حديث: أهريقوا الخمر ولا تجعلوها خلا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب تحريم بيع المحرمات من الخمر والخنزير والميتة والأصنام والدم؛ لأنها نجس عين

عن أنس بن مالك أن أبا طلحة سأل النبي ﷺ عن أيتام ورثوا خمرا، فقال: «أهريقوه». قال: أفلا نجعلها خلا؟ قال: «لا».

حسن: رواه أبو داود (٣٦٧٥)، والترمذي (١٢٩٣) معلقًا، وأحمد (١٢١٨٩)، والطحاوي في مشكله (٣٣٣٧)، والبيهقي (٦/ ٣٧) كلهم من حديث سفيان الثوري، عن السدي، عن أبي هبيرة، عن أنس بن مالك فذكره.

عن أنس بن مالك أن أبا طلحة سأل النبي ﷺ عن أيتام ورثوا خمرا، فقال: «أهريقوه». قال: أفلا نجعلها خلا؟ قال: «لا».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو حديث صحيح ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإليك الشرح الوافي له على النحو التالي:

1. شرح المفردات:


● أبو طلحة: هو زيد بن سهل الأنصاري، من كبار الصحابة، وهو زوج أم سليم، وخال أنس بن مالك رضي الله عنهم.
● أيتام ورثوا خمراً: أي صغار لم يبلغوا الحلم، ورثوا من مورثهم شراباً مسكراً (خمراً) كجزء من التركة.
● أهريقوه: من الإراقَة، أي صُبُّوه على الأرض وأتلفوه.
● خلاً: أي نبيذًا يتخمر ثم يحول إلى خل، وكانت معروفة عند العرب.

2. شرح الحديث:


جاء أبو طلحة رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستفتيه في مسألة وراثة: حيث ورث أيتام (قُصَّر) خمرًا من قريب لهم، فسأل: ماذا نفعل بهذه الخمر التي صارت ملكًا لهؤلاء الأيتام؟ هل نتصرف فيها؟ وكيف؟
فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بإراقتها وإتلافها، أي صبها على الأرض حتى لا ينتفع بها أحد. فاقترح أبو طلحة – رغبةً في الاستفادة من هذه المادة وتحويلها إلى شيء نافع ومباح – أن يجعلوها خلاً، لأن الخل ليس خمرًا وهو حلال. لكن النبي صلى الله عليه وسلم منعه من ذلك وقال: «لا».

3. الدروس المستفادة والعبر:


● تحريم الخمر والتشديد في أمرها: فالخمر محرمة بنص القرآن والسنة، وهي أم الخبائث، وقد حرمها الله لما فيها من الضرر العظيم على العقل والدين والمال والأخلاق.
● وجوب إتلاف المحرمات وعدم الانتفاع بها: حتى لو كانت مالاً، فلا يجوز بيعه ولا التصدق به ولا تحويله إلى شيء آخر؛ لأن الأصل أنه مال خبيث، والله طيب لا يقبل إلا طيبًا.
● النهي عن تحويل الخمر إلى خل: وهذا من دقة الشريعة وحكمتها؛ لأن في تحويلها إلى خل نوعاً من التعامل مع الخمر والانتفاع بها، وقد يكون ذلك ذريعة إلى التساهل في شرب الخمر أو التهاون بتحريمها.
● الحكمة من النهي: قد يكون النهي لأن عملية التحويل تتطلب بقاءها فترة حتى تتحول، وهذا تأخير لإتلاف المحرم، أو لأن في ذلك تعاطياً مع الخمر واستمراراً للتعامل بها.
● رفع الحرج عن اليتامى والمسلمين: فلو تركت الخمر لهم لكانت مصدر إثم وفساد، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإتلافها درءاً للمفاسد.
● أن مال اليتيم يُتعامل فيه بما يحقق المصلحة الشرعية: وليس بالضرورة المصلحة المادية فقط، فالحفاظ على الدين أولى من جني الأموال من الحرام.

4. معلومات إضافية:


- هذا الحديث يدخل في باب "سد الذرائع" وهو مبدأ مهم في الشريعة، حيث يمنع ما يؤدي إلى الحرام ولو كان في ظاهره مباحاً.
- الخمر إذا تحولت إلى خل بنفسها دون تدخل الإنسان (كأن تُركت فانقلبت طبيعياً) فهل تكون حلالاً؟ هذا موضع خلاف بين العلماء، والأحوط هو المنع إلا إذا تحولت تماماً بدون قصد من الإنسان.
- الفقهاء استنبطوا من هذا الحديث أن كل ما كان محرماً في أصله لا يجوز تحويله إلى شيء آخر للانتفاع به، كجلود الميتة إذا دبغت، فجمهور العلماء على أنها لا تطهر، خلافاً للحنفية.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٣٦٧٥)، والترمذي (١٢٩٣) معلقًا، وأحمد (١٢١٨٩)، والطحاوي في مشكله (٣٣٣٧)، والبيهقي (٦/ ٣٧) كلهم من حديث سفيان الثوري، عن السدي، عن أبي هبيرة، عن أنس بن مالك فذكره.
ورواه الترمذي أيضًا من وجه آخر عن ليث، عن يحيى بن عباد، عن أنس، عن أبي طلحة أنه قال: يا نبي اللَّه، إني اشتريت خمرا لأيتام في حجري. قال: «أهرق الخمر، واكسر الدنان».
قال الترمذي: «وحديث الثوري أصح من حديث الليث».
قال أبو داود: «أبو هبيرة هو يحيى بن عباد الأنصاري».
وإسناده حسن من أجل السدي، وهو إسماعيل بن عبد الرحمن، حسن الحديث.
وفي صحيح مسلم (١٩٨٣)، والترمذي (١٢٩٤) عن سفيان بإسناده: سئل النبي ﷺ عن الخمر تتخذ خلا؟ فقال: «لا».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 392 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أهريقوا الخمر ولا تجعلوها خلا

  • 📜 حديث: أهريقوا الخمر ولا تجعلوها خلا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أهريقوا الخمر ولا تجعلوها خلا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أهريقوا الخمر ولا تجعلوها خلا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أهريقوا الخمر ولا تجعلوها خلا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب