حديث: شر الكسب مهر البغي وثمن الكلب

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب النهي عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن وأجر الحجام

عن رافع بن خديج قال: سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «شر الكسب مهر البغي، وثمن الكلب، وكسب الحجام».

صحيح: رواه مسلم في المساقاة (١٥٦٨) عن محمد بن حاتم، حدثنا يحيى بن سعيد القطان، عن محمد بن يوسف قال: سمعت السائب بن يزيد يحدث عن رافع بن خديج فذكره.

عن رافع بن خديج قال: سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «شر الكسب مهر البغي، وثمن الكلب، وكسب الحجام».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الشريف الذي رواه الصحابي الجليل رافع بن خديج رضي الله عنه، أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، وهو من الأحاديث التي تحذر من كسب المال من طرق محرمة، وتبين أن بعضها أشد حرمة وإثماً من بعض.

أولاً. شرح المفردات:


● شر الكسب: أسوأ أنواع المكاسب وأخبثها وأكثرها إثماً.
● مهر البغي: الأجرة التي تأخذها المرأة لقاء فعل الزنا (البغي هي الزانية).
● ثمن الكلب: المال الذي يُؤخذ من بيع الكلب.
● كسب الحجام: الأجرة التي يأخذها الحجام (مصاص الدماء) مقابل عمله.

ثانياً. شرح الحديث:


يُبين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ثلاثة أنواع من المكاسب التي هي من أردأ وأخبث ما يكسبه الإنسان، ويحرم عليه الانتفاع بها:
1- مهر البغي: وهو المال الذي تأخذه المرأة مقابل ارتكابها فاحشة الزنا. وهذا الكسب محرم بإجماع العلماء، لأنه مالٌ يأتي من معصية الله تعالى، ومن إشاعة الفاحشة في المجتمع وإفساد الأخلاق. قال تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء: 32].
2- ثمن الكلب: والمقصود به ثمن الكلب إذا بيع، وقد جاء النهي عن ذلك في أحاديث أخرى. والراجح من أقوال العلماء أن النهي عن بيع الكلب يشمل جميع الكلاب إلا كلب الصيد أو كلب الماشية أو الحرث، كما في حديث أبي جحيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ» [متفق عليه]. والعلة في تحريم ثمن الكلب أنه لا منفعة مباحة فيه في الغالب، وقد جعله الشارع نجساً، فلا يصح بيعه كالخنزير.
3- كسب الحجام: وهو الأجرة التي يأخذها الحجام (مصاص الدماء) على عمله. وقد اختلف العلماء في تفسير النهي عن كسب الحجام على قولين:
● القول الأول: أن النهي كان في بداية الإسلام، ثم نُسخ وأصبح جائزاً، كما في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم «احْتَجَمَ وَأَعْطَى الحَجَّامَ أَجْرَهُ» [متفق عليه]. وهذا قول الجمهور.
● القول الثاني: أن النهي باقٍ، والمقصود به أن الحجام يتعيش من كسب خسيس لأنه يعمل في مص الدماء، وهو أمر مستقذر، فكسبه مكروه وليس بحرام. والأول أرجح.

ثالثاً. الدروس المستفادة من الحديث:


1- تحريم الكسب الخبيث: يحرم على المسلم أن يكسب المال من طريق محرم، كالربا والغش والسرقة والاحتيال، ومن أشدها المكاسب التي ذكرت في الحديث.
2- تفاوت درجات الإثم في المكاسب المحرمة: فليس كل كسب محرماً درجة واحدة في الإثم، بل بعضها أشد حرمة من بعض، وهذه الثلاثة من أشدها.
3- النهي عن الانتفاع بما حرم الله: لا يجوز للمسلم أن ينتفع بهذه الأموال المحرمة، بل يجب عليه التخلص منها بالتصدق بها إن كانت مالاً حراماً قد كسبه، ولا يحل له أن يأكلها أو يطعمها أهله.
4- الحث على طلب الرزق الحلال: على المسلم أن يحرص على الكسب الطيب الحلال، وأن يتجنب الشبهات، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فَمن اتَّقَى الشُّبُهاتِ اسْتبرأَ لِدينِهِ وعِرْضِهِ» [متفق عليه].
5- حماية المجتمع من المفاسد: النهي عن هذه المكاسب فيه حماية للمجتمع من انتشار الفواحش، والاستخفاف بالكرامة الإنسانية، والتجارة في ما لا فائدة فيه أو ما فيه ضرر.

رابعاً. معلومات إضافية:


- الحديث يدل على عظمة الشريعة الإسلامية في سد الذرائع إلى المفاسد، وحماية أموال الناس من الضياع في غير منفعة.
- يجب على المسلم إذا وقع في كسب حرام أن يتوب إلى الله تعالى، ويخرج تلك الأموال من يده، ويتصدق بها إن كانت من الكسب الخبيث المحض كأجرة الزنا أو ثمن الخمر.
- ينبغي للمسلم أن يستحضر نية الحلال في جميع معاملاته، وأن يبتعد عن المكاسب المشبوهة خشية الوقوع في الحرام.
نسأل الله تعالى أن يرزقنا الحلال الطيب، ويبعدنا عن الحرام والخبيث، وأن يتقبل منا صالح الأعمال.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في المساقاة (١٥٦٨) عن محمد بن حاتم، حدثنا يحيى بن سعيد القطان، عن محمد بن يوسف قال: سمعت السائب بن يزيد يحدث عن رافع بن خديج فذكره.
وفي رواية: «ثمن الكلب خبيث، ومهر البغي خبيث، وكسب الحجام خبيث».
وأما ما روي عن رافع بن خديج قال: «نهى رسول اللَّه ﷺ عن كسب الأمة حتى يعلم من أين هو؟» فهو ضعيف.
رواه أبو داود (٣٤٢٧)، والحاكم (٢/ ٤٢)، والبيهقي (٦/ ١٢٧) كلهم من حديث ابن أبي فديك، عن عبيد اللَّه -يعني ابن هُرير-، عن أبيه، عن جده رافع بن خديج فذكر الحديث.
وعبد اللَّه هو ابن هُرير بن عبد الرحمن بن رافع بن خديج مستور، وأبو هرير «مجهول».
ولم يحكم عليه الحاكم بالصحة، بل جعله شاهدا لحديث رافع بن رفاعة بن رافع، وجاء فيه: «نهانا رسول اللَّه ﷺ عن كسب الأمة إِلَّا ما عملت بيدها». وقال هكذا بأصابعه نحو الخبز والغزل والنفش.
رواه أحمد (١٨٩٩٨)، والحاكم، والبيهقي (٦/ ١٢٦) كلهم من حديث هاشم بن القاسم، ثنا عكرمة بن عمار، ثنا طارق بن عبد الرحمن القرشي قال: جاء رافع بن رفاعة إلى مجلس الأنصار، فقال، فذكر الحديث، وذكر فيه الأشياء الأخرى.
ورافع بن رفاعة بن رافع بن مالك بن العجلان لم تثبت له الصحبة، كما قال ابن عبد البر.
وطارق بن عبد الرحمن القرشي لم يرو عنه سوى عكرمة بن عمار، ولم يوثّقه أحد غير ابن حبان والعجلي، وكلاهما يوثقان المجاهيل، ولذا قال الذهبي في الميزان: «لا يكاد يعرف».
وكذلك لا يصح ما روي عن أبي أمامة، عن رسول اللَّه ﷺ قال: «لا تبيعوا القينات، ولا تشتروهن، ولا تعلموهن، ولا خير في تجارة فيهن، وثمنهن حرام». في مثل هذا أنزلت هذه الآية ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [سورة لقمان: ٦].
رواه الترمذي (١٢٨٢)، وابن ماجه (٢١٦٨)، وأحمد (٢٢١٦٩)، وعنه البيهقي (٦/ ١٤ - ١٥)، والحميدي (٩١٠) كلهم من طريق عبيد اللَّه بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبي أمامة فذكره.
وعبيد اللَّه بن زحر وشيخه علي بن يزيد -وهو ابن أبي زياد الألهاني- ضعيفان.
قال الترمذي: سألت محمدًا عن إسناد هذا الحديث، فقال: «عبيد اللَّه بن زحر ثقة، وعلي بن يزيد ذاهب الحديث، والقاسم أبو عبد الرحمن ثقة».
كذا قال البخاري في عبيد اللَّه بن زحر، وجمهور أهل العلم على أنه ضعيف.
تنبيه: وقع سقط في إسناد ابن ماجه بن علي بن يزيد وبين أبي أمامة، سقط فيه القاسم.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 395 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: شر الكسب مهر البغي وثمن الكلب

  • 📜 حديث: شر الكسب مهر البغي وثمن الكلب

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: شر الكسب مهر البغي وثمن الكلب

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: شر الكسب مهر البغي وثمن الكلب

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: شر الكسب مهر البغي وثمن الكلب

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب