حديث: إن الذي حرم شربها حرم ثمنها

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب تحريم بيع المحرمات من الخمر والخنزير والميتة والأصنام والدم؛ لأنها نجس عين

عن عامر بن ربيعة أن رجلًا من ثقيف يكنى أبا تمام أهدى إلى رسول اللَّه ﷺ راوية خمر، فقال رسول اللَّه ﷺ: «إنها قد حرمت يا أبا تمام». فقال له: يا رسول اللَّه، فأستنفق ثمنها؟ فقال النبي ﷺ: «إن الذي حرم شربها حرم ثمنها».

صحيح: رواه الطبراني في الأوسط (٤٣٩) عن أحمد بن خليد، قال: حدثنا عبد اللَّه بن جعفر الرقي، قال: حدثنا عبيد اللَّه بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن أبي بكر بن حفص، عن عبد اللَّه ابن عامر بن ربيعة، عن أبيه، فذكره.

عن عامر بن ربيعة أن رجلًا من ثقيف يكنى أبا تمام أهدى إلى رسول اللَّه ﷺ راوية خمر، فقال رسول اللَّه ﷺ: «إنها قد حرمت يا أبا تمام». فقال له: يا رسول اللَّه، فأستنفق ثمنها؟ فقال النبي ﷺ: «إن الذي حرم شربها حرم ثمنها».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما ندرس من سنة نبيه ﷺ.
هذا الحديث الذي ذكر رواه الإمام أحمد في مسنده، وهو حديث صحيح، وله شواهد في الصحيحين وغيرهما. وإليك الشرح المفصل له:

1. شرح المفردات:


● عن عامر بن ربيعة: هو عامر بن ربيعة العنزي، صحابي جليل.
● رجلاً من ثقيف يكنى أبا تمام: أي رجل من قبيلة ثقيف، وكنيته (لقبه) أبو تمام، ولم يُذكر اسمه الصريح.
● أهدى إلى رسول الله ﷺ راوية خمر: الهدية هي ما يُعطى تقربًا ومحبة. والراوية: هي القربة أو الوعاء الذي يُحفظ فيه السائل، والمقصود هنا قربة مملوءة بالخمر.
● فاستنفق ثمنها؟: أي هل أبيعها وأنفق ثمنها في شيء مباح؟ من الإنفاق، وهو صرف المال.

2. شرح الحديث:


يُخبرنا الصحابي عامر بن ربيعة رضي الله عنه عن رجل من قبيلة ثقيف، كان يحمل كنية "أبا تمام"، حيث قدّم هدية إلى النبي ﷺ، وكانت هذه الهدية عبارة عن قربة (وعاء) مملوءة بالخمر.
فرد عليه النبي ﷺ ردًا واضحًا وحاسمًا، «إنها قد حرمت يا أبا تمام». هذا بيان أن الخمر، التي كانت معروفة في الجاهلية، قد حرّمها الله تعالى على لسان نبيه، ولم تعد من الأمور المباحة.
لكن الرجل سأل سؤالاً ينم عن رغبته في عدم إضاعة المال، فقال: «يا رسول الله، فأستنفق ثمنها؟» أي: بما أن شربها حرام، فهل يجوز لي أن أبيعها وأتخذ ثمنها لأنفقه في حاجة مباحة؟
فأجابه النبي ﷺ بحكمة بالغة تُظهر كمال التشريع الإسلامي وشموليته، فقال: «إن الذي حرم شربها حرم ثمنها». فالحكم لا يقتصر على ذات الخمر وشربها فقط، بل يمتد ليشمل كل المعاملات المالية المتعلقة بها، لأن المال الذي يُكتسب من بيعها هو مال خبيث، جاء من طريق محرم.

3. الدروس المستفادة منه:


● تحريم الخمر تحريماً قاطعاً: الحديث دليل صريح على تحريم الخمر بجميع أنواعها، وهو إجماع من أهل العلم.
● تحريم التعامل بالخمر مالياً: يستفاد من الحديث تحريم بيع الخمر وشرائها والتجارة فيها وأكل ثمنها، لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان الذي نهى الله عنه.
● سد الذرائع: الشريعة الإسلامية لا تكتفي بتحريم الفعل القبيح نفسها، بل تسد كل الطرق والذرائع التي تؤدي إليه. فبيع الخمر ذريعة لتداولها وشربها.
● حكمة التشريع: بيان أن الأحكام الشرعية ليست عشوائية، بل لها حكم عظيمة. فتحريم ثمنها يحقق مقاصد الشريعة في حفظ المال من أن يكون وسيلة للشر، وفي حفظ العقل والديانة.
● التأدب مع النبي ﷺ: حيث خاطبه النبي ﷺ بكنيته (يا أبا تمام) تأدباً معه وتلطفاً، مع بيان الحكم بوضوح.
● التخلص من الخمر بإتلافها: يستفاد من عموم النهي أن الواجب على من يملك خمراً أن يتلفها ويُهدرها، ولا يتصرف بها بأي صورة من صور الانتفاع، لا شرباً ولا بيعاً.

4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث أصل من الأصول التي يعتمد عليها الفقهاء في قاعدة "ما حرم أخذه حرم إعطاؤه، وما حرم الانتفاع به حرم اتخاذ ثمنه".
- الخمر هي أم الخبائث، وقد حرمها الله تعالى في كتابه في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 90]. والاجتناب يشمل كل ما يتعلق بها.
- هذا الحكم ليس خاصاً بالخمر فحسب، بل يعم كل ما حرمه الله من المطعومات والمشروبات والسلع المحرمة كالمخدرات ولحوم الخنزير وغيرها.
نسأل الله أن يعيننا على اجتناب المحرمات، والوقوف عند حدوداته، والاقتداء بنبيه ﷺ.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الطبراني في الأوسط (٤٣٩) عن أحمد بن خليد، قال: حدثنا عبد اللَّه بن جعفر الرقي، قال: حدثنا عبيد اللَّه بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن أبي بكر بن حفص، عن عبد اللَّه ابن عامر بن ربيعة، عن أبيه، فذكره. وإسناده صحيح.
قال الهيثمي في «المجمع» (٤/ ٩٢): «رجاله رجال الصحيح».
تنبيه: وقع في نسخة الطبراني «عن ربيعة بن عامر، عن أبيه»، والصواب كما ذكرته: عن عبد اللَّه بن عامر بن ربيعة، عن أبيه، وكذلك في مجمع البحرين (١٩٧٨) وكذلك في نسخة الطبراني الطارق عوض اللَّه (٤٣٦)؛ أي: أن الحديث من مسند عامر بن ربيعة، وليس من مسند ربيعة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 385 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إن الذي حرم شربها حرم ثمنها

  • 📜 حديث: إن الذي حرم شربها حرم ثمنها

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: إن الذي حرم شربها حرم ثمنها

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: إن الذي حرم شربها حرم ثمنها

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: إن الذي حرم شربها حرم ثمنها

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب