حديث: نهي النبي عن بيع حبل الحبلة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب النهي عن بيع حبل الحبلة، والمضامين، والملاقيح

عن عبد اللَّه بن عمر أن رسول اللَّه ﷺ نهى عن بيع حبل الحبلة، وكان بيعا يتابيعه أهل الجاهلية، كان الرجل يبتاع الجزور إلى أن تنتج الناقة، ثم تنتج التي في بطنها.

متفق عليه: رواه مالك في البيوع (٦٢) عن نافع، عن عبد اللَّه بن عمر فذكره.

عن عبد اللَّه بن عمر أن رسول اللَّه ﷺ نهى عن بيع حبل الحبلة، وكان بيعا يتابيعه أهل الجاهلية، كان الرجل يبتاع الجزور إلى أن تنتج الناقة، ثم تنتج التي في بطنها.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الذي ذكر هو حديث صحيح رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع حبل الحبلة.

أولاً. شرح المفردات:


* نهى: أي حرّم وأمر بالترك.
* بيع: العقد على مبادلة مال بمال.
* حبل الحبلة: "الحَبَل" بفتح الحاء والباء هو الحمل. و"الحبلة" هي الناقة الحامل.
* يتبايعون: يتعاملون بهذا النوع من البيع.
* الجزور: الناقة أو الجمل.
* إلى أن تنتج الناقة: حتى تلد الناقة التي اشتراها.
* ثم تنتج التي في بطنها: ثم تلد بعد ذلك الناقة الصغيرة التي كانت في بطن أمها وقت العقد.

ثانياً. شرح الحديث ومعناه:


كانت صفة هذا البيع في الجاهلية أن يبيع الرجل على آخر ناقةً حاملاً (هذه هي الحبلة الأولى)، ولكن الثمن ليس معجلاً، وإنما يكون مؤجلاً إلى أن تلد هذه الناقة (فتكون هذه الولادة هي حبل الحبلة، أي الحمل الثاني). ثم بعد أن تلد، يكون الثمن مؤجلاً مرة أخرى إلى أن تلد البنت التي في بطنها (وهذا هو الحمل الثالث).
* مثال لتوضيح الصورة: يقول البائع للمشتري: "بعتك هذه الناقة الحامل بثمن قدره 1000 درهم، ولكن ادفع لي هذا الثمن ليس الآن، بل عندما تلد هذه الناقة التي اشتريتها، وعندما تلد التي في بطنها بعد ذلك".
فهذا البيع مجهول العاقبة، فقد تلد الناقة وقد لا تلد، وقد تلد واحدة أو اثنتين، وقد تموت الأم أو الجنين قبل الولادة. فهو بيع غرر شديد وجهالة كبيرة، لأنه بيع لمعدوم غير مضمون الوجود، ولمجهول لا يعلم حصوله من عدمه.

ثالثاً. الدروس المستفادة والفقه في النهي:


1- تحريم بيع الغرر: هذا النوع من البيوع من أظهر أمثلة بيع الغرر الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، كما في الحديث الصحيح: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر». والغرر هو: ما يكون مجهول العاقبة، لا يدري البائع والمشتري هل سيحصل أم لا. وهذا البيع يؤدي إلى النزاع والخصام والعداوة، لأنه مبني على المخاطرة والجهالة.
2- سد الذرائع المفضية إلى المنكرات: نهى الشارع الحكيم عن كل معاملة تفضي إلى الظلم أوالجهالة أوالخصام، حتى لو كان القصد في الظاهر حسناً. فهذا البيع يفتح باباً للمقامرة والمراهنة على المستقبل المجهول.
3- منهج الإسلام في المعاملات: الإسلام يريد للمعاملات أن تكون واضحة بينة، خالية من الجهالة والغش والاحتيال، قائمة على التراضي واليقين، حتى تسلم قلوب الناس وأموالهم.
4- الفرق بينه وبيع السلم: قد يظن البعض تشابهه مع بيع السلم (الاستلام)، وهو بيع شيء موصوف في الذمة مؤجل بثمن معجل. ولكن الفرق كبير وجوهري:
* بيع السلم: يكون الثمن معجلاً (تدفعه الآن) والسلعة مؤجلة (تستلمها لاحقاً)، وهي معلومة بالوصف والوقت.
* بيع حبل الحبلة: الثمن مؤجل إلى أجلين مجهولين (حتى تلد ثم حتى تلد التي في بطنها)، والسلعة غير مضمونة الحصول.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


* هذا النهي يشمل كل بيع يؤدي إلى هذا الغرر، وليس مقصوراً على بيع الإبل فقط. فلو قال رجل لآخر: "بعتك ثمرة هذه الشجرة لهذا العام بشرط أن تدفع لي عندما تُباع في السوق"، فهذا يشبهه في الجهالة والغرر.
* العلماء يستدلون بهذا الحديث على تحريم جميع البيوع التي فيها غرر وجهالة كبيرة ت lead إلى النزاع.
* الحكمة من تحريم مثل هذه البيوع هي حفظ الأموال وصيانتها من الضياع، ومنع استغلال حاجة الناس، وإقامة المعاملات على أساس من العدل والشفافية.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في البيوع (٦٢) عن نافع، عن عبد اللَّه بن عمر فذكره. ورواه البخاري في البيوع (٢١٤٣) من طريق مالك به مثله.
ورواه مسلم في البيوع (١٥١٤) من وجهين آخرين عن نافع به مختصرًا، ومطولًا.
وقوله: «وكان بيعا يتبايعه أهل الجاهلية» رواه أبو داود (٣٣٨٠)، وغيره عن مالك، ولم يذكروا هذه الزيادة، فلعلهم اقتصروا على المرفوع؛ لأن هذا الكلام مدرج في الحديث، والصحيح أنه من تفسير ابن عمر، كما هو ظاهر من رواية يحيى القطان، عن عبيد اللَّه، أخبرني نافع، عن ابن عمر قال: «كان أهل الجاهلية يتبايعون لحوم الجزور إلى حبل الحبلة. قال: وحبل الحبلة أن تتج الناقة ما في بطنها، ثم تحمل التي نتجت، فنهاهم النبي ﷺ عن ذلك». رواه البخاري (٣٨٤٣) عن مسدد، ومسلم عن جماعة، كلهم عن يحيى القطان. فمن قال: إنه من تفسير نافع فلعله لم يقف على هذه الرواية.
وأما المراد بحبل الحبلة فقال النووي في شرح مسلم: «اختلف العلماء في المراد بالنهي عن بيع حبل الحبلة، فقال جماعة: هو البيع بثمن مؤجل إلى أن تلد الناقة، ويلد ولدها. وقال آخرون: هو بيع ولد الناقة الحامل في الحال، وهذا أقرب إلى اللغة». انتهى.
وقال ابن الأثير في النهاية: «الحبل الأول يراد به ما في بطون النوق من الحمل، والثاني حبل الذي في بطون النوق. وإنما نهي عنه لمعنيين: أحدهما أنه غرر، وبيع شيء لم يخلق بعد، وهو أن
يبيع ما سوف يحمله الجنين الذي في بطن الناقة على تقدير أن تكون أنثى، فهو بيع نتاج النتاج. وقيل: أراد بحبل الحبلة أن يبيعه إلى أجل ينتج فيه الحمل الذي في بطن الناقة، فهو أجل مجهول، ولا يصح». انتهى.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 366 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: نهي النبي عن بيع حبل الحبلة

  • 📜 حديث: نهي النبي عن بيع حبل الحبلة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: نهي النبي عن بيع حبل الحبلة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: نهي النبي عن بيع حبل الحبلة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: نهي النبي عن بيع حبل الحبلة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب