فكفأتها وكفأ الناس آنيتهم بما فيها حتى كادت السكك أن تمتنع من ريحها.
قال أنس: وما خمرهم يومئذ إِلَّا البسر والتمر مخلوطين.
قال: فجاء رجل إلى النبي ﷺ، فقال: إنه كان عندي مال يتيم فاشتريت به خمرا، أفتأذن لي أن أبيعه، فأرد على اليتيم ماله، فقال النبي ﷺ: «قاتل اللَّه اليهود، حرمت عليهم الثروب، فباعوها، وأكلوا أثمانها». ولم يأذن لهم النبي ﷺ في بيع الخمر.

صحيح: رواه أحمد (١٣٢٧٥) عن عبد الرزاق -وهو في مصنفه (١٦٩٧٠) - قال: أخبرنا معمر، عن ثابت وقتادة، عن أنس فذكره.

عن أنس قال: لما حرمت الخمر قال: إني يومئذ لأسقيهم، لأسقي أحد عشر رجلًا، فأمروني، فكفأتها وكفأ الناس آنيتهم بما فيها حتى كادت السكك أن تمتنع من ريحها.
قال أنس: وما خمرهم يومئذ إِلَّا البسر والتمر مخلوطين.
قال: فجاء رجل إلى النبي ﷺ، فقال: إنه كان عندي مال يتيم فاشتريت به خمرا، أفتأذن لي أن أبيعه، فأرد على اليتيم ماله، فقال النبي ﷺ: «قاتل اللَّه اليهود، حرمت عليهم الثروب، فباعوها، وأكلوا أثمانها». ولم يأذن لهم النبي ﷺ في بيع الخمر.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث شريف رواه الإمام أحمد في مسنده، والإمام البخاري في صحيحه، وفيه قصة نزول تحريم الخمر، وعظمة استجابة الصحابة رضي الله عنهم لأمر الله ورسوله، وفيه تحذير شديد من التعامل بالخمر بيعاً وشراءً.

أولاً. شرح المفردات:


● حرمت الخمر: نزل التحريم القطعي للخمر.
● أسقيهم: كنت أقدم لهم الشراب وأسقيهم إياه.
● كفأتها: قلبت الإناء وأفرغت ما فيه على الأرض.
● آنيتهم: جمع إناء، وهي الأوعية التي كانوا يشربون منها.
● السكك: الطرقات والأزقة.
● تمتنع: تتعذر المرور فيها أو تتوقف بسبب شدة الرائحة.
● البسر والتمر: البسر هو البلح غير الناضج (أخضر)، والتمر هو البلح الناضج. وكانت خمرهم تصنع من تخمير مزيج منهما.
● مال يتيم: مال لطفل صغير ليس له أب.
● الثروب: الشحوم التي حرمت على اليهود، كما ورد في قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ ۖ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ۚ} [الأنعام: 146].


ثانياً. شرح الحديث:


يحدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن اللحظة التاريخية التي نزل فيها تحريم الخمر تحريماً قاطعاً. وكان أنس في ذلك الوقت فتىً يافعاً، وكانت مهمته أن يسقي الصحابة في المجالس.
1- سرعة الاستجابة والامتثال: يصف أنس رضي الله عنه المشهد المهيب، حيث كان يسقي أحد عشر رجلاً من الصحابة، فما إن سمعوا الأمر بتحريمها حتى أمروه بإراقتها فوراً. ولم يتردد هو ولا هم لحظة واحدة، بل امتثلوا للأمر دون تسويف أو تردد. والأعجب من ذلك أن الخبر انتشر في أنحاء المدينة، فخرج الناس من بيوتهم وأراقوا كل ما لديهم من خمر في أوانيهم في طرقات المدينة، حتى أن رائحة الخمر المصبوب غلبت على الطرقات وكادت تمنع الناس من السير فيها من شدة قوتها. هذه الصورة تجسد أعلى درجات الإيمان والطاعة الفورية لأمر الله ورسوله.
2- نوع الخمر المحرم: يوضح أنس رضي الله عنه أن خمرهم في ذلك الوقت لم تكن من العنب كما قد يظن البعض، بل كانت من أضعف أنواع المسكرات، وهي مزيج من البسر (البلح الأخضر) والتمر. وهذا دليل على أن التحريم يشمل كل مسكر، قويّه وضعيفه، من أي مادة كان، عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ» رواه مسلم.
3- قصة الرجل والمال اليتيم: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بسؤال عملي يظهر حرصه على التخلص من الإثم وإرجاع الحقوق، لكنه يحتاج إلى فتوى. كان لديه مال ليتيم، فاشترى به خمراً قبل أن يحرمها الله، فلما حرمت أراد أن يبيعها ليرد المال إلى اليتيم. ظن أنه بهذه الحيلة يمكنه استرداد المال وتجنب الإثم.
4- الرد الحاسم والتعليم الجلي: لم يأذن له النبي صلى الله عليه وسلم في بيعها، بل غضب وغلى منهجه في الرد. لم يقل له simplemente "لا تبعها"، بل ذكر قصة اليهود وعقابهم، ليكون ذلك عبرة وعظة للأمة. فقد حرم الله على اليهود شحوم بعض الحيوانات (الثروب)، فما كان منهم إلا أن احتالوا على التحريم، فكانوا يذيبون هذه الشحوم ويبيعونها ويأكلون ثمنها، فغضب الله عليهم ولعنهم على لسان أنبيائهم. فكأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا تكرروا خطأ اليهود واحتيالهم على محارم الله. فبيع الخمر محرم، وأكل ثمنها حرام، سواء كان المال ليتيم أو لغيره. والحرام لا يحل بأي حيلة كانت.


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- وجوب الامتثال الفوري لأوامر الله ورسوله: استجابة الصحابة كانت لحظية، دون مناقشة أو تردد. وهذا دليل كمال إيمانهم.
2- تحريم كل مسكر مهما كان نوعه أو درجة تسكيره: فالحكم يدور مع العلة وجوداً وعدماً.
3- تحريم بيع الخمر وشرائها والتجارة فيها: وهذا من أبلغ أنواع التحريم، لأنه يسد ذريعة التعامل بها.
4- تحريم كل حيلة للالتفاف على محارم الله: كمن يريد التخلص من الخمر ببيعها. فالواجب إتلافها وإراقتها دون استفادة من عينها أو ثمنها.
5- الحرص على أموال اليتامى وعدم التعرض لها بالحرام: فالرجل هنا كان قصده حسنًا (رد مال اليتيم)، لكن الوسيلة محرمة. فالغاية الحسنة لا تبرر الوسيلة المحرمة.
6- التأسي بمنهج الأنبياء في التربية: حيث ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً من قصص الأمم السابقة للعظة والاعتبار.
7- بيان سوء عاقبة الاحتيال على الشرع: كما حصل لليهود حيث لعنهم الله بسبب احتيال
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (١٣٢٧٥) عن عبد الرزاق -وهو في مصنفه (١٦٩٧٠) - قال: أخبرنا معمر، عن ثابت وقتادة، عن أنس فذكره. ومن هذا الطريق رواه أيضًا ابن حبان (٤٩٤٥)، وإسناده صحيح. و«الثروب» جمع ثرب، وهو شحم رقيق.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 391 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: حرمت الخمر فأمر النبي ﷺ بإراقتها

  • 📜 حديث: حرمت الخمر فأمر النبي ﷺ بإراقتها

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: حرمت الخمر فأمر النبي ﷺ بإراقتها

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: حرمت الخمر فأمر النبي ﷺ بإراقتها

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: حرمت الخمر فأمر النبي ﷺ بإراقتها

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب